عالم جديد شجاع.. كيف تنبأ ألدوس هكسلى بعالم اليوم؟
- يعزز هكسلى عبر منظور «جون البدائى» حقيقة اللا إنسانية التى يحيا فى كنفها العالم الجديد
- يؤسس هكسلى للتصارع بين عالمين ونمطين مختلفين من الفكر بزرع بذور الصراع والرفض عبر شخصيتى «هلموتز واتسون» و«رنارد ماركس»
- ليس لدى سكان العالم الجديد ما يدعوهم للسخط فالحياة مستقرة تمامًا
فى مطلع القرن العشرين كان الغرب على موعد مع اضطرابات كبرى تبلورت بصورة جلية مع الحرب العالمية الأولى «1914- 1919»، التى كانت بداية لخلخلة الإيمان بوعود الحداثة البراقة، فنبتت بذور الشك فى الأسس الرأسمالية والليبرالية والبرجوازية التى استمرت طوال القرن التاسع عشر بتقديم وعود بسعادة أبدية. جاءت أزمة الحرب لتكشف عن تحول الوعد إلى وعيد، وتوالت الأزمات الكاشفة بعد الحرب العالمية الأولى، بيد أن أكثرها تأثيرًا كانت حقبة الكساد العظيم التى بدأت بالشهور الأخيرة من عام 1929 لتقود إلى حالة من الفوضى أحدثها تنامى التوجهات الرأسمالية للدول الغربية، فقادت إلى ارتفاع معدلات البطالة وانهيار البنوك والشركات، وتدهور أوضاع الفقراء. بدا جليًا حينذاك أن العالم يسير بأقصى سرعة نحو هاوية لا مفر منها.
فى ظل تلك الأجواء وتحديدًا فى عام 1932، كتب الروائى الإنجليزى ألدوس هكسلى روايته «عالم جديد شجاع» التى ستصير واحدة من أفضل 100 رواية، ليقدم من خلالها رؤية تنبؤية لما يمكن أن تقود إليه توجهات العالم آنذاك، فصوّر عالمًا محكم التنظيم تُحركه التقنية وفق إيقاع رتيب ودقيق يضاد تمامًا سنوات الفوضى التى عاصرها الكاتب، لكنه فى الآن ذاته رسم تصور متخيل لما يمكن أن يصير إليه العالم إن امتدت خيوط واقعه نحو المستقبل.
فى كتاب «العالم الآن.. مراجعة العالم الجديد الشجاع»، الذى نُشِر بعد صدور الرواية بثلاثة عقود تقريبًا، أوضح هكسلى تلك الحالة بقوله: نحن الذين عشنا فى الربع الثانى من القرن العشرين الميلادى، كنا بكل تأكيد سكان عالم مُروّع ومُخيف، لكن كابوس سنوات الكساد مختلف جذريًا عن كابوس المستقبل الذى رُسِم فى عالم جديد شجاع. تمثل كابوسنا نحن فى افتقار تام للنظام، بينما تمثل كابوسهم فى القرن السابع «بعد فورد» فى تنظيم مفرط.
صوّر هكسلى بروايته، التى تندرج تحت فئة الخيال العلمى الديستوبى، عالمًا مستقبليًا ظاهره اليوتوبيا حيث ينعم الجميع بسعادة لا يكدر من صفوها شىء، ولكن حقيقته، التى يبلورها الخطاب الروائى، تكشف عن ديستوبيا حقيقية يفقد فيها الإنسان حريته ويصير رهنًا للمتع الآنية، ولعبة فى يد المتحكمين بالتقنية. يصير أقرب إلى آلة تحقق تمامًا ما بُرمجت عليه ولا يكون بمقدورها أن تتوقف يومًا لتعترض أو تغير مسارها. ومن هنا يقدم هكسلى تحذيرًا مما قد تؤول إليه التطورات التقنية فى مجال البيولوجيا تحديدًا من تنميط للبشر يجعل التلاعب بهم وتوجيههم من قبل سادة التكنولوجيا أمرًا يسير المنال.
