وقائع اغتيال معلن «4».. تشويه تراث سلامة موسى عمدًا
- تعرض لمجزرة حقيقية عند الناشر وخضع لرقابة شديدة وذلك لأسباب رجعية وربما عنصرية
لم يقتصر أمر استبعاد وإقصاء سلامة موسى عن أشياء كثيرة لها حضور ثقافى وفكرى واجتماعى وأدبى، مثل مجمع اللغة العربية، أو المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب، بل لم يقتصر كذلك الأمر على تكثيف الهجوم عليه، والحملات الجماعية التى تتهمه بأفظع الاتهامات، فضلًا عن السب المعلن على صفحات الجرائد والمجلات والكتب، ذلك السب الذى يعاقب عليه القانون، ولأن سلامة موسى لم يكن يأبه بكل ذلك، وكان هدفه الوحيد ألا ينجح أحد فى تعويق ما نذر نفسه له فى تأدية رسالته الفكرية والثقافية والاجتماعية والوطنية، فى بلد أصيب بكثير من أشكال التآمر والاحتلال المتعدد، وبالفعل لم يتوقف عن تأدية واجبه فى أحلك الظروف، وفى ظل أعتى الحملات التى كانت تحاك ضده، وفى تشويه منجزه، وفى التفتيش المخزى فى نوايه، وكان يعتبر ذلك نوعًا من الصغائر التى يلجأ إليها العجزة والفاشلون والخصوم الدائمون.
أقول إن الأمر لم يقتصر على محاولات الإقصاء والاستعداء العمدى، ولا على السب والقذف والحملات الجماعية شبه المنظمة أو المدبرة مثل فخ يوسف السباعى الذى أشرنا إليه فى فصل سابق، لكن انتظر خصوم سلامة موسى رحيله عام ١٩٥٨، ليلعبوا لعبة جديدة، وهى تشويه تراثه ومنجزه، بداية من الجريمة التى حدثت فى كتاب «الصحافة فن ورسالة»، وتحميله بعض أحاديث لم يكتبها، وصولًا إلى حذف متعمد لفصول كاملة من كتب صدرت فى عقود سابقة، وللأسف لا يأبه الناشر بأن يشير إلى ذلك الحذف، لأنه يدرك تمامًا بأن ذلك الحذف سوف يثير قدرًا من التساؤلات، وربما يدفع القارئ أن يبحث عن تلك الفصول فى مصادر أخرى، أى فى الطبعات القديمة للكتب، أو فى المجلات التى كان ينشر سلامة موسى فيها مقالاته، مثل مجلات الهلال والمقتطف والمجلة الجديدة، وغيرها من مطبوعات عديدة، وبذلك التجاهل الذى يفعله الناشر يكون قد فعل أمرين متنافضين، الأول التظاهر بالديمقراطية، لأنه نشر لسلامة موسى، ذلك المستبعد، وربما المستهجن من قطاعات ومؤسسات رجعية كثيرة، وبهذا ينال التصفيق الحاد الذى ينتظره حتمًا من قطاعات أخرى، وفى الوقت نفسه يرتكب الناشر فعلًا مشينًا وغير ديمقرطى إطلاقًا، وهو حذف فصول كاملة من الممكن أن تثير بعض الرجعيين عليه، وهكذا يكون قد ضرب عصفورين تجاريين بحجر واحد، ولكن السؤال الذى يتبادر إلى الذهن هو: لماذا يلجأ الناشر إلى إعادة نشر كتابات سلامة موسى، طالما أن هناك تحفظات على بعض تلك الكتابات؟ الإجابة بسيطة، وهى أن سلامة موسى أصبح مطلوبًا لدى قطاعات وتيارات واسعة من القراء، رغم ذلك التعتيم الإعلامى الواسع مع سبق الإصرار والتعمد، ومن ثم فهو مربح على المستوى التجارى، وكتاباته مطلوبة طوال الوقت، وهو الكاتب والمفكر والمثقف الوحيد الذى كان يناقش أمور الأدب والثقافة والعادات الاجتماعية مقترنة بالعلوم الطبيعية، بعيدًا عن الشقشقات اللغوية والمجازية، ونستطيع أن نقول المثل الشعبى الشهير، وهو «لا بحبك، ولا بقدر على بعدك»، وبالتالى فالناشر خاصًا كان، أو رسميًا، فعل تلك اللعبة الشيطانية التجارية، وهى نشر كتابات سلامة موسى، ولكن بعد أن تخلص من بعض شرورها من وجهة نظره، وسوف نبدأ بكتاب مهم وخطير، وليس من باب المجاز والمبالغة أن نصفه بالمهم والخطير.
