الإثنين 16 سبتمبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

محمد زيدان يكتب: ذاكرة جديدة لجساس بن مرة

جساس بن مرة
جساس بن مرة

لم يكن لجساس بن مرة

أن يملأ عينيه عشبًا ورملًا

ولا أن يصد ذاكرة الصحراء بماء

من جنون القبيلة

كان مولعًا بالمدح والذم

يحمل عز بنى وائل

حين يصعدون نحو الشمس

يرى نفسه سيد الصحراء والماء

حاول أن يصد كليبا 

وقد ألجمه الفخر ليصون رياح بنى مرة

كان يحمل الجبال على راحتيه

ليشهد ضوء السلالة من عدم 

ينتقى زهرة من هواء تغلب

ويكوم المسافات بين عينيه.

جساس يرى 

أنه سوسنة الصحراء

يستحث الرياح

أن تباعد بينه

وبين التغلبى كليبا

أن تباعد بينه وبين الماء

وليس- كما يدعون- أن حرب البسوس

تلك التى أشعلت الصحراء أربعين سنة

كانت لأجل ناقة

دم القبيلة الذى يحرس الظلام والنور

وجمر السواد الذى يلف المضارب

وخيمة الوقت التى يلبسها المحاربون

لم يكن لأجل ناقة. 

كان جساس يطفئ عينيه 

كلما أتى الماء، تحاشى المهانة

يهز صمت الخيول بحافر من خوف

يصيح كليب:

ليس إلا أنا، والريح 

تحرسنى فى السماء والأرض

دمى رحيق القبيلة

ما الناقة إلا فكرة

أسكرت صمت جساس 

وأشعلت الحرب

السنون التى تعلك صمت جساس

ثمانين فصلًا

من الحياة والموت

أصبحت وردة لحرب بنى مرة. 

يقول جساس:

الماء للعربى صلاة الأرض

وحنين عشبها للهواء

سحر الرمال، وخفقة الغيب

الذى يلفنا فى ثوبه اللؤلؤى

وكليب يمنعنا من صلاتنا 

للماء والطين

يمنعنا من رجفة الخلق

يمنع اكتحال العين بالشمس

يحقر التغلبى بنى مرة

يطفئ عين الجليلة

حين يقول لها:

هل ترين أحدًا غيرى 

تقول: أخواي

فيضمر التغلبى صمته الموحش

وهنا يمشى جساس 

يحفر اسمه العربى

فوق المسافات

ويمنح الغيب الذاكرة الجديدة

والماء الصحراء الأولى.