الأربعاء 23 أكتوبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

المتحـول الكبير.. رحلة محمد جلال كشك من الشيوعية إلى التطرف

محمد جلال كشك
محمد جلال كشك

- بعد غياب الرئيس محمد نجيب أصبح مؤيدًا لجمال عبدالناصر

- لم ينقلب مرة واحدة على التيار الذى كان ينتمى إليه بل انقلب أكثر من مرة

كثيرون من الكتّاب والمثقفين والمبدعين والفاعلين فى الحركات السياسية فى مصر والعالم العربى، والعالم كله، تنتابهم حالة تغير أو تحول حادة، من أبيض إلى أسود، أى من النقيض للنقيض، أو أسود إلى درجة أقل نسبيًا، وهذا يحدث فى الفن والأدب والثقافة بشكل عام وناعم وله تبريرات ليست فادحة، كما يحدث فى السياسة بشكل غير ناعم، ومبرراته دائمًا ما تكون ملغزة ولها أكثر من مغزى، فالكاتب أو الفنان الذى تحول من تيار إلى تيار، عادة ما يكون التيار الأول، لم يجد رواجًا، حتى لو كانت له قواعد وأعمدة وأبعاد فكرية كثيرة، ونتذكر فى عقد العشرينيات فى أوروبا، عندما نشأت جماعة السرياليين بزعامة أندريه بريتون، وانضم بعض من الكتّاب والمبدعين والرسامين إلى تلك الجماعة، منهم سان جون بيرس، وبابلو بيكاسو، وسلفادور دالى، ولويس أراجون، وغيرهم، وأسسوا لكثير من الأفكار التى تقول: إن الواقعية التى أتى بها أمثال إميل زولا وبلزاك وغيرهما من الكتّاب والمبدعين الآباء لم تعد صالحة عن جموح الفنانين الفنى، ولا تستطيع تفجير تلك الطاقة الجبارة التى ينطوى عليها الكاتب، وبالتالى فتلك الأساليب الواقعية أصبحت مقصورة عن إنتاج وإبداع فن عظيم أو كتابة مهمة، وقالوا إن الفنان أو الشاعر لا يعتمد على مفردات وأحداث وقصص الواقع لكى يبدع، ولكنه لا بد أن يترك نفسه مستسلمًا للحلم الذى يعبر بطريقة قصوى عن كل ما يطمح إليه الفنان ويفكر فيه، ومن هنا انطلقت إبداعات تلك الجماعة الفنية والشعرية والأدبية، وأحدثت تلك الجماعة لغطًا فى فرنسا «قلب النشأة والظاهرة»، وأنتج الشعراء والرسامون إبداعات كثيرة، ولكن التقلبات العنيفة فى العالم لم تكتب لتلك الجماعة الاستمرار، وعاد الشعراء والأدباء والرسامون إلى قواعدهم مرة أخرى، ما عدا قلة قليلة مثل سلفادور دالى وأندريه بريتون، حتى جاءت الحرب العالمية الثانية عام 1939، وانخرط هؤلاء الشعراء والفنانون فى مقاومة النازى، وأبدعوا أساليب ثورية وواقعية فى الكتابة، وأصبح سان جون بيرس، وبول إيلوار، ولوى أراجون، من الشعراء الثوريين الكبار فى العالم بعد أن تركوا السريالية.

ذلك التحول بالطبع له ما يبرره بشكل طبيعى وموضوعى، ولا توجد فيه أى شبهات انتهازية أو نفعية على المستوى الشخصى، ولن يجنى الشاعر أو الرسام أى مكاسب بعدما وجدا أن جمهور المتلقين قد هجرهما، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى لم تستطع السريالية أن تحتمل التحولات الوحشية فى العالم، فتوارت أشكال التعبير السريالى فى أوروبا فى ذلك الوقت.

