صفاء صلاح الدين تكتب: قصيدتان
طَاوِلَةٌ مُمْتَدَّةٌ لِنِهَايَةِ الْبَهْوِ يَخْشَاهَا الرِّيحُ
طَاوِلَةٌ مُمْتَدَّةٌ لِنِهَايَةِ الْبَهْوِ يَخْشَاهَا الرِّيحُ
بَدَوْتُ وَكَأنَّنِى أنْتَفِضُ مِنْ دَاخِلِى
وَالصَّحْرَاءُ تَلُوذُ بِالْفِرَارِ
فَأقْتَنِصُ مِنْهَا الرِّمَالَ الدَّافِئَةَ
وَأحْشُرُهَا فى مُقْلَتِى حَتَّى لَا تَتَوَارَى وَتَبيَضَّ الْجُفُونُ.
بَدَأَتِ الْقِصَّةُ مُبَكِّرًا
وَانْتَظَرَتِ الْقِطَارَ الْمُعَطَّلَ عَلَى الْقُضْبَانِ
سَهْوًا كُنْتُ أنَادِى الْمَارَّةَ فِى الْقَصِيدَةِ
وَلَمْ يَسْمَعْنِى سِوَى طِفْلٍ عَلَى هَامِشِ الْكِتَابَةِ
يَشْغَلُهُ اللَّعِبُ بِالِأوْرَاقِ وَطَيِّهَا وَفَرْدِهَا
حَتَّى تَعَصَّرَ دَاخِلَهَا وَاخْتَفَى مَعَهَا،
فَلَوَّحْتُ بِيَدِى لِلْكُمْسَرِى
أسْألُهُ عَنْ الْوُجْهَةِ الْمُخْتَفِيَةِ مِنْ خَرِيطَةِ الزَّمَنِ
فَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ الْخِنْصَر عَلَى طَاوِلَةٍ مُمْتَدَّةٍ لِنِهَايَةِ الْبَهْوِ
يَشُدُّهَا الرِّيحُ مُتَّجِهًا غَرْبًا
وَفَاجَأَنِى صَمْتُهُ وَالْعَلَامَاتُ الْأَرْبَعَةُ عَلَى جَبِينِهِ الْمُتَعَرِّقِ
تَمْحُو مَلَامِحَهُ فَيخْتَفى مِنْ الْمَشْهَدِ
لِيَعُودَ الْقِطَارُ الْمُعَطَّلُ صَوْبَ الشَّمَالِ الْغَرْبِىّ.
دِمَاءٌ لَا تَشْرَبُهَا الْأَرْضُ
الْأَرْضُ تَشْرَبُ الْأَقْدَامَ الْعَابِرَةَ
لَكِنَّهَا لَا تَشَرَبُ دَمَ الْمَطْحُونِينَ وَلَا الْمُلَوِّثِينَ،
لَمْ تَعُدْ تَحْتَمِلُ الْمَزِيدَ مِنْ آلِيَّاتِ الْحَرْبِ الْبَارِدَةِ
وَلَا الْغِنَاءِ الْمُبْتَذَلِ عَلَى أَرْوَاحِهِمْ.
نَعَمْ تَحَوَّلْنَا بِفِعْلٍ فَاعِلٍ إِلَى هَدَفٍ غَيْرِ حَقِيقِى
أَمَامَ الْمِدْفَعِ الَّذِى يَقْتُلُ وَلَا يَتَعَلَّمُ الرَّحْمَةَ
الْأَرْصِفَةُ بِعَابِرِيهَا وَسَاكِنِيهَا بَعْضُها لَا يُغَطِّيهَا الدِّفْءُ
فَبُرُودَةُ الْقُلُوبِ كَانَتْ أَسْهُمًا تَتَصَيَّدُ الْمُحَارِبِينَ
وَتُنْعِشُ أَضْلَاعَهُمْ الْخَائِفَةَ مِنْ وَصْمَةِ الْفَشَلِ
الَّتِى انْتَابَتْ مَنْ سَلَكَ الدَّرْبَ وَحَظِى بِهِ.
تَطِنُّ الْآذَانُ لَيْلًا وَتَنْكَشِفُ الْآلَامُ
وَلَمْ أَسْمَعْ صَوْتَ الدِّفْءِ يُسْرِى بِقَلْبِهَا
فَأعْوَادُ الثِّقَابِ انْطَفَأَتْ وَلَامَسَتِ السَّمَاءُ أَوْصَالَهَا
فَتَنَحَّتْ جَانِبًا كُلُّ الِأوْرَادِ الَّتى نَبَذَتْهَا الشَّوَارِعُ.