تبدأ الرواية فى عام ٦٣٢ بعد فورد، حيث استبدل بالتقويم الميلادى تقويم فورد الجديد بعد أن تلاشت تمامًا كل صلة بالأديان، فصار «فورد»، الذى يشير إلى هنرى فورد مؤسس شركة فورد للسيارات والذى كان له تأثير كبير على الإنتاج الصناعى وأحد القادة فى تطوير التكنولوجيا، هو إله هذا العالم الجديد الذى ينشد الجميع مبادئه ويتخذون من T رمزًا له فى إشارة إلى الاستعاضة عن رمز الصليب المسيحى بموديل لسيارة هنرى فورد، واستبدال التكنولوجيا والصناعة بالقيم الدينية، ومن ثم التحول من الخلق الإلهى إلى الخلق التكنولوجى.
عالم ظاهره المثالية
إن كان الجانب الأكبر من شقاء الإنسان ينبع من تطلعاته غير الملباة ورفضه وضعه القائم واشتهائه لما يعجز عن تحقيقه، فإن هذه المعضلة لا مكان لها بالعالم الجديد الشجاع الذى يتخيله هكسلى، فالأفراد فى مرحلة التبويض الصناعى يُجرى تكييفهم وهندستهم وراثيًا بما سيلائم حياتهم المختارة من الجهات المهيمنة، فكل فرد يُعد جينيًا بما سيوافق الطبقة التى سينتمى إليها والوظيفة التى سيعمل بها، ويُلقّن عبر منهجية صارمة بالقواعد التى سيتبعها فى حياته بما فى ذلك مساحات المتعة والترفيه.
فى العالم الجديد الشجاع لا مجال لحيرة الاختيار أو لاضطرابات الإرادة البشرية، إذ لا إرادة ولا تفكير ولا تطلع إلى ما يغاير النظام المعد سلفًا، ومن ثم لا مكان لشقاء الرغبات والتطلعات فى هذا العالم المُهندَس بدقة. فى «مركز لندن للتفريخ والتكييف» يتم تصنيع البشر وفق خمس طبقات هى ألفا وبيتا وجاما ودلتا وإبسيلون، وجميع الأفراد داخل الطبقة الواحدة متساوون ومن ثم لا مجال لتنافس أو صراع، كما أنه لا مجال لتنافس بين الطبقات لأن لكل طبقة خصائصها الجينية التى تضعها فى مكانها المحدد بصرامة، علاوة على البرمجة النفسية التى يتعرض لها الجميع بسنوات العمر الأولى والتى تجعلهم سعداء وقانعين تمامًا بوضعهم.
تُصنّع الطبقات الأدنى مثل الجاما والدلتا والإبسيلون وفق عملية يطلق عليها «عملية بوكانوفسكى»، وفيها تُقسّم البويضة البشرية إلى ستة وتسعين جنينًا متطابقًا، أى نسخ النسخة الأصلية إلى عشرات النسخ، ومن ثم يمكن لهم العمل تمامًا مثل الآلة كما يتم تكييفهم لتحمل ظروف العمل المنوط بهم القيام بها، وتتركز معارفهم حول العالم على ما يراد لهم معرفته فقط كى يؤدوا وظائفهم على أكمل وجه. أما الطبقات الأعلى مثل ألفا وبيتا فتتفوق على الطبقات الأخرى فى التكوين الجسدى والعقلى وتؤهل لتقلُّد مناصب مرموقة.
