الإثنين 16 سبتمبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

عزت زين: أزمة المسرح فى إدارته على طريقة الملاهى

عزت زين
عزت زين

- أطمح فى تسجيل وإذاعة عروض مهرجان المسرح القومى فى التليفزيون 

- تكريمى فى مهرجان المسرح القومى تكريم لمسرح الثقافة الجماهيرية

الفنان القدير عزت زين هو حالة فنية فريدة، خاصة على مستوى المسرح، الذى بدأ تجربته الأولى فيه عندما كان فى السابعة من عمره، واستمر حبه لـ«أبو الفنون» خلال جميع مراحله التعليمية.

عمل ابن محافظة الفيوم فى مسرح الأندية ومراكز الشباب، مرورًا بعروض الثقافة الجماهيرية، التى جرى اعتماده فيها كمخرج عام ١٩٨٤، ليخرج منذ ذلك التاريخ قرابة 40 مسرحية، تتنوع بين المسرح المصرى والعربى والعالمى.

«زين» هو مؤسس فرقة مسرح جامعة الفيوم، التى شارك من خلالها فى الكثير من المهرجانات، فضلًا عن مشاركته فى العديد من الأعمال السينمائية والتليفزيونية، مثل «الحشاشين»، «بيت الرفاعى»، «المعلم»، «ستهم»، «بطلوع الروح»، «توبة»، «بحبك»، وصولًا إلى فيلم «الملحد» المنتظر عرضه.

عن هذه المسيرة الطويلة، ورؤيته لأوضاع المسرح المصرى، وكيف يمكن أن ننهض به على كل المستويات، خاصة مسرح الثقافة الجماهيرية، بجانب تكريمه فى الدورة الـ17 من المهرجان القومى للمسرح، قبل أيام قليلة، يدور حوار «حرف» التالى مع الفنان عزت زين.

■ كيف تصف تكريمك من المهرجان القومى للمسرح؟

- عندما بُلغت بالتكريم، كنت أعتقد أنه خاص بالمهرجان القومى للمسرح، وليس بسبب أعمالى فى التليفزيون والسينما. لكن أعمالى المسرحية كمحترف لا تتجاوز ٧ مسرحيات حتى الآن، لذا فإن هذا التكريم عن مجمل أعمالى ورحلتى المسرحية.

وتمتد رحلتى هذه إلى أكثر من ٥٠ عامًا، فى المسرح المدرسى، طالبًا وإخصائيًا للمسرح، وفى مسارح مراكز الشباب والأندية والثقافة الجماهيرية، ممثلًا ومخرجًا، منذ اعتمادى كمخرج عام ١٩٨٤، ليصادف التكريم مرور ٤٠ عامًا على بداية رحلتى مع الإخراج.. كل هذا جعلنى أشعر بأن التكريم تكريم لمسرح الثقافة الجماهيرية ورواده الذين يعملون فى الظل.

■ ما الذى نحتاجه من المهرجان فى الدورات المقبلة؟

- المهرجان القومى للمسرح أكبر مهرجان مسرحى فى الوطن العربى، وهو ينحو إلى فكرة الاحتفاء بمسرحنا من خلال التسابق بين عروض مختارة تمثل الأطياف المسرحية المختلفة، لكنه يقيم أيضًا العديد من الورش النوعية فى التمثيل والإخراج والإلقاء، بالإضافة إلى تكريم ١٠ من رموز المسرح المصرى.

وأطمح أن يتضمن المهرجان ندوة مركزية أو مؤتمرًا ليوم واحد، يضم كل مؤسسات الإنتاج المسرحى فى مصر، لتقديم تقرير وافٍ عن حال مسرحنا الوطنى. كيف كنا وماذا قدمنا خلال عام؟ هل نما مسرحنا وأنتج أكثر أم حصل العكس؟ ماذا أضيف إلى المسارح المفتوحة والمغلقة؟

كما أطمح أن يُسجل ويُذاع تليفزيونيًا كل ما يقدم من عروض فى المهرجان، باعتبار أنه أجود إنتاجنا المسرحى، إلى جانب تقديم بعض العروض المشاركة فى محافظات الجمهورية المختلفة بالتزامن مع المهرجان.

