الإثنين 16 سبتمبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

وقائع اغتيال معلن «2».. يوسف السباعى ينصب فخًا محكمًا لسلامة موسى

يوسف السباعى
يوسف السباعى

- آراء سلامة موسى كانت صادمة فى الأدب ولا ولم يخش الإعلان عنها فى أى وقت

ما أشبه اليوم بالبارحة، بل ما أشبه جميع مراحلنا التاريخية ببعضها البعض، فلو تأملنا حال الكتّاب والمثقفين والمبدعين فى شتى مجالاتهم، سنجد أن بعضًا من هؤلاء المبدعين أو الكتّاب يتكتلون حول كاتب أو باحث أو مفكر أفنى حياته فى سبيل الحق والحرية والتقدم، وهذا الأمر تعرض له الدكتور طه حسين، وعلى عبدالرازق، وأحمد لطفى السيد، وعباس العقاد، وزكى مبارك، ومى زيادة، وسلامة موسى، وغيرهم، ولم تتوقف الأمور عند شخصيات ثقافية مرموقة، بل تجاوزت ذلك لكى تتعرض لتيارات فكرية أو أدبية، مثلما تعرضت مدرسة أبوللو لأشكال من الهجوم واسع النطاق، ثم مدرسة الشعر الحر منذ منتصف عقد الأربعينيات.

سلامة موسى

إنها آفة مصرية-وربما عربية أيضًا- تعمل بجدارة، وبإتقان وتخطيط، عندما يعلو نجم أحد الكتّاب عن المعدل المرصود له، فيصبح ذا حضور طاغ ومؤثر، فيعتقد هؤلاء الكسالى والعجزة والفاشلون أن ذلك الكاتب سيمنع عنهم أى حضور، فمجرد أن يقوم خلاف بين كاتب متحقق، وذى مكان ومكانة وشأن وإنتاج وإبداع، وبين كاتب آخر دون ذلك تمامًا، تقوم معركة طاحنة، ويتم تجنيد بضعة صبيان لا ذكر لهم، وكل ما يحلمون به، أن تتردد أسماؤهم، وسرعان ما ينسحب الكاتب صاحب الإنتاج والإنجاز الأدبى والفكرى، عندما يدرك أن تلك المعارك المفتعلة، مجرد مؤامرات يصنعها أحد الخصوم، ولا يلوث يديه، ولكنه يسعى لتوفير كل أشكال الدعم لصبيته، ويدرك أيضًا أنها معارك لا ولن تجلب له سوى الصخب المعطل والمعوّق لإنجازه، فينتبه لكتاباته وإبداعه، وهذا هو الأهم، حيث إن مجال التأثير لأى كاتب، غالبًا ما يتعرض لبعض هزات من أثر تلك المعارك الفارغة، والتى تستخدم فيها جميع الأسلحة القذرة، ولا يواصل الكاتب صاحب الإبداع المؤثر المشاركة فى ذلك العبث إلا إذا تطلب الأمر تدخلًا حاسمًا، فهنا يرفع الكاتب شعارًا قديمًا يقول: «كتب عليكم القتال»، وذلك إذا كان الأمر يحتم ذلك التدخل، وهذا ما كان يفعله دكتور طه حسين، وعباس العقاد، وسلامة موسى، على وجه الخصوص، رغم أن ثلاثتهم كانوا على خلاف فى كثير من ثقافتهم وتوجهاتهم وخلفياتهم وأهدافهم التكتيكية والاستراتيجية، ولأن هؤلاء الثلاثة «العقاد، وطه حسين، وسلامة موسى»، كانوا معنيين بتقديم ثلاثة أشكال من الثقافات، العقاد كان معنيًا بتقديم الثقافة الإنجليزية، وطه حسين كان معنيًا بالثقافة الفرنسية، أما سلامة موسى كان معنيًا جدًا بالثقافة فى توجهاتها الأيديولوجية الاشتراكية، ولكن فى شكلها الفابى، ذلك الشكل الذى كان يقوده ورسم ملامحه الكاتب الأيرلندى، وأزعم أن سلامة موسى هو الأول الذى كان حريصًا على تقديم ما يميزه من الكتّاب، فى الوقت الذى كان طه حسين ما زال مشغولًا بالثقافة العربية فى كل مجالاتها، وكذلك كان العقاد، ولكن مقالات سلامة موسى جاءت مبكرة، ففى العدد الصادر فى فبراير ١٩١١ من مجلة المقتطف ص ١٤٦، كتب مقالًا عنوانه: «كتب أوروبا ومكاتبها»، كتب فى مستهله: «أول ما يتوجه إليه نظر الشرقى إلى أوروبا هو مبلغ المطبوعات، وكثرة المكاتب، ولا يدل على ذلك أكثر من الأعداد التى يراها القارئ هنا، ونحن نكتب ذلك ليتمثل أغنياؤنا بأغنياء أوروبا، وفتح المكاتب المجانية، واستحثاثًا للحكومة على مساعدة المؤلفين كما تفعل الحكومات الأوروبية..»، وفى ذات المقال رصد سلامة موسى فى جدول أو قائمة كثيرًا من المطبوعات الأدبية والفكرية واللاهوتية فى أمريكا وإنجلترا على سبيل المثال، وكان يرى أننا من الضرورى أن نتمثل بتلك التجارب فى الفكر والثقافة، وهكذا كان دأبه منذ أن كتب ونشر مقاله الأول فى مجلة المقتطف عام ١٩٠٩ تحت عنوان «نيتشه وابن الإنسان»، كما أنه نشر كذلك كتابه الأول «مقدمة السوبرمان»، كذلك نشر كتابه الثانى «الاشتراكية» عام ١٩١٢، وفى الكتابين أبان بكل وضوح- كما سنوضح بالتفصيل فى حلقات مقبلة- توجهاته نحو تحقيق الاشتراكية، فى الوقت الذى لم تكن قد قامت فيه أى ثورة اشتراكية، وأن كتابًا عنوانه الاشتراكية يصدر فى مصر، فذلك كان حدثًا، وأوضح كذلك أنه لا يكتب ذلك من أجل ثورة اشتراكية فى بلادنا فى القريب العاجل، أو من أجل قيام حزب اشتراكى فى الحال، وذلك لأن الظروف الموضوعية فى بلادنا لا تسمح فى ذلك الوقت، أى عام ١٩١٠، أن يحدث ذلك، ولكنه كان شديد الإيمان بأن مستقبل العالم كله يتجه نحو الاشتراكية.