فى عام ١٩٤٤ صدرت طبعة ثانية من كتاب «مختارات سلامة موسى» عن المطبعة العصرية، الذى صدرت طبعته الأولى فى يناير عام ١٩٢٥، وحينذاك كتب الناشر «إلياس أنطون إلياس» مقدمة تدشينية فى التعريف بالكاتب والكتاب، رغم أنه كان معروفًا، ولكن المقدمة جاءت كتأكيد على بعض سمات فى كتابات سلامة موسى، ولا بد أن ننوّه إلى أن كثيرًا من الناشرين قديمًا لم يكونوا مجرد تجار فحسب، لكنهم كانوا يقومون بأدوار وطنية وفكرية وثقافية وأدبية راقية وواعية، يقول الناشر فى استهلاله لمقدمة الكتاب فى ١٩٢٥: «منذ نحو أربعة عشر عامًا، ظهر فى عالم الأدب كاتب عصرى جرىء، لفت إليه نظر جميع قراء الصحف والمجلات، سواء منهم الموافقون والمخالفون له، وهذا الكاتب هو الأستاذ سلامة موسى صاحب هذه المقالات المجموعة فى هذا المجلد، وهو منذ ذلك الوقت لم تتغير نزعته، فهو الآن كما كان وقتئذ، ينزع إلى الرأى الجديد، وتستهويه النظريات حتى تكاد كل مقالة من مقالاته تحتوى على نظرية خاصة، وليس معنى هذا أنه لم يتطور فى هذه المدة الطويلة، فإن أثر هذا التطور ظاهر فى أسلوبه وأفكاره فى هذه المقالات، وإن كانت جميعها مطبوعة بطابع شخصيته الأولى..»، ولا أريد أن أسترسل فى مقدمة الناشر الجميلة والممتعة والمفيدة، التى تم إعدامها فى الطبعة التى صدرت فى مكتبة المعارف ببيروت عام ١٩٦٣، وأخذت عنها كثير من دور النشر الأخرى، وسوف نؤجل الآن عرض مقدمة سلامة موسى نفسه للكتاب، التى تم حذفها وإعدامها أيضًا فى كل الطبعات التى صدرت للكتاب فى بعض دور النشر.
ولكننى أود مناقشة ما جاء فى كثير من الصحافة المصرية التى كانت تتعامل مع سلامة موسى، بطريقة الإعلان عنه، ولكن بطرق لا تجعل منه بطلًا، ولا مفكرًا ذا توجه مقبول، وكانت تلك السنوات التى تلت ثورة ١٩١٩ قد أفرزت نتاجًا فكريًا وثقافيًا وبارزًا على نطاق واسع، وكان من أعلام تلك المرحلة كما هو معروف كثيرون، على رأسهم د. محمد حسين هيكل الذى كتب رواية «زينب»، والتى فتحت باب الريادة المصرية لذلك النوع من السرد المتأثر بالحالة الجادة الأدبية فى أوروبا، ولم يكتف هيكل بروايته تلك، بل إنه كتب سلسلة دراسات ومقالات عن كثير من الأعلام الأوربيين والمصريين، وكذلك الدكتور طه حسين الذى سافر إلى باريس، وحصل على أعلى الشهادات من هناك، وعاد ليقوم بذلك الدور البارز فى التعريف بالكتّاب والأدباء الذين صاغوا الوجدان الأوروبى، وأصدر فى ذلك المجال سلسلة كتب منها «آلهة اليونان» عام ١٩١٩ وقادة الفكر عام ١٩٢٥، والذى تناول فيه علامات على طريق الفن والأدب والفكر مثل سقراط وهوميروس وأفلاطون وغيرهم، ولا نستطيع أن نرصد كل الجهود التى قامت بها كوكبة من الكتّاب والمفكرين، مثل منصور فهمى وإسماعيل مظهر وأحمد لطفى السيد، ولكن ما أستطيع قوله وأؤكد عليه أن سلامة موسى كان بارزًا فى ذلك المجال، ولكن بطريقة جذرية، لم تستطع الذائقة الفكرية والثقافية تحملها أو استيعابها فى ذلك الوقت، حتى لو كان بعض هؤلاء من الكتّاب الطليعيين الكبار.
