بقيع مصر.. أسرار مشروع تطوير مقابر الصحابة أسفل جبل المقطم
- تحويل المنطقة إلى «مزار سياحى شامل».. والهدف تعزيز السياحة الدينية مع التركيز على شرق آسيا
- رفع كفاءة الطرق وإضافة لوحات إرشادية لتسهيل الوصول إلى المنطقة.. والتخلص من «المبانى العشوائية»
- المنطقة تضم مقابر تخص الصحابة وآل البيت والصالحين والصوفية والعلماء ورجال الدولة من عصر أسرة محمد على
- خط سير متكامل للرحلة يشمل «آل البيت والصحابة والصالحين».. وحماية «مشاهد الرؤيا» التى لا تضم جثامين أو رفاتًا
- اتباع أعلى المعايير العلمية للحفاظ على موقع القاهرة التاريخية على لائحة «اليونسكو» لمواقع التراث العالمى
نفتح الآن موسوعة مؤرخ مصر العظيم «ابن تغرى بردى»، التى تحمل عنوان «النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة»، ونقرأ حكاية يرويها الإمام الليث بن سعد.
الرواية تقول «إن (المقوقس)، عظيم قبط مصر، طلب من الصحابى عمرو بن العاص، بعد الفتح الإسلامى، أن يبيع له جبل المقطم، وكان السعر المعروض 70 ألف دينار، ولأن العرض لا يمكن رفضه، كتب (عمرو) للخلفية، عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، يسأله الموافقة، لكنه رد عليه مستفسرًا: سله لماذا أعطاك ما أعطاك فيه وهو لا يزرع ولا يستنبط منه ماء؟.
فعل عمرو بن العاص ما طلبه الخليفة، فأجابه المقوقس: إنّا نجد صفته فى الكتب القديمة أنه يُدفن فيه غراس الجنة».
كتب «بن العاص» بذلك إلى «الفاروق»، الذى رد: «أنا لا أعرف غراس الجنة إلّا للمؤمنين، فاجعلها مقبرة لمن مات قبلك من المسلمين ولا تبعه بشىء».
هذه القصة رواها، أيضًا، الصحابى سفيان بن وهب الخولانى، ونقرأها فى «موسوعة رواة الحديث»، حيث يقول إنه كان يسير فى سفح المقطم فى صحبة عمرو بن العاص و«المقوقس»، حين سأله فاتح مصر: «ما بال جبلكم أقرع لا نبات به على نحو جبال الشام؟»، فأجاب «المقوقس»: «لا أدرى.. ولكن الله تعالى أغنى أهله بهذا النيل، وإنا نجد فى الكتب ما هو خير من ذلك».
وهنا استفسر «عمرو» عما هو «خير من ذلك»، وبين له «المقوقس» المقصود بقوله: «يُدفن تحته قوم يبعثهم الله يوم القيامة لا حساب عليهم»، فدعا «عمرو»: «اللهم اجعلنى منهم».
ومن هنا صار جبل المقطم أرضًا يُدفن فيها موتى المسلمين، وبات ملجأ للزهاد والمتصوفة، الذين أخذوا من سفحه مقامًا، ومن أوديته منامًا، وصار بحق «بقيع مصر».
لكن هذه «القطعة التاريخية» ذات المكانة العظيمة، بما تضمه من مقابر تخص الصحابة وآل البيت، والصالحين والصوفية، والعلماء ورجال الدولة من عصر أسرة محمد على، بالإضافة إلى عدد من المساجد، والقباب، والأضرحة والمشاهد- لم تلق الاهتمام المطلوب لسنوات طويلة، حتى فعلتها الدولة الآن عبر مشروع تطوير ورفع كفاءة مقابر الصحابة وآل البيت والصالحين بسفح جبل المقطم.
رئيس لجنة التطوير يتحدث
البداية كانت مارس الماضى، مع قرار وزير السياحة والآثار، أحمد عيسى، بتشكيل لجنة علمية أثرية فنية، برئاسة الدكتور جمال عبدالرحيم، أستاذ الآثار الإسلامية بكلية الآثار جامعة القاهرة، لإعداد دراسة كاملة حول مقابر الصحابة وآل البيت والصالحين بسفح جبل المقطم، ووضع تصور مشروع كامل لتطويرها وترميمها، لما تتمتع من قيمة أثرية وحضارية ومتابعة خط سير مسار الزيارة لهذه المقابر، ما يتناسب وأهمية المنطقة الأثرية.