فى عام ١٩١٤ أنشأ وأصدر أول مجلة أسبوعية وهى مجلة المستقبل، وبالطبع لا نحتاج إلى العوامل التى دفعته لاختيار ذلك العنوان، ووقفت بعد ستة عشر عددًا بعدما اعترضت عليها الرقابة، وظل يكتب فى مجلات المقتطف والهلال، حتى أن جاء عام ١٩٢٠ وأسس مع آخرين أول حزب اشتراكى فى مصر، وقد ألغاه وحله سعد زغلول باشا عام ١٩٢٤ عندما كان رئيسًا للوزراء، وفى نوفمبر ١٩٢٩ أسس مجلة «المجلة الجديدة»، وراح يضع فيها كل أفكاره التى سنتحدث عنها لاحقًا، كما أسس وأنشأ عام ١٩٣٠ مع مجموعة من الوطنيين المصريين جمعية «المصرى للمصرى»، وذلك لتشجيع التصنيع المصرى، ومقاطعة البضائع الاستهلاكية الأجنبية، وظل سلامة شوكة فى حلق الرجعية، والقصر، والاحتلال الإنجليزى، حتى تولى إسماعيل صدقى باشا الحكم عام ١٩٤٦، وأراد أن ينكل بخصوم وأعداء الاستعمار والإقطاع والسراى، وعرقلة الثورة الوطنية المصرية، فقبض على مئات الأحرار، وفى مقدمتهم الدكتور محمد مندور، وسلامة موسى، ومحمد زكى عبدالقادر، وتم تلفيق قضية كبرى تحت عنوان عريض، وهو «قضية الشيوعية الكبرى»، ورغم أن سلامة موسى كان ضالعًا فى المطالبة بالتقدم والحريات، وذلك كان يثير حوله عداء الجهات سالفة الذكر، إلا أنه كان مرمى هدف أيضًا للكتاب والمبدعين المصريين فى ذلك الوقت، لأنه كان يعمل على أرض أخرى، وهم لم ينسوا له اشتراكيته التى لم يتخل عنها أبدًا، حتى بعد قيام ثورة يوليو، وعمل فى مؤسسة أخبار اليوم، لم ينل الرضا الذى لحق بآخرين من أقرانه مثل عباس العقاد ودكتور طه حسين ومحمود تيمور وتوفيق الحكيم وغيرهم.

