كامالا هاريس vs دونالد ترامب.. معارك موازية على صفحات الكتب
- مذكرات هاريس تحتل المرتبة الأولى بين السير الذاتية للأمريكيين السود على «أمازون»
- مذكرات ابن شقيق ترامب توجه انتقادات للمرشح الجمهورى بوقت حرج
أثار اعتماد الرئيس جو بايدن يوم الأحد 21 يوليو للنائبة كامالا هاريس مرشحةً رئاسية ديمقراطية الكثير من المناقشات السياسية والتكهنات حول مستقبل أمريكا والعالم مع التغيرات المنتظرة فى الانتخابات الأمريكية، فقد منح تأييد بايدن هاريس تقدمًا كبيرًا على المرشحين الآخرين، الذين قد يحاولون الترشح عن الحزب الديمقراطى، كما أتاح لها الوصول إلى صندوق حملة بايدن البالغ 96 مليون دولار.
وبينما لا تتوقف النيران التى يطلقها الجمهوريون على المرشحة المحتملة للحزب الديمقراطى، فإن «هاريس» تحقق صدى إيجابيًا ونجاحًا فى مضمار آخر مواز هو سوق الكتاب، فحين تم اعتمادها أول نائبة رئيس سوداء وجنوب آسيوية، أعلنت «أمازون» آنذاك أن مذكراتها التى تأتى بعنوان «الحقائق التى نحملها: رحلة أمريكية»، والتى نشرت عام 2019، تشهد ارتفاعًا فى المبيعات بنسبة 238٪. الآن، تحتل مذكرات هاريس المرتبة الأولى بين مبيعات السير الذاتية للأمريكيين السود والأفارقة، كما شهدت النسخة المخصصة لليافعين من مذكرات هاريس، التى صدرت أيضًا فى عام 2019، زيادة فى المبيعات، إذ تحتل الآن المرتبة الثانية فى قائمة السير الذاتية للمراهقات والشابات البالغات على موقع أمازون، بعد كتاب «أنا ملالا» لملالا يوسفزاى.
هاريس و«الحقائق التى نحملها»
تضم مذكرات هاريس مجموعة من الأفكار ووجهات النظر والقصص عن حياتها وحياة العديد من الأشخاص الذين التقت بهم على مدار حياتها، كما تكتب عن أفكارها ومشاعرها عقب إعلان فوز الرئيس ترامب فى انتخابات ٢٠١٦، وتنتقد إدارته، قائلة: فى السنوات التى تلت ذلك، رأينا إدارة تتحالف مع البيض العنصريين فى الداخل وتتقرب من الديكتاتوريين فى الخارج، وتمنح الشركات والأثرياء تخفيضات ضريبية ضخمة بينما تتجاهل الطبقة الوسطى وتخرب الرعاية الصحية، وتعرض حق المرأة فى السيطرة على جسدها للخطر، كما أشارت أيضًا إلى أن ترامب ساهم فى الإضرار بالبيئة وبالإعلام الحر.
ذكرت «هاريس» بكتابها أنها ولدت فى أوكلاند، بكاليفورنيا، فى أكتوبر ١٩٦٤، لأبوين مهاجرين، فقد ولد والدها دونالد هاريس فى جامايكا عام ١٩٣٨وهاجر إلى الولايات المتحدة بعد قبوله فى جامعة كاليفورنيا فى بيركلى، وهو أستاذ فخرى للاقتصاد فى جامعة ستانفورد اليوم. أما والدتها شيامالا جوبالان فقد بدأت حياتها فى جنوب الهند، وكانت أيضًا طالبة موهوبة ودرست كذلك فى بيركلى، ثم أصبحت طبيبة فى الغدد الصماء وباحثة فى سرطان الثدى، وتوفيت فى عام ٢٠٠٩.
وأشارت هاريس إلى أن والديها التقيا ووقعا فى الحب فى بيركلى أثناء مشاركتهما فى حركة الحقوق المدنية، وحول ذلك كتبت: كثيرًا ما كان والداى يصطحباننى فى عربة الأطفال معهما إلى مسيرات الحقوق المدنية.. كانت العدالة الاجتماعية جزءًا أساسيًا من مناقشاتنا. ومع ذلك فقد انفصل والداها عندما كانت فى الخامسة من عمرها، وعندما بلغت ١٢ عامًا انتقلت مع والدتها وشقيقتها مايا إلى كندا.
تضم المذكرات وجهة نظر «هاريس» حول العرق والتسامح فى الولايات المتحدة الأمريكية، إذ كتبت: نحن بحاجة إلى قول الحقيقة: إن العنصرية والتمييز الجنسى ورهاب المثلية ومعاداة السامية هى أمور حقيقية فى هذا البلد، ونحن بحاجة إلى مواجهة تلك القوى.. هناك الكثير من النضالات الجارية فى هذا البلد؛ ضد العنصرية والتمييز الجنسى، وضد التمييز على أساس الدين والأصل القومى والتوجه الجنسى. كل من هذه النضالات فريد من نوعه. وكل منها يستحق الاهتمام والجهد الخاص به.