يُصاغ كل جانب من الحياة فى العالم الجديد الشجاع بدقة بالغة، فليست الوظائف فقط هى ما تُحدد سلفًا وإنما تُبرمج الرغبات الجنسية فى إطار ينأى تمامًا عن الزواج، ويرنو للمتع الآنية واللحظية، ففى هذا العالم من الممنوع إقامة علاقة طويلة الأمد مع شخص واحد، ويتعين أن يكون «الجميع من أجل الجميع» فتُشجع العلاقات الجنسية العابرة ولا يعد الجنس شيئًا يجب إخفاؤه، فالتدريب على ممارسة الجنس يبدأ منذ ألعاب الطفولة الجنسية ولا يعتمد على المشاعر، إذ إن العواطف وهوائيتها من الماضى القديم جدًا، ولم يعد ثمة وجود لها فى هذا العالم السعيد.
ليس لدى سكان العالم الجديد ما يدعوهم للسخط، فالحياة مستقرة تمامًا وليس هناك ما يستدعى القلق بشأن شئون المعيشة اليومية، كما أن العلاقات الجنسية المفتوحة تضمن إشباعًا فوريًا بدون حسابات مسبقة، ولم يعد الناس يشيخون أو يمرضون فقد جرى تعزيزهم بما يخلصهم من عيوبهم الجسدية القديمة، وفوق كل ذلك، هناك عقار «السوما»، وهو مخدر مهمته الحفاظ على أعلى مستوى من السعادة وتناسى أى شائبة قد تسبب القلق. ولكن فى قلب هذا العالم المهندس بدقة ورفاهية تكمن الأزمة التى تكشف عنها الرواية.
مظاهر الديستوبيا فى العالم الجديد
إن كان سُكان العالم الجديد لا يشعرون بأى غصة من كونهم مجرد أدوات يتلاعب بها قادة التكنولوجيا لأنهم لا يعرفون سوى ذلك المصير، فقد مُحى الماضى والتاريخ القديم تمامًا بأساطيره وأديانه ومعتقداته وتقاليده وبات استرجاعه مشروطًا بتذكر كونه محض هراء قديم جدًا نجح العالم الجديد فى الخلاص منه، وإن كانت ثمة مجتمعات بدائية لا تعرف «الحضارة» لا تزال مؤمنة به. رغم ذلك، يعزز هكسلى عبر سرده الروائى من مظاهر الديستوبيا المغطاة تحت قناع العالم الجديد الشجاع.
تتمثل أبرز مظاهر الديستوبيا فى ذلك العالم المتخيل بالفقدان التام لحرية الإنسان؛ إذ لا ينعم الإنسان المُصمم ليصير إلى الآلة أقرب بأى فكر عن الحرية، فكل فرد يخضع لمكانة حتمية بالعمل والطبقة الاجتماعية وأسلوب الحياة، ويُبرمج بما يحقق الانضباط فى المجتمع سواء بالنمط التعليمى المتبع منذ الطفولة أو بتعزيز فكرة «الجميع من أجل الجميع» والتى تتحقق باحتفالات جماعية منوعة مثل «يوم فورد»، و«يوم التضامن الاجتماعى»، وتضم أغنيات جماعية تعمل على تحقيق اندماج الفرد مع أهداف السلطة وتوجهات الجماعة، كما يتضمن النظام الصارم قواعد تقتضى الإلقاء بالمعارضين، إن وجدوا، فى المنفى.
فى المجتمع الجديد لا مجال لرغبات فردية ولا لفكر يعززه تأمل بالوضع القائم أو أمل بوضع مغاير، فالتقنية قادت إلى تنميط الأفراد على شتى المستويات، وهو ما يشير إليه د. عبدالحميد الحسامى بكتابه «متخيل الديستوبيا فى الخطاب الروائى» بالقول: السُّلطة تعمل على اغتصاب المعرفة والانحراف بوظيفة التقنية من خدمة الإنسان إلى تأسيس هوية جديدة للإنسان ومسخ كينونته ليصبح الكل خاضعًا لجبروت السلطة ويغدو الإنسان منتجًا من منتجات التقنية التى يُسيطر عليها الرمز السياسى المهيمن.