فى الوقت الذى توارت فيه أساليب التعبير السريالية فى أوروبا، وجدت لها ملاذًا جديدًا فى مصر، على أيدى مجموعة من الكتّاب والمستغربين مثل جورج حنين، وألبير قصيرى، وجويس منصور، وأنور كامل، وكامل التلمسانى، ورمسيس يونان، وأصدروا بيانًا شديد اللهجة عنوانه «يحيا الفن المنحط»، عام ١٩٣٨، ووجد البيان صدى على مستويات عالمية، ولكنها مستويات لم تكن رائجة، لأن الظاهرة نفسها ظاهرة منعزلة ونخبوية ومفرطة فى الغموض، ولكنهم أطلقوا على أنفسهم جماعة الفن والحرية، وبعد ذلك أسموا أنفسهم جماعة «الخبز والحرية»، لكى ينالوا بعضًا من الرواج، وأصدروا مجلة «التطور» التى ترأس تحريرها أنور كامل، وكانت معظم اهتماماته سياسية، ولكن شقيقه فؤاد كامل كان يرسم لوحات شديدة الغموض، ولكن لم تستمر تلك الجماعة، وأعتقد أنها لم تجد رواجًا، ولا متلقين، وبالتالى هاجر معظم أعضاء تلك الجماعة أو المدرسة، وتحول أهم منظريها، كامل التلمسانى، إلى التيار الواقعى، وأخرج فى السينما فيلم «السوق السوداء» عام ١٩٤٦، وهو من أهم أفلام الواقعية فى مصر، وبعدها لم يعد إلى السريالية مرة أخرى.

ونستطيع أن نتحدث كثيرًا فى ذلك المجال، أى تحول الكتاب والفنانين والشعراء من تيار إلى تيار، وتاريخ الثقافة والفن فى مصر والعالم يزدحم بكثير من تلك النماذج التى تحولت من اتجاه إلى اتجاه آخر. وكما أسلفنا القول، كان ذلك التحول لأسباب ليست نفعية، بل لأسباب تتعلق بعدم صلاحية المنتج الإبداعى فى فترة ما، وكذلك عدم رواجه، فيجد الفنان أو الشاعر نفسه بشكل تلقائى فى منطقة أخرى من الإبداع، مثلما حدث مع كامل التلمسانى، أو الهجرة إلى مناطق أخرى.

أما الحديث على المستوى السياسى أو الفكرى فله شأن آخر، بل شئون كثيرة، ولا أريد أن أستعرض تاريخًا طويلًا من التحولات السياسية والمذهبية، ولدينا نموذجان كبيران، طه حسين وعباس العقاد، وعلاقتهما بحزب الوفد. طه حسين كان من ألد أعداء حزب الوفد فى عقد العشرينيات، وكان يكيل لهم كثيرًا من الذم فى جريدة «السياسة الأسبوعية»، لدرجة أن قيادات حزب الوفد ضاقوا به كثيرًا، ولكنه فى عام ١٩٣٤ تحول إلى مناصرتهم، وتم تنصيبه المشرف العام على صحافة حزب الوفد، والذى أصدر القرار كان الزعيم مصطفى النحاس، وفى الوقت الذى أصبح فيه طه حسين مناصرًا لحزب الوفد، وظل مناصرًا له حتى أصبح وزيرًا فى حكومته عام ١٩٥٠، فى الوقت ذلك انسحب العقاد من الحزب، وأصبح معاديًا له بشكل مفزع، يكيل للحزب ورجاله السباب تلو السباب على طريقة أبناء الحوارى، ولا توجد أى تبريرات لتلك التحولات إلا المصلحة، «المصالح بتتصالح»، وحدث ذلك كما هو معروف مع الصحفى مصطفى أمين، وكان مؤيدًا للسراى وللملك فاروق بشكل مفرط، وعندما قامت ثورة يوليو نصّب نفسه أحد المعادين الكبار للملك، وكتب كتابًا فى مجلدين عنوانه «ليالى فاروق»، اخترع فيه كمية غير طبيعية من الفساد للملك، وبالطبع كانت معظم وقائع الفساد مخترعة ومبالغًا فيها.

