مرشدات مصر ينتفضن دفاعًا عن الحضارة المصرية
منذ أكثر من عام ونصف العام تبنت جريدة «الدستور» حملة صحفية للتوعية بملف ما يعرف بحركة الأفروسنتريك، وقد كان لى شرف المساهمة فى هذه الحملة. وقد وجهتُ فى مقالى نداءً صريحًا لجهات مصرية علمية للقيام بما يوجبه الضمير الوطنى والعلمى وألا ننتظر حتى تكبر الأكذوبة الممنهجة وتنفجر فى وجه مصر!
هذه الحركة باختصار ليست مجرد شو أمريكانى لترويج سياحة بعينها، لكنها جزء من خطط سياسية قديمة يتم تحديثها وتفعيلها باستمرار لتوظيفها سياسيًا ضد الدولة المصرية. تصب أهداف هذه الحركة فى الخطة الشاملة طويلة المدى لتقسيم مصر. أيام حكم مبارك لم تكن هذه الحركة فى طور التفعيل- رغم أن تاريخها يعود لعقود سابقة- لأنه كان هناك فصل آخر من الخطة يتم العمل عليه بكثافة وهو ملف أقباط المهجر. ساهم الإرهاب فى عقود حكم مبارك فى إنعاش آمال المخططين فى أن يستجيب أقباط مصر لدعاوى الشيطان الأكبر!
كان مبارك كلما قام بزيارة إلى أرض الشيطان الأكبر يجد فى انتظاره حفنة ممن تم استخدامهم يتظاهرون ضده. غباء المخططين وجهلهم المثير للسخرية بطبيعة الشعب المصرى كانا دائمًا من لطف الله بمصر وشعبها! فبعد انفجار الأوضاع السياسية بمصر بعد وصول الجماعة الإرهابية للحكم، وبعد انتفاض المصريين ضدها وقيامهم بتصويب خطيئتهم، خال الواهمون أنها اللحظة المثالية لجنى ثمار ما عملوا عليه فى ملف أقباط مصر، خاصة بعد تعرض دور العبادة المصرية المسيحية لاعتداءات إرهابية صارخة.
وكشف البابا تواضروس فى شهادته التى وثّقها د. الباز، على شاشة «إكسترا نيوز»، ما حدث خلف الكواليس، وكيف تمت محاولة استغلال هذه الاعتداءات لكى تنقلب كنيسة مصر وشعب مصر القبطى على مصر حتى يتم للمتآمرين المراد بحرق مصر ثم تقسيم أطلالها إلى دويلات! وهنا تلقوا الصفعة المصرية الكبرى! اعتصم أقباط مصر بوطنهم وبالمصريين الذين حموا دور العبادة والتحموا بمؤسستهم الوطنية الأقوى!
«وطنٌ بلا كنيسة خيرٌ من كنيسة بلا وطن.. لو لم نجد كنائس للصلاة فسنصلى مع إخوتنا فى المساجد»، كان هذا هو رد أقباط مصر الحاسم، الذى ذكرنا بالأيام الخوالى أثناء ثورة ١٩١٩م.
ذهب كل ما تم إنفاقه فى هذا الملف عبر العقود أدراج الرياح وتحطمت أوهام الشيطان على صخرة الشخصية المصرية الوطنية التاريخية، وفقد الشيطان كل أمل فى إعادة تفعيل هذا الملف مرة أخرى على أرض مصر!
ولّى الشيطان بعد ذلك وجهه نحو شرق مصر، وتحديدًا نحو سيناء.. ميليشيات وأسلحة جيوش متقدمة وأجهزة تجسس مخابراتية وعناصر من الجيران وأخرى غربية وثالثة مصرية ممن تم غسل أدمغتهم أيديولوجيًا.. ومرة ثانية يراهن الشيطان على خيانة قطاع من الشعب المصرى، متوهمًا أن مجرد الانتماء القبلى يمكنه أن يدفع هذا القطاع للخيانة! ومرة ثانية يتلقى الشيطان صفعة مصرية سيناوية قاسية، حين انتفضت قبائل سيناء ضد من خان أو سلّم نفسه للشيطان. وقف رجال قبائل سيناء صفًا واحدًا مع رجال القوات المسلحة دفاعًا عن مصر وترابها وشرفها، واستشهد منهم كثيرون، مسطرين بذلك فصلًا جديدًا من فصول تاريخهم المضىء مثلما سطره آباؤهم حين تم احتلال سيناء.