بعد قيام ثورة يوليو تم تشغيل وتسكين كثير من كتّاب العهد الماضى فى صحف ومجلات ومؤسسات حكومية، وكان من نصيب سلامة موسى أن يعمل مع على ومصطفى أمين فى جريدة الأخبار، ولكنهما كانا يمارسان عليه نوعًا من بعض المضايقات كما يوضح نجله رءوف فى كتابه «سلامة موسى.. أبى»، وقد رصد فيه سلسلة متاعب كان يعانيها فى المؤسسة، وهذا دليل على عدم استيعاب العهد الجديد لما يطرحه سلامة موسى، وكان يوسف السباعى فى ذلك الوقت مهندس الثقافة الرسمية المصرية، وكان الآمر الناهى فى كثير من الكيانات الثقافية، مثل نادى القصة، والمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب، بالإضافة إلى أنه كان يرأس تحرير مجلة «الرسالة الجديدة»، وهى لسان حال الثقافة الرسمية، أو ثقافة ثورة يوليو آنذاك، ففى العدد الرابع الصادر فى يوليو عام ١٩٥٤، أى منذ سبعين عامًا بالتمام والكمال، كلّف يوسف السباعى، عبدالعزيز صادق أن يجرى حوارًا مع سلامة موسى، وهما يعرفان- السباعى وصادق- أن آراء سلامة موسى كانت صادمة فى الأدب، ولا ولم يخش الإعلان عنها فى أى وقت، وقدّم المحرر الحوار بكلمة ذات مغزى جاء فيها: «كثيرًا ما قرأت له ذكرياته وتعليقاته، ولكنى لم أكن قد رأيته فى حياتى قط، فلما سعيت إلى لقائه، كنت أتخيله رجلًا رسمت له فى ذهنى صورة عجيبة!، صورة مدرس التاريخ الذى يقص علينا الأحاديث (الحواديت) فى المدرسة، ولست أدرى لم رسمت له فى ذهنى هذه الشخصية، رغم أن شخصية الرجلين متناقضتان تمامًا، فأنا أعتقد أن سلامة موسى رجل متحرر تقدمى، بينما كان مدرس التاريخ رجلًا متزمتًا رجعيًا لا يؤمن إلا بالقديم العتيق، الذى ينبعث من كتب التاريخ التى كانت مصدر أحاديثه وحواديته، وأخيرًا أتاحت لى الظروف لقاء الرجل..»، وراح المحرر يسأل سلامة موسى أسئلة مغرضة، والرجل يجيب بكل وضوح وبساطة وشجاعة، فسأله عمن يعجبه من أدباء العصر الحاضر، فقال له: لا أحد، وعندما سأله عن السبب، قال له إن الأدب منفصل عن الحياة، لأن الحكومات الظالمة السابقة، كانت قد حرمت هؤلاء الأدباء حرية التعبير عن أنفسهم وعن قضايا مجتمعهم، وظل الأدب نخبويًا يحلق فى آفاق بعيدة، «.. ولأن طبيعة الحياة التعسة التى كان يعيش فيها فقراؤنا كانت تحتم على الأدباء الذين كانوا يحسون بها أن ينضموا إلى هؤلاء التعساء...»، ويسترسل سلامة موسى فى توضيح وجهة نظره بأن الأدب لا بد أن يكون معبرًا عن الحالة الاجتماعية للناس دون أى حذلقات أو انحرافات لغوية، ومن ثم كان يقول رأيه بوضوح، فى كل شىء دون أى تنازل أو مجاملة، للدرجة التى سأله المحرر عن رأيه فى بعض الكتّاب، وهذا ليس مهنيًا فى الصحافة، والأنكى من ذلك سأله المحرر عن رأيه فى يوسف السباعى، رئيس تحرير المجلة التى ينشر فيها الحوار، وهذا ليس لائقًا، وأبدى سلامة موسى رأيه فى السباعى، وكان المحرر خبيثًا، فدس اسم السباعى بين نجيب محفوظ وعبدالرحمن الشرقاوى، واستثنى سلامة موسى نجيب محفوظ، وقال: إن لديه نبوغًا فى كتابة الرواية، ويتمنى أن يستمر ذلك النبوغ، أما عن السباعى فقال: «.. أما من ناحية السباعى بالذات فإنى أوثر أباه عليه، أولًا لأنه كان صديقى، وثانيًا لأنه كان يقرأ بيرون وشيللى وكارليل، ولو كان السباعى الأب يعيش اليوم وطلب منه أن يكتب قصة كالتى تكتب هذه الأيام، لرفض كل الرفض، كما أرفض أنا أيضًا».

