الأحد 24 نوفمبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

وليد مكى: أقمت بين أهالى حلايب وأبورماد لكتابة «سواكن الأولى»

وليد مكى
وليد مكى

وصف وليد مكى وصول روايته «سواكن الأولى» إلى القائمة الطويلة بالخبر المهم والمفرح بالنسبة له، خاصة أن «سواكن الأولى»، الرواية والبلدة، لهما مكانة كبيرة فى قلبه، مضيفًا: «أنا أكتب عن مكانٍ أحبه وأهابه بشدة، ويهمنى جدًا أن تصل صورته إلى القارئ فى كل ربوع الدنيا».

وواصل «مكى»: «سواكن كاِسم بلد له تاريخ طويل من صراعات الأمكنة التى اهتمت بها الرواية. هى حلايب القديمة. وبعض الناس يقولون إنها عيذاب، الميناء الأشهر فى حقبة العصور الوسطى، حيث كان البجا، أبطال الرواية، يتمحورون حوله بحضارتهم. ثم التصق الاسم أخيرًا ببلدة سواكن الواقعة حاليًا داخل حدود السودان». وأكمل: «أرى أن الكاتب يحتاج إلى المعايشة الكاملة، لا مجرد رؤية ميدان عمله، خاصةً لو أن الكتابة تدور عن المكان. المعايشة تعطيك الفرصة أن تكون واحدًا من أهله. لذا أقمت فعليًا بين أهالى أبورماد وحلايب، حيث دارت الرواية. نتيجة هذه المعايشة كانت كتابًا فى أدب الرحلات اسمه (حكايات على الحدود) ورواية (سواكن الأولى)، التى وصلت إلى القائمة الطويلة لجائزة القلم الذهبى».

وتابع: «بعد أن أنهيت كتاب رحلتى (حكايات على الحدود)، كان ثمة أسئلة لا تزال عالقة، فتكررت الزيارات، وزاد الانغماس فى تفاصيل المكان، حتى كانت (سواكن الأولى). تخيل أنك تقف أمام جبل (إلبا)، والغيوم تحج إلى قممه بلا توقف، هنا راع يحاوط غنماته، يشبه الجبل الذى يحاوط البشارية، إحدى فروع البجا، ومن بعيد تظهر امرأة بأزياء كثيرة الألوان بديعة، وجوه منحوتة من الصخر».

وأتم: «ثمة عازف يدندن بكلمات أغانى بشارية عتيقة، ثم يدهشنا بقدرته على الغناء لعمرو دياب المصرى، ومحمد عبده السعودى، ومحمد وردى السودانى. بعض المواضع يُترك فيها بُن الجَبَنة والماء وبعض الأطعمة. وحينما تسأل يخبرونك بأنها لعابرى الطريق، ثم يضيفون أن الأجداد قديمًا كانوا يتركون هذه اللوازم لساكنى المكان من الجن».

وواصل: «من هنا جاءت الفكرة: أرض ممتدة تحسبها ساكنة، بينما هى تفور بالأسئلة عن هويات عدة، فريق مصلحته أن يحتدم الصراع بين هذه الهويات وأصحابها، وأغلبية على الهامش تكتفى بالفرجة، وقلة تحركها الأسئلة فتبحث بين وديان الجبل وأمواج البحر عن تصورات حقيقية لفهم أنفسهم وهذا المجتمع ومصائره. ربما ينجحون، وربما يظهر عليهم (إلبا) بجبروته».

واعتبر أن «النتيجة الأهم ما أحدثته الرواية بينى وبين الأهل هناك، ومع المكان، إحساسى العميق بأن أمكنتنا العربية من صحارٍ ودلتا أنهار وعمران وعواصم تتقاطع بشكل معقد مع بعضها البعض»، مضيفًا: «أعتقد أن (سواكن الأولى) كتبها راويها البِجَاوى، بعد أن فقد وليد مكى تمامًا سلطانه على القلم الذى كان يخصه. كل هذا نتاج المعايشة الكاملة».

وعن تقنية الكتابة المستخدمة فى الرواية، قال «مكى» إن «سواكن الأولى» يمكن اعتبارها «مدونةً عن الصحراء»، وهذا احتاج إلى كتابة يتداخل فيها الواقعى بالسحرى، ويكون اللا محسوس محسوسًا، مشيرًا إلى عشقه لغة «ألف ليلة وليلة»، ومعتبرًا أنه «ممزوج بالجنوب بشكل لا يمكن تخيله».

وشدد على أن «الجنوب عبارة عن كنز معرفى مهول لم يُكتشف بعد. قدرى شاء أن يستخدمنى فى هذه المهمة. لكن دون أى تعمد منى لذلك. لذا دارت كل أعمالى فى مجتمع الجنوب، من قوص إلى الحدود. وأرجو أن يحالفنى التوفيق لأترك كلمةً مهمة فى هذا الباب».

واختتم بالحديث عن أهمية الجوائز فى الحياة الأدبية، معتقدًا أن دورها الأكبر يكون بالنسبة للعمل، فى إشهاره لأكبر عدد من القراء، والسماح له بأن يحيا أكثر من حياة، بعيون جديدة، وقراءات مفتوحة. وبالنسبة للكاتب، ماذا يريد أكثر من أن يتلقى القراءُ عمله بالدراسة والقراءة والنقد؟.