الجمعة 18 أكتوبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

أسرار الكنيسة الكاثوليكية وشيطنة «بوتين».. ماذا يقرأ العالم الآن؟

حرف

فى إطار عملها الصحفى والثقافى، تحرص «حرف» على استكشاف ومطالعة كل ما هو جديد فى ساحة النشر الدولية والإقليمية، فى توجه تنحاز إليه لتعريف القارئ المصرى والعربى بكل ما ينتجه العالم من معارف وثقافات وكتابات، أيًا كان نوعها ومجالها، طالما يصب فى صالح الإنسانية وتثقيف العقل البشرى.

وتخصص «حرف» هذه المساحة التى تحمل عنوان «ماذا يقرأ العالم؟»، لتعريف قرائها على المنتج الإبداعى الغربى، من خلال جولة فى أبرز المكتبات ودور النشر العالمية.

اليوم موعدنا مع رواية «Conclave»، التى تخترق أسوار الكنيسة الكاثوليكية فى الفاتيكان، وتكشف أبرز الأسرار المخفية لقيادتها، من خلال تسليط الضوء على عملية اختيار البابا، بجانب كتاب «Say It Well»، الذى يكشف من خلاله مؤلف خُطب باراك أوباما كيف تحول الرئيس الأسبق من طالب متلعثم إلى خطيب مفوه.

كما نُلقى الضوء على كتاب «Kingmaker»، الذى يكشف الكثير من الأسرار المثيرة حول باميلا تشرشل، زوجة ابن وينستون تشرشل، رئيس وزراء بريطانيا الأشهر، فضلًا عن رواية «Le Mage du Kremlin»، التى أرادت «شيطنة» الرئيس الروسى فيلادمير بوتين، فأدت إلى تعاطف الجمهور الغربى معه.

Conclave.. أسرار النسخة الكاثوليكية من «آيات شيطانية»

حظى فيلم «Conclave» أو «المجمع الباباوى»، عند عرضه فى مهرجان «تورنتو» السينمائى الدولى، الذى انتهت فعالياته فى ١٥ سبتمبر الجارى، بالكثير من الإشادة والاهتمام، فى ظل ما يكشفه من أسرار عن المجمع البابوى، والمجتمع السرى للكرادلة، والعملية الأخطر المتمثلة فى كيفية اختيار بابا الفاتيكان.

الفيلم الذى يُعرض للجمهور فى دور السينما العالمية، أواخر أكتوبر المقبل، من بطولة النجم رالف فاينس، الذى يجسد دور «الكاردينال لورانس»، وهو اسم مختلف عن اسم بطل الرواية المقتبس منها الفيلم، وهو «لوميلى».

والفيلم مقتبس عن رواية تحمل نفس الاسم، صدرت عام ٢٠١٦ عن دار «بنجوين راندوم هاوس»، من تأليف روبرت هاريس، الكاتب البريطانى الشهير بأعماله التى تتناول فساد السلطة، سواء الدينية أو السياسية، ما جعلها الأكثر مبيعًا حول العالم، بينما كتب سيناريو العمل السينمائى بيتر ستروجان، بالاشتراك مع مخرج الفيلم إدوارد بيرجر.

وتكشف الرواية التى اقترح النقاد قراءاتها قبل مشاهدة الفيلم تفاصيل عملية اختيار بابا جديد، بعد ٧٢ ساعة من وفاة البابا السابق، عن طريق «الكاردينال جاكوبو لوميلى»، الذى يُكلف بإدارة عملية الاختيار، بصفته «عميد مجمع الكرادلة»، لكنه يصطدم بمجتمع تسكنه الفضائح الجنسية والفساد المالى والإرهاب.

وخلال عملية اختيار بابا جديد، تبدأ الوجوه القبيحة فى الظهور من خلف الأقنعة، فخلف الأبواب المغلقة فى الفاتيكان يجتمع ١١٨ كاردينالًا من جميع أنحاء العالم للإدلاء بأصواتهم فى الانتخابات الأكثر سرية. وعلى الرغم من إنهم رجال «مُقدَسون»، لكنهم ليسوا محصنين ضد الإغراءات البشرية للسلطة والشهوة والجشع، وليسوا فوق القبلية والطائفية التى تفتك بالبشرية.

