المواجهة والتجوال.. لأول مرة.. مسرحيات فى جامعة الأزهر
- «مسرح المواجهة والتجوال» يصل لـ180 قرية بـ200 ليلة عرض
- عرض مسرحية «عفركوش» عن السياحة والآثار فى «أزهر أسيوط»
- العرض المسرحى حضره عدد كبير من الطلاب والطالبات والأساتذة
- الشرقاوى: الخطوة تمت باتفاق مع شيخ الأزهر بعد «تردد مؤقت»
«لأول مرة تُقدم عروض مسرحية داخل جامعة الأزهر، وهو ما نجحنا فيه بعد اجتماعات عديدة لمحاولة إقناع مسئولى الأزهر بذلك».. مفاجأة كشفها لنا المخرج محمد الشرقاوى، مدير «مسرح المواجهة والتجوال»، خلال حديثه معنا عن تنفيذ المرحلة الخامسة من المشروع فى عدد من محافظات الجمهورية، ضمن المبادرتين الرئاسيتين «حياة كريمة» و«بداية لبناء الإنسان».
مفاجأة «الشرقاوى» فتحت أبوابًا من التساؤلات حول هذه الخطوة الجريئة، مثلًا ما طبيعة العروض المسرحية التى جرت على أرض جامعة الأزهر؟ وما الأفكار الرئيسية التى تدور حولها؟ وما تفاصيل «المحاولات» التى جرت مع مسئولى المؤسسة الدينية لإقناعهم بالموافقة؟ وغيرها من الأسئلة الأخرى التى تجيب عنها «حرف» فى السطور التالية.
وتتضمن المرحلة الخامسة من مشروع «مسرح المواجهة والتجوال» 200 ليلة عرض فى 24 محافظة، وتحديدًا داخل 180 قرية فى هذه المحافظات، بعد الوصول إلى 1200 قرية فى المراحل الأربع السابقة، ضمن المبادرتين الرئاسيتين «بداية جديدة لبناء الإنسان» و«حياة كريمة».
«عفركوش» فى «الشيخ السيوطى»
أكد المخرج محمد الشرقاوى، مدير «مسرح المواجهة والتجوال»، تنفيذ المشروع داخل جامعة الأزهر، قائلًا لـ«حرف»: «لأول مرة يتم تقديم عروض مسرحية داخل جامعة الأزهر، وهو ما نجحنا فيه بعد اجتماعات عديدة لمحاولة إقناع المسئولين بذلك».
وأوضح «الشرقاوى» أن هذه الخطوة بدأت بالفعل، أمس الأول الإثنين، من خلال تقديم العرض المسرحى «عفركوش»، من إنتاج المسرح القومى للطفل، فى فرع جامعة الأزهر بمحافظة أسيوط، وتحديدًا داخل قاعة «الشيخ السيوطى»، ضمن خطة مشروع «مسرح المواجهة والتجوال».
وأضاف مدير «مسرح المواجهة والتجوال»: «سيتم تقديم كل عروض المشروع داخل جامعة الأزهر بالتتابع، طبقًا لجدول زمنى جرى الاتفاق عليه بين وزير الثقافة، الدكتور أحمد هنو، وشيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب».
وواصل: «العرض كان بحضور رئيس جامعة الأزهر فرع أسيوط، الدكتور محمد عبدالمالك، إلى جانب نائب رئيس الجامعة، وعمداء الكليات والأساتذة والطلبة، من كليتى أصول الدين واللغة العربية بنين وبنات».
وأفاد بأن «عفركوش» مثله مثل كل عروض «مسرح المواجهة والتجوال»، التى تتناول العديد من مشاكل المجتمع، من بينها التمييز على أساس الدين، والزيادة السكانية، وغياب المواطنة، إلى جانب الاحتفاء بانتصار السادس من أكتوبر.
وعن تفاصيل «محاولات الإقناع» التى جرت للحصول على موافقة الأزهر، قال «الشرقاوى»: «حدثت مفاوضات عديدة فى مقر جامعة الأزهر بالقاهرة مع المسئولين عن الجامعة، وكان هناك تخوف كبير من تقديم مسرحيات حية داخل حرم الجامعة لأول مرة، قبل أن تتحول هذه الحالة إلى اطمئنان تام، خاصة مع تنفيذ المشروع ضمن مبادرة رئيس الجمهورية (بداية جديدة لبناء الإنسان)».
ووصف الإمام الأكبر بأنه «رجل منفتح جدًا»، كما أن استجابة الطلبة والأساتذة للعرض المسرحى كانت مشرفة جدًا وتدعو للتفاؤل والتغيير، لافتًا إلى أنه بعد انتهاء العرض، تم تكريم فريق العمل التابع للمشروع من قبل الدكتور محمد عبدالمالك، رئيس جامعة الأزهر فرع أسيوط.
