مُلهم أوبـاما.. هوامش سيرة الشاعر الأمريكى ويليام ستانلى مروين
«لقد استلهمت من كتابات مروين لأنها تعلمنا عن أنفسنا وعالمنا، وكيف نتواصل كبشر مع الطبيعة. معظمنا لا يقضى الكثير من الوقت فى قراءة الشعر، لكن وفاة مروين ذكرتنى كيف يمكن للقصيدة الجيدة أن تلهم وتعلم».
باراك أوباما
الرئيس الأمريكى الأسبق
أحببت أن أبدأ كتابتى عن الشاعر الأمريكى ويليام ستانلى مروين بكلمات رئيس الولايات المتحدة الأسبق باراك أوباما، الذى قالها عقب وفاة هذا الشاعر الإنسان الملهم، الذى رفض جائزة بوليتزر فى عام ١٩٧١ عن كتابه الشعرى «حامل السلالم» The Carrier of Ladders، قائلًا إنه: «يدرك تمامًا كونه أمريكيًا، لدرجة أنه لا يستطيع قبول التهنئة العامة بارتياح، أو حتى الترحيب بها إلا كفرصة للتعبير علنًا عن العار الذى يشعر به العديد من الأمريكيين». كما رفض الانضمام إلى المعهد الوطنى للفنون والآداب «الذى يُعرف الآن بأكاديمية الفنون والآداب الأمريكية»، لكنه غير رأيه بعد خمس سنوات، فى عام ١٩٧٧.
ولد الشاعر الأمريكى ويليام ستانلى مروين فى ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية ونشأ فى نيو چيرسى وسكرانتون، بنسلفانيا، وقد حظيت كتبه الشعرية والنثرية وترجماته باحتفاء النقاد على مدى سبعة عقود، على الرَّغم من أن شعر مروين المُبكر نال اهتمامًا وإعجابًا كبيرين، إلا أن مروين استمر فى تغيير وتجديد أسلوبه مع كل كتاب جديد، وكان له تأثير عميق على شعراء جيله والأصغر سنًا. كان والد مروين قسًا بروتستانتيًا، وبدأ مروين وهو فى الخامسة من عمره كتابة الأناشيد لكنيسة والده، وفى هذا قال مروين ذات مرة: «بدأت كتابة الترانيم لوالدى تقريبًا منذ أن استطعت الكتابة، وكنت أُظهرها.. لكن الكتَّاب الحقيقيين الذين تأثرت بهم لم يكونوا شعراء: كان كونراد أولًا، ثم تولستوى، ولم أبدأ فى قراءة الشعر بانتظام ومحاولة كتابته بلا هوادة وبشغف دائم، إلا بعد أن حصلت على منحة دراسية وذهبت إلى الجامعة».
وفى المدرسة الثانوية شجعه معلم اللغة الإسبانية، الذى كان متعاطفًا معه، على كتابة الشعر وحثه على تجربة ترجمة الشاعر الإسبانى فيديريكو جارثيا لوركا Federico García Lorca «١٨٩٨-١٩٣٦».
ومن مصادفات حياة مروين الجميلة، أنه فاز بمنحة دراسية أكاديمية إلى جامعة برينستون وتلك هى منحة ربانية؛ لأن إمكانات والديه لم تكن تسمح بإرساله إلى الجامعة، كما أنه عمل فى تقديم الطعام فى أحد أندية تناول الطعام الراقية بالجامعة لمساعدته فى دفع نفقاته.
فى برينستون، تأثر مروين بالناقد والشاعر الأمريكى آر بى بلاكمر R.P.Blackmun «١٩٠٤-١٩٦٥» ومساعده فى الدراسات العليا الشاعر الأمريكى چون بيريمان John Berryman «١٩١٤-١٩٧٢». تأسس مروين أساسًا قويًا فى الشعر حتى بدأ يفكر جديًا بعد ذلك فى مسيرة أدبية، أما بعد التخرج، بقى مروين عامًا آخر فى جامعة برينستون لمتابعة دراسة اللغات الرومانسية، استعدادًا لعمله مترجمًا للأدب الإسبانى والفرنسى واللاتينى والإيطالى.