بعد ذلك عرفنا كثيرًا من الكتّاب والمفكرين والمبدعين الذين تحولوا بشدة، على رأسهم الكاتب محمد عمارة «الرفيق سلام»، الذى كان شاعرًا وناقدًا أدبيًا، وعضوًا فى لجنة منطقة القاهرة بالحزب الشيوعى عام ١٩٥٨، وهذه درجة كبيرة فى العمل الحزبى، وأصدر كتابًا عن القومية العربية، قدمه له محمود أمين العالم، ثم تدريجيًا انقلب وأصبح أحد الدعاة الكبار لفكر التطرف، وهذا الأمر يحتاج لبحث وتدقيق واسعين لمعرفة الأسباب الحقيقية خلف ظاهرتى التحول والانقلاب، فمن الممكن أن يكون الأمر متعلقًا بإفلاس الظاهرة التى كان ينتمى لها، ولم يصبح أى نفع للانخراط فيها، فقرر أن يتركها، ومن الممكن أن تكون الظاهرة الجديدة التى انتمى لها وتبناها بشكل عميق لها فوائد وعوائد مالية، كذلك نجد الدكتور مصطفى محمود، ينتقل من ظاهرة التحرر، والتعبير عن الذات بدرجات كبيرة عن نفسه، وعن أفكاره، وكانت أفكاره تتمتع بكثير من الانفتاح على العالم، وفى عام ١٩٦٩ وما بعده، يذهب إلى التيار الإسلامى فى شكله الغيبى، وهناك الكثير من تلك الظواهر التى وجدناها فى تاريخنا، كانت فى تيار سياسى أو فكرى، ولكنهم انتقلوا إلى تيار آخر نقيض، ومنهم من ترك ظاهرة النضال لوقت ما، ثم العودة بعد سنوات طويلة لأسباب طارئة، مثل الدكتورة لطيفة الزيات، التى تزوجت الدكتور رشاد رشدى عام ١٩٥٢، وتوقفت تمامًا عن العمل السياسى الذى تميزت به فى عقد الأربعينيات، وظل ذلك التوقف حتى عام ١٩٦٥، عندما طلبت الطلاق منه، وعادت مرة أخرى إلى الحياة السياسية والفكرية التى كانت تنتمى إليها قبل عام ١٩٥٢، وهذه حالة مفهومة سوف نعود لها بالتفصيل بعد ذلك، لأنها حالة خاصة جدًا، وهناك ظواهر كثيرة لا نستطيع رصدها فى تلك السطور، وربما نعود إليها بين الحين والآخر.

وبقدر ما عرفنا من ظواهر التحولات والتقلبات، كانت ظاهرة محمد جلال كشك، هى الأعجب والأكثر إثارة، لأنه لم ينقلب مرة واحدة على التيار الذى كان ينتمى إليه فى مرحلة ما من تاريخه، وعلى نفسه، بل انقلب أكثر من مرة، فى أكثر من خمسين عامًا، أى منذ بداياته الأولى عام ١٩٥٠، عندما كان ينتمى إلى الحزب الشيوعى «الراية»، حتى استقر به الأمر أن يكون أحد دعاة التطرف بقوة، وكانت كتبه تطبع فى الشعب الإخوانية، ويتم تدريسها، وتقريرها على أعضاء جماعات الإخوان، وتعتبر حالة جلال كشك فريدة وعجيبة، لأنه بدأ شيوعيًا عام ١٩٥٠، وبعدما قامت ثورة ٢٣ يوليو عام ١٩٥٢ أصبح أحد المؤيدين لها بقوة، وانشق أو ترك الشيوعيين، ثم بعد غياب الرئيس محمد نجيب، أصبح مؤيدًا لجمال عبدالناصر بشدة، وكتب فيه معلقات، مما سنتعرض له لاحقًا فى الحلقات المقبلة، وكتب مسرحية عنوانها «شرف المهنى.. قصة الصحافة والثورة»، واعتبر أن صحافة يوليو من أنصع أشكال الصحافة التى أتت فى مصر. أما التحول الرابع فجاء بعد انتهاء عقد الخمسينيات، بعد أن بدأ رفض الشيوعية، وخلعها كأنه يخلع جلبابًا قديمًا وضاق عليه، فراح يغيره بثوب آخر، ثم بدأ يمدح فى جمال عبدالناصر فى كتابه «روسى وأمريكى فى اليمن» عام ١٩٥٧، واستمر ذلك الأمر حتى أوائل عقد الستينيات، وبدأ ينخرط فى سياقات قومية إسلامية عربية بشكل فضفاض، فهاجم غالى شكرى بفجاجة، وكذلك هاجم دكتور لويس عوض فى مسرحيته «الراهب»، ومن المدهش أن يهاجم كل الظواهر التى طرحها فى كتابه «مصريون لا طوائف»، الذى صدر عام ١٩٥١، وأهداه إلى «رجل الدين الحر.. خالد محمد خالد»، وبعده كتاب «الجبهة الشعبية»، ثم كتاب «قانون الأحزاب، وهناك قصص وملابسات سنفصلها بتوسع فيما بعد، أى فى الحلقات المقبلة، لأن التاريخ الذى سطرته مسيرة محمد جلال كشك لا ينفصل كثيرًا عن مسيرة كثيرين فى الحياة، كثير من الساسة والمفكرين، مع اختلاف المصائر والتوجهات.