200 ليلة عرض
انتقل المخرج محمد الشرقاوى بعدها للحديث عن مشروع «مسرح المواجهة والتجوال» بصفة عامة، مشيرًا إلى تقديم ٤ مراحل سابقة منه، شهدت الوصول إلى حوالى ٤ ملايين متفرج فى أكثر من ١٢٠٠ قرية، بهدف تحقيق «العدالة الثقافية»، وهو الهدف الأساسى للمشروع منذ انطلاقه فى ٢٠١٨.
وأضاف «الشرقاوى» أن المشروع يعتمد فى الأساس على إنتاج البيت الفنى للمسرح، سواء مسرح العرائس أو المسرح القومى للطفل أو المسرح القومى أو الطليعة أوالغد، إلى جانب فرقة «المواجهة والتجوال».
وأكد أن المرحلة الخامسة من مشروع «مسرح المواجهة والتجوال» تتضمن تقديم ٢٠٠ ليلة عرض فى ١٨٠ قرية بـ٢٤ محافظة على مستوى الجمهورية، موضحًا أن العرض يُقدم فى المحافظة لمدة ٥ أيام، بدءًا من عاصمة المحافظة، وبحضور قوات الدفاع الشعبى، ووزارة الداخلية، وطلبة التربية العسكرية، وأسر شهداء القوات المسلحة والشرطة، ثم ينتقل إلى قرى «حياة كريمة».
المارد والفلكلور
نعود إلى عروض جامعة الأزهر، التى بدأت بتقديم عرض «عفركوش» فى فرع الجامعة بمحافظة أسيوط، من إخراج عادل الكومى، وتأليف عيسى جمال، وإنتاج المسرح القومى للأطفال.
وقال المخرج عادل الكومى إن الفكرة الأساسية لهذه المسرحية تدور حول الأسرة المصرية، التى تضم مجموعة من الأفراد المنعزلين عن بعضهم البعض، ثم تتوالى الأحداث من خلال «مارد» يحقق الأمنيات، ويطلب منه الطفل الأصغر فى الأسرة الخروج من البيت، فيبدأ التجوال فى المحافظات المختلفة.
وأضاف «الكومى»: «خلال هذا التجوال مع المارد، نقدم الفلكلور الخاص بكل محافظة يذهب إليها الطفل، مع الاستعانة بالأغانى التراثية القديمة، حتى يحب الطفل بلده وتراثه، ونزيد من اعتزازه بهويته وانتمائه لوطنه، مع إتاحة فرصة له لكى يرى تراثه وآثاره من خلال مادة فيلمية خاصة».
وواصل: «عرضنا المسرحية فى الفيوم وأسيوط والمنيا، واستقبالها من الجمهور كان رائعًا، فى إطار المبادرة التى تستهدف الوصول لكل مستحقى الدعم ثقافيًا وفنيًا، ومن أجل التوعية والترفيه فى الوقت نفسه، مع سعينا للوصول إلى قرى وكفور ونجوع مصر كافة».
وأكمل: «المبادرة حققت نجاحًا كبيرًا بين الجمهور، الذى أرى أنه متعطش جدًا لرؤية فن جيد ورسالة واضحة، فضلًا عن الاستمتاع بالعروض»، مشيرًا إلى أن الفنان المشارك فى مثل هذه التجارب يجب أن يكون «من نوعية خاصة»، لأنه يتحمل مشقة السفر بسعادة كبيرة، ويهدف إلى إيصال رسالته فى أبعد مكان.
أما عيسى جمال، مؤلف مسرحية «عفركوش»، فقال إن العرض يهدف إلى تعريف الطفل بأهم الأماكن السياحية الموجودة فى مصر، بالإضافة إلى إرساء أهمية العمل لدى الجميع، وضرورة أن نراقب أنفسنا فى تصرفاتنا وأفعالنا، لأن أبناءنا يقلدوننا ويتأثرون بنا.
وأضاف «جمال»: «الأفكار المتطرفة لا بد من محاربتها بأفكار وسطية، ودور المسرح فى ذلك مهم للغاية، من خلال كسر حالة الجمود الفكرى المتمثل فى الأصولية»، معتبرًا أن المسرح واحد من آليات مواجهة الأفكار المتطرفة الغريبة عن طبعنا وفكرنا كمصريين.
«توتة توتة»
انتقلنا للحديث مع الدكتور طارق عمار، مؤلف مسرحية «توتة توتة»، التى قدمتها فرقة «مسرح المواجهة والتجوال» فى حلايب وشلاتين والنوبة، ضمن المرحلة الأولى من مبادرة «وُلِد هنا»، التى أعلن عنها البيت الفنى للمسرح، وتستهدف الاحتفاء بعدد كبير من الشخصيات التنويرية التى أثرت الحياة الاجتماعية والثقافية والفنية والسياسية فى مصر خلال القرن العشرين.