بعد ذلك، عمل مروين مدرسًا خاصًا لأبناء العائلات الثرية، وبعد ذلك توظف لتدريس ابن الكاتب البريطانى روبرت جريفز Robert Graves «١٨٩٥-١٩٨٥»، الذى كان يعيش فى جزيرة مايوركا الإسبانية، ومن خلال جريفز وأصدقائه، التقى مروين العديد من الأسماء الكبيرة فى الأدب الإنجليزى، ومنها الشاعر البريطانى الشهير تى إس إليوت T.S.Eliot «١٨٨٨-١٩٦٥».بعد تركه منزل جريفز، ذهب مروين إلى لندن، حيث قدم ترجمات لهيئة الإذاعة البريطانية، بما فى ذلك الملحمة الشعرية الإسبانية «الحدود» El Cid.
أما فى عام ١٩٥٢ وهو فى الرابعة والعشرين من عمره، قُبل كتابه الشعرى «قناع جانوس» The Mask of Janus ونُشِر ضمن سلسلة شعراء ييل الشبان وكانت السلسلة تُحرر حينذاك من قِبَل الشاعر البريطانى الشهير ويستن أودن Wystan Auden وبعد إشادة أودن بشعر مروين، انتبه القُراء إلى شعره.
ظهر تأثير جريفز والشاعر الأمريكى الشهير إزرا باوند Ezra Pound «١٨٨٥-١٩٧٢» على شعر مروين المبكر، الذى امتاز بالأشكال التقليدية وإشاراته إلى الأدب الكلاسيكى والأساطير وكانت ملاحظاته الدقيقة للطبيعة والحيوانات تميز شعره فى ذلك الوقت وظهرت بوضوح أيضًا فى كتبه الشعرية اللاحقة «الدببة الراقصة» Dancing Bears و«الأخضر مع الوحوش» Green with Beasts.
وقد عاش بعد ذلك مروين وزوجته الإنجليزية ديدو ميلروى سنوات عديدة فى جنوب غرب فرنسا ووصف هذا المكان فى كتابه الشعرى «المرتفعات المفقودة» The Lost Uplands فى عام ١٩٩٢، وكان مروين فى ذلك الوقت مشغولًا بفكرة إنشاء دراما شعرية حديثة.
أما فى عام ١٩٥٦، عاد مروين إلى الولايات المتحدة الأمريكية ليعمل كاتبًا مسرحيًا مقيمًا فى مسرح الشعراء فى كامبريدج، ماساتشوستس، وتعرف هناك شعراء شبانًا آخرين مثل روبرت لويل Robert Lowell «١٩١٧-١٩٧٧» وأدريين ريتشAdrienne Rich «١٩٢٩-٢٠١٢» ودونالد هول Donald Hall «١٩٢٨-٢٠١٨»، الذين كانوا يحاولون إيجاد صوت معاصر للشعر الأمريكى وفى هذا السياق، فقد مروين فى النهاية اهتمامه بالدراما الشعرية.
بعد عودة مروين إلى لندن، أصبح صديقا للشاعرين سيلفيا بلاث Sylvia Plath «١٩٣٢-١٩٦٣» وزوجها الشاعر البريطانى تيد هيوز «١٩٣٠-١٩٩٨» اللذين كانا أيضًا يحولان الشعر إلى شكل بعيد عن الرسمية ويكون أكثر حداثة وشخصية، والطريف فى سياق تلك الصداقة أنه برغم خلافات بلاث وهيوز وعشق بلاث له فإن زوجة مروين آنذاك ديدو مروين كانت تدعى أن بلاث كانت معجبة بزوجها مروين.
كيف ذلك وبلاث كانت عاشقة حد الانتحار لزوجها الخائن تيد هيوز، التى حاولت حتى قبل انتحارها بيوم واحد أن تصلح حياتها معه، لكنه رفض؛ لأنه اعترف لها بأن عشيقته حامل فى طفل منه ووقتها قررت بلاث الانتحار. كل تلك الظروف الصعبة، التى كانت على مرأى ومسمع من الشعب الأمريكى، بل والعالم كله وزوجة مروين تشك بأن بلاث معجبة بزوجها مروين!
وفى ظلال هذا الموقف كان مروين ممزقًا بسبب انهيار العلاقة بين صديقيه بلاث وهيوز.