جانب آخر من مظاهر الديستوبيا فى هذا المجتمع المتخيل يتمثل فى تلاشى المشاعر الإنسانية، فالأطفال تبرمج على كراهية الكتب والأزهار منذ طفولتهم، من خلال الربط الشرطى بين الاقتراب منهما والتعرض لصدمة كهربائية صاعقة، ويدربون على رؤية الذين يتعرضون للموت كى يصير الموت بالنسبة إليهم مألوفًا وغير مزعج، كما يلقنون فنون الجنس باعتبارها من ألعاب التسلية غير ذات الصلة بأى مشاعر إنسانية، ويحرمون من كل علاقة حميمية قائمة على المشاعر إذ لا أمومة ولا أبوة ولا زواج ولا حب.
ليس هذا فقط، فالإنسان تتحدد أهميته بكونه رصيدًا للاستعمال، ليس فقط فى حياته حيث تحدد جيناته وصفاته الجسدية والعقلية بما يلائم الوظيفة المنوط به القيام بها، ولكن أيضًا بعد موته إذ تصير أجساد الموتى مصدرًا للفسفور. تعبر إحدى شخصيات الرواية؛ هنرى فوستر وهو أحد المُشبّعين بقيم المجتمع الجديد، عن أهمية ذلك بقوله: «كم هو رائع أن نبقى مفيدين حتى بعد موتنا، ونساعد فى نمو النباتات».
إن شعار الدولة الموحد «المجتمع والهوية والاستقرار» الذى يقوم على حمايته شخصيات مهيمنة تنمط العالم وتقضى على فردية الإنسان، ينجح فى تحقيق الاستقرار والانسجام لمجتمع تغذية قوة الاستهلاك ومبادئه لكنه بالمقابل يؤسس لحياة آلية يفقد فيها الإنسان إنسانيته.
العوالم المتصارعة
يؤسس هكسلى للتصارع بين عالمين ونمطين مختلفين من الفكر بزرع بذور الصراع والرفض عبر شخصيتى «هلموتز واتسون» و«برنارد ماركس»، والشخصيتان من فصيلة ألفا، فالأول يشعر بأن ثمة حاجة روحية لديه غير متحققة يريد أن يعبر عنها عبر الكتابة، أما الثانى، الذى يُروَّج لحدوث خطأ فى هندسته حينما كان جنينًا فى الزجاجة أدت إلى اختلاف سماته الفيزيائية والنفسية، فيرفض الحياة الآلية التى يحيا فى ظلها سكان العالم الجديد الشجاع ولا يؤمن بالمبدأ السائد «الجميع من أجل الجميع».
يصطدم ماركس، الذى هو بمثابة شخصية ضدية يُعبِّر حتى اسمها الذى يستدعى كارل ماركس عن توجه مضاد للتوحش الرأسمالى الاستهلاكى، بالأنماط المحددة ليكشف من خلال ذلك الاصطدام عن مثالب النظام المصمم بدقة وبراعة. يريد كل من ماركس وواتسون ألا يصيرا مجرد أكواد فى نظام الجماعة العام وأن يحيا وفقًا لما تمليه عليهما فرديتهما.
ومع ذلك، فالصدام الأكبر يتحقق بمعاينة عالمين مختلفين ومتضادين تمامًا؛ العالم الجديد الشجاع المصمم بنظام صارم والمحكوم بالتقنية بكل ما تقدمه من جوانب إيجابية وأخرى سلبية، والعالم «البدائى» الذى لا يعرف شيئًا عن «الحضارة» والذى ما زال يحيا وفق قواعد العالم القديم. يتحقق اللقاء والاصطدام بين أفكار عالمين من خلال رحلة يقوم بها ماركس مع «لينينا» إلى محمية سافاج وهناك يلتقى جون البدائى وأمه ليندا، التى عاشت شبابها بالعالم الجديد غير أنها وأثناء رحلة مع توماكين، المدير بمركز التفريخ، حملت بجون وضلت طريقها وسط الجبال ولم تتمكن من العودة إلى العالم الجديد.
