عريس المعرض.. زين خيرى شلبى: أبى لا يزال حيًا
كشف الكاتب الصحفى، زين العابدين خيرى شلبى، نجل الأديب الراحل خيرى شلبى، عن وجود مشاريع مستقبلية تهدف إلى إعادة إحياء إرث والده الأدبى، من خلال طباعة أعمال جديدة لم تُنشر من قبل أو إعادة إصدار الأعمال المنشورة من قبل.
وأوضح «زين العابدين»، خلال حواره مع «حرف»، أن معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته المقبلة، سيشهد طرح عدد من هذه الأعمال، ومنها 5 كتب تُنشر لأول مرة، أحدها بعنوان «فى وداع الأحباب» ويتكون من جزءين، ويعتبر درسًا فى فن الرثاء.
وأضاف أن هناك أمرًا غير مفهوم وغير مبرر بالنسبة له، وهو عدم الحماس لتحويل أعمال خيرى شلبى الأدبية لدراما بما يليق بها وبكثافة تناسب أعماله، معتبرًا أن جيل الستينيات، الذى ينتمى له خيرى شلبى، كان غير محظوظ بالنسبة للتعامل مع السينما كالجيلين اللذيْن سبقاه.
■ بداية.. حدثنا عن شعورك بتقديم إصدارات جديدة لوالدك الراحل فى معرض القاهرة للكتاب.
- أشعر بارتياح شديد أكثر منه أى شعور آخر، لأننى أحس أن هناك حِملًا انزاح بمجرد طباعة أعمال جديدة لوالدى.
■ ما تفاصيل هذه الإصدارات التى ستُنشر لأول مرة؟
- الإصدارات الجديدة التى ستُنشر لأول مرة عبارة عن ٥ كتب، وتنشر فى مؤسسة «غايا» للإبداع. الكتاب الأول بعنوان «فى وداع الأحباب» ويتكون من جزءين، وأعتبره درسًا فى فن الرثاء، وفيه يتذكر خيرى شلبى أحبابه الراحلين ويكتب عنهم سواء بعد رحيلهم مباشرة أو فى ذكراهم، وهو ما كان يعتاد عليه مع عدد كبير جدًا من الناس، وليس شرطًا أن يكونوا أصدقاء، لكن هناك قمم كبيرة كتب عنها بعد رحيلها فى كل المجالات. وجاء الكتاب الثالث عن فؤاد حداد بعنوان «القطب الأكبر»، والجميع يعلم مدى علاقة القرب الشديدة التى كانت تجمع خيرى شلبى وفؤاد حداد. والكتاب الرابع يحمل اسم «فى منازل العاشقين»، وهو كتاب عن بعض رموز الصوفية الموجودين فى مصر أو الذين كتب عنهم خيرى شلبى مقالات عديدة وعمل عنهم دراسات. والكتاب الخامس بعنوان «أساتذتى»، وكتب فيه خيرى شلبى بشكل خاص عن كبار الأساتذة عمومًا للأدب المصرى والعربى أمثال طه حسين وتوفيق الحكيم ويحيى حقى ونجيب محفوظ.
وهناك تعاون مع بيت الحكمة للثقافة فى نشر موسوعة «أعيان مصر» التى كتبها خيرى شلبى، وهى موسوعة مكونة من سبعة أجزاء تتناول نحو ٨٠٠ شخصية مصرية. الموسوعة تتميز بأسلوب شلبى الفريد فى فن البورتريه الأدبى.
لأول مرة، تتم طباعة المجموعة كاملة بترتيبها الحالى، حيث سبق أن نُشرت أجزاء متفرقة منها خلال حياة الكاتب بالتعاون مع دور نشر مختلفة، إذ لم تتجاوز أى منها طباعة جزءين فقط.
الآن، يقدم بيت الحكمة الأجزاء السبعة كاملة فى إصدار موحد لتكون متاحة لجمهور القراء فى معرض القاهرة الدولى للكتاب، مما يتيح فرصة استثنائية للاطلاع على هذه الموسوعة القيمة بجميع تفاصيلها وأجزائها.
