الخميس 21 نوفمبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

محمد الحدينى يكتب: قصتان

حرف

النذير

قابلته عقب صلاة العصر عند باب الخروج من المسجد الكائن خارج المدفن العمومى.. كان يرتدى جلبابًا أبيض وحذاء خاصًا بمن لديهم إعاقة أو ما شابه، ويمسك فى يمينه عصا سوداء يتكئ عليها.. ركبت سيارتى وقطعت مسافة ليست بالقليلة حتى بلغت ساحة المقابر، وهناك رأيته يخترق الجموع ويحثهم بهمة على ذكر الإله متمتمًا بأدعية وصلوات.. تملكتنى حالة من الرهبة جعلتنى ألتف إلى الخلف، لكنه كان هناك أيضًا يتجول بخفة بين مجموعة أخرى من المشيعين.. القشعريرة التى سكنت أوصالى، دفعتنى أن أتوجه مسرعًا إلى بوابة المغادرة، وهناك تسمرت فى مكانى مُحدقًا فى حمامة بيضاء تلتقط فُتاتًا منثورًا وبجانبها عصا سوداء مسنودة على حائط. 

 

يأس رأيتنى جالسًا فى الحديقة العامة، أطالع مجموعة من الصور القديمة، تهب ريح مفاجئة.. أسرع فى لملمة ما أمامى، إلا صورة واحدة تأبى؛ فتتطاير إلى الخلف، تابعتها بعينى وهرولت وراءها لأجدها قد استقرت فى عربة طفل تدفعها امرأة.. تسمرت فى مكانى مندهشًا؛ كنت الطفل، وكانت أمى.