الأربعاء 02 أبريل 2025
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

كيرى براون: أى محاولة لحل مشكلة «تايوان» ستنتهى بكارثة

كيرى براون
كيرى براون

- تايوان قضية مُلحّة.. وألّفت كتابى لتحديد أهميتها وكيفية نشأتها والنظر إليها

- الجزيرة كانت مستقلة.. وأصبحت تحت سيطرة الصين لأول مرة عام 1683 لمدة 200 عام فقط

يوصف بأنه أحد المراقبين الأجانب الأكثر إدراكًا وفهمًا للصين، فمسيرته الطويلة تحفل بالعمل على قضايا آسيا، وهو ما نتج عنه تأليف ما يقرب من 20 كتابًا عن السياسة الصينية الحديثة.

حيث عاش فى منطقة منغوليا الداخلية فى الصين من عام 1994 إلى عام 1996، وحصل على درجة الماجستير فى الآداب من جامعة كامبريدج، ودبلوم الدراسات العليا فى لغة الماندرين الصينية بامتياز من جامعة تيمز فالى، لندن، ودرجة الدكتوراه فى السياسة واللغة الصينية من جامعة ليدز.

وفى الفترة من 1998 إلى 2005 عمل فى وزارة الخارجية البريطانية والكومنولث، كسكرتير أول فى السفارة البريطانية فى بكين، ثم رئيسًا لقسم إندونيسيا والفلبين وتيمور الشرقية.

وعمل فى المعهد الملكى للشئون الدولية، والمعروف باسم «تشاتام هاوس»، وهو مؤسسة فكرية بريطانية مقرها لندن، فى الفترة من 2006 إلى 2012، كزميل أول ثم رئيس لبرنامج آسيا. 

وبين عامى 2011 و2014 أدار شبكة الأبحاث والمشورة الأوروبية الصينية التى تقدم المشورة السياسية إلى خدمة العمل الخارجى الأوروبية، ومن عام 2012 إلى عام 2015 كان أستاذًا للسياسة الصينية ومديرًا لمركز الدراسات الصينية بجامعة سيدنى بأستراليا.

هو كيرى براون، أستاذ الدراسات الصينية ومدير معهد لاو الصين فى كينجز كوليدج لندن، وهو مساعد فى كلية أستراليا ونيوزيلندا للإدارة الحكومية فى ملبورن، والمحرر المشارك لمجلة الشئون الصينية الحالية، التى يديرها المعهد الألمانى للشئون العالمية فى هامبورج، وهو رئيس جمعية كينت الأثرية وعضو فى وحدة دراسات منغوليا وآسيا الداخلية فى جامعة كامبريدج.

وكان لـ«حرف» هذا الحوار مع كيرى براون حول أهم الأفكار التى جاءت فى أحدث كتبه «قصة تايوان: كيف ستملى جزيرة صغيرة المستقبل العالمى».

■ فى البداية.. ما الذى دفعك إلى تأليف كتاب عن تايوان فى هذا الوقت تحديدًا؟

- شعرت بأنها قضية ملحة، ولدىّ على الأقل ما يكفى من المعرفة والخبرة فيها لمحاولة إنتاج مقدمة مفيدة يسهل الوصول إليها. وكان الأمر الرئيسى هو أن نحدد بوضوح وإيجاز سبب أهمية تايوان اليوم، وكيف نشأت هذه القضية، وما هو نوع الإطار الذى يمكن النظر إليها به على أفضل وجه.

■ ما الشىء الأكثر إثارة للدهشة فى تاريخ جزيرة تايوان؟

- من نواحٍ عديدة، تاريخها الفريد والمعقد، على مدى آلاف السنين الماضية أو نحو ذلك، حيث بدا دائمًا على أطراف أشياء مثل السلالات الصينية الحاكمة لمينج وتشينج حتى عام ١٩١١، ثم كيف ظهرت ببطء فى منتصف القرن العشرين، لتصبح القضية التى هى عليها اليوم مكانًا عن طريق الصدفة، ولكن من الواضح جدًا أنها مكان خاص، مع سرد وهوية فريدة من نوعها.

■ ما الفكرة أو الرسالة الرئيسية للكتاب؟

- يوضح الكتاب أن الطبيعة الجيوسياسية الحالية المثيرة للجدل وغير المستقرة، إلى جانب المواقف التى تبدو غير قابلة للتسوية تجاه اللاعبين الرئيسيين، خاصة الموقف المتصلب لجمهورية الصين الشعبية فى الوقت الحاضر- تعنى أن هذه القضية يجب أن تبقى فى نوع من التجميد العميق. 

