الخميس 21 نوفمبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

«إطلاق العنان».. الاعترافات المزعجة لـ«بوريس جونسون»

بوريس جونسون
بوريس جونسون

أصدرت دار النشر «هاربر كولينز»، فى ١٠ أكتوبر الجارى، مذكرات رئيس الوزراء البريطانى السابق، بوريس جونسون التى تحمل عنوان «unleashed» أو «إطلاق العنان»، وحظيت بردود فعل متباينة، ووصفها بعض النقاد بأنها «مذكرات مهرج» والبعض الآخر بـ«المكتوبة جيدًا».

ويتناول «جونسون» فى مذكراته الكثير من الأحداث التى مر بها خلال حياته المهنية السياسية، وأيضًا فترة وجوده فى «١٠ داونينج ستريت» كرئيس للوزراء، خاصة فترة انتشار «كوفيد ١٩» وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، الذى وصفه قائلًا: «لقد أطلقنا العنان ولن نكون مقيدين مرة أخرى».

واعتاد بوريس جونسون على إثارة الجدل، ولم يكن مقيدًا بقواعد السياسة العادية. وفضلًا عن أنه أصبح رئيس وزراء بريطانيا، أدى مهامات أخرى صعبة كصحفى ومؤلف لنحو ١٢ كتابًا، ومنها سيرته الذاتية التى يحكى فيها الكثير من الأحداث.

ومن بين الأحداث التى يتناولها فترة توليه منصب عمدة لندن فى فترتين متتاليتين، وقيادته حملة التصويت للخروج من الاتحاد الأوروبى، وتوليه أيضًا منصب وزير الخارجية، وفوزه فى تصويت حزب المحافظين، فى ديسمبر ٢٠١٩، للحصول على تفويض لإنجاز خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، قبل أن يواجه أزمة صعبة تمثلت فى وباء «كورونا» الذى كان العامل الرئيسى للإطاحة به من منصبه.

نتنياهو زرع جهاز تنصت فى مرحاضى

كشف «جونسون»، فى كتابه الكبير المكون من ٧٨٤ صفحة، عن طبيعة علاقاته مع العديد من الشخصيات السياسية والقادة الدوليين ونجوم هوليوود، ومعظمها تتضمن علاقات اتهامات وشتائم متبادلة.

وأيد الكاتب إعادة انتخاب الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب، وبدا متفائلًا بشأن إمكانية عودته إلى البيت الأبيض. وليس هذا بجديد على «جونسون»، الذى كان دائمًا ما يوصف بأنه «التوأم الشعبى لترامب».

ورأى فى مذكراته أن محاولات التشبيه بين خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى الذى دافع عنه، و«الحالة الترامبية»، وتصويره كنسخة من «ترامب» لا يخدم الرئيس الأمريكى السابق وربما المستقبلى. وقال: «هذا الرجل لا يرغب فى مساعدة روسيا، بل يريد جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى، أنا متفائل بشكل أساسى بشأن رئاسة ترامب».

وقدم دفاعًا منهجيًا عن «ترامب» فى مجموعة من القضايا، مثل أوكرانيا والشرق الأوسط والتجارة والسياسة الضريبية، وحتى تغيير المناخ، لكنه عارض الهجوم على مبنى «الكونجرس» الأمريكى من قبل أنصاره، قائلًا: «من الواضح أن ما حدث فى السادس من يناير كان فظيعًا».

وكشف «جونسون» عن كواليس زيارة أجراها رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، إلى مكتبه، عندما كان وزيرًا لخارجية بريطانيا، عام ٢٠١٧، حيث طلب «نتنياهو» استخدام المرحاض، وبعد ذلك، اكتشفت أجهزة الأمن جهاز تنصت مزروعًا هناك.

فكرت فى غزو هولندا للحصول على لقاحات كورونا

كشف «جونسون» عن أنه كان يفكر بجدية، خلال فترة ذروة وباء «كورونا»، مارس ٢٠٢١، فى شن عملية عسكرية على مستودع فى هولندا، للاستيلاء على ٥ ملايين جرعة من لقاح «كوفيد ١٩».

وأضاف رئيس الوزراء البريطانى الأسبق أن هذه الجرعات كانت محتجزة بشكل غير قانونى من قبل الحكومة الهولندية، وبعد مراجعة الخيارات حذره أحد مستشاريه العسكريين من أن هذا سيشكل غزوًا لحليف فى «الناتو». وواصل: «كنت أعلم أنه كان على حق. ووافقت على ما اعتقدوه جميعًا لكننى لم أرغب فى قوله بصوت عالٍ، لكن الآن أقول إن الأمر برمته كان جنونًا».

