محمد عفيفى: رجاء النقاش ناقد نزيه وكوكتيل من زمن الصحافة الجميل
قال الكاتب الصحفى محمد عفيفى إن ما قدمه رجاء النقاش للأدب والنقد فى مصر ليس مجرد مشروع عادى، بل بمثابة التجربة الملهمة التى يصعب تكرارها أو تقييمها.
وأضاف عفيفى أن النقاش امتلك كنزًا أخلاقيًا وإنسانيًا لم ولن يسبقه له أحد، أو ينال تلك المكانة فى عالم الصحافة والأدب والنقد.
■ «رجاء النقاش» و١٦ عامًا على رحيل مُبدع.. كيف تقيّم تلك الشخصية؟
- لا شك يُعد رجاء النقاش كاتبًا صحفيًا من الطراز الفريد، وناقدًا أدبيًا من الطبقة الرفيعة للنقاد، حيث امتلك كنزًا أخلاقيًا وإنسانيًا لم ولن يسبقه له أحد، أو ينال تلك المكانة فى عالم الصحافة والأدب والنقد الفنى، علاوة على ندرة طباعه على المستوى الشخصى من كرم أخلاق وذوق رفيع، جعل كل من تعامل معه لا يستطيع نسيانه أو العثور على نواقص فى تلك الشخصية، ما يجعلنى أعتبره «كوكتيل من زمن الصحافة الجميل».
■ شخصية رجاء النقاش التى نشأت فى بيت فنى وثقافى.. كيف كان للنشأة دور فى تكوينها؟
- بيت النقاشين كان بمثابة الأرض الخصبة التى أنبتت أزهارًا فى حديقة الثقافة والنقد الفنى والأدبى فى مصر، وكأن البيت كان يطرح نوابغ، فكان شقيقه الراحل وحيد النقاش مترجمًا وناقدًا، والشقيق الثانى فكرى النقاش مؤلفًا مسرحيًا، وتولت شقيقته الناقدة فريدة النقاش رئاسة تحرير مجلة أدب ونقد لنحو عشرين عامًا، ثم أصبحت منذ نهاية ٢٠٠٦ رئيسة تحرير صحيفة «الأهالى»، والشقيقة الرابعة الكاتبة الصحفية الكبيرة أمينة النقاش، ما يجعلنا أمام نقابة من الأدباء والمفكرين وليس مجرد منزل لأسرة عادية.
■ مشروع أدبى ونقدى كبير تبناه الراحل.. كيف يمكن تصنيف ذلك العمل؟
- ما قدمه رجاء النقاش للأدب والنقد فى مصر ليس مجرد مشروع عادى، بل بمثابة التجربة الملهمة التى يصعب تكرارها أو تقييمها، حيث ما زلت أتذكر رحلتى فى شوارع القاهرة بحثًا عن مجلة الدوحة التى كان يصدرها الراحل فى قطر وكانت تقدم وجبة فنية وأدبية وثقافية دسمة استفاد منها المواطن المصرى والعربى، لتضاف إلى العديد من التجارب الثقافية الملهمة التى قدمها النقاش للساحة المصرية والعربية، ولم يكتف الراحل بالتجارب الثقافية فقط، ولكنه قدم أيضًا روائيين وكتابًا أصبحوا فيما بعد من أقطاب الصحافة والأدب، مثلما حدث مع الروائى السودانى الطيب صالح عندما كتب النقاش عن روايته «موسم الهجرة للشمال» وكان سببًا فى أن ذاع صيته بين الأوساط الثقافية والأدبية.
■ ما الصفة الأدبية التى كان يتميز بها النقاش وندرت فى الآونة الأخيرة؟
- النزاهة بكل تأكيد، نزاهة الكاتب فى الاختيار والكتابة عن عمل أو مشروع أو شخص بعينه، رجاء النقاش كان يمتلك الجرأة والنزاهة فى تقديم كاتب جديد أو روائى للساحة ويدعمه حتى يبزغ نجمه ويصبح من أقطاب العمل الثقافى.
■ ثورة يوليو كان لها تأثير كبير فى كل من عاصروها.. كيف تـأثر بها النقاش؟
- ثورة يوليو وما أحدثته من حالة تغيير وحراك سياسى وثقافى فى المجتمع المصرى، أثرت بشكل إيجابى على النقاش وأسهمت فى تكوين شخصيته، كما أنها كانت سببًا رئيسيًا فى اكتشاف مواهب ورموز جديدة مثل أحمد بهاء الدين وصلاح جاهين وغيرهما، ما أثرى الحياة الفكرية فى مصر بشكل كبير.
■ نجيب محفوظ كانت له علاقة ذات طبيعة خاصة بالراحل.. كيف رصدتها؟
- أعظم وأهم ما كُتب عن نجيب محفوظ كان من صنيعة رجاء النقاش، حينما كتب «صفحات من مذكرات نجيب محفوظ» وجلس فيها النقاش بجانبه لساعات طويلة لكى يكتب ويدقق، وأهمية ما كُتب من وجهة نظرى تعود لارتياح نجيب محفوظ للنقاش علاوة على طبيعة الأسئلة التى طرحها النقاش على أديب نوبل، حتى نجح رجاء فى إعداد خلطة سحرية وتركيبة عجيبة تمكن من خلالها أن يقدم للمجتمع هذا المشروع والعمل العظيم.