وأعتبر أن هذا واجب فنى وأخلاقى تجاه جمهور الأقاليم، وتحقيقًا لمبدأ العدالة الثقافية. أنا أتابع المهرجان بشكل جيد، بداية من دورته الأولى وحتى الآن، وأرى ضرورة أن تكون لحظة افتتاحه إيذانًا بفعاليات مسرحية متعددة فى كل أقاليم الجمهورية.

■ هل نعانى من أزمة فى المسرح المصرى؟

- فى رأيى لا توجد أزمة، لدينا مؤلفون ومخرجون وممثلون وفنيون على أعلى مستوى من الوعى والحرفية والموهبة، لكن أزمتنا فى الإدارة المسئولة عن معاملة المسرح معاملة الملاهى، وعن التدفق المالى اللازم للإنتاج فى أوقات مناسبة، وعن صيانة وفتح المسارح المغلقة، وإضافة دور عرض أكبر مما هو متاح.

باختصار إدارة الدولة فى توفير وتهيئة المناخ لانطلاقة كبيرة للمسرح المصرى، مع ضرورة الاهتمام بالبنية المسرحية الأساسية. وأؤكد أن المسرح المدرسى الشريان الأساسى لحركة مسرحية حقيقية.

■ لماذا تمسكت بالعمل فى مسرح الفيوم رغم وجود فرصة للخروج من الأقاليم؟

- أنا مؤمن بضرورة الانتساب إلى حركة مسرحية جادة ومؤثرة فى مصر، وبأن القاهرة ليست كل مصر، والأقاليم لا يجب أن تكون على الهامش ومحرومة من الخدمة الثقافية والفنية، وإلا أصبحت أكبر خطر على العاصمة.

فى قرية «تونس» بالفيوم نموذج لما يمكن أن يحدثه الفن فى أى مجتمع، حيث قرية بها فنانون كثيرون غيروا واقعها، حيث الكل يعمل وينتج ويكسب من صناعة الخزف، وتردد السياح والجمهور لرؤية هذه المنتجات.

■ لماذا يتم تهميش الثقافة الجماهيرية فى رأيك؟

- مسرح الثقافة الجماهيرية مظلة فنانى الأقاليم منذ قرابة ٦٠ عامًا، وعاصر فترة من فترات ازدهار المسرح المصرى، وتعاقب عليه كبار المسرحيين، تخطيطًا أو متابعة أو إخراجًا مسرحيًا، وعرف أسماءً مثل سعد الدين وهبة ومحمد سالم وحمدى غيث وكرم مطاوع وسعد أردش وحسن عبدالسلام وعبدالرحمن الشافعى، وغيرهم الكثير.

حدث توسع فى تكوين الفرق المسرحية، ومدها بالمخرجين وميزانيات الإنتاج، وكان وراء كل ذلك السعى لتحقيق مبدأ العدالة الثقافية، والإيمان بدور الثقافة والفن فى بناء وتنمية الإنسان. لكن الصورة الآن ومنذ سنوات طويلة غير ذلك، فمسرح الثقافة الجماهيرية يتقلص وينحصر تأثيره، وهو مستمر فقط بحكم ماضيه. هذا المسرح فى حاجة إلى اهتمام حقيقى بدوره، واكتشاف وتنمية المواهب التى تولد فى الأقاليم، كما تولد فى القاهرة.

■ قلت من قبل إن «جمهور المسرح فى القاهرة لديه استعلاء على المسرح المدرسى ومسرح الثقافة الجماهيرية»... لماذا؟

- الجمهور والمؤسسات فى العاصمة لا يرون ما يقدم فى الأقاليم، وانتشرت مصطلحات تستخدم فى غير مكانها، فيقال مثلًا «هذا مسرح مدرسى» لإهانة العرض ووصمه بالسذاجة والسطحية والأداء الزاعق المبالغ فيه، والأصح أن يقال «مسرحية ميلودرامية»، فالمسرح المدرسى كغيره يقدم الغث، كما يقدم السمين.