يظهر التباين بين العالمين وفى الآن ذاته مثالب العالم الجديد الشجاع حين ينتقل جون مع والدته إلى لندن حيث يشعر بالاشمئزاز من الآلية التى تحكم كل شىء، ويتجسد ذلك جليًا حين يُعجب بـ«لينينا» فيصير أمام حقيقة أن لا مشاعر لديها وأنها لا ترى ذاتها سوى «قطعة من اللحم». فيظهر اختلاف فهم كل منهما لما ينبغى أن تكون عليه علاقتهما، فهو يرى أن عليه أن يفعل شيئًا لينال ثقتها، أن يشيخا معًا وينجبا الأطفال، أما هى فلا ترى سوى أنه يمكنهما إقامة علاقة جنسية فقط لأنهما يريدان ذلك.
يعزز هكسلى عبر منظور «جون البدائى» حقيقة اللا إنسانية التى يحيا فى كنفها العالم الجديد، فجون الذى يترنم بعبارات حفظها من أعمال شكسبير على مدار حياته، تفجعه حقيقة برود العالم الجديد الذى يعتبر الأدب من مخلفات العالم القديم ولا داعى لاستدعائها، والذى يؤمن بأن الكتب قد تجعل الناس يتساءلون عن العالم من حولهم وهو ما يخالف الواجبات التى يتعين عليهم القيام بها.
هنا يحضر الأدب والفن المفعمان بالمشاعر الفياضة مقابل التقنية المحكومة بالقواعد الآلية الصارمة، وتبدو حرارة الحب وحميميته فى مواجهة العلاقات الجنسية العابرة واللذات الآنية سريعة الانطفاء، كما تأتى الأمومة التى باتت من ألفاظ العالم القديم المشينة فى مواجهة العلاقات النفعية والاستهلاكية. يصير ما أطلق عليه «بدائية» فى مواجهة ما يسمى «الحضارة»، ويُقيّض للقارئ أن يفكر فى المغالطات والتحيزات التى تحملها تلك الثنائية الزائفة.
لقد أدرك هكسلى فى كتابه اللاحق «العالم الآن» كيف استحال كابوسه المتخيل إلى حقيقة، وأن المجتمع الغربى رغم تقدمه الهائل صار مقوضًا للصحة العقلية والأمن النفسى بعد أن دفع الإنسان إلى مصير الآلة. فقال: يبدو أن القوى المجردة والتى يظهر أن لا سيطرة لنا عليها تقريبًا تدفع بنا جميعًا نحو اتجاه كابوس على شاكلة عالم جديد شجاع، ويتم تسريع هذا الدفع المجرد بطريقة مقصودة من قبل ممثلى المنظمات التجارية والسياسية التى وضعت عددًا من التقنيات الجديدة للتلاعب بأفكار ومشاعر الحشود وذلك لمصلحة أقلية ما. لقد أدت التكنولوجيا الحديثة إلى تركيز القوة الاقتصادية والسياسية وتطوير مجتمع تسيطر عليه الشركات الكبرى والحكومة الكبرى.
لا يزال عمل هكسلى الكلاسيكى صالحًا حتى اليوم لدفع القراء نحو رؤية التهديدات التى يحملها لنا التقدم التقنى المتعاظم، فمع شمس كل يوم جديد يجد العالم أمامه مفاجأة جديدة من المفاجآت التقنية، وفى خضم النقاشات المتواترة بشأن التطورات الأخيرة بالذكاء الاصطناعى، يمكن لرواية «عالم جديد شجاع» أن تمنح العالم فرصة للتفكير فى الأخلاقيات التى سيصير عليه التفكير بها كى يحافظ على ما تبقى من إنسانيته.