مى التلمسانى: عشت نصف حياتى فى المطارات.. وأترجم أحلامى إلى كتابة
رغم أنها قضت نصف حياتها فى المطارات والسفر، ترى الكاتبة والأديبة والأكاديمية مى التلمسانى أن الشعور الدائم بحمل حقيبة والاستعداد للسفر ليس بالسهل، ورغم حلمها بتحقيق ذاتها فى الغرب، لا تزال تحلم بالعودة والاستقرار فى مصر. فى حوارها التالى مع «حرف»، تتحدث «التلمسانى» عن صدور الطبعة الجديدة من كتابها «للجنة سور»، الذى تنتقل فيه بطلة الحكاية من القاهرة إلى أوتاوا مونتريال فى كندا، والعاصمة الفرنسية باريس.
■ فى البداية.. لماذا اختارتِ «للجنة سور» عنوانًا ليومياتك؟
- أخذت هذا العنوان من رباعية لصلاح جاهين، يقول فيها: «البط شال عدَّى الجبال والبحور... ياما نفسى أهجّ أحج ويا الطيور... أَوصيك يا ربى لما أموت والنبى... ما تودّنيش الجنة للجنة سور.... وعجبى»، وأردت من خلالها التعبير عن شعور «الغربة» الذى يواجهه الإنسان، سواء فى بلده أو خارجها، فالغربة يمكنها أن تكون داخلية، مثلما ترتبط بالخارج.
■ ما الذى يمثله السفر فى حياة مى التلمسانى؟
عشت نصف حياتى فى المطارات، لأننى أتحرك وأسافر كثيرًا بسبب ظروف عملى، والتدريس وحضور المؤتمرات وكصفتى كاتبة. والتحرك بين مدن كثيرة يجعل لدى الشخص شعور دائم بالترقب والخوف والرهبة، وبأننى أحمل حقيبتى وأذهب إلى المطار، وهذا ليس شيئًا سهلًا. وأرى أنه لا يوجد استقرار فى حياة المهاجر، فمهما كان البحث عن السعادة فى مكان ما آخر، فهو محدود بأسوار.
■ فى اليوميات رصدتِ مشاهد كثيرة مؤثرة.. ما المشهد الذى لا يمكن نسيانه؟
- فى أجواء المطار هذه، يمكن أن يفاجئك مشهد جميل يجعل الوقت يمضى، خاصة إن كان السفر يصل إلى ١١ ساعة فى بعض الأحيان. أذكر أننى التقيت ذات مرة فنانًا تشكيليًا روسيًا على الطائرة، كان اسمه «إيجور»، وكتبت عنه فى مجموعة «للجنة سور».
أنا لا أعرف الروسية، و«إيجور» لا يعرف الحديث باللغة العربية ولا الإنجليزية، حاولت الحديث معه بالإنجليزية، وحتى الفرنسية، لكنه لم يكن يعرف أيًا من هذه اللغات، ورغم ذلك جلسنا ٧ ساعات نتحدث! هو يتحدث الروسية لغته، وأنا أتحدث معه بلغات مختلفة.. بـ«الإشارة فهمنا بعض»، خلقنا بيننا لغة جديدة.
أردت هنا أن أكتب عن تواصل الإنسان بالآخر بغض النظر عن اللغة، كيف يستطيع أن يتجاوز حاجز اللغة ويتواصل مع الآخر. من خلال الفن والرسم وأشياء أخرى، وبعض الكلمات القليلة جدًا، عرفت منها حكايته، لماذا سافر، وأشياء كثيرة جدًا أخرى عنه، كما تحدثنا عن الكاتب الروسى دوستويفسكى.
■ ما الذى شعرتِ به بعد صدور الطبعة الجديدة لـ«للجنة سور» بعد أكثر من ١٤ عامًا على صدور الأولى؟
- رغم البعد الزمنى ما بين صدور الطبعتين، والذى يزيد على ١٤ عامًا بالفعل، بعد صدور الأولى بين عامى ٢٠٠٨ و٢٠٠٩، أعدت قراءة هذه اليوميات، ووجدت أننى وسط نفس المشاعر والمشاهد والإشكاليات التى كنا نواجهها.
■ هل حاولتِ إضافة أو تعديل أو مراجعة أى شىء فى الطبعة الجديدة؟
- لا، لم أجر أى تعديل على «للجنة سور»، الطبعة الجديدة كما هى الأولى، لكن قريبًا سيُنشر لى الجزء الثانى من اليوميات، والتى ستكون تحت عنوان: «طرق كثيرة للسفر».
■ ما «الحلم» بالنسبة لمى التلمسانى؟
- الأحلام هى جزء لا يتجزأ من حياة الإنسان، والأحلام أترجمها أحيانًا إلى كتابة، وكان حلمى الكبير أن أحقق ذاتى فى الغرب أو كندا، وما يتبقى هو إننى أكمل هذا الحلم بالعودة إلى مصر والاستقرار فيها.