تواصلت «حرف» مع الدكتور جمال عبدالرحيم، الذى يقول إن المشروع يركز بشكل أساسى على المنطقة الموجودة أسفل تلال جبل المقطم، والمدفون فيها مجموعة من الصحابة وآل البيت والصالحين، مشيرًا إلى أن هذه المنطقة بدأت، فى الآونة الأخيرة، فى لفت أنظار الكثير من المصريين والأجانب، خاصة من مناطق شرق آسيا، سواء الوسطى أو الصغرى، ما شجع صانعى القرار على الاهتمام بتطويرها.
ويضيف أن هذه المنطقة المهمة تقع على مساحة تقارب ٤ كيلومترات، ومن أبرز ما تضمه ضريح الإمام الشافعى، و«نفتخر كمصريين بوجود واحد من الأئمة السنية الأربعة لدينا»، وقبر عمرو بن العاص، وعبدالله بن الحارث، وأبوبصرة الغفارى، وعقبة بن عامر، ومسلمة بن مخلد الأنصارى، وقبر السيدة نفيسة، والشريفة فاطمة، والشريف الهاشمى، والأشراف من آل طباطبا، وذو النون المصرى، وابن الحسن الديبورى، وعمر بن الفارض، وجامع ومقام الإمام الليث.
ويلفت إلى أن هذه المنطقة تسمى «البقيع الأول» فى مصر، فنحن لدينا منطقة «البقيع الثانية» التى تقع فى مدينة البهنسا بمحافظة المنيا، مشيرًا إلى أن تاريخ منطقة المقطم يعود لدخول عمرو بن العاص إلى مصر، حيث أصبح الدفن يتم بشكل عشوائى تبركًا بمن دفنوا بعد فتح مصر.
ويشير إلى أن هذه المنطقة تضم نوعين من المزارات؛ أولها المقابر والقباب الأثرية التى دُفن فيها الصحابة والصالحون بالفعل، ثم ما يسمى بـ«مشاهد الرؤيا»، التى لا تضم جثامين أو رفات، مثل قبة عاتكة والجعفرى، وقبة السيدة رقية، لكنه يشدد على أنها لا تقل أهمية عن الأضرحة أو المقامات الحقيقية، حيث تعد تراثًا ماديًا من حيث بقاء أبنيتها من المدافن أو القباب أو الأحواش بعناصرها المعمارية والإنشائية، وما تضمه من تراكيب ومقاصير وشواهد ونقوش كتابية وفنية وتوقيعات.
ويبين أستاذ الآثار الإسلامية أن الوصول لهذه المنطقة كان صعبًا للغاية، خاصة أنها تقع وسط المقابر والمنازل العشوائية، وهنا يلفت إلى أن «مصر عانت من البناء العشوائى بشكل كبير، وهو ما أضر هذه المنطقة تحديدًا»، لذا قررت الدولة، من خلال هذا المشروع، تسهيل وصول الزائرين للمزارات الأثرية الموجودة بالمنطقة، سواء من آل البيت أو الصحابة أو الصالحين، حيث إن هذه المزارات عانت الإهمال لعشرات السنين، حتى وصل الحال ببعضها للتضرر الشديد.
لذا يوجه رئيس اللجنة الشكر والتقدير للرئيس عبدالفتاح السيسى على اهتمامه بالمنطقة، قائلًا: «حب الرئيس السيسى للصحابة والصالحين جلى فى هذا المشروع الذى توليه القيادة السياسية اهتمامًا خاصًا».
ويوضح أن الدولة بدأت، خلال السنوات الماضية، ممثلة فى وزارة السياحة والآثار والجهات المعنية، فى الاهتمام بالمنطقة، سواء عن طريق أعمال الترميم التى تجرى على قدم وساق، أو عن طريق رفع كفاءة الطرق التى تسهل الوصول لهذه المنطقة، مع إضافة الكثير من اللوحات الإرشادية بهذه الطرق، هذا بخلاف التخلص من المبانى العشوائية التى أضرت بهذه المنطقة، بحيث يستطيع الزائر الوصول بكل سهولة ويسر.
ويشير الدكتور جمال عبدالرحيم إلى أن اللجنة المختصة تواصل العمل على قدم وساق، من أجل وضع تصور كامل لتطوير وترميم مقابر الصحابة وآل البيت والصالحين بسفح جبل المقطم، بشكل يحفظ قيمتها الأثرية، ويحقق فى الوقت ذاته المستهدف من المشروع، وهو أن تصبح هذه المنطقة قبلة للزائرين من مختلف بقاع العالم.
ويؤكد أن العمل يشير بشكل علمى مدروس، وفق أعلى المعايير المعتمدة فى هذا الشأن، ولا سيما معايير منظمة اليونسكو، فى التعامل مع مثل هذه المناطق التاريخية والتراثية، فاللجنة وأعضاؤها هم أحرص الناس على تراث مصر وحمايته.