عنوان الرواية يأتى من الكلمة اللاتينية «Conclave»، ومعناها «المجمع المغلق»، والتى تحولت إلى مصطلح فى عالم الكنيسة الكاثوليكية يرمز إلى «الخلوة» التى يجتمع فيها الكرادلة لاختيار البابا الجديد، حيث لا يُسمح لهم بالتواصل مع العالم الخارجى حتى انتهاء عملية الاختيار.

وبدأت فكرة «المجمع المغلق» أو «المجمع البابوى» فى أواخر القرن الثالث عشر، بمرسوم من البابا جريجورى العاشر، كمحاولة لحماية عملية اختيار البابا الجديد من التدخل السياسى أو الاختراق الخارجى. وبعد أكثر من ٨٠٠ عام، لا تزال هذه الممارسة مستمرة، وإن كانت لا تزال السياسة تلعب دورًا كبيرًا فى الاختيار، كما كانت فى الماضى.

وتأخذ الرواية التى تتكون من حوالى ٣٠٠ صفحة القارئ إلى «مجمع مغلق» خيالى، يجتمع فيه الكرادلة من جميع أنحاء العالم داخل الفاتيكان، لانتخاب بابا جديد، بعد وفاة البابا السابق فجأة. ويتنافس كل من «الكاردينال الإيطالى تيديسكو»، و«الكاردينال الأمريكى بيلينى»، كمرشحين رئيسيين لمنصب «الحبر الأعظم»، فى إشارة إلى التنافس اليسارى واليمينى فى العالم حاليًا.

فبينما يقول «بيلينى» إنه تحت قيادته ستتخذ الكنيسة الكاثوليكية موقفًا أكثر تقدمية، يستخدم «تيديسكو» حالة العالم اليوم لإقناع زملائه بأن العودة إلى «الفكر المحافظ» بمثابة «عودة إلى النظام».

الرواية التى تخترق الكهف السرى للفاتيكان أثارت الكثير من الجدل، عند صدورها عام ٢٠١٦، لدرجة وصفها من قبل صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية بأنها النسخة الكاثوليكية من رواية «آيات شيطانية» لسلمان رشدى، لأنها تصور «مواجهة مثيرة بين التقاليد والسياسة والدين والجنس».

أما الفيلم المقتبس عن الرواية فيلعب فيه النجم رالف فاينس دور «الكاردينال لورانس»، والممثل سيرجيو كاستيليتو دور «الكاردينال الإيطالى تيديسكو»، والممثل ستانلى توتشى دور «الكاردينال الأمريكى بيلينى».

وحرص المخرج إدوارد بيرجر على إضافة لمسات مختلفة عن الرواية، عبر إدخال لمحات معاصرة تعمل بشكل كوميدى مؤثر، منها مثلًا مشاهدة الكاردينال وهو يدخن السجائر الإلكترونية، وهو أمر يستحق التأمل حقًا.

ولا يتجنب سيناريو بيتر ستروجان القضايا البارزة فى الوقت الحاضر، ويستخدمها لتأكيد ملاحظات السلوكيات الموجودة فى جميع أنحاء المجمع البابوى، وداخل شخصيات مثل «تيديسكو».

ويتعاون «بيرجر» فى الفيلم مرة أخرى مع الملحن فولكر بيرتلمان، الذى فاز بجائزة «الأوسكار»، عن آخر تعاون لهما، وهو فيلم « All Quiet on the Western Front «، أو «كل شىء هادئ على الجبهة الغربية».

ومرة أخرى، يجلب «بيرتلمان» دقة التوزيع الموسيقى، الذى يضفى «حياة سمعية» على المشاهد الرائعة التى التقطها المصور السينمائى ستيفان فونتين. ووسط تداخل الصوت مع الصورة، يشعر المشاهد بأن القصر البابوى شاسع وعظيم، ما يؤكد أهمية القرار الذى ينتظر هؤلاء الرجال.

وتعمد المخرج إدوارد بيرجر تصوير الفيلم فى أستوديوهات «سينيسيتا» الموجودة فى العاصمة الإيطالية روما، والتى حولها إلى نسخة شبه حقيقية بالحجم الطبيعى من كنيسة «سيستين»، مع اختيار أفضل العناصر للفيلم، ما خلق عملًا سينمائيًا متميزًا من الناحية الفنية، وإن كانت الخاتمة لم ترض النقاد، الذين وصفوها بأنها ليست بنفس دقة رواية روبرت هاريس المقتبس عنها العمل السينمائى.