كما لفتت إلى أن الأمريكيين يخافون من المهاجرين، فكتبت: الخوف من الآخر جزء لا يتجزأ من نسيج الثقافة الأمريكية، وقد استغل عديمو الضمير الموجودون فى السلطة هذا الخوف سعيًا لتحقيق مكاسب سياسية.
بالرغم من أن مذكرات هاريس «الحقائق التى نحملها» قد عادت إلى الواجهة مع ارتفاع مبيعاتها عقب التغيرات الأحدث، فثمة كتب أخرى للمرشحة المحتملة للرئاسة الأمريكية تلقى الضوء على جوانب من اهتماماتها وأفكارها، منها كتاب بعنوان «ذكى فى الجريمة»، وفيه تطرح رؤيتها لنظام عدالة يقوى المجتمعات ويزيد السلامة العامة، فمع أن كتاب «الحقائق التى نحملها» هو الإصدار الأحدث لها، فإن هذا الكتاب يعطى فكرة عن العمل الذى قامت به هاريس قبل وقت طويل من إطلاق حملتها الرئاسية. وبخلاف ذلك، تولى هاريس اهتمامًا بالكتابة للقراء الأصغر سنًا، إذ سبق وأصدرت كتابًا بعنوان «الأبطال الخارقون فى كل مكان»، وفيه توضح للأطفال أن كل ما عليهم فعله ليصبحوا أبطالًا خارقين هو أن يكونوا أفضل ما يمكنهم أن يكونوه.
ترامب ما بين كتاب جديد وانتقادات لاذعة من أحد أفراد عائلته
على الجانب الآخر، كان دونالد ترامب حاضرًا فى ساحة الكتب وإن بصورة مختلفة، فقد أعلن عن النشر المرتقب لكتاب مصور جديد له. يحمل الكتاب الذى أعلن دونالد ترامب عن احتمال صدوره بحلول سبتمبر المقبل عنوان «انقذوا أمريكا»، ويأتى على غلافه صورة التقطت للرئيس السابق أثناء إطلاق النار مؤخرًا على تجمع انتخابى فى ولاية بنسلفانيا، حيث أصيب. ومن المقرر أن يستعرض الكتاب صورًا من رئاسة دونالد، ومن اجتماعات مع قادة العالم. وقال سيرجيو جور، الرئيس التنفيذى لشركة Winning Truth Publishing، التى من المقرر أن يصدر عنها الكتاب: يسعدنا أن ننشر الكتاب الثالث للرئيس دونالد ترامب، باعتباره واحدًا من المؤلفين الأكثر مبيعًا على الإطلاق، فأحدث كتاب للرئيس ترامب «انقذوا أمريكا» هو كتاب الصور الوحيد الذى يسلط الضوء على الماضى، ويقدم خريطة طريق للمستقبل مباشرة من الرئيس دونالد ترامب.
فى «انقذوا أمريكا»، يقدم الرئيس دونالد ترامب نظرة على السنوات الأربع التى قضاها بصفته الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة، كما يستعرض رؤيته لولايته المقبلة. يضم الكتاب اللحظات المميزة من إدارة ترامب الأولى، إذ اختار كل صورة، إلى جانب كلماته، التى توفر نظرة ثاقبة لما سيشكل سنواته الأربع المقبلة فى منصبه. يعرض الكتاب الموضوعات والإنجازات الرئيسية للرئيس ترامب، بما فى ذلك المفاوضات التجارية التى حطمت الأرقام القياسية، وتخفيضات الضرائب، والدبلوماسية الدولية، وأمن الحدود. وفى أوقات سابقة، كان ترامب قد نشر الكثير من الكتب التى نجحت فى تحقيق مبيعات كبيرة، منها كتاب «رسائل إلى ترامب»، الذى يكشف عن مجموعة المراسلات الخاصة بينه وبين عدد لا يحصى من قادة العالم والمشاهير والرياضيين وقادة الأعمال الذين شكّلوا الولايات المتحدة والعالم.
كتاب «كل من بالعائلة».. مذكرات عن آل ترامب
غير أن الكتاب الذى مثّل انفجارًا بوقت شديد الحساسية بالنسبة للمرشحين المحتملين أتى من ابن شقيق ترامب، ففى كتاب حديث له بعنوان «كل من بالعائلة.. آل ترامب وكيف وصلنا إلى هذه الحال»، يفضح جوانب متأصلة من عنصرية الرئيس الأمريكى الأسبق.