القائمة الكاملة لـ«المدفونين»
عن قيمة المنطقة، يقول خبير الآثار الدكتور عبدالرحيم ريحان، عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية- إن «مقابر جبل المقطم هى بقيع مصر، وتشم بها رائحة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فبعد الفتح الإسلامى اختارت «قبیلة بنو قرافة»، وهى إحدى القبائل المصاحبة لعمرو بن العاص عند قدومه مصر، جبل المقطم کمدافن لهم، ومن هنا جاءت تسمیة المقابر بالقرافة». وبتفصيل أكثر، يوضح أن هذه المنطقة تضم مقابر عمرو بن العاص، وعبدالله بن حذافة السهمى، وعقبة بن عامر الجهنى، وأبوبصرة الغفارى، والسيدة نفيسة رضى الله عنها، وبجوارها ضريح خادمتها الست جوهرة، والسيدة سكينة بنت الحسين، والحسن بن زيد والد السيدة نفيسة، والقاسم الطيب حفيد جعفر الصادق، والإمام الشافعى، وضريح ابن وقيع شيخ مقرأة الإمام الشافعى، ومسجد وضريح الفقيه الخامس الإمام الليث بن سعد، ومعه ولده وأخوه وآخرون، والقاضى عبدالوهاب البغدادى، وقبر ابن عقيل، وضريح أبى جعفر الطحاوى صاحب العقيدة الطحاوية، والإمام المزنى المصرى الشافعى.
كما تضم ضريح الإمام ورش، ومعه خادمه اللص التائب بشارع أبى البقاء، والإمام أبوالحسن القرافى شيخ عصره، وقبر ذى النون المصرى الولى الكبير، والإمام الحافظ الحجة عمر بن دحية الكلبى، وسلطان العاشقين عمر بن الفارض، وشيخ الإسلام ابن حجر العسقلانى، وضريح جلال الدين السيوطى، وضريح تلميذ السيوطى الشيخ نورالدين على القرافى، وضريح الكمال بن البارزى، وضريح على الشنوانى، وضريح الفارس أرقطاى، والإمام الشاطبى أشهر مَن جمع قراءات القرآن، وسلطان العلماء العز بن عبدالسلام، وضريح الإمام كمال الدين القسطلانى، والمؤرخ عبدالرحمن بن خلدون، والمؤرخ ابن هشام صاحب سيرة ابن هشام محمد بن الحنفية ابن سيدنا على بن أبى طالب.
هذا إلى جانب شاهد السيدة رابعة العدوية، وأحمد بن عطاء الله السكندرى صاحب الحكم العطائية، والقاضى العلّامة تقى الدين بن دقيق العيد القشيرى، ومقام ومسجد سيدى على وفا الكبير، وعبدالله بن أبى جمرة، ومقام الإمام العالِم فتح الدين محمد بن سيد الناس الفقيه الشافعى، وضريح العلّامة كمال الدين بن الهمام، والقاضى ضياء الدين أحمد بن قطب الدين البسطامى، والشيخ عز الدين الأصفهانى حفيد الشيخ أبى الحسن الشاذلى، والملك العادل ابن صلاح الدين الأيوبى، والسلطان قايتباى، والصحابى عبدالله بن الحارث، وشيخ المؤرخين المقريزى، وضريح سيدى أبوالسعود، ومقام العارف بالله تعالى الشيخ أبى العباس البصير، ومسجد وضريح العارف بالله أبى المواهب الشاذلى المعروف بـالتونسى، وتربة العلّامة شمس الدين الرازى، وضريح محمد الأشمونى صاحب الألفية، والصحابى عبيد بن حذافة، والصحابى مسلمة بن مخلد الأنصارى، والشريفة فاطمة، والشريف الهاشمى، والأشراف من آل طباطبا، وابن الحسن الديبورى.
أيضًا تضم الشيخ أبوعبدالله محمد بن جابار العالِم والفقيه والحافظ للأحاديث، والشيخ حسن حسن الشعار، والشيخ الإمام الفقيه المحدث أشهب بن عبدالعزيز بن داوود القيسى صاحب الإمام مالك، وتربة الإمام أشهب، وقبر الإمام العالم أبى القاسم عبدالرحمن بن القاسم العتقى، وجميع جنود جيش الفتح الإسلامى لمصر من الصحابة والتابعين وتابعى التابعين، وجميع حكام مصر من الولاة والأمراء والقضاة العرب والمسلمين، وجميع الأمراء والأعيان والباشوات والوزراء والقادة العسكريين طوال الحقب المصرية المتوالية، وجميع المؤرخين المصريين العظام منذ الفتح الإسلامى حتى بقية عصورها اللاحقة، منهم على بن الحكم، والكندى، والمقريزى، وابن زولاق، والسخاوى، وابن تغرى بردى، والطبرى، وإبراهيم بن القاسم الكاتب، وابن ظهيرة، وابن العميد، وابن إياس، وابن زنبل الرمّال، وابن أبوالسرور البكرى، وجمال الدين الشيال، وشهاب الدين أحمد بن عبدالله النويرى، والقلقشندى، وبيبرس المنصورى الدوادار، والإسحاقى، والجبرتى، وعلى باشا مبارك.