وعلى رأس هؤلاء الدكتور طه حسين، الذى كتب مقالًا فى جريدة السياسة، بتاريخ ١٢ يناير ١٩٢٥، وخصصه لمناقشة كتابين، الكتاب الأول كان «مختارات سلامة موسى»، أما الكتاب الثانى فهو «مطالعات فى الأدب والحياة» للأستاذ عباس محمود العقاد، وسوف يلاحظ القارئ أن طه حسين تعامل مع الكاتبين بحالة من التمييز، ولكننى أستبعد تمامًا عن الدكتور طه حسين ذلك النزوع العقائدى الكريه الذى كان يتسم به آخرون، ولكن يشعر القارئ لمقال طه حسين، بغيرة ما لدى طه حسين، وربما يكون اختلافًا حقيقيًا، والمقال منشور فى كتاب «حديث الأربعاء» الجزء الثالث، لكى يطلع عليه القارئ بنفسه، ويستنتج ما كان يلم بطه حسين، وفى اعتقادى أن طه حسين كان «يضرب ويلاقى» فى المقال، يمدح من حيث يذم، ويجد من حيث يسخر، ومن الطبيعى أن تلك الطريقة تشتت القارئ، فطه حسين لا يريد أن يعطى اعترافًا كاملًا بأن سلامة موسى واحد من هؤلاء الذين يصوغون وجدان الناس، وهذا الأمر لا يأتى عبر اعترافات كاتب أو مفكر أو باحث، لأن القراء البعيدين عن أى شىء من هذا، صنعوا ذلك بفطريتهم البكر، وبعد لف ودوران عهدناه فى كتابة طه حسين فى تلك المرحلة يقول: «أعترف بأنى قضيت ساعات لذيذة جدًا مع الأستاذين سلامة وعباس محمود العقاد، وأنا لا أعرفهما، ولم أتحدث إليهما قط فيما أذكر، ولكنى مع ذلك أحمد هذه الساعات التى قضيتها معهما...»، ويسترسل كثيرًا طه حسين فى وصف لذة ما تلقى به الكتابين، والوقت الممتع الذى قضاه معهما، وعندما ترك حالة وصف تلقيه للكتابين، كتب يقول: «.. وأنا أعلم حق العلم أن الناس جميعًا سيقبلون منى ما أقول فى الأستاذ سلامة موسى مهما يكن، لأن الأستاذ سلامة ليس من أصحاب الألوان السياسية الظاهرة، فقد يكون سعديًا، وقد يكون حرًا دستوريًا، وقد يكون وطنيًا، بل قد يكون اتحاديًا، ولكنه على كل حال لا يعلن رأيه السياسى، أو لا يتكلف إعلانه..»، هكذا يستطرد الدكتور طه حسين فى تصنيف سلامة موسى، ويعطى تمهيدًا بأنه سيقول ما لا يعجبه فى الكتاب، غير آبه برد فعل القراء، لأن القراء لا يهمهم سوى الذين ينتمون إلى الأحزاب التى أشار إليها الدكتور، وهذا عكس ما قدم به عباس العقاد، والذى اعترف بأن له شأنًا آخر، «ذلك لأن الأستاذ عباس العقاد من أصحاب الألوان السياسية، ولكنى أعترف بأنى خائف ومتهيب، لأنه مهيب ومخوف، فلأكن شجاعًا، ولأهجم على كتاب الأستاذ فى ثبات وأمن..»