أما عن كتابه الشعرى «الهدف المتحرك» The Moving Target، الذى حاز جائزة الكتاب الوطنية عام ١٩٦٣، فأكد نجاح اتجاه مروين الجديد فى الحداثة والبعد عن التقليدية والكلاسيكية وفى العام نفسه، نشر مروين ترجمته الملحمة الفرنسية الوسطى «أغنية رولان» The Song of Rolan. فى عام ١٩٧٨، حصلت مجموعة الشعرية «ريش من التل» Feathers from the Hill على جائزة بولينجن وبهذا فقد حصل مروين على أكبر ثلاث جوائز أدبية فى الشعر الأمريكى.
وفى ولاية نيويورك، التقى مروين بباولا دوناواى، محررة كتب الأطفال وتزوجا واستقر مروين وزوجته فى ماوى، المكان الذى انعكس كثيرًا فى كتبه فى الثمانينيات:
«البحث عن الجزر» و«فتح اليد» و«المطر فى الأشجار» Finding the Islands,٠pening the Hands and The Rain in the trees.
فى عام ١٩٩٤، أصبح مروين أول متلق لجائزة تانيج، وقيمتها مائة ألف دولار تقدمها أكاديمية الشعراء الأمريكيين فى احتفال فى واشنطن العاصمة، بعد ذلك جمع ما كتبه مروين خلال خمسين عامًا من الشعر: «الهجرة: مختارات من القصائد ١٩٥١-٢٠٠١» Migration:Selected Poems ١٩٥١-٢٠٠١ ونال مروين عن هذا الكتاب جائزة الكتاب الوطنية.
ولم تتضاءل قناعات مروين المناهضة للحرب مع مرور السنين، ففى عام ٢٠٠٣ عاد إلى واشنطن مع وفد من «شعراء ضد الحرب» للاحتجاج على الغزو الأمريكى المخطط للعراق.
أما فى عام ٢٠٠٩، حصل مروين على جائزة بوليتزر للمرة الثانية عن مجموعته من القصائد الجديدة «ظل سيريوس» The Shadow of Sirius وفى عام ٢٠١٠ اختارته مكتبة الكونجرس ليكون الشاعر السابع عشر للولايات المتحدة الأمريكية.
ومنذ تعيين مروين فى هذا المنصب، أصبحت قصائده تلعب دورًا متميزًا فى الحياة العامة للولايات المتحدة الأمريكية ففى يناير ٢٠١١، عندما قتل تسعة أشخاص وأصيب ثلاثة عشر شخصًا آخرون فى محاولة اغتيال النائبة الأمريكية جابرييل جيفوردز، إن قراءة قصيدة مروين» إلى السنة الجديدة» To the New Year، والتى ترجمتها له ككلمات ختامية فى خدمة تذكارية تم بثها على المستوى الوطنى. بعد ذلك، أصبح مروين مهتمًا بشكل كبير بالبوذية وفلسفة الإيكولوجيا العميقة وحافظ على جدول كتابة منتظم، بينما كرس بقية طاقته للحفاظ على بيئة هاواى واستعادة الغابات المطيرة حول منزله.
ولأول مرة فى الحياة الثقافية الأمريكية والعالمية أيضًا، أقرأ عن شاعر يهتم بالزراعة والنباتات والأشجار إلى حد زراعة آلاف من أشجار النخيل على تسعة عشر فدانًا حول منزله زرعها هو وزوجته وهى مزرعة أناناس سابقة بالقرب من مدينة هايكو. وكان المنزل الذى بنياه نموذجًا للاستدامة البيئية مع كهرباء تعمل بالطاقة الشمسية ونظام لجمع مياه الأمطار. وأسس الزوجان مؤسسة غير ربحية «مؤسسة مروين» للحفاظ على منزلهما بوصفه ملاذا للكُتاب والفنانين والنشطاء ودعم الآخرين فى اتباع أسلوب حياة أكثر استدامة. وبعد وفاة زوجته باولا مروين، استمر مروين فى العيش فى هذا المنزل حتى وفاته عن عمر يناهز واحد وتسعين عامًا، أما عن الغابة المطيرة التى استعادها مروين، فهى محمية الآن بشكل دائم من قِبل «صندوق أراضى جزر هاواى» وتضم الغابة أكثر من ٨٠٠ نوع من النباتات، وهى واحدة من أكبر مجموعات أنواع النخيل على الأرض.