كما تضم مقابر الحضارم اليمنيين الذين جاءوا فى الفتح الإسلامى لمصر ومَن تلاهم من أولادهم وأحفادهم مثل مقبرة بنى عبسون، ومقبرة الجارودى، ومقبرة الصدفيين، ومقبرة المادرانيين، ومقبرة الخولانيين، ومقبرة القضاعيين، ومقبرة بنى طعمة، ومدافن الفقاعى، ومقبرة العامريين، ومقبرة المعافريين، ومقبرة التجيبيين، ومقبرة بنى كندة، ومقبرة الكلاعيين، ومقبرة الغافقيين.
لا هدم لمقابر تاريخية أو تراثية
أكد مصدر بوزارة السياحة والآثار أهمية المشروع نظرًا لكونه يسهم فى جذب المهتمين بـ«السياحة الدينية والروحانية»، حيث إن هذا النوع من السياحة شهد إقبالًا كبيرًا فى الآونة الأخيرة، ما يستلزم توافر عوامل تجذب هذا النوع من السياح، خاصة أن مصر لديها مقومات فى هذا الشأن لا تتوافر لدى أى دولة أخرى.
وقال إن المشروع يستهدف، بشكل عام، تحويل المنطقة إلى مزارات سياحية، بحيث يبدأ مسار الزيارة من ضريح الإمام الشافعى، ويمر بالمقابر حتى جبل المقطم، مشددًا على أنه لم ولن يتم هدم مقابر تاريخيّة ولا تراثية، وأن «ما يتم هدمه غير مسجل بوصفه آثارًا، بل عشوائيات استغلت مناطق تاريخيّة». وأضاف أن هناك اهتمامًا كبيرًا بهذا المشروع، نظرًا لكون المنطقة جزءًا من النسيج العمرانى لمنطقة القاهرة التاريخية أحد المواقع الأثرية المسجلة على قائمة التراث العالمى لليونسكو، حيث يجرى حاليًا تطوير المنطقة كلها وتحويلها إلى مزار سياحى.
وقد تواصلت «حرف» مع الدكتور جمال مصطفى، المكلف بتسيير أعمال ومهام رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية بالمجلس الأعلى للآثار، لكنه رفض التعليق، معللًا بأن «الوقت غير مناسب».
خبير يقترح معايير التطوير
بعد هذا الاستعراض الوافى، الذى يبين قيمة هذه المنطقة، يوضح الدكتور ريحان أن العمل يجب أن يتم وفق عدة أطر:
الأول: إن المنطقة تقع ضمن حدود القاهرة التاريخية، التى سُجلت تراثًا عالميًا باليونسكو عام ١٩٧٩ لتشمل الآثار الإسلامية والقبطية فى ثلاثة نطاقات، منطقة القلعة وابن طولون والجمالية، والمنطقة من باب الفتوح إلى جامع الحسين، ومنطقة الفسطاط والمقابر والمنطقة القبطية والمعبد اليهودى، واعتمدت حدود واشتراطات منطقة القاهرة التاريخية من المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية العمرانية، طبقًا للقانون رقم ١١٩ لسنة ٢٠٠٨ ولائحته التنفيذية ٢٠١١، وشملت النطاقات التى حددها الجهاز القومى للتنسيق الحضارى طبقًا للحدود المعتمدة من المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية العمرانية فى اجتماعه الرابع؛ برئاسة السيد رئيس مجلس الوزراء بقرار رقم ٠٤ /٧/ ٨/٠٩ بتاريخ ٢٩ يوليو ٢٠٠٩.
ويشدد خبير الآثار على أن الإخلال بأى معيار من المعايير التى سجلت عليه القاهرة التاريخية باليونسكو يهدد بإدراجها ضمن الآثار المهددة بالخطر، حيث تعد كل هذه المقابر ضمن النسيج العمرانى للقاهرة التاريخية المسجلة تراثًا عالميًا باليونسكو.