فى الوقت الحالى، أى محاولة لحل هذه المشكلة ستنتهى بكارثة، لذلك من الأفضل تركها كما هى حتى يتغير السياق بالكامل فى يوم من الأيام، أو يظهر الحل بطريقة سحرية من العدم. ومثل هذا الحل غير واضح فى الوقت الحاضر.

■ هل تعتقد أن مشكلة تايوان معقدة ولا يمكن حلها؟

- فى الوقت الحالى، نعم، لا يوجد حل. إن التفكير فى السيادة، وغيرها من القضايا، سوف يحتاج إلى تغيير جذرى من جانب الصين وتايوان وغيرهما لحل هذه القضية. وهذا غير ممكن اليوم. قد لا يكون ذلك ممكنًا أبدًا. لكن من المؤكد أن ذلك غير ممكن فى الوقت الحاضر.

■ ماذا اكتشفت عن تاريخ الجزيرة القديم.. ألم تكن تايوان جزءًا من الأراضى الصينية منذ العصور القديمة؟

- تايوان تخرج من التاريخ ببطء شديد. ولديها تاريخ طويل من الشعوب الأصلية، على الرغم من استمرار الجدل حول مصدر وكيفية ظهور الموجات الرئيسية لهذه الهجرة. ما أذهلنى هو الطرق التدريجية للغاية التى جاء بها المستوطنون من البر الرئيسى للصين، على مر القرون حتى العصر الحديث، وكيف خلق هذا نظرة وثقافة مميزة للغاية للجزيرة. لقد انبهرت بهذا التاريخ لكون تايوان مكانًا لم يكن متورطًا إلا بشكل عرضى فى السلالات الصينية الرئيسية، وكم كان هذا الارتباط عرضيًا، وفى بعض النواحى سطحيًا.

■ هل تعترف الولايات المتحدة بأن تايوان جزء من الصين؟

- الولايات المتحدة منذ السبعينيات وسياسة الصين الواحدة، اتفقت حينها مع الصينيين على «الاعتراف» بوجهة نظر بكين القائلة بوجود صين واحدة. ولكن هذا لا يعنى التصديق عليه واعتباره صحيحًا. وحتى يومنا هذا، هناك غموض، على الأقل فى المواد باللغة الإنجليزية الواردة من الولايات المتحدة حول ما يعنيه هذا الاعتراف بالضبط. إنه يخضع إلى حد كبير للتفسير. ويمكننا القول إن أمريكا ما زالت حتى الآن متمسكة بموقف محاولة الحياد، حيث تطالب بألا يكون لها رأى نهائى بشأن وضع إعادة توحيد الصين وتايوان، ما دام الطرفان يتفقان على ذلك سلميًا. وفى الوقت الراهن، وفى المستقبل المنظور، فإن مثل هذا الاتفاق غير مرجح. لذا فإن الوضع الراهن هو السائد.

■ كيف ترى موقف الرئيس ترامب من الجزيرة.. هل يتعاون معها ضد الصين أم يعاقبها على استيلائها على صناعة الرقائق من أمريكا حسب وجهة نظره؟ 

- من الصعب أن نقول ما هو موقفه. ويبدو أن نائب الرئيس «جيمس ديفيد فانس» غير مهتم بالتدخل فى تايوان، ما لم تكن لها مصالح مباشرة بالنسبة للولايات المتحدة. 

ومن الممكن، ونحن ننظر إلى طريقة التعامل مع أوكرانيا، أن تزعم الولايات المتحدة ببساطة أن التايوانيين، لكى يتمكنوا من تحمل تكاليف التحالف وأى دفاع، سوف يحتاجون إلى المساهمة فى اقتصاد الولايات المتحدة من خلال نقل المزيد من قدرات أشباه الموصلات إلى هناك. وقد بدأ ذلك يحدث بالفعل إلى حد ما. 

ولكن فى عام ٢٠٢٥ سيكون وضع تايوان مليئًا بالشكوك والتساؤلات، وهو الأمر الذى من المرجح أن يستمر فى ظل النظام المحير الحالى فى واشنطن.

■ ما السيناريو المتوقع للاقتصاد العالمى إذا غزت الصين تايوان؟

- النتيجة الأكثر ترجيحًا هى وقوع كارثة، حيث تتأثر خطوط الإمداد، خاصة أشباه الموصلات عالية التقنية. ولكن أبعد من ذلك، فإن التأثير من حيث خلق انقسام جديد ضخم، والتداعيات الجيوسياسية، سيكون هائلًا. وإذا قررت الصين غزو تايوان أخيرًا، أيًا كان الشكل الذى قد يتخذه ذلك، فسوف نكون فى عالم حيث لم تعد الصين محل شك فى نواياها الخبيثة، بل أصبح من المفهوم أنها تتمتع بنفوذ تخريبى، وخصم علنى. وهذا ليس العالم الذى نعيش فيه فى الوقت الحاضر.