هذه ردود مقتضبة، ودالة، وصريحة، بل شجاعة، ومعبرة عن توجهات الرجل فى كل مجالات الثقافة، والقارئ للحوار سيدرك على الفور أنه لم يكن حوارًا، بل كان فخًا منصوبًا بعناية لتوريط سلامة موسى فى كثير من الكتّاب والمبدعين الذين كانوا يتربصون به، وكانوا يهاجمونه دون أى مناسبة، ولم ينتظر يوسف السباعى أن يقرأ المعنيون الحوار، وبالتالى يردون عليه العدد التالى، ولكنه سارع بالرد، وكأنه قائد فرقة موسيقية يقودها نحو لحن معين، لتقتدى به، وتسير على تلك الإرشادات التى يقوم بها، فقرأنا فى قلب الحوار رد السباعى فى «بوكس» بارز، يكاد يكون أبرز من الحوار نفسه، واختار له السباعى عنوانًا خبيثًا «كلام العيال»، فلا نعرف صفة العيال هذه تدل على سلامة، أم على الكتّاب الشباب، وراح فى ذلك المقال يقرّع سلامة موسى بالغمز واللمز والهجاء الملتبس، ويستهل السباعى مقاله بعد تمهيد صغير قائلًا: «.. لقد عايرتنى أولًا بصغر السن، ورميتنى بأنى كنت فى الرابعة أو الخامسة، وأنت فى الأربعين أو الخمسين، ولست أرى فى ذلك عيبًا أرمى به، ولا يضيرنى أن تكون خلقت قبلى بأربعين عامًا، اللهم إذا كنت تعتبر السبق إلى الوجود مدعاة للتفاخر، وهو شىء لا فضل لك فيه، ولا حيلة لى فى رده..»، وبعد سلسلة من التطاولات غير اللائقة، ينهى ما كتبه قائلًا: «وأخيرًا أرجو أن أكون قد أثبت لك أن العيال، يستطيعون مجاراة العواجيز، حتى فى الغرور وسلاطة اللسان»!!!، هذا كل ما كان يريده يوسف السباعى فى رده واستدراجه لقامة فكرية وأدبية مثل سلامة موسى.

ولم يقف الأمر عند تعليق يوسف السباعى فى العدد الذى نشر فيه الحوار، ولكنه فى العدد التالى استدعى كتيبة جبارة من الكتّاب، وأطلقهم على سلامة موسى دون أى اعتبارات، وكان أولهم عباس محمود العقاد، الذى بلغ من القسوة والتشويه درجة لا تليق به، ولا تليق بأى أحد، وعندما يسأله المحرر عن رأيه فيما قاله سلامة موسى، يرد قائلًا: «إنى لا أستطيع أن أبدى رأيى فى غير رأى، وما قاله سلامة موسى ليس تعبيرًا عن رأى، ولكنه تعبير عن حقد وضغينة وشعور بالفشل والتقهقر، وكل ما يهدف سلامة موسى إليه من حملاته على الأديب العربى هو تشويه الأدب العربى عامة، ورميه بالقصور والجهل وانحلال مجتمعه، والذنب الأكبر للأدب الغربى هو أن هذا الأدب عربى، وسلامة موسى ليس بعربى»، وعندما سأله المحرر عن موقع سلامة موسى بين أدباء العصر، رد العقاد قائلًا: «إن الأدباء يحسبون سلامة موسى على العلماء، والعلماء يحسبونه على الأدباء، والواقع أنه ليس أديبًا، ولا عالمًا، لكنه قارئ لبعض العلم، وبعض الأدب، فى بعض الأوقات، وما يفهمه أتفه مما لا يفهمه».