وعلى سبيل المثال فهو راح يدافع عن الجنرال يعقوب بحماس، كأحد دعاة القومية المصرية، واعتبر أن أحد التيارات التى قاومت نابليون فى حملته على مصر عام ١٧٩٨، كان يقوده الجنرال يعقوب، عندما يراد به الشر، والمعلم يعقوب، عندما يراد به الخير، يقول كشك: «.. ونحن نجد أول صدى هذه التيارات فى مشروع المعلم يعقوب لتحرير مصر من الحكم العثمانى، فيعقوب من الأقباط الذين لازموا الفرنسيين منذ بدأت حملتهم فتمثل آراءهم السياسية، وكانت إلى ذلك الوقت مشبعة بروح الثورة الفرنسية، وما كاد يتبين اضطرارهم إلى ترك البلاد، حتى عزم من ناحيته على الرحيل إلى أوروبا، والسعى لتحقيق الاستقلال المصرى بتخويف إنجلترا مما لا بد أن يبعثه انهيار السلطة العثمانية..»، ويستطرد: «.. ولكن دعوة المعلم يعقوب لم تنجح، فلم تكن مصر مهيأة بعد لهذه الدعوة..»، ويختم حديثه عن المعلم يعقوب قائلًا: «.. وهكذا تودع مصر أول مصرى أحس بمصريته، وأول مصرى ارتسمت فى ذهنه صورة لاستقلالنا عن الدولة العلية».

هذه مقتطفات من حديث جلال كشك عن المعلم يعقوب، وكان ما زال كشك منخرطًا فى التيار الماركسى، وبعد سلسلة تقلبات نشر فى كتابه «الغزو الفكرى»، الصادر فى عام ١٩٦٤، فصلًا طويلًا فى ذم وهجوم عنصرى على الدكتور لويس عوض، عنوانه «الجنرال الخائن»، أى أنه تخلى عن وصف «المعلم» إلى الجنرال، والفصل طويل، ولكننا سنقتبس بعض ما جاء فيه، والمدهش أنه يلصق بلويس عوض ذات الأقوال التى رددها منذ سنواته الأولى، إذ يكتب جلال كشك قائلًا: «.. وهذا اليعقوب هو الذى يجعله الدكتور لويس عوض أول من نادى باستقلال مصر.. وذلك فى محاضرات للدكتور بمعهد الدراسات العربية التابع للجامعة العربية، والجنرال يعقوب هو الذى كون فيلقًا لضرب الشعب المصرى ومعاونة الاحتلال الفرنسى، ثم خرج هاربًا مع جيش الاحتلال ومات على ظهر السفينة، فوضعوا جثته فى برميل من الروم لينفذوا آخر وصاياه الشاذة، ويدفنوه مع ديسيه..»، وهذا اقتباس قصير من فصل طويل عن المصرى يعقوب، وفيه يناقض جلال كشك نفسه، وينقلب مائة وثمانين درجة، ولا يكتفى بالنقد والسب والاتهامات التى كالها للويس عوض، بل يحرض عليه، ملوحًا بأن لويس عوض يدعو للقومية المصرية، فى ظل المرحلة التى يؤسس فيها الرئيس جمال عبدالناصر لأول مرة فى تاريخنا للقومية العربية.

