نص شهادتها الزور ضد جمال عبدالناصر.. الوجه الحقيقى لصافى ناز كاظم
- اعترفت لى صافى ناز بأنها لا تكتب فى الفقه فهى غير متخصصة لكنها تكتب بروح الإسلام كما تقول
- ترفض صافى ناز كاظم التعامل معها على أنها ابنة جماعة الإخوان أو أى من الجماعات المتطرفة فهى لم تنضم إلى أى منها لكنها أعلنت أنها تعتنق أفكار سيد قطب
- لا بد أن نسأل عن تحولات الكاتبة التى حفرت فى الصخر لتصنع لها مكانًا فى عالم الصحافة المصرية
- هل التى وصفت جمال عبدالناصر بأنه سفاح هى نفسها التى تتحدث بهذه الحالة الحالمة عن القائد الملهم الذى صنعها وصنعته؟
- حسين أحمد قال لى: معلومات صافى فى الدين سطحية جدًا.. لا تزيد فى الغالب على معلومات بائع بطاطا
- لا يمكننى بعد اكتشاف حقيقة صافى ناز كاظم بشكل كامل إلا أن أعتبرها شاهدة زور
- أفسد اتجاه صافى ناز الدينى ذائقتها الأدبية فتحولت إلى مسخ ناقدة
- كل الأفكار المتناقضة تراكمت على عقلها فتجاور ما هو يسارى مع ما هو إسلامى وتداخل إحساسها بذاتها واعتقادها بأنها صاحبة الحق المطلق
عندما تحب صافى ناز كاظم تحب بلا مبرر.. وعندما تكره.. تكره بلا حدود.
متطرفة المزاج هى.. لا يمكن أن تتفاهم معها إلا إذا كنت على أرضيتها تمامًا، تردد ما تقول، ويعجبك ما يعجبها، وتنفر مما يزعجها، وإن لم تبالغ فى مدح عبقريتها وتفردها، تلفظك على الفور، ولا مانع عندها أن تقول لك فى وجهك إنها تكرهك. على مدار عقود، حاولت الكاتبة الكبيرة صافى ناز كاظم تصدير صورة لها، تنسج ملامحها على نول الصدق والأمانة وقول الحق، وعدم خشية أى سلطة مهما كانت سطوتها، لا تتردد عن صياغة رأيها فى الكتب والأشخاص والأحداث مهما كان صادمًا، حتى لو ثبت لها أنها على خطأ، لا تتراجع، فكيف لمن تعتقد أنها أوتيت جوامع الكلم أن تعترف بالخطأ أو تعتذر عنه.
كان يمكن لصافى أن تنهج نهجًا مختلفًا تمامًا فى تعبيرها عن رأيها، أن تتحلى ببعض اللياقة، ولن أقول الذوق، لكنها اختارت أن تكون «فاجومية»، ولا يهمها أن تكون جارحة لمن تتحدث عنهم، فاعتقادها بأن معها الحق جعلها تظن أنها يجب أن تقول ما تراه؛ حتى لو كان متجاوزًا فى حق الآخرين.
لا تكتفى صافى ناز بإعجابها برأيها ونفسها، ولكنها تتعمد السخرية من الآخرين ومما يعجبهم ويركنون إليه، فإما أن تكون «كاظمى الهوى»، وإلا فهى تمارس ضدك طقسًا متكاملًا من النفى التام لك ولكل ما تمثله وتعتقده وتذهب إليه وتراه.
لعقود طويلة صدعتنا صافى ناز بأنها شاهدة حق.
وبعد كل هذه العقود يؤسفنى أن أقول لصافى ناز، ولكل من يعتقدون فيها خيرًا، إنها لم تكن أبدًا كذلك، بل هى أقرب ما تكون إلى شاهدة زور.
لا أقول رأيًا شخصيًا فى صافى ناز، ولا أقدم لك تقييمًا نظريًا إنشائيًا عنها، ولكننى سآخذك معى فى رحلة عبر الزمن، لتضع يدك أنت على ما ذهبت إليه، من أنها مجرد شاهدة زور.
