جلال الأبنودى يكتب: فى محرابها
منكِ الجمالُ ومنى أقدس السور
مرتلات بتنغيمى على وترى
أنا وأنتِ كلانا بيننا رَحِم
أنا وأنت كلانا عاشق الغرر
أنا.. أدينُ بدين الحب تَـكرُمَـةً
له وأسجدُ فى الآصال والبكر
وأنتِ أغلى «هيولى» عشتُ أعشقُها
فلسفتُ فيها حياتى فى سنى عمرى
بلون خديكِ قد لونت مسجدى
المفروش بالصدق والإيمان والطهر
هذا جَمالُكِ مِلءُ الكونِ منتشرًا
هذا جمالكِ فى سمعى وفى بصرى
هذا جمالك فى قلبى وعاطفتى
هذا جمالك فى حسى وفى وفكرى
وفى حديثى لكل الناس أذكرُه
أُسبِّحُ الحسن فى بدعى ومبتكرى
وفى غدوى إلى أمر أدبره
وفى رواحى وفى نومى وفى شهرى
وفی انفرادی عمن لا يُشاكلنى
وفى اجتماعى وإصغائى وفى سمرى
فى مقلة الظبى فى شدو البلابل فى
لطف النسائم فى طى الشذى العطر
فى النجد فى الوهد فى الوادى الفسيح على
رمل يلعلع فى الصحراء كالدرر
فى يقظة الفجر والأكوان راقدة
فى هجعة الليل والعشاق فى سهر
فى بسمة الطفل فى الوجه الصبوح وفى
وفى نور الجبين وساجى الهُدب والشعر
وفى الخدود إذا صفحاتها خجلت
وفى الغدائر إذ تهفو وفى الطرر
فى الحلو من كل شىء جَلَّ مُبدعُه
فى كهربائية الأنغام والنظر
فى كل ما تضرس الأسنان منه وفى
كل الذى أسكرتهُ فتنة الحَوَر
هذا جمالُكِ خلقًا جل صانعُه
وجل مبدعه فى أبدع الصور
أراه فى صفحات الماء مرتسمًا
أراه فى الكرمة الخضراء فى الزهر
أراه فى نفحات الروض ذا عبق
أراه فى الفلق المشعاع فى السحر
أراه بين خيام البدو آونة
وتارة فى مغانى الأنس والحضر
أراه فى قامة الفلاح منكفئًا
يزغزغ الأرض كالمفتن بالوتر
أراه فى الساعد المفتول يضرب فى
بطن المغارة أقوى الصخر والحجر
هذا جمالُكِ فى سمعى وفى بصرى
وفى مقامى وفى وردى وفى صدرى
لقد أحس فؤادى ذاك من صغرى
ولم يزل ذلك الإحساس فى كبرى
أحببتكِ الحب لم أطلب له ثمنًا
أقرضته الله يوم الدين مدخرى
فالحب دينٌ ودينُ الله مكرمةٌ
يا من يدين بدين الحب والطهر
فنحن أبناء مصر نحن عُدتها
ونحن حراسُها فى حومة الغير
ومصر مصر كما قد قال أولنا
«من صَنْعةِ الله لا من صَنْعةِ البشر».