وعلى الرغم من جنون تلك الخطة، إلا أنها كانت تصب فى صالح ما اعتبره «جونسون» الإنجاز الأكثر فخرًا فى الحكومة، وهو طرح لقاح «كورونا» فى بريطانيا. ولا يعزو «جونسون» الفضل فى هذا إلى عبقرية العلماء فى «أكسفورد»، الذين صنعوا لقاح «أسترازينيكا»، أو الخدمة الصحية الوطنية الذى وزعته بسرعة فقط، بل وأيضًا إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، الذى «مكن بريطانيا من الموافقة على اللقاح بشكل أسرع من جيرانها فى الاتحاد».

ويصر منتقدوه على أن بريطانيا كان بإمكانها أن تتصرف من جانب واحد، حتى لو كانت لا تزال عضوًا فى وكالة الأدوية الأوروبية، التى توافق على الأدوية للاتحاد الأوروبى. لكن «جونسون» رفض ذلك فى كتابه، وتساءل: «هل فعل معهد باستور ذلك؟ هل فعل معهد ماكس بلانك ذلك؟ هل فعل أى شخص آخر ذلك؟».

وكان طرح اللقاح هو الدليل الأول على صحة فكرة «جونسون» بأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى يستحق الاضطرابات التى أحدثها فى بريطانيا، وكانت هذه هى حجته الرئيسية أيضًا لتبرير خطأ «المحافظين» فى طرده، بعد أن قادهم إلى فوز ساحق فى انتخابات عام ٢٠١٩، وووصف ذلك بقوله: «لو حافظوا على رباطة جأشهم، لربما كانت الحكومة المحافظة لا تزال فى السلطة».

وعادة ما تكون المعلومات المتبادلة بين الملكة ورئيس الوزراء خاصة وسرية، لكن «جونسون» بدا غير آبه بتلك السرية وكشف عن أن الملكة الراحلة أصيبت بنوع من سرطان العظام فى الفترة التى سبقت وفاتها فى سبتمبر ٢٠٢٢، على الرغم من أنه قد تم إدراج «الشيخوخة» رسميًا كسبب لوفاة الملكة إليزابيث الثانية. و«جونسون» أول سياسى بريطانى بارز يتحدث علنًا عن كيفية وفاتها.

كما كشف «جونسون» عن أنه حاول إقناع الأمير هارى بالبقاء فى المملكة المتحدة، بدلًا من الانتقال إلى أمريكا مع زوجته ميجان ماركل، حتى إنهما أجريا «حديثًا رجوليًا» على حد وصفه، لإقناعه، لكنه اعترف بأن ذلك كان «عملًا سخيفًا ويائسًا تمامًا». 

وتحدث «جونسون» بشكل سيئ عن رئيسة الوزراء التى سبقته تيريزا ماى ووصفها بالعجوز، رغم أنها المرأة التى عينته فى أحد المناصب العظيمة فى الدولة، وهو وزير الخارجية، مؤكدًا أنه كان مهووسًا بشكل خاص بأنفها والتوائه.

كما وجه اتهامات إلى الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، ووصفه بأنه «مصدر إزعاج إيجابى» من خلال محاولة ما وصفه بـ«وضع حذائه الكوبى فى بريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبى»، معتبرًا أنه «اقترح غض الطرف عن عبور المهاجرين غير الشرعيين لإعطاء بريطانيا ضربة عقابية بسبب خروجها من الاتحاد الأوروبى».

وأشعل «جونسون» عداءً مع الرئيس الأمريكى آنذاك باراك أوباما، أثناء حملة استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، عندما زعم أن «أوباما» نقل تمثالًا نصفيًا لوينستون تشرشل فى البيت الأبيض، بسبب كراهية الأمريكان للإمبراطورية البريطانية.

واتهم «أوباما» برفض اتفاقية التجارة الحرة بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة قبل التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى فى عام ٢٠١٦، وزعم أن «أوباما» قال إن بريطانيا ستنتهى فى «مؤخرة الطابور» للحصول على صفقة مع أمريكا.

وقال «جونسون» إنه سلم هدية رخيصة عبارة عن صورة مطبوعة من «ويكيبيديا» إلى جو بايدن، فى قمة مجموعة السبع، رغم أن الولايات المتحدة أغدقت عليه بالهدايا الفاخرة، قائلًا: «أشك فى أننا أنفقنا عليها حتى بنسًا واحدًا، كان الأمر وقحًا بشكل رائع»، «وهو ما أعتقد أنه سيحظى بموافقة دافعى الضرائب فى المملكة المتحدة». 

أما ريشى سوناك، الذى كان قد استقال من منصبه كمستشار لـ«جونسون»، بعد أن انتقد قيادته، ثم أصبح رئيسًا للوزراء، فقال «جونسون» عنه إنه لم ير أى دليل على أنه كان يعرف كيف يتعامل مع منصب بحجم رئيس للوزراء.