معتز شرباش: الكتابة مكافأة أى كاتب.. وتأثيرها مثل العيادة النفسية
وصف معتز شرباش وصول روايته «الكابوس- طقوس مناسبة للقتل» إلى القائمة الطويلة لجائزة «القلم الذهبى» فى دورتها الأولى بأنه «شرف عظيم»، خاصة فى ظل اختيارها من قبل قامات عربية مهمة، ما يجعل الترشح فى حد ذاته «جائزة تستحق الاحتفاء»، مؤكدًا أهمية الجوائز الأدبية فى تحفيز الكاتب، ودفعه للاستمرار فى مجالٍ يمكن اعتباره «أرضًا خصبة جدًا للإحباط واليأس».
وأضاف «شرباش»: «إن كان الكاتب آلة، فوقودها هو التقدير. بالتقدير يزدهر أى عمل إنسانى بصفة عامة. فما بالك بالكاتب الذى يمضى معظم وقته فى غرفة مغلقة مع شخصيات خيالية لا يراها سواه؟ وأى تقدير يفوق الفوز بجائزة كبيرة تحظى بتغطية إعلامية واسعة كجائزة القلم الذهبى؟».
وبسؤاله عن فكرة رواية «الكابوس- طقوس مناسبة للقتل»، قال معتز شرباش: «أنا أؤمن بأن للحكايات أرواحًا، تولد صغيرة عاجزة كالأطفال فى بدايتها، ثم تنمو بمرور الكلمات وتتطور، حتى يصبح لها رأى خاص وإرادة»، مضيفًا: «الذى دفعنى لهذا الإيمان، هو أن ما من قصة بدأت كتابتها وانصاعت لما أردت، كلهم تمردوا وخرجوا عن مساراتهم المُعدة مسبقًا، وأجبرونى على قبول التغيير».
وواصل: «بل أن كل رواية كتبتها لم تكتفِ بتغيير مصيرها على الورق، بل ذهبت بالتغيير بعيدًا، وغيرتنى أنا شخصيًا، فمعتز المتسرع الذى كتب رواية (حُسن سير) ليس هو الرزين الذى كتب (عُمر الشقى)، وكلاهما لا يشبه معتز المُحبط الهارب من إحباطه إلى الكتابة بعد انقطاع دام لسنوات».
وأكمل: «جاءتنى فكرة رواية (الكابوس) كأى فكرة سبقتها، على مراحل، بداية من سؤال بدا للوهلة الأولى بسيطًا، وهو: (ماذا لو رُفع الستار بين العالم الحقيقى لروائى مشهور بخياله المريض وعالمه الخيالى المنكوب؟)، ثم تطور السؤال إلى صراع على البطل خوضه مُضطرًا للنجاة بنفسه، حتى انتهى الأمر بشكل الرواية النهائى الذى خرجت به للقُراء».
وتابع: «لم أكتب حكاية إلا وعشتها، مع اختلاف التفاصيل. فالبطل الذى كان يطلب فرصة ثانية للحياة فى روايتى الأولى، هو أنا فى إحدى مراحل حياتى. والآخر الذى دفعه فضوله للخروج من شرنقة الوحدة التى ظنها أبدية ليقابل حبيبته، هو أنا أيضًا فى مرحلة أخرى من حياتى. والكاتب الذى وجد نفسه فى مواجهة قاتلة مع أخطر عدو يمكن أن يواجهه أى إنسان، هو أنا أيضًا فى مرحلة ثالثة. ولا أظن أننى سأكتب يومًا حكاية لا تحملنى بين سطورها».
وقال «شرباش» إنه بعد نشر روايته الثانية «عُمر الشقى» أصيب بإحباط أقوى من قدرته على التجاوز، وظنّ أن سببه كان الكتابة، التى كانت بريئة منه، وكان سببه الحقيقى قلة خبرته التى دفعته لرفع سقف توقعاته لمستوى مجنون، حتى استسلم بعدها لفكرة أن الكتابة لا تستحق المجهود المبذول فيها، ما دامت لن تُكافئه بما يرى أنه يستحقه.
وأضاف: «ظل ذلك حتى أدركت، بعد سنوات من الإحباط واليأس، مدى سخافة وسذاجة الفكرة، فعُدت للكتابة فقط من أجل الكتابة، وكتبت روايتى الثالثة (الكابوس). وعندما صدرت الرواية عبر دار (الرواق) للنشر أدركت أن مكافأة الكتابة تكمن فى فعل الكتابة ذاته».
وأتم بقوله: «الكتابة فعل تخفيف، تشبه فى تأثيرها على النفس زيارة العيادة النفسية، أو الجلوس أمام البحر، بشرط ألا تنتظر منها إلا ما تُقدمه لك من راحة، بعد الانتهاء من مُراجعة عملك وتسليمه إلى دار النشر وأنت راض عنه».