كانت السنوات الأولى فى عقد الستينيات هى السنوات التى كان جلال كشك يعمل فيها بمجلة «روزاليوسف»، ويذهب يمينًا ويسارًا فى البلاد العربية، ويكتب بغزارة فى الشئون العربية، وبالتالى كان يدعو للقومية العربية فى شكلها الدينى، وراح يتخلى عن كل أفكاره التى نادى بها فى الخمسينيات، ويلقى بها فى بحر ظلماته، لكى يخرج من البحر بمكاسب جمة، ورويدًا رويدًا راح ينتصر للتيار الإسلامى المتطرف فى خلال سنوات قليلة، وترك مصر ليعيش فى بيروت، ويعمل مع الصحفى الشهير سليم اللوزى فى مجلة الحوادث، وظل يكتب فى الشئون العربية كما كان يكتب فى «روزاليوسف»، مع مراعاة تغير الظروف، وصعود هيمنة دول فى المنطقة. وجلال كشك كان أكثر الكتّاب الذين يعملون حساب تلك الهيمنة، وجدير بالذكر أنه كان من الكتاب الذين يعرفون فنون الكتابة، ويدرك متى يهجم وينتقد ويعمل على التسخيف للآخرين، وكذلك يعرف متى يقدم انحناءات مطلوبة، ونافعة له على كل المستويات الشخصية والعامة، فالكاتب الذى صال وجال وهاج وانتقد بقسوة كتّابًا مثل غالى شكرى ولويس عوض، وصولًا إلى محمد حسنين هيكل، يكتب كتابًا عن الملك المغربى الحسن الثانى، ويخاطبه بطريقة لا تليق بكاتب أو أديب، والكتاب عنوانه «المسيرة الخضراء.. ملحمة ملك.. شعب»، وفيه يسجل اعترافًا، ويكتب خطابًا مثيرًا ومخاطبًا الملك بأمير المؤمنين، يبدأه بـ:

«أمير المؤمنين..

اسمح لى أن أناديك بهذا اللقب، فهو أعز وأكرم من كل ما تسمى به حكام المسلمين، لا لأن أول من حمله هو عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، وهو وحده مبعث فخر لمن يحمل اللقب بعده، ولا لأنه جاء من الشعب، لم تخترعه مراسم البلاط، ولا فرضته المعاهدات، بل جاء من الأمة التى كرمت نفسها بالإيمان عندما سمت أميرها بأمير المؤمنين....».

محمد جلال كشك

ثم:

«مولاى أنت وحدك فى موقع اتخاذ القرار المصيرى بالمغرب، بل للعروبة والإسلام، وأيضًا الاستقرار والسلام فى شمال إفريقيا..».

الرسالة فى ٢ أكتوبر ١٩٧٥، ٢٥ رمضان ١٣٩٥، نشرت فى الكتاب الذى آثر أن يسميه «وقيل الحمد لله»، والكتاب منشور فى طبعة خاصة فى لندن فى فبراير عام ١٩٧٦.

أنا لا أناقش أفكار الرسالة، ولا أفكار الكتاب، وهذا سوف نفعله لاحقًا، ولكننى أنوه عن الطريق والأسلوب الذى وصل إليه كاتب تقلب أكثر من مرة على نفسه، ولأنه كان يجيد الكتابة، فكان يجندها فى أغراض كثيرة، مثل الطبيب الشاطر والماهر الذى يستخدم خبرته وشطارته فى عمليات مريبة، لأن تأثير محمد جلال كشك فى السبعينيات والثمانينيات حتى رحل عام ١٩٩٣ كان خطيرًا جدًا، فى ظل تصاعد التيارات المتطرفة فى كل أنحاء مصر والعالم العربى، تلك التيارات التى وجدت من ينفخ فيها النار، ويؤسس لها بشكل خطير، وعلى رأس هؤلاء الكاتب والمفكر محمد جلال كشك، وسوف نتناول مسيرته بالتفصيل فى حلقات مقبلة إن شاء الله.