حارس كمال يوسف يكتب: أربع قصص قصيرة
طائرة أخى
ذات يوم حلَّقت طائرة أخى عاليًا فى السماء، نظرت إليه، تحثه أن يصعد إليها. فوق الأرض، أخى يضحك، يمسك بخيطها، يروِّضها أن تنزل إليه.
ظلا طويلًا، محاولًا كل منهما أن يجذب الآخر إليه.
فى ذلك اليوم، وعلى بعد خطوات وجدت طائرة أخى على الأرض، بينما صعد أخى إلى السماء.
حروف
أحملق بشراهة أحاول تهجئة الحروف البعيدة هناك لأول مرة. أحاول انتزاعها، وهى تهرول سريعًا، يلاحقها أشخاص أعرفهم، كانت قريبة وبعيدة فى آن، كأنها حياة كاملة تبوح بأسرارها الجميلة والتعيسة، حدقت طويلًا حتى تمكنت منها، وبدت لى بوضوح تام أنها لم تكن سوى حروف اسمى منقوشة فوق التابوت.
كل يوم
هذا يحدث كل يوم..
أصحو مبكرًا، أغسل وجهى، أتأمله قليلًا فى المرآة، أدعك أسنانى، أخرج لطفلتى السعيدة وزوجتى التى تحتوينى بين ذراعيها، ثم تضع فى جيبى ورقة، أركب سيارتى وأحشر نفسى بين الزحام، فى المكتب العشرات يتقاطرون لقضاء حاجاتهم.
فى المساء أرجع منهكًا، وأغط فى نومى.
هذا ما يحدث كل يوم..
لكن هذا الصباح لم يحدث ذلك كله؛ لأننى لم أكن موجودًا.
نظرة أخيرة نحو العالم
بعد سنوات طويلة، جاءته دعوة لزيارة شخص واحد، تداعت أمام عينيه كل الصور يفكر حائرًا: صورة أبيه وأمه.. زوجته وأولاده.. إخوته وأخواته.. أصدقائه وأحبائه.. مدرس الفصل الذى كان يجله.
كلها تلاشت وبقيت واحدة؛ كانت لذلك الشخص الذى واجهه فى حربهما الأخيرة، يخبره بأن الحفرة الضيقة التى يسكنها الآن لم تكن تستحق كل ذلك العناء.