عيد أبوالعمدة يكتب: ارتواء
لا شىء يفسد لحظته، لا أقنعة التنفس ولا حتى هذا الصوت الذى يتردد من الأجهزة الطبية خلفهما، عناق النظرات يغوص بهما إلى تلك الأيام الخوالى؛ قبل أن يفرق بينهما القدر، كانت نصف دنياه عندما درسا الطب معًا إلى أن تخرجا كطبيبين، لم يؤثر اختلاف التخصص على حبهما، تمنى أيضًا أن تكون نصف دينه، ولكن رفض والدها له حال بينهما.
هو يعلم أن إجبارها على الزواج من غيره ليس لها ذنب فيه، ويعلم أن طيب أخلاقها وحياءها الجم منعها من أن تخسر والدها لأجله.
ها هى أخيرًا أمام عينيه، يرشف نظراتها بعد سنوات من عطش الشوق.
يشفق عليها من نفس الوباء الذى يعرف خطورته ويتجرع معها قسوته.
تجمعهما نفس الغرفة التى استقبلها فيها كطبيب، بل كحبيب يسهر كل ليلة على تخفيف آلامها إلى أن أصابته العدوى فرقد على السرير المجاور لها.
تمنى أن يسمعها ولو لمرة واحدة، غير أن قناع التنفس الصناعى حرمه من عذوبة صوتها.
نام فى عينيها، ونامت على ذكرياتها.
وفى الصباح، دخل رجال مقنعون يرتدون بزات بلاستيكية بيضاء ومعهم صندوقان من الخشب.