فى مذكرات فريد سى. ترامب الثالث، يتذكر ابن شقيق دونالد ترامب الرئيس الأمريكى المستقبلى، فى بداية حياته المهنية فى مجال العقارات بنيويورك، بأحد المواقف التى كشفت عن عنصريته البغيضة، كما يكشف عن مكامن العنصرية بمواقفه المختلفة. وفى خضم الانتخابات المنتظرة، التى يواجه فيها ترامب كامالا هاريس، أول امرأة ملونة تتولى منصب نائب الرئيس، ترجح صحيفة «الجارديان» أن الكتاب قد يحدث دويًا كبيرًا.
يشير تقرير «الجارديان» عن الكتاب إلى أن مزاعم العنصرية قد لاحقت ترامب طوال حياته فى مجال الأعمال والسياسة. فمنذ فوزه بترشيح الحزب الجمهورى لمنصب الرئيس فى عام ٢٠١٦، وخلال أربع سنوات فى البيت الأبيض وفى حملته الرئاسية الثالثة، استخدم ترامب مرارًا لغة عنصرية وواجه اتهامات بالتحريض العنصرى.
وتصف مذكرات ترامب الثالث بالتفصيل موقفًا يقول إنه حدث فى أوائل السبعينيات فى منزل أجداده، والدى دونالد ترامب، فى كوينز بنيويورك، إذ يسرد أن ترامب جاء ذات يوم غاضبًا؛ بسبب تلف لحق بسيارته المفضلة من طراز كاديلاك إلدورادو. وفى ذروة غضبه تحدث عن المتهمين بهذا الإتلاف بوصفهم «زنوجًا». فعلى الرغم من أنه لم ير من ألحق الضرر بسيارته، فقد أراد التعبير عن إهانة المتهمين باللجوء إلى هذه الوصف العنصرى.
كانت «شركة سايمون آند شوستر» قد أعلنت، فى يونيو الماضى، عن كتاب فريد ترامب الثالث، واعدة بقصص صريحة وكاشفة.. لم تسرد من قبل من شأنها أن تلقى الضوء على الزاوية المظلمة لإمبراطورية ترامب، وقال الناشر أيضًا إن فريد ترامب الثالث كان متحمسًا للكتابة بحلول انتخابات عام ٢٠٢٤، ورجح أن كتابه قد يشكل قرار الأمة.
وعلى الرغم من أن الكتاب من المقرر صدوره بالولايات المتحدة بنهاية الشهر الجارى، فقد حصل بعض الصحف على نسخ منه، وأشارت التقارير المنشورة إلى أن الكتاب يروى تاريخ العائلة بالتركيز على الأشياء القاسية والدنيئة والشريرة عديمة القلب التى فعلتها عائلة فريد.
يصف فريد عمه بأن «طموحه الشديد ودوافعه كانت تعوض افتقاره إلى التعاطف والحنكة»، وقال عنه أيضًا: ظهر العديد من سمات دونالد لأول مرة، مثل تصميمه، وسرعة انفعاله فى مرحلة الطفولة. لقد تعلم فى وقت مبكر أنه يستطيع الإفلات من العقاب. أشياء غبية يفعلها الأطفال فى البداية، يأخذ ألعاب الأطفال الآخرين، يرمى الكعك فى حفل عيد ميلاد.
ومن بين الادعاءات التى حملها الكتاب أن دونالد ترامب أخبر فريد، وهو مدير تنفيذى ناجح فى مجال العقارات فى نيويورك، أنه يجب أن يترك ابنه المعاق ويليام يموت، ثم ينتقل إلى فلوريدا، بحجة أنه ما زال رضيعًا ولا يتعرف عليه.
ومع كل الصدمات التى قد تحملها مذكرات فريد ترامب، فليس هو الشخص الأول من عائلة ترامب الذى كتب عن نشأته فى عائلة يقودها فريد ترامب الأب، قطب البناء والعقارات فى نيويورك، وعن الرئيس المستقبلى. ففى عام ٢٠٢٠، نشرت مارى ترامب، شقيقة فريد سى ترامب الثالث، الكتاب الأكثر مبيعًا «أكثر من اللازم ولا يكفى أبدًا». وفى الترويج لهذا الكتاب، قالت إن عمها «عنصرى بشكل واضح»، مضيفة أنها سمعته يستخدم لغة عنصرية، وأن هذا لا ينبغى أن يفاجئ أى شخص بالنظر إلى مدى عنصريته الشديدة اليوم. وفى محاولة للحد من الآثار السلبية المحتملة لمذكرات فريد ترامب المنتظرة، التى أثارت جدلًا واسعًا حتى قبل صدورها، نفى المتحدث باسم حملة ترامب، ستيفن تشيونج، ما ذكر بالكتاب، ووصفه بأنه «ملفق بالكامل ويحمل أخبارًا كاذبة من الدرجة الأولى»، فى بيان لصحيفة ديلى بيست، مضيفًا أن «أى شخص يعرف الرئيس ترامب يعرف أنه لن يستخدم مثل هذه اللغة أبدًا».