■ كيف يتم الحفاظ على إرث والدك بعد رحيله؟
- تشهد الفترة الحالية جهودًا حثيثة للحفاظ على إرث الوالد، من خلال إعادة طبع أعماله المنشورة بطرق متنوعة.
وتشمل هذه الجهود تجديد عقود الطباعة مع دور النشر المسئولة عن نشر مؤلفاته، أو البحث عن دور نشر جديدة تقدّر قيمتها الأدبية، خاصة بعد انتهاء حقوق الملكية لبعض الأعمال.
كما تتضمن الجهود طباعة الأعمال غير المنشورة سابقًا، والتى تقتصر غالبًا على مقالات أدبية، إذ لم يترك «شلبى» أعمالًا أدبية غير منشورة من قبل، إلى جانب ذلك، هناك كتب قديمة انتهت حقوق طبعها منذ فترة طويلة، ويجرى العمل حاليًا على إعادة إصدارها بالتعاون مع جهات نشر جديدة.
ومن ضمن هذه الجهود، ستصدر قريبًا مجموعة من الأعمال يتم جمعها فى كتاب واحد عن دار نهضة مصر، فى خطوة تهدف إلى إتاحة أعمال خيرى شلبى لجمهور القراء بشكل دائم ومتجدد.
■ ما توقعاتك لاستقبال جمهور خيرى شلبى أعماله الجديدة؟
- دائمًا ما أتوقع لخيرى شلبى كل الخير، وما لاحظته أن هناك حماسًا شديدًا عند الناس سواء من الأصدقاء الذين عرفوا الخبر أو الجمهور القراء الذين تفاعلوا مع أخبار نشر الأعمال على «السوشيال ميديا» فى صفحات نشر مختلفة أعلنت عنها، وأتوقع رواجًا جيدًا لتلك الأعمال، ورواجًا عامًا لاسم خيرى شلبى، فكلما مر الزمن ستحقق أعماله نجاحًا أكثر.
■ هل تمت أى تحديثات أو إضافات على الأعمال التى ستُعاد طباعتها؟
- لا يوجد أى تحديثات أو إضافات تمت على أعماله بالتأكيد، وما أقصده أنه لم يحدث تحرير عليها، لكن ما تم هو إعادة ترتيب، كالبورتريهات التى تم تصنيفها من جديد، وتقسيمها على ٧ أجزاء، ولكن الجديد هو جمع أربعة كتب معًا، بالتعاون مع دار نهضة مصر تحت عنوان «أوراق البنفسج.. وأوراق أخرى»، والجديد حدث فى الشكل، لكن لم يحدث أى تحرير من أى نوع على الكتب، والأعمال التى ستصدر عن مؤسسة غايا للإبداع هى تجميع لمقالات لم تجمع من قبل بهذا الشكل، وبالتالى تُنشر فى كتب من باب التجويد.
■ هل هناك مشاريع مستقبلية تتعلق بتوثيق تراث خيرى شلبى الأدبى؟
- بالتأكيد هناك مشاريع مستقبلية عديدة لخيرى شلبى، وستتم طباعتها، ولكن الأمر يحتاج لتجهيز جيد ووقت كبير من بحث فى الأرشيف وتحديد ما تم نشره وما لم يُنشر، وسيتم العمل على هذا الأمر قريبًا.
■ ما أكثر عمل أدبى لوالدك تفتخر به شخصيًا.. ولماذا؟
- بالنسبة لأعمال والدى، فإننى أتعامل معها على أنها أولادى وأحبها جميعًا بلا استثناء، فكل عمل له طابع مميز جدًا، ولخيرى شلبى بصمة مختلفة، بالطبع هناك تفضيلات بشكلٍ ما، شخصيًا أحب رواية «صالح هيصة»، وكذلك «ثلاثية الأمالى»، فضلًا عن الأعمال القديمة كـ«الأوباش» و«الوتد» وغيرها، فبالتالى كل عمل لديه ذكرى مختلفة وأحبه بشكل مختلف.