، ولا أريد أن أستطرد فى تلك النقطة، ولكن الدرس الذى نستفيده من تلك الواقعة، أن الكاتب الذى يتكئ إلى ظهير سياسى حزبى، يخشاه الكتاب، ويخشون جمهوره وقراءه، لأن الحياة آنذاك كانت منقسمة إلى قطاعات سياسية، أما الذين ليس لهم ذلك الظهير السياسى مثل سلامة موسى، فلك أن تتحدث عنه كما تشاء، وهذا اعتراف من طه حسين بذاته فى تلك الفترة التكوينية ما بعد ثورة ١٩١٩، قبل أن يأخذ طه حسين مكانته الكبرى كمفكر وأديب وأستاذ جامعة، وقبل أزمته فى كتابه المثير «فى الشعر الجاهلى»، الذى تخلى عنه كثيرون، وكان أحد الذين وقفوا معه بقوة هو سلامة موسى، الذى أجرى معه حوارًا فى مجلة الهلال عام ١٩٢٨، كما فعل ذلك أيضًا مع الشيخ على عبدالرازق، وسوف ننوه عن هذين الحوارين النادرين فى حلقات قادمة.
يقول طه حسين- مستخفًّا-: «.. أريد أن أتكلم عن سلامة موسى أولًا، ولن أتكلم عنه كثيرًا، لأنه ليس فى حاجة إلى كلام كثير، فهو ساذج سهل خفيف الروح محبب إلى النفس، شديد البغض للتكلف، قليل الحظ منه، أو ليس له منه حظ ما..»، ثم «.. إنه شديد الخصب، لأنه كثير القراءة، وأحسبه مسرفًا فيها..»، ويظل الدكتور طه حسين يصف سلامة موسى، وطريقته فى القراءة، وفى تنوعها، وهو كثير الاستفادة من تلك القراءات، وبعد سلسلة عبارات فى المديح العام، ينتقل طه حسين إلى لهجة أخرى، وهذه طريقته فى الكتابة آنذاك، وكأنه فى حالة نزال مع غريم أو صديق أو زميل، فيقول فجأة: «.. ولكنى أريد أن أكون حرًا، ولن يكره منى الأستاذ سلامة موسى أن أكون حرًا معه، فالمثقف حقًا يحب الحرية ولا يكرهها، وأنا أشهد أنه مثقف حقًا، وإذن فأنا أستبيح لنفسى أن أكون حرًا فى نقده»، هنا يبدأ طه حسين- بعد تمهيدات ناعمة- فى نقد سلامة موسى، فينقلب كل ما كان مديحًا وتقريظًا، إلى عناصر سلبية كما يقول: «يخيل إلى أنه يسرف فى القراءة- وهو قال ذلك بإسراف قبل ذلك، باعتباره ميزة- ويخيل إلى أن إسرافه فى القراءة هذا يحمله على الإسراف فى الكتابة، أى يحمله على تناول موضوعات لم يتقنها ولم يقتلها، لا أقول علمًا، وإنما أقول بحثًا وتفكيرًا، وأحسبه لو فكر فيما يعلم واصطنع الأناة فيما يكتب، لاستطاع أن يتجنب شيئًا من السخف يتورط فى مثله كبار الكتاب حين يجتنبون الأناة والروية فيما يكتبون»، إنها هجمة مفاجئة، وغير متوقعة، وتنسف كل العبارات التى أطلقها من قبل، لأنه سحبها فيما بعد، وحتى الاقتراب من نهاية المقال، لم يكن طه حسين قد تعرض لأى شىء من الكتاب، ذلك الكتاب الذى تجاوزت موضوعاته الأربعين، حتى ما جاء فيما بعد، فإنه يدلّ على شىء أخطر، وهو أن طه حسين لم يقرأ من الكتاب سوى المقدمة، وأرجو أن يراجعنى القارئ الكريم فى ذلك، ونحن على مشارف قرن من صدور الكتاب، والكتاب عنه، بل أقول إن طه حسين لم يقرأ المقدمة التى حذفت فيما بعد كاملة، بل قرأ واقتبس من المقدمة فقرة واحدة، وراح يهيل عليها سلسلة من الهجمات، تقول الفقرة التى اقتبسها الدكتور طه حسين: «إن