وفى سياق آخر، كتب الشاعر إدوارد هيرش Edward Hirsch «١٩٥٠» عن مروين قائلًا إنه: «أحد أعظم شعراء عصرنا، إنه وجود روحانى نادر فى الحياة والأدب الأمريكى». كان من المعروف عن مروين أنه لا يستخدم علامات الترقيم فى كتاباته الشعرية، حتى إننى لاحظت ذلك أثناء ترجمتى قصائده، وبالرغم من عدم وجود علامات ترقيم فإننى لاحظت أنه لا يوجد نص مشتت أمامى، بل أفكار منظمة ومرتبة خالية من التعقيد وتميل إلى غير المباشرة والغموض إلى حد كبير، وفى تجنب مروين علامات الترقيم كتب چنى بارينى Jay Parini فى مجلة الجارديان أن أسلوب مروين الناضج هو «نوع خاص من الشعر الحر، حيث يضيف الصور واحدة واحدة فوق الأخرى، كما يسمح للسطور بالتحليق فى الفضاء، فى الغالب من دون علامات ترقيم.. مع نوع من الإلحاح الشديد».
وعلى الرغم من أن مسيرة مروين الشعرية شهدت تغييرات أسلوبية كبيرة فإن الموضوع الذى تكرر كثيرًا هو انفصال الإنسان عن الطبيعة ورأى مروين أن نتائج هذا الانفصال كانت كارثية، سواء على البشرية أو على بقية العالم.
أما عن الدور الاجتماعى الذى يلعبه الشاعر فى أمريكا قال مروين: «أعتقد أن هناك نوعًا من الأمل اليائس المدمج فى الشعر الآن، حتى إننا نريد بشكل يائس أن ننقذ العالم. نحن نحاول أن نقول كل ما يمكن قوله عن الأشياء التى نحبها بينما لا يزال هناك وقت. أعتقد أن هذا دور اجتماعى أليس كذلك؟ نحن نستمر فى التعبير عن غضبنا وحبنا ونأمل بشكل ربما يائس، أن يكون لذلك تأثير، لكننى بالتأكيد قد تجاوزت اليأس، أو الرؤية المؤلمة والصماء التى شعرت بها بعد كتابى «قمل» لا يمكن للإنسان أن يعيش فقط فى اليأس والغضب من دون أن يدمر فى النهاية الشىء الذى يشعر بالغضب دفاعًا عنه. العالم لا يزال هنا، وهناك جوانب من الحياة البشرية ليست مدمرة فقط، وهناك حاجة إلى الاهتمام بالأشياء من حولنا بينما لا تزال موجودة وأنت تعلم، بطريقة ما، إذا كنت لا تعير تلك الأشياء انتباهًا، فإن الغضب يصبح مجرد مرارة».
ربما هناك رسائل عديدة وراء هذا الشاعر المحارب المناضل، تحمل حبًا وتضحية وإيثارًا للوقوف إلى جانب الضعفاء الذين لا ذنب لهم فى احتلال أو حروب، يتلقون القذائف والطائرات الحربية من دون سبب غير رغبة فى احتلال أرض لا يملكون فيها شبرًا واحدًا، حتى فى قصائده لمست هذه الحرية، التحرر من التقليدية والكلاسيكية، ومن القوافى علامات الترقيم، رجل لا تقيده قواعد أو قوانين، يبحث عن الجديد بعيدًا عما سلكه سابقوه من الشعراء، أراد أن يخلق مدرسة شعرية جديدة بداخله ونجح فى خلق شعر نال على إثره أرفع الجوائز الأدبية فى الشعر الأمريكى. أثناء ترجمتى قصيدة له باسم «بعض الأسئلة الأخيرة» لاحظت أنه تشابه مع الشاعرة الأمريكية الألمانية ليسيل مولر فى قصيدتها «لوحات خيالية» فى شكل القصيدة «أسئلة وأجوبة»، تذكرت نفسى حينما ترجمت قصيدة ليسيل وعلامات التعجب التى ملأت وجهى عندما رأيت القصيدة عبارة عن مواجهة مع النفس، السائل هو الشخص نفسه الذى يجيب عن تلك الأسئلة كأنها أسئلة لم تجد لها إجابات فى الحياة وكذلك الحال مع مروين، الذى تعددت أسئلته عن أعضاء الجسم وعن الصمت، أسئلة بديهية، لكنه أبهرنا بإجاباته غير العادية وغير المتوقعة، هكذا روح مروين فى حياته وشعره، شخص غير تقليدى حتى فى أسلوب حياته فكانت أول مرة لى أن أصادف شاعرًا يزرع فدادين نخيل تحيط بمنزله، فكرة جديدة أراد أن يوصل بها رسالته فى الحياة التى تضمنت ليس الشعر فقط، بل والحفاظ على البيئة من خلال الزراعة والاهتمام بالنباتات التى تعطينا الحياة.