■ ماذا تريد أن تقول للقراء الذين لم يسبق لهم التعرف على أعمال خيرى شلبى بعد؟
- أقول لهم جربوا وأعِدكم ألا تندموا، وتحديدًا إذا بدأتم بالمقالات المختلفة كالبورتريهات وغيرها، ومن المؤكد أنها ستكون فرصة جيدة للاطلاع على عالم خيرى شلبى من منظور مختلف، ومن بعدها أتوقع أن تبحثوا بأنفسكم عن جميع أعماله الأدبية الأخرى.
■ بعض أعمال والدك تم تحويلها لأفلام ومسلسلات.. لماذا لم يتم التوسع فى هذا المسار؟
- رغم غزارة إنتاج خيرى شلبى الأدبى، فإن أعماله التى تم تحويلها إلى أفلام ومسلسلات قليلة، إذ اقتصر الأمر على ٥ أعمال فقط. فى السينما، تم تحويل روايتيه «السلطان» و«سارق الفرح» إلى أفلام، بينما فى التليفزيون جاءت مسلسلات «الوتد»، «الكومى»، و«وكالة عطية».
ومن بين هذه الأعمال، كان خيرى شلبى يحمل عاطفة خاصة لمسلسل «الوتد»، حيث قام بنفسه بكتابة السيناريو والحوار، مجسدًا رؤيته الكاملة للعمل.
كما كان يعشق فيلم «سارق الفرح»، وهو نتاج إحدى قصصه القصيرة فى مجموعة تحمل الاسم نفسه، وارتبط العمل بمعركة فنية جميلة قادها المخرج داود عبدالسيد لإبراز تفاصيل الرواية.
خيرى شلبى كان ينظر إلى العلاقة بين الأدب والفنون باعتبارها امتدادًا طبيعيًا لبعضها، فكلها أفرع تنبثق من جذور الفن الواحد. بفضل هذه النظرة، لم يكتفِ بالإبداع فى الرواية والقصة القصيرة، بل كتب المسرح والمقال الأدبى والبورتريه، وأظهر فهمًا عميقًا للسينما، حيث عمل كاتبًا للسيناريو وأتقن أدواته. كانت رؤيته الشاملة تجسد تكاملًا إبداعيًا قلّما يتكرر.
ويؤسفنى أن أقول إن هناك أمرًا غير مفهوم وغير مبرر بالنسبة لى، وهو عدم الحماس لتحويل أعمال خيرى شلبى الأدبية لدراما بما يليق بها وبكثافة تناسب أعماله، ومن الواضح أن جيل الستينيات الذى ينتمى له خيرى شلبى كان غير محظوظ بالنسبة للتعامل مع السينما كالجيلين اللذيْن سبقاه.
■ هل تعتقد أن أعمال خيرى شلبى المنتظر صدورها ما زالت تلامس الواقع المصرى حاليًا؟
- بالتأكيد كل كلمة كتبها خيرى شلبى تلامس الواقع المصرى اليوم وأمس وغدًا، بمعنى أنها من قلب الواقع المصرى، ففيه أشياء مشتركة من آلاف السنين، من أيام مصر القديمة مرورًا بمصر الرومانية والقبطية والإسلامية وحتى فى التاريخ المعاصر. وبالتالى خيرى شلبى كانت لديه قدرة على جمع تلك المشتركات أو أن يلقط مفردات الشعب المصرى بكل مكنوناته ومكوناته الحضرية وغيرها، وبالتالى عندما يكتب عن مصر وعن المصريين أيًا كان الزمن الذى ينتمون له، فهو بالتأكيد يكتب عن شىء مصرى جدًا جدًا، يشعر به كل واحد يقرأ أعماله. كما أن خيرى شلبى يكتب بنفس أدبى طوال الوقت، فقلمه أدبى جدًا، سواء فى كتبه ومقالاته، فمَن يبحث عن أعماله الأدبية لا يشعر بشىء ناقص، بالعكس أنا شخصيًا كنت مستمتعًا جدًا وأنا أجمع كتبه، وأعتقد أن هذا سيكون الحال مع كل من يقرأ أى عمل من الأعمال الجديدة التى ستُنشر قريبًا.