لكن بشكل عام، يرى النقاد أن الفيلم مثل الرواية سهل الالتهام، ويتمتع بسحر سريع ومثير للاهتمام، وملىء بالمكائد والغموض، معتبرين أن مخرجه استطاع تحويل رواية روبرت هاريس إلى فيلم مدته ساعتين، يخترق فيه أسرار الفاتيكان.

وشددوا على أن القواعد التى يفرضها «المجمع الباباوى» تجعل التشويق والإثارة فى تصاعد مستمر خلال الفيلم، خاصة مع عدم السماح تقنيًا بإدخال أو إخراج أى معلومات من الغرفة السرية التى يجتمع فيها «الكرادلة».

ووفقًا لما هو معروف، يعزل هؤلاء أنفسهم داخل المجمع، ويتم أخذ الأجهزة الرقمية منهم، مع إغلاق الأبواب والنوافذ، أثناء استعدادهم لانتخاب بابا جديد، لن يقدم التوجيه الروحى للكاثوليك فى العالم فحسب، بل يحدد ملامح المستقبل، بما يجعلها عملية سرية تؤثر على الملايين حول العالم.

Kingmaker.. كيف دفعت باميلا تشرشل أمريكا إلى محاربة هتلر؟!

أثار كتاب «Kingmaker: Pamela Harriman›s Astonishing Life of Power, Seduction, and Intrigue»، أو «صانعة الملوك: حياة باميلا هاريمان المذهلة المليئة بالقوة والإغراء والمكائد»، الصادر فى 17 سبتمبر الجارى، الكثير من الجدل. الكتاب يتناول سيرة حياة زوجة ابن وينستون تشرشل، رئيس وزراء بريطانيا الأشهر، ويعيد اكتشاف امرأة اتهمها السياسيون بأنها استخدمت الإغراء للصعود إلى السلطة، وامتلأت حياتها بالمغامرات والعلاقات الجنسية.

كتاب «صانعة الملوك» الذى أصدرته دار نشر «فايكينج»، يعد سيرة ذاتية تحاول من خلالها مؤلفته سونيا بورنيل، الصحفية والكاتبة البريطانية المعروفة، الكشف عن المهام السياسية الكبيرة التى أدتها باميلا تشرشل، ويزيل النقاب عن الجانب غير المرئى من قصتها من خلال إجراء عدد من المقابلات مع المصادر، والتى مكنتها لأول مرة من كشف القصة الكاملة لحياة باميلا تشرشل التى تركت بصمة لا تمحى فى السياسة الغربية.

وأصبحت «باميلا» زوجة ابن «تشرشل» منذ كانت فى سن العشرين وتحولت إلى سلاح سري فى يد بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية، من خلال مغازلة وإقامة علاقات مع دبلوماسيين وجنرالات من عدة دول، وعلى رأسها أمريكا لحشد الحلفاء مع بريطانيا ضد «هتلر».

وتكشف الكاتبة عن الوجوه المتعددة لباميلا تشرشل هاريمان، من العاهرة إلى الدبلوماسية إلى صانعة الملوك.

ورأت المؤلفة أنه تم تصوير «باميلا» طوال حياتها كعاهرة ومتسلقة، مضيفة أن سيرتها الذاتية الجديدة التى استغرق إعدادها ٤ سنوات من البحث المكثف فى بريطانيا وأمريكا وفرنسا، تمكنت من الكشف عن شهادات جديدة تظهر بعد ٣ عقود من وفاتها إنجازات امرأة تم تشويه سمعتها، وقدمت تضحيات لإنقاذ بلادها من الهزيمة فى الحرب العالمية الثانية بأمر من حماها فى ذلك الوقت رئيس الوزراء البريطانى وينستون تشرشل، وحتى بعد طلاقها من ابنه راندولف.

وكشفت المؤلفة أن الشخص الشرير الأكبر فى قصة «باميلا» هو زوجها الأول، راندولف تشرشل، مدمن الخمر والمقامر العنيف الذى تزوجها صراحة لإنجاب ابن له رغم خيانته لها مع امرأة أخرى، وحققت له رغبته وأنجبت له ولدها الوحيد الذى سمته على اسم جده «وينستون تشرشل».