وأوضح «عمار» أنه تم إنتاج عرضين ضمن هذه المبادرة، بداية من «توتة توتة»، من تأليفه، وإخراج السعيد منسى، للاحتفاء بعدد من الشخصيات التنويرية فى الدلتا، إلى جانب «السمسمية»، من تأليف وإخراج سعيد سليمان، للاحتفاء بعدد من رموز المقاومة والتنوير فى مدن القناة، مع التحضير حاليًا لعمل ثالث بعنوان «يا مجبل يوم وليلة»، من تاليفه، وإخراج محمد الشرقاوى، للاحتفاء بالشخصيات التنويرية من الصعيد.
وأضاف أن مسرحية «توتة توتة» تتناول شخصيات عديدة من الدلتا، مثل الدكتور مصطفى مشرفة، والدكتور أحمد لطفى السيد، والشيخ محمد عبده، والدكتور أحمد زويل، والدكتور فاروق الباز، والدكتورة سميرة موسى، والسيدة نبوية موسى، والسيدة نعيمة القليوبى، والشيخ سيد النقشبندى، وكلها شخصيات أثرت الحياة الفنية والعلمية والثقافية والسياسية والاجتماعية فى مصر.
وواصل: «العرض يُقدم فى إطار استعراضى غنائى خفيف، بما يتناسب مع طبيعة عمل مسرح المواجهة والتجوال، الذى يستهدف تحقيق العدالة الثقافية، من خلال الوصول إلى العمق المصرى، والنزول بالمسرح للجمهور فى كل أنحاء الجمهورية».
وأكمل: «اتساقًا مع فلسفة مسرح المواجهة والتجوال جاء اختيار العرض ليكون ضمن العروض المقدمة ضمن المبادرة الرئاسية (بداية جديدة لبناء الإنسان)، التى تستهدف تحقيق العدالة الثقافية، من خلال تقديم الخدمات الثقافية للفئات الأكثر احتياجًا، بهدف الارتقاء بالشخصية المصرية».
وتابع: «فلسفة هذه المبادرة الرئاسية متفقة تمامًا مع أهداف مشروع مسرح المواجهة والتجوال، التى تؤكد أهمية الارتقاء بالشخصية المصرية، لتكون مواكبة لما يحدث فى العالم بأسره من تغيرات، وبما يضمن مستقبلًا أفضل وأكثر إشراقًا لمصر، من خلال بناء جيل جديد قادر على تأكيد الريادة المصرية فى المجالات كافة».
«أكتوبر الذهبى»
قال رضا حسنين، مخرج مسرحية «أكتوبر الذهبى»، ضمن عروض «مسرح المواجهة والتجوال»، إن هذه المسرحية عبارة عن «حدوتة» درامية شيقة وجاذبة، من خلال الاعتماد على طريقة مسرحية تجمع بين العرائس والمادة التسجيلية.
وأضاف «حسنين»: «قدمنا ذلك من خلال المزج بين مادة فيلمية عن ملحمة أكتوبر وأبطالها، وعدد من العرائس على المسرح، مثل (جدو شهاب الدين)، وأبطال (ثورة العرائس) و(الليلة الكبيرة)، والذين التقوا جميعًا فى حالة إنسانية دافئة تعبر عن تواصل الأجيال، ليقدموا، فى مشاهد تجمع بين الأداء المسرحى والمادة الفيلمية، معلومات حقيقية شيقة عن أبطال حرب أكتوبر، واستعدادات القوات المسلحة للمعركة، بدءًا من حرب الاستنزاف، إلى جانب حكايات المجموعة ٣٩ قتال، وكيف ابتكر اللواء باقى زكى يوسف فكرة هدم الساتر الترابى بخراطيم المياه المتدفقة».
وواصل: «المسرحية تشير إلى نقطة فى غاية الأهمية، وهى أنه لولا استماع القادة لأفكار الضباط، على اختلاف أعمارهم وتخصصاتهم، والاهتمام بها، لما تحقق النصر، الذى جاء نتيجة العمل الجماعى المتكامل والتخطيط السليم والاستعداد الأمثل».
وأكمل: «مشاركة هذا العرض المسرحى فى المبادرات الرئاسية، مثل (حياة كريمة) و(بداية جديدة)، مهمة ومؤثرة، وتستحق إعادة عرضها، حتى يراها طلاب المدارس والجمهور على نطاق واسع فى القاهرة والمحافظات».
وتابع: «لا شك أن كل مبدعى مصرى يسعدهم أن يقدموا عملًا فنيًا عن أيام مصر العظيمة، وعلى رأسها يوم السادس من أكتوبر، بكل ما فيه من تضحيات وبطولة وفداء، لاستعادة أرض الفيروز سيناء الحبيبة».