أما ما قاله الكاتب والمسرحى توفيق الحكيم: «إن سلامة موسى يتصدى للحكم على قضايا لا يملك أسباب التصدى لها، ويخيل لى أنه قد انقطع عن القراءة منذ ربع جيل على الأقل، فإنى كلما قرأت له، لمحت أثر تفكير القرن التاسع عشر فى اتجاهات فكره، والتفاتات ذهنه، إنه لا يزال يقيم فلسفته- إن كانت له فلسفة- على الاعتراف بالمادة، وإنكار الروح، ويحسب أن هذا أقصى ما وصل إليه الفكر الحديث..»، ويستكمل الحكيم: «كان أينشتاين يقول: إن الكون فى إطار، والله خارج الإطار، وقد قرأت له أخيرًا كلامًا عن الله جنح فيه إلى الاعتراف بالله، وتحدث عنه فى حذر وتهيب وخشية، وما قرأته لسلامة موسى منذ ثلاثين عامًا، لا يختلف عما أقرأه له اليوم، نزعة وأسلوبًا، واتجاهًا حادًا إلى إنكار كل شىء، والاستخفاف بكل شىء، ولست أدرى، لماذا تقيمون وزنًا لحكم سلامة موسى على ما يحمل التاريخ من آثار أدبائنا إلى الأجيال القادمة، وسلامة موسى على ما أظن ليس هو التاريخ، وليس هو الأجيال القادمة».

أما كامل الشناوى جاء لكى يجامل يوسف السباعى، ويهاجم سلامة موسى قائلًا: «إن سلامة موسى لم يدرس آثار هؤلاء الأدباء، ولم يقرأ لهم، حتى يستطيع أن يصدر حكمًا سليمًا، وما ذكره ليس رأيًا، وإنما هو كلام عام، وسلامة موسى أولع فى السنوات الأخيرة بالتعرض لموضوعات يستحيل عليه أن يفهمها فهمًا صحيحًا، فهو يتحدث عن الغزالى، والمعرى، وشوقى، وأبى نواس، والمتنبى، ويحاول جاهدًا فى الكتابة عنهم، والقارئ ليس فى حاجة إلى كثير من الفطنة لكى يدرك أن ما يكتبه سلامة موسى عن الأدب العربى قديمه وحديثه، شعرائه وكتّابه، يدل على أنه لا يعرف عن هذا الأدب عناوين كتبه، وأسماء أدبائه..»، ويسترسل الشناوى فى عملية تجهيل سلامة موسى، حتى يصل إلى جملة قاتلة، حيث يقول «سلامة موسى حاقد موهوب، يعبر بسهولة عن آراء غيره..»، غامزًا إياه بتأثره بالثقافة الغربية، ويدعو لها فى كل كتاباته، وهذا اتهام متعسف، وسوف نستعرض أركانه فى الحلقة القادمة إن شاء الله.

ولم تتوقف المذبحة عن تلك التجريدة التى شنّها يوسف السباعى فى مجلته، لمجرد أنه قال رأيًا لم يرض عنه، فشن تلك الحملة الظالمة، والتى اقتبسنا بعضًا من وقائعها، ولكنه- أى السباعى- استكتب عددًا من كتّاب آخرين، ورسائل فى البريد، هاجمت سلامة موسى، وكأنها حملة ممنهجة ومنظمة للتنكيل به، والإجهاز على كل ما أتى به، ولكن سلامة موسى، ظل شامخًا، وظلّت الأجيال تتداول كتاباته حتى الآن.