للأسف جمهور المسرح فى القاهرة لديه استعلاء على المسرح المدرسى، وعلى مسرح الثقافة الجماهيرية، ودائمًا ما ينعت أى عمل سيئ بأنه «مسرح مدرسى» أو «مسرح ثقافة جماهيرية»، لكن هناك قامات كبيرة فى هذين النوعين، ولم يُلق الضوء عليهما بما يستحقانه.

أزمتنا الحقيقية فى المسرح هى عدم الاعتناء بالمسرح المدرسى، واستعلاء جمهور القاهرة على جمهور الأقاليم، فهناك من يبحث عن مجده الشخصى، ومن يرى أنه لا مجد له دون مجد البلد، وأنا أرى أن مجد البلد هو الأهم.

■ كيف رأيت إعداد المخرج عادل حسان كتابًا عن مسيرتك بعنوان: «عاشق بيضحك للمسرح»؟

- المخرج عادل حسان تابعنى كممثل منذ عام ١٩٨٠، وعمل معى وهو طالب، ثم أخرج لى عرض «قواعد العشق الأربعون»، وهو يعرفنى فى كل المراحل معرفة وثيقة، لذا كنت مطمئنًا جدًا لإعداده هذا الكتاب، الذى يتضمن شهادات قيمة لمن يعرفوننى، فنيًا وإنسانيًا.

■ ما الذى جذبك للمشاركة فى عرض «مش روميو وجولييت»؟

- «مش روميو وجولييت» هى المسرحية التى تتوافر فيها كل عناصر الجذب، وبمثابة حلم يتحقق، صاغه القريب إلى القلب والعقل أمين حداد، ومن إخراج القدير عصام السيد، وبطولة على الحجار، الذى أؤمن بأنه حالة خاصة فى تاريخ الغناء العربى، وصاحب التأثير الأعظم فى وجدانى ومشاعرى من أوائل الثمانينيات وحتى الآن، إلى جانب فريق عمل من أروع ما يكون، لذا أعتبر نفسى محظوظًا بالمشاركة فيها، ومحظوظًا بأن يأتى تكريمى وأنا أشارك فى عمل على المسرح القومى.

■ ما تقييمك لخطوات مسرح الدولة فى الإنتاج؟

- أظن أن الإعلان عن خطة البيت الفنى للمسرح، فى أول يناير ٢٠٢٣، كان خطوة غير مسبوقة، من خلال الإعلان عن كل العروض فى كل المسارح التابعة للبيت الفنى، وأظن أن هذا إجراء مهم، إلى جانب وصول الميزانيات فى موعدها دون تعقيد للإجراءات.

■ ماذا عن اتجاه عدد كبير من النجوم لتقديم عروض مسرحية خارج مصر؟

- مشاركة فنانى مصر فى عروض مسرحية بالخارج امتداد وانتشار لقوى مصر الناعمة. أما مسألة المستوى الفنى لهذه العروض فمرهون بإرادة الفنانين المشاركين أولًا وأخيرًا.

■ كيف رأيت الهجوم على فيلم «الملحد» الذى تشارك فيه؟

- فيلم «الملحد» تعرض لهجمة شرسة لأنه كتابة إبراهيم عيسى، ونجح هذا الهجوم فى منع عرضه، وهو ما يذكرنا بالهجوم المماثل على بعض أعمال يوسف شاهين. من المؤسف أن مؤسساتنا تخضع لابتزاز غير مسئول من أصحاب الصوت العالى، فالنقد يجب أن يكون موضوعيًا لا انطباعيًا، وأن يبتعد عن «الشخصنة» و«تصفية الحسابات».