إنه شاعر حر بلا قيود فى الحياة والكتابة.
وفى حوارٍ مع مروين أجراه الشاعر الأمريكى إدوار هيرش، حيث تحدث عن الكتابة والشعر فسأله هيرش: «على مدى أربع وثلاثين سنة، نشرت اثنى عشر كتابًا من الشعر وثلاثة كتب من النثر، وعشرات الكتب فى الترجمة. ومع ذلك، قلت مؤخرًا إن «الكتابة شىء لا أعرف عنه الكثير». كيف يكون ذلك ممكنًا؟»
أجابه مروين قائلًا: «نوع الكتابة الذى يهمنى أكثر هو شيء لم تتعلمه، وذلك يتجلى باستمرار فيما لا أعرفه بدلًا مما أعرف. أكتشفه أثناء السير. بمعنى آخر، الكثير مما نتعلمه من المحتمل أن يكون عادات سيئة. أنت دائمًا تبدأ من جديد».
سأله هيرش قائلًا: «هل تكتب كل يوم؟ نصحك إزرا باوند مرة أن تكتب خمسة وسبعين سطرًا فى اليوم. هل اتبعت نصيحته؟
أجابه هيرش قائلًا: «لم أكتب خمسة وسبعين سطرًا فى اليوم. لكن لسنوات حاولت أن أحدق فى ورقة لفترة من الوقت كل يوم وهذا يميل إلى تحويل الشخص إلى نوع من الوحوش».
سأله هيرش: «كيف كان ذلك؟»
أجابه مروين قائلًا: «يجب أن تكون مصرًا إلى حد ما فى دفع الأشياء الأخرى بعيدًا، إن نشاط الكتابة.
سأله هيرش: «هل يمكنك أن تقول شيئًا عن الترانيم التى كنت تكتبها لأبيك؟ هل كانت تلك أولى قصائدك؟».
أجابه مروين: «أعتقد أننى كتبتها وأنا فى الخامسة من عمرى، كتبتها بمفردى وكنت محبطًا جدًا، لأنها لم تستخدم فى الكنيسة.
وسأله هيرش عن علاقة الشعر بالصلاة، قائلًا: «هل ترى صلة بين الشعر والصلاة؟».
أجابه مروين: «أعتقد أن الإجابة البسيطة هى نعم، إذا أخذنا فى الاعتبار أننى أفكر فى الشعر بوصفه محاولة لاستخدام اللغة بأقصى طاقتها، وإذا كنت تريد القيام بذلك، فمن الواضح أنك لست معنيًا باللغة بوصفها زينةً أو وسيلةً للترفيه، على الرغم من أنك بالتأكيد تريد أن تكون اللغة ممتعة. المتعة جزء من الكمال. أفكر فى الشعر كونه يتعلق بكمال الحياة، وكمال العلاقة مع تجارب المرء وإكمال التجربة والتعبير عنها وجعلها ذات معنى».
توفى مروين فى مارس عام ٢٠١٩ فى منزله المحاط بالنخيل تاركًا وراءه إرثًا ليس فقط شعريًا وأدبيًا نادرًا ومختلفًا، بل وأيضًا ترك إرثًا إنسانيًا يستحق الاحتفاء به الآن وبعد ذلك، يعرفنا ما معنى الدفاع عن حقوق الضعيف؟ ما معنى الإيثار والعزيمة والانتقال من تقديم الطعام فى أحد المطاعم الراقية بجامعة برينيستون إلى شاعرٍ رثاه الرئيس الأمريكى الأسبق باراك أوباما والتعبير عن خسارة أمريكا الفادحة بموت شاعر بدرجة إنسان وفاعل حيوى فى الحياة وأن القصيدة ليست فيها كلمات بديعة ساحرة تُكتب فى لحظة تجلٍ من الشاعر، بل إنها رسالة تحمل بين جنباتها الكثير من العمق والتأثير فى البشرية.