المصريين القدماء فكروا فى الموت كثيرًا، وتحدثوا عن الموت كثيرًا، وهذا حق لا شك فيه»، ويعلق طه حسين: «ولكن الذى لا أستطيع أن أفهمه، ولن يستطيع الأستاذ أن يفهمه إذا خلا لنفسه هو قوله: «إن تفكر المصريين فى الموت كثيرًا وذكرهم للموت كثيرًا، قد استتبعا هذه النتيجة الغريبة، وهى أن الأمة المصرية ماتت موتًا لم تمته أمة أخرى، ففقدت استقلالها ألفى عام»، ويستطرد طه حسين معلقًا وشبه معنف: «.. هذا إسراف فى القول، ولعب بالألفاظ، فقد تكون الأمة المصرية نامت، ولكنها لم تمت، وليست العاطفة الوطنية ولا تملق الجماهير هو الذى يحملنى على أن أنكر أن الأمة المصرية قد ماتت فى عصر من عصورها، فأنا شديد المقاومة فى العلم للعواطف الخاصة على اختلافها، وأنا قليل الاكتراث لعواطف الجماهير وأهوائها، ومع ذلك أعتقد أن الأمة المصرية لم تمت قط، وهى لم تفقد استقلالها ألفى عام، ولئن كانت قد فقدته حينًا أو أحيانًا إنها لم تنسه قط..»، وراح طه حسين يبنى نقده على الكتاب كله، على تلك الفقرة التى اقتبسها طه حسين بعناية، ورغم ذلك فهى تحتاج إلى مناقشة مستفيضة، لأن سلامة موسى نفسه قدم فى المقدمة المحذوفة فيما بعد أدلة وبراهين..»، ويأتى فى تضاعيف المقال الذى ناقش فقرة واحدة من الكتاب بجملة يقول فيها طه حسين: «.. قد أفهم أن يلهو الكاتب ويداعب الفن، ولكنى أريد أن يكون الكاتب حريصًا، لأنه وإن كان يكتب لنفسه، فالناس يقرأون ما يكتب، وهم لا يفهمون ما يفهمه، ولا يقدرونه كما يقدره، وإذن فشىء من الاحتياط لا بأس به»، ولا يتخلى طه حسين عن مفردة الإسراف التى تحولت من ميزة إلى عيب، عندما يقول فى نهايات المقال: «.. وهو مسرف فى ازدراء الأدب العربى القديم والغض منه»، وهذا لأن سلامة موسى قد تطرق فى المقدمة إلى وصف العصور المنحطة فى الأدب العربى على مدى تاريخه الطويل، وهذا منذ العصر العباسى حتى العصر الحديث، وهذه وجهة نظر قد ثبتت صحتها فيما بعد، وكل ما يستطيع المرء أن يستكشفه من ذلك المقال، أن طه حسين ظلم سلامة موسى ظلمًا واضحًا فى جانبين، الجانب الأول هو تخطى سلامة موسى فى مقولة موت المصريين أو غفوتهم أو نومهم، ومن الممكن أن يكون دافع الوطنية العالى والنقى دون تحزبات عند سلامة موسى، هو الذى فرض ذلك المجاز، الجانب الثانى هو أن طه حسين لم يناقش سوى فقرة واحدة من مقدمة الكتاب، وأهمل باقى الذى تجاوز الثلاثمائة صفحة.
ذلك الكتاب الذى تعرض لمجزرة حقيقية عند الناشر، وخضع لرقابة شديدة، وذلك لأسباب رجعية، وربما عنصرية، وربما تجارية، ولكنها تضر بذلك التراث العظيم الذى ما زال مؤثرًا حتى الآن رغم استبعاده والهجوم المتكرر عليه عبر أكثر من ستة عقود من الزمان.ش