نحن الآن معًا فى العام 1970.
على وجه التحديد فى شهر أكتوبر.. وبتحديد أكثر يوم 9 منه.
نمسك سويًا عدد مجلة المصور الذى تحتله صورة للرئيس جمال عبدالناصر، الذى لم يكن قد جف دمه بعد، فمنذ ما يقرب من عشرة أيام فقط كان جمال قد رحل عن عالمنا.
تصفح معى العدد بهدوء، تجاوز سرادق العزاء الكبير الذى أقامته المجلة بالصور والمقالات والتقارير الصحفية، اقترب قليلًا، توقف معى هنا، نعم.. أقصد المقال الذى يحمل توقيع الكاتبة صافى ناز كاظم.
تعال نبدأ بالعنوان.
«باقية هى: مصر الثورة.. العربية.. الاشتراكية.. المقاومة».
سأتركك وحدك تقرأ ما خطته الكاتبة الكبيرة بيديها.
تقول: أردت أن أكون لائقة به.. فلم أبك، امتلأت بالحزن العظيم.. فلم أبك.
لو بدأ النحيب لن ينتهى، لو أطلقنا العويل لن ينكبح.
أردت أن أكون جديرة بأننى التى نضجت تحت شمسه، فلم ينثن عودى، لن أنكر.
عنيدة أردت أن أكون، فقد كان عنيدًا، محبًا للعناد، فخورًا به.
حين كان البكاء موسمًا خصبًا قال: هذه ليست ساعة للحزن.. إنها ساعة للعمل.
لا.. لم أبك، وغضبت من العويل عليه، هذا رجل نفقده حين لا نكونه.. حين لا نحققه بنا.
وتقول: نحن مصر الثورة، مصر العربية، الاشتراكية المقاومة.
لم أبك لأننى هرعت، أندس، أغوص فى موجة من البحر الذى غنى له: الوداع يا جمال يا حبيب الملايين، الوداع.. ثورتك ثورة كفاح عشتها طول السنين.
غنيت وغنيت وغنيت وأصواتنا الآلاف التى «كناه»، تتساند وتتساعد، ونظرة وديعة جليلة تتجول فيما بينها تتعرف على نفسها، تتلمس ذاتها، هذا الشوق النبيل.
وكلما ارتفع عويل يائس شدته الأغنية فيندثر ليبعث صوتًا معنا تزداد به الأغنية صلابة ودفئًا.
هذا رجل ولد منا.
وتقول: حملناه فى رحم هذه الديار أعوامًا وقرونًا، ملامحه فينا ودماؤه ما زالت تضخها قلوبنا، هذه الملايين التى سارت آلافًا، أنفاسها جمعته وبعثته فينا.
هذه الملايين وديعة العيون، حنونة الخطوة، صابرة حتى ليحسبها الساذجون مستسلمة.
هذه الملايين حين أرادت أنجبته ثورة، ثم توارت خلفه تقيم ظهره وتعين عناده، وجعلت جبهتها حين اتحدت فيه فبدت به فردًا عريضًا.
وتقول: هذا رجل كان حقنا، استحققناه لأننا تعبنا فى الحصول عليه، تعبنا فى الحرص عليه، وتعبنا لكى يظل حقنا، كان فى حوزتنا لأننا دفعنا لنحوزه.
هذا رجل شئنا أن يكبر فينا لنكبر به.
نحن الملايين العربية التى اتحدت فيه، فبدت به فردًا عريضًا مبتسمًا رغم كل ساعات الحزن.
نحن الصابرين الطيبين الضاحكين رغم الظلام والظلمات.
وتقول: عيب علينا اليوم أن يتمادى العويل، غنوا حتى لا يأتيكم من أنفسكم معاتبًا: هذه ليست ساعة للحزن إنها ساعة للعمل.
