الخميس 21 نوفمبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

مروة زين نصار: والدي ترك لنا إرثًا من السيرة الطيبة والتسجيلات النادرة

زين نصار
زين نصار

«إنسانية تمشى على الأرض».. بهذه الكلمات وصفت مروة زين نصار الوالد الراحل المؤرخ والناقد الموسيقى، الذى ترك أثرًا من الأعمال الموسيقية والتسجيلات النادرة يشبه الكنز كما وصفتها ابنته.

مروة نصار، مساعد رئيس تحرير بوكالة أنباء الشرق الأوسط وابنة الراحل الكبير، تحدثت لـ«حرف» عن زين نصار الأب قبل الفنان والموسيقى، وكشفت العديد من كواليس فى حياته تُنشر لأول مرة بعد أيام من الذكرى الثانية لوفاته.

■ زين نصار مؤرخ موسيقى يمتلك حسًا فنيًا وضعه فى مصاف عباقرة الفن.. كيف أثر ذلك الحس عليه فى التعامل مع أبنائه؟

- دراسة والدى الموسيقى والفن فى العموم جعلته إنسانًا يمتلك حسًا مُرهفًا لدرجة كبيرة جدًا، وكان مثالًا للإنسانية والود والعاطفة التى تمشى على الأرض، وشخصًا متسامحًا لأقصى درجة، هادئ الطباع لم يصدر عنه يومًا تصرف غير لائق أو ينهر أحدًا من أبنائه، كان صمته أقصى عقاب يمكن أن يفعله معنا، وكان عمله فى المقام الأول دائمًا لم يدخر جهدًا من أجله.

■ المؤرخ والناقد الكبير كانت له علاقة خاصة مع تلاميذه.. حدثينا عنها؟

- بالفعل، علاقة زين نصار مع طلابه لم تُكن علاقة دكتور أو مدرس وأكاديمى بطلابه، بل كانت علاقة صداقة وأبوة، وهو ما لمسناه بعد وفاته، حيث تلقيت العديد من الاتصالات الهاتفية والزيارات من قبل طلاب وتلاميذ لم أعرفهم، وشعر تلاميذه بعد وفاته بحزن كبير حتى سقطت إحدى طلابه مغشيًا عليها بعد سماع خبر وفاته.

كما كان الراحل حريصًا خلال حضوره لمراقبة الامتحانات على التعامل بود شديد مع الطلاب وتهدئة خواطرهم حال توترهم من الأسئلة أو الامتحان وإحضار المياه للطلاب داخل اللجان، كما كان يحرص على تناول وجبة الإفطار معهم فى بعض الأحيان، للدرجة التى جعلت طلابه يشعرون وكأنهم أصدقاؤه من ود ولين التعامل معه، وكانت لدية القدرة على أن يُشعر كل واحد على حدة من طلابه أنه صديقه الوحيد.

زين نصار

■ وماذا عن التعامل مع الأحفاد؟

- كان شخصًا مؤثرًا جدًا فى حياة أحفاده، وحريصًا طيلة الوقت على تشجيعهم على التعلم والدراسة دون إجبار أحد على مجال معين، وكان دائمًا يسألهم عن المجال الذى يرغبون فى العمل به ويوجههم بدراسته جيدًا، كما كان شخصًا حنونًا وودودًا جدًا فى التعامل معهم ومرحًا، حتى أنه كان يقوم بتأليف أغنية خاصة لكل طفل من أحفاده لكى يكون مميزًا عنده.

■ هل كانت له نصائح بعينها حريص على توصيتك بها؟

- كان دائمًا ما يقول لنا اعملوا اللى عليكم وفقط والنتيجة والتوفيق بيد الله بغض النظر عن القرار أو الطريق الذى قررتم السير فيه، وكان أهم مبادئه تعلم أى شىء وكل شىء حتى لو لن تجُنى ثمار ذلك التعلم فى وقت قريب لكنك ستحصل على عائد ذلك يومًا ما.

■ كيف كان يحتفظ الناقد الكبير بتلك الكنوز الفنية من أعماله؟

- والدى كان شخصًا منظمًا للغاية، حتى أننى عثرت بعد وفاته على جميع أعماله ومقالاته مكتوبة ومحفوظة فى ملفات بخط يده فى مكتبته التى كانت أشبه بالمكان السرى، كذلك جميع حلقاته الإذاعية التى سجلها محفوظة على شرائط للحفاظ عليها من التلف فى مكتبته، وأزعم أن تركة والدى الحقيقية التى تركها لنا بجانب السيرة الطيبة هما العلم وتلك التسجيلات النادرة، حيث امتلك تسجيلات نادرة للفنان الكبير سيد مكاوى على سبيل المثال والعديد من عمالقة الفن فى مصر.

مروة زين نصار مع شقيقها

■ تعلقه ودراسته الموسيقى لم يأخذاه يومًا للعزف على آلة بعينها؟

- كان يحب عزف البيانو فى بداية حياته، وكان يجلس لدراسة آلة البيانو لمدة سبع ساعات يوميًا، حتى أنه وأثناء سفره إلى ليبيا، حيث قضى فيها فترة كبيرة قام خلالها بالتدريس فى أحد المعاهد، تعرف على الفنان زين العشماوى والذى كان يقوم بإخراج مسرحية حينها فى ليبيا، واقترح على والدى أن يقوم بتأليف مقطوعات موسيقية للمسرحية وعزفها بنفسه، وهو ما قام به والدى بالفعل فى تلك الفترة.

■ وهل اقتصر شغفه على الموسيقى والفن فقط؟

- الفن والموسيقى وإن احتلا أولوياته، إلا إنه كان حريصًا على دراسة كل شىء، حتى أن مَن كان يتحدث معه فى أى فرع من فروع المعرفة يجد لديه مخزونًا كبيرًا جدًا من المعلومات، كما كان يحب دراسة اللغات والاستماع للمحطات الإخبارية العالمية مثل الـ«بى بى سى»، وكذلك الاستماع للقرآن الكريم بشكل دائم. كان شخصًا متدينًا للغاية.

■ مَنْ الفنان الذى كان على علاقة صداقة وثيقة بالراحل؟

- الفنان محمد عبدالوهاب كان أقرب الفنانين له، وكان الراحل يعتبره شخصًا مبدعًا وليس مجرد مطرب، وكان دائمًا ما يقول: محمد عبدالوهاب لديه القدرة على إبهارى بكل ما هو جديد فى عالم الموسيقى والفن.

■ هل للراحل مشاريع فنية لم تكتمل أو لم ترَ النور بعد؟

- آخر أعمال والدى الفنية كان كتابه «الحياة الموسيقية المصرية فى ميزان النقد»، وبالفعل انتهى منه الوالد قبل وفاته بفترة قصيرة جدًا، وكان من المفترض أن يقوم بمراجعته عقب خروجه من دور النشر ولكن لم يمهله الوقت لذلك ورحل عن عالمنا، ولكن نظرًا لأن تركة الوالد الحقيقية كانت أبناؤه من الطلاب والتلاميذ المقربين، تطوع الدكتور أشرف عبدالرحمن أستاذ النقد الموسيقى بأكاديمية الفنون وأحد تلاميذ الوالد بل كان بمثابة الشقيق الثالث لنا، بمراجعة وكتابة المقدمة، وتم نشر الكتاب بالفعل العام الماضى، كما كان يخطط، عليه رحمة الله، لتجهيز جزء ثان من الكتاب يجمع فيه مقالاته النقدية عن الموسيقى ليتحول الكتاب إلى سلسلة مراجع لكل المهتمين، وهو ما تعاهدنا على استكماله بعد وفاته.