الخميس 21 نوفمبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

سمير الفيل: رحلة مجهدة ممتعة عدت منها كما ولدت

سمير الفيل
سمير الفيل

قبل موسم الحج بعدة أشهر أبديت رغبتى فى عمرة، فأوصانى الأستاذ خليل الفزيع، رئيس تحرير جريدة «اليوم» بأن أزور «نادى مكة الأدبى»، وهو ما فعلته بالذهاب إلى مقر النادى فى «العزيزية»، حيث التقيت رئيسه الدكتور راشد الراجح، الذى استقبلنى بحفاوة ومدنى بالعديد من الكتب الأدبية، حملتها فى العودة.

لكن الحج أمر آخر، فقد قدمت طلبى إلى الجهات الرسمية للذهاب إلى رحلة الحج فوافق المسئولون، وخُتمت بطاقة الإقامة، وكنت وقتها أعمل بالتدريس فى مدرسة «سعيد بن العاص» بمدينة الدمام. كانت المدارس قد حصلت على إجازة، وهنا وجب علىّ الاستئذان من الأستاذ خليل الفزيع، فوافق، ونصحنى عدة نصائح لكى تكون الرحلة سهلة.

الأجواء روحانية، ومكة مزدحمة عن آخرها، والتكبيرات لا تنقطع، لكننى أتطلع إلى الكعبة هذه المرة بصفاء أكبر وبخشية وورع. يوجد بالطبع من قاموا بالحج مرات ولديهم خبرة.

تلازمنى الأوراق فى حلى وترحالى، وقد كنت سعيد الحظ أن يكون ضمن الفوج شخص اسمه «خالد»، ويعمل نجارًا مسلحًا، كنت ألجأ إليه فى مساعدتى على أداء مناسك الحج، فهو يتمتع بقوى جسمانية هائلة، وهو بالأصل فلاح قرارى.

الصفحة السادسة من العدد الثالث والعشرين لحرف

الزحام على أشده، تقف السيارات ويكتفى الناس بالمشى مسافات، مع الهرولة أحيانًا. كل شىء حولك أبيض.

تميزت مجموعات إندونيسيا وماليزيا ودول جنوب شرق آسيا بأن ظهر ملابس الإحرام عليه علم الدولة. وهناك شباب سعوديون بملابس الكشافة لتوجيه التائهين. نعود إلى المناسك التى أديناها: الإحرام، والطواف حول الكعبة، كانت هذه أصعب مهمة نظرًا للزحام الشديد، ولجأ بعض الناس إلى الطواف عبر أدوار عليا. لكن اللفة الواحدة تأخذ وقتًا طويلًا، علاوة على السعى بين «الصفا» و«المروة».

لم تعد هناك جبال، بل أسهم كبيرة تشير إلى انتهاء السعى. فى اليوم الثامن من ذى الحجة توجهنا إلى «منى». كانت خيامنا فقيرة غير مكيفة، فواجهنا الحر الشرس. وفى ذات المكان «يوم التروية». جاء أهم فرض وهو الوقوف بـ«عرفة»، وهو تل مرتفع يصعب الوصول إليه إلا لأصحاب القوة والإرادة. لكن شيخنا قال إن «عرفة» كلها مكان وقوف. وجاء المبيت بـ«مزدلفة»، ثم واجهت حادث وقوع على كتفى، ولم أعد قادرًا على رمى الجمرات، فكلفت صديقى «خالد» بذلك، وكان الازدحام على أشده، لذا ذهبنا فى وقت تخف فيه الحشود.

بعدها نحر الهدى والتحلل وقص جزء من الشعر، كل منا كان معه مقص صغير فتولى الأمر بنفسه، ثم جاء طواف الإفاضة، وكان الازدحام قد قل. وفقدنا حوالى ٧ أشخاص من ركاب السيارة. 

جاء طواف الوداع، تشعر أن الناس قد استراحوا نفسيًا، ولم تعد هناك حاجة للتسرع. استعد الجميع لشراء ما يلزمه من سبح وطواقى بيضاء وسجاد، أغلبها صنع الصين وتايوان.

حين وصلنا الدمام، شعرنا بالراحة، فقد كانت الرحلة مجهدة، لكنها ممتعة، وعدنا منها كيوم ولدنا... و«الله أكبر كبيرًا.. وسبحان الله بكرة وأصيلًا».