بعد فشل المحاولتين، بدأت منذ أكثر من عامين محاولة تنشيط نفس الخطة، لكن عن طريق هذه الحركة المسماة الأفروسنتريك. هذه الحركة تشمل عدة عناصر، أولها وأقواها العنصر السياسى الذى تم تدشينه رسميًا فى أكثر من وثيقة، منها خريطة برنارد لويس. فلأجهزة مخابرات دول بعينها أهدافها الخاصة التى تختلف عن أهداف باقى العناصر. العنصر الثانى يمثله أصحاب الأصول الإفريقية من مواطنى بعض دول العالم ،خاصة الولايات المتحدة. بعض هؤلاء راقت لهم الفكرة التى يمكنها أن تضفى مزيدًا من السحر والقوة والبريق لقصة استرقاق جدودهم واختطافهم صغارًا من بلادهم الإفريقية وشحنهم فى سفن العبيد للأرض الجديدة! فبدلًا من التيه فى محاولة عبثية للوصول إلى جذورهم وعائلاتهم الحقيقية، يمكنهم أن يصبحوا فجأة أصحاب أرض بعينها، وهى الأرض الأكثر حضارة فى التاريخ البشرى! هؤلاء لن يحاولوا الخوض فى أى نقاش علمى أكاديمى حقيقى لأن دعاتهم ودجاليهم يعرفون الحقيقة! ولن يحاولوا حتى الاستسلام لأبجديات العلوم التطبيقية القائمة على التحليل الجينى أو الأنثروبولوجى أو علوم اللغات القديمة أو حتى مقارنة الصور والرسومات والنصوص التى تركها صناع الحضارة المتنازع عليها! فكل ذلك سوف يقود قطعًا إلى اصطدامهم بالحقيقة أمام أتباعهم! فتخيلوا أن أسهل الطرق هو البحث عن حصان طروادة داخل أرض مصر للتمسح به ومحاولة استغلاله!
للمرة الثالثة سوف يصفع المصريون هؤلاء المخططين الأغبياء صفعة كبرى.. هذا يقينى، فالمصريون ككتلة واحدة تقطن هذه الأرض منذ آلاف الأعوام هم شعب يكره الخيانة ويؤمن بقداسة أرضه، ولا يستجيب كشعوبٍ أخرى لدعاة الفرقة والانقسام الداخلى. مكونات الشخصية المصرية- سواء كان أصحابها فلاحين أو صعايدة أو سيناويين أو نوبيين- متشابهة وتستمد ثوابتها من قيم وطنية ودينية واحدة. نحن شعب بطبيعته يأنف الخيانة ويستشعر بقوة دعاة الفتنة ويلفظهم! كما يؤمن المصريون بأن «المتغطى بأمريكا عريان»!
الأربعاء الماضى كانت مصر على موعد مع جولة جديدة من جولات مواجهة هذه الحركة.. أحد دجاليها قام- بغباءٍ جدير بالملاحظة- بنشر انتشائه بممارسة دجله فى المتحف المصرى! وبعد لحظات من قيامه بذلك واجه ربما ما لم يكن يتخيله فى أسوأ كوابيسه! متابعتى لما حدث فى الساعات التالية هو ما يجعلنى أختص حفيدات إيزيس من مرشدات مصر بعنوان مقالى هذا!
فهن مَنْ قمن بكشف الدجال بعد لحظات من بث دجله على صفحات السوشيال ميديا، ثم تلقف المصريون بعد ذلك الخبر، ولم تمر ساعات حتى قامت شخصيات علمية وهيئات ومؤسسات بما كان يتوجب عليها القيام به!