من خلال الوثائق تحكى «باميلا» أنها فى سن العشرين، أصبحت زوجة ابن تشرشل المحبوبة وكانت سلاحًا سريًا خلال الحرب العالمية الثانية، وكانت تغازل وتقيم علاقات مع الدبلوماسيين والجنرالات الأمريكيين لأن الولايات المتحدة اتخذت موقفًا محايدًا فى أول الحرب، لذلك دفعها «تشرشل» إلى إقامة علاقة مع أفريل هاريمان، سفير الولايات المتحدة فى بريطانيا، والمشرف على برنامج المساعدات العسكرية الأمريكية، وهارى هوبكنز، المندوب الشخصى الرئيس الأمريكى فرانكلين روزفلت.

وتعد أكثر الفقرات إثارة للدهشة فى الكتاب، المتعلقة بالدور الذى لعبته «باميلا» كوسيط لجمع المعلومات الاستخباراتية بين مجلس الوزراء البريطانى، والأمريكيين الذين لم يلتزموا بالقتال ضد ألمانيا النازية، حيث أغوت العديد من الشخصيات البارزة فى واشنطن، لدرجة أنها كانت تقسم لياليها بين رئيس قيادة القاذفات الأمريكية ورئيس أركان القوات الجوية البريطانية، وجندها وينستون تشرشل أيضًا هو وماكس آيتكين مسئول الطائرات، لإغراء شارل ديجول قائد القوات الفرنسية الحرة ضد ألمانيا النازية فى الحرب العالمية الثانية آنذاك.

كما كشف قصة انتقال «باميلا» إلى أمريكا ودورها فى سياسة الحزب الديمقراطى، موضحة أنه مع اقتراب ستينيات القرن العشرين ومع اقتراب «باميلا» من منتصف العمر، قررت التوجه إلى واشنطن، وتزوجت أفريل هاريمان سفير أمريكا السابق فى بريطانيا خلال الحرب، الذى كان لا يزال ثريًا بشكل مذهل وهو فى سن الثامنة والسبعين.

ورأى الخبراء أن تناول المؤلفة فى كتابها لتأثير بايملا تشرشل هاريمان على السياسة الأمريكية، كان جيدًا لفهم دورها خلال الحرب العالمية الثانية، حيث كشفت عن دورها فى جمع التبرعات، وفى منظمة «أمسيات القضايا»، وضم المواهب الجديدة للحزب الديمقراطى وأبرزهم بيل كلينتون، وكيف استحقت لجنتها السياسية «ديمقراطيون فى الثمانينيات» المعروفة عالميًا باسم PamPAC نصيبها من الفضل فى استعادة الديمقراطيين السيطرة على مجلس الشيوخ عام ١٩٨٦.

وجاءت مكافأتها بعد ٧ سنوات، عندما عينها بيل كلينتون سفيرة للولايات المتحدة فى فرنسا وهى فى سن الثالثة والسبعين، حيث أصبحت نجمة فى السلك الدبلوماسى فى باريس، وأدت مهامها بشرف وحظيت بإشادة من الفرنسيين.

وولدت «باميلا» عام ١٩٢٠ فى دورست لعائلة أرستقراطية معدمة إلى حد كبير، ولم تتلق تعليمًا، ولا مؤهلات مهنية، ولا وظيفة رسمية حتى بلغت السبعينيات من عمرها، ومع ذلك ماتت وهى مواطنة أمريكية متجنسة ونالت العديد من الأوسمة، وكان آخرها تعيينها شخصيًا من قِبل الرئيس بيل كلينتون سفيرة للولايات المتحدة فى فرنسا، وتوفيت بعد إصابتها بنزيف فى المخ أثناء السباحة فى فندق ريتز فى باريس.

Say It Well.. مؤلف خُطب أوباما: هكذا تحول من «طالب متلعثم» إلى «رئيس مفوه مُلهِم»

صدر كتاب «Say It Well: Find Your Voice Speak Your Mind Inspire Any Audience « أو «قله جيدًا: اعثر على صوتك، وعبّر عن رأيك، وألهم أى جمهور»، عن دار نشر «هاربر كولينز»، فى 17 سبتمبر الجارى.

الكتاب من تأليف تيرى زوبلات، أحد أقدم كُتاب خطابات باراك أوباما، الرئيس الأمريكى الأسبق، المعروف عنه بأنه أحد أكثر المتحدثين إثارة للإعجاب فى العصر الحديث، وساعده «زوبلات» فى صياغة قرابة 500 خطاب، طيلة فترتى ولايته فى البيت الأبيض، ومنهم ما وصف بأعظم خطاباته، الذى ألقاه من جامعة القاهرة فى 2009، وكان بمثابة نقطة تواصل بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامى آنذاك.