ويوضح أنه سبق إدراج دير مارمينا بالإسكندرية عام ٢٠١٠ على هذه القائمة بسبب المياه الجوفية، وأنفقت الدولة نحو ٥٠ مليون جنيه فى إطار خطة متكاملة لإنقاذه، حتى تم رفعه من القائمة.
وينوه إلى أن القاهرة التاريخية رُشحت تراثًا عالميًا بناءً على أربعة معايير، منها اقترانها بأحداث عدة وفترات حكم مختلفة كونت تراثها المعمارى وما زالت حتى الآن، حيث إنها من أقدم مدن التراث الحى المستعمل نسبيًا حتى الآن، وبالتالى فإن اقتطاع جزء لا يتجزأ من ذاكرتها الوطنية بهدم أى من هذه المقابر التى تمثل قيمة معمارية وفنية ومرتبطة بأشخاص شكّلوا جزءًا من تاريخها الحديث والمعاصر يفقدها معيار التواصل الحضارى.
والإطار الثانى، وفق قوله، إنه يتعين على الجهات المعنية بالآثار والتراث والمحليات فى مصر العمل فى إطار اتفاقية التراث العالمى عام ١٩٧٢ «اتفاقية متعلقة بحماية مواقع التراث العالمى الثقافية والطبيعية»، التى وضعت لتحديد وإدارة مواقع التراث العالمى، وطبقًا للمادة ٥ «د» من الاتفاقية على الدولة اتخاذ التدابير القانونية والعلمية والتقنية والإدارية والمالية المناسبة لتعيين هذا التراث وحمايته والمحافظة عليه وعرضه وإحيائه.
وحول الإطار الثالث يقول: يجب توفير الحماية القانونية لكل هذه المقابر بتسجيلها فى عداد الآثار لتخضع للحماية بقانون حماية الآثار رقم ١١٧ لسنة ١٩٨٣ وتعديلاته، أو تسجيلها ضمن المبانى التاريخية التراثية لتخضع للحماية بالقانون رقم ١٤٤ لسنة ٢٠٠٦ والمبانى التاريخية هى: المبانى والمنشآت ذات الطراز المعمارى المتميز أو المرتبطة بالتاريخ القومى أو بشخصية تاريخية، أو التى تمثل حقبة تاريخية أو التى تعتبر مزارًا سياحيًا، وهو ما ينطبق على هذه المقابر.
رابعًا: يشدد رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية على ضرورة إجراء الترميم وفق ميثاق فينسيا للترميم ١٩٦٤ الفقرة ١ «مفهوم المبنى التاريخى لا يتضمن الأثر المعمارى فقط، ولكن يشمل الوضع الحضرى للمنطقة المحيطة بالأثر الذى يبرهن على وجود حضارة خاصة أو تنمية مهمة أو حدث تاريخى، ولا ينطبق هذا فقط على الأعمال الفنية العظيمة، ولكن يشمل أيضًا الأعمال المتواضعة الباقية من الماضى التى اكتسبت أهميتها الثقافية بمرور الوقت»، والفقرة ٦ «حفظ الأثر يتضمن حفظ حالة المنطقة فى نطاقه، ويمنع تمامًا أى نوع من المنشآت الحديثة أو الإزالة أو التعديل، ويمكن السماح بذلك بشرط عدم التأثير على علاقات الكتل وعلاقات الألوان»، والفقرة ٧ « الأثر ملازم للتاريخ، فهو شاهد عليه وكذلك النسيج العمرانى الذى هو جزء منه وغير مسموح إطلاقًا بتحريك الأثر أو أى جزء منه إلّا إذا اقتضت وقاية الأثر ذلك، ويتم البت فى هذا فى حال وجود مصلحة عالمية أو محلية على أعلى قدر من الأهمية».
هنا مقابر هؤلاء
الصحابة:
عمرو بن العاص، وعقبة بن عامر، وعبدالله بن الحارث بن جزء الزبيدى، وأبوبصرة الغفارى، ومسلمة بن مخلد الأنصارى وغيرهم.
الأشراف:
السيدة نفيسة بنت الحسن بن زيد «رضى الله عنها»، والشريفة فاطمة، والشريف الهاشمى، والأشراف من آل طباطبا.
الأئمة والفقهاء:
الإمام الليث بن سعد، والإمام الشافعى، وأشهب صاحب الإمام مالك، وعبدالرحمن بن القاسم، ومحمد بن سيد الناس، وغيرهم.
الزهاد والصوفية:
ذو النون المصرى، ومحمد بن جابار الزاهد، وابن عطاء الله السكندرى، وعمر بن الفارض، وغيرهم.