بهجت صميدة يكتب: وانشق القلب
مُنذ أنْ وارَبتُ بابَ قَلْبى..
والنسَاءُ اللاتى خَرجْن مِنهُ
يَملأْن شَوارعَ جَسَدى،
وكُلُّ واحدةٍ منهُنَّ تَرفضُ المُغادرةَ،
فقط تَتَمَشَّى فى دَهاليزِ جَسَدى..
ثُمَّ تَعُودُ آمِنةً لِتَقْفزَ فى قَلْبى،
دُونَ أنْ تُفكِّرَ فى غلق الباب.
اليومَ رَأَيتُها تَتَسلَّلُ إلى عقلى..
لكنَّها عندما اقترَبَتْ من شفتىَّ
تَعثَّرتْ،
فَآثَرتُ البقاءَ..
فى انتظارِ فُرصةٍ أُخْرى،
تظنُّهَا يُمكنُ أَنْ تَكونَ نَاجِحَةً!
مُنْذُ أَنْ فَضَضْتُ بَكارَةَ قَلْبِها
وهو يَنزفُ،
حتّى بعدمَا أَنجَبتْ أَبناءَهَا الثلاثةَ
أَلمحُ عينيها ـ كُلَّما رأَتْنى رُؤيةً حقيقِيَّةًـ تقُولُ لى: تَكْفينى بَكارَةُ قَلْبكَ.
كُلَّمَا تَلَامَسَ جَسَدَانَا..
اتَّزَنَ الْكَوْنُ،
رَغْمَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَّا يَعِيْشُ
عَلَى طَرَفِ الْحَيَاةِ،
رُبَّمَا.. هَذَا هُوَ سَبَبُ الْاتِّزَانِ.
لَمْ أَنْدَهِشْ وَأَنَا أَرَى الدُّمُوعَ
تَتَسَاقَطُ مِنْ قَلْبِهَا،
وَالطُّيُورُ تُنَقِّرُ وَجْهَهَا،
لَكِنَّنِى انْدَهَشْتُ عِنْدَمَا جَاءَتْنِى الطُّيُورُ بِعَيْنَيْهَا
بَعْدَ أَنْ غَسَلَتْهَا الدُّمُوعُ.
قُلْتُ لَهَا أُحِبُّكِ، قَالَتْ وَأَنَا أَيْضًا،
لَمْ أَكُنْ أَتَبَيَّنُ وَقْتَهَا أَنَّهَا تَقْصِدُ
أَنَّهَا أَيْضًا تُحِبُّهَا!
لَمْ تُؤْمِنْ قَطُّ بِالشَّطْرِ الْقَائِلِ:
(وَيَفُوْزُ بِاللَّذَاتِ كُلُّ مُغَامِرٍ)
وَقَالَتْ لِى: أَنَا لَسْتُ «مُغَامِرًا»
فَخَسِرَتْ كُلَّ شَىْءٍ!
عِنْدَمَا يَبْكِى قَلْبُهَا..
أُغْمِضُ عَيْنَىَّ؛
فَالْقَلْبُ الَّذِى لَا يَتَّسِعُ لِقَلْبِى..
قَطْعًا لَنْ يَتَّسِعَ لِلْعَالَمِ؛
فَأَنَا الْعَالَمُ..
تَوَقَّفِى عِنْدَ حُدُودِ خَارِطَتِى..
وَتَأَمَّلِيْهَا،
رُبَّمَا يَوْمًا تَسْتَطِيْعِيْنَ رَسْمَ وَطَنٍ لَكِ
فِى عَالَمٍ آخَرَ.