ويكشف «زوبلات» فى كتابه الجديد أن كاتب الخطابات الحقيقى هو «أوباما» نفسه، لأن «كاتب الخطابات لا يكتب ما لا يقوله الرئيس، ولا يضع الآراء على لسانه، أو يخترع سياسات»، مشيرًا إلى أن «مهمة كاتبى الخطابات تتمثل فى الاستماع جيدًا لما يقوله الرئيس، ثم كتابة خطاب ذى صياغة مفردات لغوية جيدة».

ويشير الرجل الذى ساعد فى صياغة مئات الخطب للرئيس «أوباما»، بصفته كاتب خطابات فى البيت الأبيض، إلى وجود فارق كبير بين كتابة خطاب، وإلقائه أمام حشد جماهيرى، لأن الإلقاء يُشعر المتحدث بالقلق والتوتر.

ويشدد فى الوقت ذاته إلى ضرورة ألا يستمر المتحدث فى الاختباء مما يخيفه، بل عليه أن يواجهه، حتى يستطيع أن يُلقى خطابًا بشكل جيد، للدرجة التى يؤثر بها على عقول وقلوب مستمعيه، حتى لو كان ما يقوله قرارًا لخوض حرب.

ويروى «زوبلات» فى حوالى ٣٥٢ صفحة، كيف تعاون لمدة ٨ سنوات، مع الرئيس الأمريكى الأسبق، فى كتابة بعض أكثر الخطب تأثيرًا فى العصر الحديث، فى الفترة من ٢٠٠٨ إلى ٢٠١٧، بالإضافة إلى عمله كمساعد خاص للرئيس، وعضو فى طاقم مجلس الأمن القومى، قبل أن يتولى منصب نائب مدير مكتب كتابة الخطب فى البيت الأبيض، من ٢٠١٣ إلى ٢٠١٧.

ويقول الكاتب الذى يدير حاليًا شركته الخاصة لكتابة الخطب إنه تعلم دروسًا كثيرة من «أوباما» غيرت حياته، عارضًا نصائح من قبل الرئيس الأمريكى الأسبق حول «التحدث الجيد»، بجانب قصص مثيرة وراء الكواليس عن الكتابة له.

وحسب «زوبلات»، طور «أوباما» مهاراته فى التحدث أمام الجمهور، بعد واقعة حدثت له فى ١٩٨١، عندما نظم طلاب كلية «أوكسيدنتال» فى لوس أنجلوس مظاهرة ضد سياسة الفصل العنصرى الوحشية فى جنوب إفريقيا، وكان المتحدث الأول هو طالب فى السنة الثانية يبلغ من العمر ١٩ عامًا، ويُدعى باراك أوباما.

حينها نطق «أوباما» بضع جمل فقط، حتى أنه قال لأحد أصدقائه بعدها: «خطابى الذى استغرق دقيقة واحدة كان أكبر مهزلة على الإطلاق، هذه المرة الأخيرة التى ستسمع فيها خطابًا منى».

وسأل «زوبلات» الرئيس الأسبق ذات مرة عن كيفية اجتيازه هذا الأمر، ليصبح أكثر المتحدثين تأثيرًا وإثارة للإعجاب، فقال له «أوباما»، وفق ما ذكره فى الكتاب: «أعتقد أن نقطة البداية للتحدث الفعّال، بالنسبة لى على الأقل، ولمعظم الأشخاص الذين أجدهم مقنعين، هى هل لديهم إحساس بمن هم وماذا يؤمنون».

وتذكر «أوباما» الخطاب الجامعى سالف الذكر، وقال عنه: «كنت شابًا صغير السن يحاول معرفة من أنا وماذا أؤمن. هذا التجمع منحنى فرصة لرفع صوتى. لكن بالنظر إلى صغر سنى آنذاك، أقول لم أكن وقتها مستعدًا بعد».

بعد التخرج فى الجامعة، عمل «أوباما» كمنظم مجتمعى مع الكنائس فى الجانب الجنوبى من شيكاغو. ويقول عن هذه الفترة: «فى تلك المرحلة، كنت معتادًا على التحدث أمام الناس. لم أكن ميالًا بطبيعتى إلى الشعور بالتوتر، لكن عرفت أن الغرور يمكن أن يفسد تلك الثقة ويكلفك الكثير»، وفق الكتاب.