لم تكتفِ مرشدات مصر فقط بنشر الخبر، بل قمن- قبل أن تقوم تلك الهيئات بدورها- بهجومٍ عاصف على صفحة الدجال باللغة الإنجليزية، وقدمن فى ردودهن كثيرًا من الأسانيد العلمية التى لم يقوَ هو ولا أتباعه على مجابهتها، كما لم يقوَ على مواجهة هذا الهجوم العاصف من مرشدات مصر! اكتفت إحداهن بردٍ بليغ موجز تمثل فى إرسالها صورًا لصنادل الملك المصرى «توت عنخ آمون» وقد رُسمت عليها ملامح أعداء مصر من الأفارقة وهم مكبلون راكعون!
أصابه الذعر فقام بالهرب وحذف كل تخاريفه ودجله، وكعادة كل الأفاقين فقد تركوا المواجهة العلمية واكتفوا بالتطاول على بعض مرشدات مصر!
تحية خاصة للزميلات اللاتى قمن- كعادة سيدات مصر فى المواقف الحاسمة- بالدور الأهم! ما حدث يذكرنى بمشاهد سابقة حين كانت سيدات مصر فى مقدمة من خرجوا دفاعًا عن هوية مصر فى مواجهة جماعة الإرهاب. سيدات مصر هن من يمكنهن الحفاظ على الهوية المصرية، هذه قناعتى منذ سنوات! طاقتهن ونفسهن أطول فى المواجهة، ويتميزن بالمبادأة والمبادرة فى خوض معارك الهوية!
قضية مصر عادلة تمامًا حين يكون العلم حَكَمًا ولا يقوى على الصمود أمام حقائقه كل دجالى الأرض. ولا يُخشى من أى قطاع من قطاعات الشعب المصرى على مصر. فالمصريون متمسكون ومعتصمون بوحدة وطنهم وقداسة حدوده، وهم فى رباط إلى يوم القيامة، فهذا ما أثبت صدقه التاريخ. لن تجد أى قوة مخابراتية أو عسكرية أى خيول طروادية على أرض مصر! قد يقع فى الفخ أحيانًا بعض صغار السن أو العلم، لكن حتى هؤلاء لا يلبثوا أن يستفيقوا فى اللحظات الحاسمة وينتفضوا وينفضوا عن أنفسهم أى غبار قد يكون قد لحق بهم! لكن قد تخسر القضايا العادلة بعض جولاتها بسبب ضعف أو عدم إدراك بعض المدافعين عنها لحقيقتها أو لاستخفافهم بخطورة وقدرات من يواجهونهم حتى لو كان هؤلاء المتآمرون على باطل علمى وتاريخى!
لن أخوض فى محاولة الإجابة عن تساؤلات تفصيلية حول ما حدث مع تلك المجموعة أو كيف حدث أو من غض الطرف أو من كان جاهلًا بما يحدث، فهناك الآن من يقومون بدورهم بالاستقصاء المسئول دون ضجيج أو صخب. لكننى أعود لدق ناقوس الخطر، وأذكر بأن معظم النار من مستصغر الشرر! أكرر دعوتى لكل هيئة علمية بأن تعد خطة علمية للمواجهة والمبادرة، وأن تكون هذه الخطة موجهة للخارج لا الداخل. وعلى الهيئات المسئولة عن ملف السياحة فى مصر أن تكون لديها قوائم بدعاة هذه الحركة، وأن تختار بين مواجهتهم علميًا علنًا أو تمنع دخولهم لعدم احترامهم قيم المجتمع المصرى والدولة المصرية. فلكل دولة الحق فى منح أو منع دخول أراضيها بما يتفق وقوانينها ومبادئها!
على هيئات منح ترخيص مزاولة مهنة الإرشاد السياحى أن تعيد النظر فى آلياتها العلمية والقانونية. وعليها توعية القائمين بهذه المهنة السامية بما يتفق مع مبادئ الأمن القومى المصرى. نريد أن يكون كل من يقوم بممارسة هذه المهنة على نفس الدرجة من الوعى العلمى والوطنى التى رأيناها فى انتفاضة مرشدات مصر، فمصر تستحق منّا ذلك!