محمد محمد السنباطى يكتب: الأسئلة المتربصة بى
الطيورُ
أسرابٌ تندفعُ فى تشكيلاتٍ هندسيَّةٍ
تستعرضُ جمالَ التكوين
تقرأ جيدًا ما سُطر أزلًا فى لَوحها المحفوظ
هل جئتَ تسألنى عن لَوحِى؟
لَمْ تسألِ الريحُ الطيورَ السماويةَ هذا السؤال.
الليلُ يمسحُ ألوانَ الزهور
الصبحُ يُشرقُ والنَّدَى ما يزال يُغُطى الغُصُونَ النَّشوَى
الشمسُ تُعيدُ إلى الزهور ألوانَها الممسوحة
هل جئتَ تسألنى عن لونى؟
لم يسألِ النَّدَى الباردُ الزهورَ هذا السؤال.
النهرُ يُولَدُ على الجبال
يجرى مئاتِ الأميالِ حتى المَصَبِّ
ويكونُ البحرُ قد فتح ذراعيه
وفتح قلبَه
متلهفًا على تغلغلاتِ العذوبة
هل جئتَ تسألنى عن وطنى؟
لم تسألِ الشواطئُ العديدةُ النهرَ هذا السؤال.
تقرأ دودةُ القزِّ مِئاتٍ من أوراق التوت
آن الأوان يا دودة لتكتبى سِيرَتَكِ الذاتية
وقصائدَ الحرير.. وحكاياتِ الشجرة
ها هى تشرع فى بناء الشرنقة
هل جئتَ تسألنى عن وَحيِى؟
لم يسألِ الحريرُ الدودةَ هذا السؤال.
إذا انبجسَ الأخضرُ الزاهى فى المروج مع الربيع
إذا تفتقتِ الأكمامُ عن ابتسام الزهور
إذا ضحكَ الطفل بعدَ بكاءٍ عارض
إذا سكنَ النهرُ بعد أن شقَّ له طريقًا فى البرية
إذا رسمَ قوسُ قزح مِحرابًا فى جدار السماء
فإنهم فى صلاة
هل جئت تسألنى عن دينى؟
ولِمَ لا تتوجه لهؤلاء الأطهار بالسؤال؟!
يا أسماكَ السلمون الرحالة
أيها النمس الذى يضرب الأفعى على رأسها
أيها الببغاء القابع فى سجنه الأبدى
ولا يكف عن التقليد
أيها الحمار الوحشى الذى دَمَّرَ وجهَ الأسدِ برفصةٍ رهيبةٍ
أيتها الأسماك التى لا تقرب الطُّعم اللذيذ
أيتها السلحفاة التى تمشى ببطءٍ لأنها منشغلة
تستظهر ما حفظته من الإلياذة والأوديسة
أيها البلبل الذى يحتفى بالشروق فوق عذباتِ
شجرةٍ قريبة من نافذتي
يا هؤلاء ويا هؤلاء
عندى لكم ألف سؤال وسؤال
ولكنى أستحي
فلم يسألنى أحدٌ منكم من قبلُ أىَّ سؤال.