وعندما بلغ ٢٤ عامًا، كان يقدم عرضًا لجمع التبرعات، فى غرفة مؤتمرات مليئة بالمتبرعين. ويتذكر هذه اللحظة بقوله: «كنت أشعر بالغرور. لم أدون ملاحظاتى، وشعرت كأننى أستطيع الدخول إلى أى غرفة والتصرف بشكل ارتجالى، وهو خطأ فادح، لذا بعد حوالى ٤ أو ٥ دقائق من عرضى التقديمى، بدأت أتجمد. فقدت سلسلة أفكارى».

وأضاف: «كنت فظيعًا. شعرت ببعض العرق المتخثر، وترددت وتعثرت، ولم أكن متماسكًا أبدًا». وعندنا سأله «زوبلات» إذا كان يتذكر كيف كان شعوره وقتها، رد عليه: «لقد محيته من ذهنى. كنت أشعر بالغباء والحرج».

بعد ذلك، عمل «أوباما» على تحسين نفسه، وواصل العمل كمنظم مجتمعى، وكان يتحدث فى كثير من الأحيان داخل الكنائس. عن ذلك يقول: «فى بعض الأحيان، كنت أتحدث إلى ١٢ شخصًا فقط، وخطوة بخطوة، كان التحدث إلى جمهور أكبر يمنحنى مستوى أساسيًا من الراحة فى التواصل مع الناس».

وبينما كان يفعل ذلك، تعلم أحد أهم دروس التواصل، وهو الاستماع قبل التحدث، لأن «أفضل المتحدثين هم الذين يتحاورون مع جمهورهم، وهذا يشمل الاستماع إلى ما هو مهم بالنسبة للأشخاص الذين تتواصل معهم».

وقال «أوباما» إنه تعلم أيضًا أن يصبح متحدثًا أفضل، من خلال دراسة المتحدثين الآخرين، مضيفًا: «هل تعلم من كانوا مدربين جيدين لى؟ كل هؤلاء القساوسة السود الذين كنت معهم فى الكنيسة، فهؤلاء الوعاظ يعرفون كيفية الوعظ، ومن مجرد الاستماع والسماع والمشاهدة، استوعبت الكثير من ذلك، ومن بين جميع الأماكن التى تعلمت فيها التحدث، وجدت إن الاستماع إلى قساوسة شيكاغو كان على الأرجح الأكثر قيمة».

بعد بضع سنوات، سنحت لـ«أوباما» أول فرصة كبيرة لاستخدام ما تعلمه. كان طالبًا فى كلية الحقوق يبلغ من العمر ٢٨ عامًا، ورئيسًا لمجلة «هارفارد» للقانون، وطُلب منه أن يتحدث فى العشاء السنوى للمجلة، وتقديم الحائز على التكريم فى ذلك العام، وهو رمز الحقوق المدنية والنائب جون لويس، والذى يصفه «أوباما» بقوله: «كان أحد أبطال طفولتى، لذا أردت أن أتأكد من أننى أنصفته».

وأضاف: «كانت هذه المرة الأولى التى ألقى فيها خطابًا عامًا كبيرًا أمام مجموعة كبيرة من الناس الذين لم أكن أعرفهم، فى مكان يهمنى، حول موضوع يهمنى، لذا استغرقت وقتًا طويلًا للتفكير فيما أريد أن أقوله، وكتبت الخطاب وحفظته عن ظهر قلب، ثم ألقيته، فى كلمة موجزة، ربما من ٥ إلى ٧ دقائق، أمام بضع مئات من الأشخاص»، معتبرًا أن «هذه كانت المرة الأولى التى أشعر فيها بأننى أمتلك الجمهور، وأحرك مشاعرهم، وأروى قصة تتردد فى أذهانهم».

بدأ باراك أوباما فى العثور على صوته، وعلى مدار العقد التالى، عمل على تحسينه، بما فى ذلك داخل الفصول الدراسية، فحتى أثناء خدمته فى مجلس شيوخ ولاية «إلينوى»، كان يقدم الفصول الدراسية فى كلية الحقوق بجامعة شيكاغو، حيث «تعلمت هناك الشعور بالراحة فى الحوار مع الناس لفترات طويلة من الزمن»، وفق ما قاله لـ«زوبلات».

وذكر «زوبلات» فى كتابه ما قاله له ديفيد أكسلرود، مستشار «أوباما»: «لا شك أن أوباما لم يكن ليتمكن من إلقاء هذا الخطاب، لو لم يفكر بعمق فى هويته، على مدى سنوات عديدة. لقد كان يعرف من هو، ويفهم كيف شكلته قصته».

