عظم جدودك.. «أحمس».. صانع الاستقلال
لم يُخطئ «مانيتون»، المؤرخ المصرى القديم، عندما جعل الملك «أحمس» أول ملوك الأسرة الثامنة عشرة، على الرغم من أنه نشأ بين ملوك الأسرة السابعة عشرة، لكن فى عهده طُويت صحفة من تاريخ البلاد تميزت بالاستعباد والحروب، لأكثر من قرن ونصف القرن من الزمان، وبدأت مرحلة جديدة تميزت بالاستقلال، وطرد الغزاة الغاصبين من أرض الكنانة.
أحمس الأول، مؤسس الأسرة الثامنة عشرة، وطارد الهكسوس، وواضع حجر الدولة الحديثة- هو ابن الملك سقنن رع، والملكة إياح حتب، وشقيق الملك «كامس» آخر ملوك الأسرة السابعة عشرة، وبفضل بطولاته، ومن قبله جده ووالده وأخوه، تخلصت مصر من عهد استعباد استمر عشرات السنين.
اقرا ايضًا: عظّم جدودك.. رمسيس الثانى.. الملك صاحب الـ100 ابن
وكان الملك سقنن رع أول من بدأ مهاجمة الهكسوس، لتحرير مصر من احتلالهم، وقتل أثناء حربه عليهم، ثم جاء الملك كامس ليتسلم مقاليد الحكم والحرب، واستمر على العرش ثلاث سنوات، طهّر خلالها الصعيد من الهكسوس، ولكنه مات فى المعركة قبل أن ينجح فى طردهم بشكل نهائى، ليأتى «أحمس»، ويكمل ما بدأه أسلافه.
نجاح «أحمس» فى الحرب اعتمد فى المرتبة الأولى على ذكائه، فهو أول من استخدم العجلات الحربية، ووضع خططًا استراتيجية للحرب، وانضم إلى الجيش كثير من الشعب المصرى، وذهب هو وجيوشه إلى أواريس، صان الحجر حاليًا، عاصمة الهكسوس، وهزمهم هناك، ثم لاحقهم إلى فلسطين، وحاصرهم فى حصن شاروهين، وفتت شملهم هناك، حتى استسلموا.
ويحدثنا «أحمس» على جدران قلعة «سمنة» بالنوبة عما أحرزه من انتصار فى آسيا، وكيف أنه بعد أن انتصر فى الحرب، وعاد منها موليًا وجهه نحو الحدود الجنوبية، وجد أن السود وفلول الهكسوس قد استغلوا فرصة انشغاله بالحروب فى آسيا، وزحفوا شمالًا نحو البلاد المصرية، فلحق بهم، وانتصر عليهم فى معركة كبيرة.
اقرا ايضًا: عظّم جدودك.. تحتمس الثالث.. الإمبراطور الأول
وبعد انتهائه من معركته الأخيرة، بدأ فى إعادة تنظيم إدارة البلاد، وفتح المحاجر والمناجم وأنشأ طرقًا جديدة للتجارة، ولذا يصفه المؤرخون بواضع حجر الدولة الحديثة.
وعلى الجانب الشخصى، تزوج الملك أحمس من شقيقته «أحمس نفرتارى» التى أصبحت أول زوجة للإله آمون، وأنجبت له ثلاثة أبناء: أحدهم هو وريث العرش الملك أمنحتب الأول، وقد توفى الأول والثانى فى سن صغيرة، وأربع بنات هن: مريت آمون، وسات آمون، وإياح حتب، وست كامس.
واستمر «أحمس» فى حكم مصر حتى مات فى الأربعينات، وتوصل العلماء من شكل موميائه، التى وُجِدت بين الموميات التى عثر عليها فى خبيئة الدير البحرى، إلى أنها لرجل قوى الجسم، عريض المنكبين.
أما عن مقبرته، فيعتقد أن لأحمس مقبرتين، إحداهما فى أبيدوس، وتتكون من معبد منحدر ومقبرة جنائزية وبقايا هرم اكتشفت عام ١٨٩٩، وعُرف أنه هرمه عام ١٩٠٢، والأخرى فى طيبة وقد تعرضت للنهب بواسطة اللصوص، وقد اكتشفت مومياؤه عام ١٨٨١ فى خبيئة الدير البحرى مع مومياوات بعض ملوك الأسر الثامنة عشرة والتاسعة عشرة والواحدة والعشرين، وتم التعرف على موميائه فى ٩ يونيو عام ١٨٨٦، بواسطة جاستون ماسبيرو.