وأكد مؤلف الكتاب أن «أوباما لم يكن كما تصور كثيرون خطيبًا موهوبًا بالفطرة، فبعد أن تجمد فى مكانه، أثناء إلقائه ذلك الخطاب عندما كان شابًا، بذل جهدًا كبيرًا حتى تحسن بمرور الوقت، وأصبح أكثر الرؤساء الأمريكيين إثارة للإعجاب فى إلقاء الخطابات، ليترك إرثًا واضحًا جدًا من الخطب الرئاسية المؤثرة».

واستعرض الكتاب خطب «أوباما» الأفضل بين فترتى ولايته، وفقًا لتصنيف عدد من الخبراء، بداية من خطاب الفوز بالانتخابات فى عام ٢٠٠٨، والذى رسخ فيه سمعته كمتحدث قوى ومؤثر لأول مرة، ثم خطاب «نيوتاون» فى ٢٠١٢، والذى أظهر فيه قدرته على التواصل عاطفيًا مع الجمهور، بعد المذبحة التى حدثت فى إحدى مدارس مدينة «نيوتاون» بولاية «كونيتيكت».

أما الخطاب الثالث فى قائمة الأفضل لدى «أوباما» فهو ذلك الذى ألقاه من داخل جامعة القاهرة فى ٢٠٠٩، والذى وصفه الخبراء بأنه أحد الأمثلة لخطاباته المكتوبة جيدًا، خاصة بعدما شكل حلقة تواصل بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامى .

وبحسب «زوبلات»، كان «أوباما» يعيد كتابة الخطب يدويًا، فى كثير من الأحيان، لكنه ظل دائمًا مجاملًا و»أستاذًا» فى إبداء رأيه حول الخطب التى يكتبها لها، معتبرًا أن هذا أمر منطقى، نظرًا لعمله كأستاذ قانون. 

Le Mage du Kremlin .. رواية فرنسية أرادت «شيطنة» بوتين فتعاطف معه الجمهور

تُعرض مسرحية «Le Mage du Kremlin» أو «ساحر الكرملين»، منذ الأحد الماضى، على مسرح «لا سكالا باريس»، وتستمر حتى 3 نوفمبر المقبل، وهى مقتبسة عن الرواية الفرنسية الأكثر مبيعًا التى تحمل نفس الاسم، للصحفى والسياسى السويسرى الإيطالى جوليانو دا إمبولى، وصدرت منتصف 2022، وتُرجمت إلى الإنجليزية فى نوفمبر 2023. 

ويؤدى الممثل الفرنسى فيليب جيرارد دور فاديم بارانوف، وهو نسخة فانتازية من شخصية فلاديسلاف سوركوف، ويؤدى الممثل أندرانيك مانيه دور فلاديمير بوتين، الذى لم يذكر اسمه فى الرواية أو المسرحية بل أشير إليها باسم «القيصر»، والمسرحية إخراج رولان أوزيت، وهو من أشد المخرجين الفرنسيين المعجبين بالدراما المقتبسة عن أعمال أدبية.

وصاحب نجاح الرواية الفائزة بجائزة الأكاديمية الفرنسية الكبرى عام ٢٠٢٢، الكثير من القلق داخل فرنسا وأوروبا، لأنها حللت ما يدور فى رأس الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، وطرحت دوافعه وأفكاره على لسان فلاديسلاف سوركوف، أحد مستشاريه الملقب بـ«ساحر الكرملين»، وقدمت رؤية إنسانية للزعيم الروسى ودائرته الداخلية، ما جعل السياسيين الفرنسيين يحذرون من الوقوع فى فخ التعاطف معها.

واستخدم الكاتب اسمًا مستعارًا لفلاديسوف سوركوف، وهو «فاديم بارانوف»، والذى تحدث عن «القيصر»، وحلل طبيعة الشعب الروسى الذى يريد زعيمًا قويًا داخليًا وخارجيًا. كما حلل صعود «بوتين» فى الوقت الذى كانت تعم الفوضى فيه روسيا، بعد تفكك الاتحاد السوفيتى وتولى بوريس يلتسين.

الرواية المأخوذ عنها المسرحية التى تعرض الآن فى فرنسا، كتبها جوليانو دا إمبولى كاتب وخبير فى العلوم السياسية، والذى عمل نائب رئيس بلدية فلورنسا للشئون الثقافية، ومستشارًا أول لرئيس الوزراء الإيطالى السابق ماتيو رينزى، وكتبها بشكل ساخر وكأنها حوار بينه وبين فاديم بارانوف مستشار «القيصر» الذى تحدث معه وهو يحلل دوافع «بوتين» وأداءه فى السلطة.

وكشفت الرواية عند صدورها عن تعاطف الفرنسيين مع «بوتين»، وأثارت جدالًا عنيفًا فى فرنسا، على الرغم من أن المؤلف قدم الرئيس الروسى فى صورة المتحكم فى السلطة والمتعطش للحرب، إلا أنه كشف فى نفس الوقت عن التفكير والأساليب التى وجهت سياسة روسيا فى الصراعات الأخيرة، من الحرب فى الشيشان إلى الأزمة الحالية فى أوكرانيا.

ورغم أن كتاب «ساحر الكرملين» حظى بقبول إيجابى ساحق فى فرنسا، كان هناك قدر معين من القلق بشأن ما إذا كان الكتاب قد جسد «بوتين» الذى يشار إليه فقط باسم القيصر فى الرواية بشكل إيجابى، فى ظل حالة التأييد لروسيا بين المثقفين والسياسيين فى فرنسا منذ فترة طويلة.

ومع ذلك، وبغض النظر عن مدى نعومة صوت «فاديم بارانوف» فى الرواية، فإن المؤلف لا يسمح لك أبدًا أن تنسى أنك فى حضرة الشر، ومع ذلك، فإن الأهم من ذلك كله هو أن الشعبية والمناقشات النقدية حول الرواية أظهرت أنه لا يزال هناك تعاطف متبقى مع روسيا بين المثقفين والسياسيين الفرنسيين، وإن الانبهار الفرنسى بروسيا لم يختف تمامًا.

وتبدأ الرواية بزيارة الراوى المجهول إلى موسكو، حيث يقوده لقاء افتراضى على وسائل التواصل الاجتماعى، إلى المنزل الريفى البعيد الذى تقاعد فيه «بارانوف» بعد نهاية حياته المهنية السياسية، وعلى مدار ليلة واحدة يحكى «بارانوف» قصة حياته لزائره، ويكشف له كيف أصبح سياسيًا واستراتيجيًا ورفيقًا للقيصر فى صعوده إلى السلطة.

ويكشف «بارانوف» لزائره الذى يبدو وكأنه نسخة من المؤلف نفسه خلال اجتماع ليلى فى موسكو، كيف كانت الأمور ستكون مختلفة لو كانت الولايات المتحدة قد تعاونت مع روسيا بعد نهاية الحرب الباردة، ويسرد تفاصيل حوار دار بينه وبين القيصر الذى قال له: «نحن من جعل جدار برلين يسقط، وليس هم. نحن من حل حلف وارسو. ومددنا أيدينا لهم كعلامة على السلام، وليس الاستسلام. سيكون من الجميل لو تذكروا هذا من وقتٍ لآخر».

ويتكشف شعور الروس أيضًا باحتقار الغرب وأمريكا لهم، فى جملة أخرى فى الرواية على لسان القيصر، هى «إذا وصل آكلو لحوم البشر إلى السلطة فى موسكو، فإن الولايات المتحدة ستعترف بهم على الفور كحكومة شرعية طالما أنهم يعاملون أمريكا كرئيسة».

ويقول «بارانوف» فى الرواية: «إذا ارتكبت خطأ الثقة فى الغرب، فإن هذا هو ما ينتهى به الأمر دائمًا. فالغرب يتخلى عنك عند أول مطب فى الطريق، ويتركك بمفردك لتتعامل مع بلد مدمر».

والمسرحية التى تعرض الآن فى فرنسا لن تكون العمل الفنى الأخير المقتبس عن الرواية، فقد أعلنت هوليوود فى مايو الماضى أن فيلمًا مقتبسًا منها قيد الإعداد، وسيكون من إخراج أوليفيه أساياس وبطولة النجوم جود لو وبول دانو وأليشيا فيكاندر وزاك جاليفياناكيس وتوم ستوريدج.

ووفقًا للإعلام الأمريكى، ستبدأ قصة الفيلم فى روسيا فى أوائل التسعينيات، فى أعقاب انهيار الاتحاد السوفيتى، حيث عالم جديد يعد بالحرية ويرفض الفوضى.