عيب أن تقتلوا ابتسامته، حين نبتسم نجد وجهه.
كونوا أليق به لتجدوه غير فقيد.
كونوا «هو» الذى شئتم أن يكون.
كونوا الذى تمنيتموه وجعلتموه حلمكم، حققوه على صورتكم وتشبثوا به قائمًا، مطلبكم ثورة حتى النصر.
لملموا الذى شتته فينا البكاء وأقيموه حتى نعيد ميلاده شابًا عنيدًا نميت به المغتاظين غيظًا، هؤلاء الذين حسبوه اليوم ميتًا ففرحوا.
سمعوا العويل ففرحوا.
وتقول: اقتلوهم غيظًا وأعيدوه بعناده وبسمته.
قاتلوهم به سيفًا ذا فقار، شهيدًا نرزق به حيًا متوالدًا متفجرًا منبثقًا بنا، فينا، منا، نبع مقاومة لا ينقطع.
عيب علينا أن يتمادى العويل.
اليوم علينا أن نأخذه ونحرص عليه ونكون أبهى ما كان.
نحن الملايين التى اتحدت فبدت به فردًا عريضًا.
اليوم يتحد هو فينا ليبدو بنا، ويظل باقيًا.. يظل.
انتهت هذا القطعة الأدبية البديعة المفعمة بالمشاعر الفياضة المنطلقة بالمحبة والإيمان بالرئيس الذى رحل، كتبتها صافى ناز بصدق يبدو من حروفها وكلماتها وتراكيبها اللغوية والصور التى تناثرت بين السطور، ومحاولات كبح جماح الدموع التى قررت ألا تغلبها، فمثل جمال القوى العنيد عندها لا يجب أن نبكى عليه، بل لا بد أن نتقوى به.
سترفع رأسك حتمًا وتنظر إلىّ متعجبًا، وقبل أن تطلق فى وجهى أسئلتك من قبيل:
هل هذا مقال للست صافى ناز بالفعل؟
هل هى من كتبت عن عبدالناصر هذا الكلام بكل هذه النعومة والرقة؟
هل التى تتحدث بكل هذا الشجن هى نفسها التى تفتح حنجرتها على آخرها وهى تتحدث؟
هل التى وصفت جمال عبدالناصر بأنه سفاح هى نفسها التى تتحدث بهذه الحالة الحالمة عن القائد الملهم الذى صنعها وصنعته؟
سأقول لك هى نفسها بشحمها ولحمها، وقد كتبت ذلك بعد وفاة عبدالناصر، ما يعنى أنها كانت على قناعة تامة بكل ما فعله حتى مات، فلو أنها لم تكن مقتنعة وخشيت أن تتحدث بما لديها عنه فى حياته، فما الذى يجعلها تكتب هذه المرثية الدامعة دون دموع؟، حتمًا كانت مقتنعة، فما الذى جعلها ترتد على عقبيها مرة أخرى، وتخرج علينا بكتابها الضال والمضلل «الخديعة الناصرية» فى العام ١٩٩١؟
وما الذى جعلها حريصة بعد ذلك بسنوات على رجم عبدالناصر كلما أتى ذكره أمامها فى أى حوار صحفى أو لقاء تليفزيونى أو مقال عابر تنشره فى صحيفة أو حتى فى جلسة خاصة تجمعها بأصدقائها وصديقاتها؟
ما الذى حدث لصافى ناز كاظم فى هذه الفترة التى استغرقها مشوارها من العام ١٩٧٠ إلى العام ١٩٩١؟
هنا لا بد أن نسأل عن تحولات الكاتبة الصحفية المشاغبة المتخصصة فى النقد المسرحى، التى حفرت فى الصخر لتصنع لها مكانًا فى عالم الصحافة المصرية، وهو المكان الذى جاورت فيه كبار الكتاب، أخذت منهم وأعطتهم، وضعوا فى طريقها العراقيل، لكنها لم تستسلم.
فى لقائى الأول والوحيد معها- كنت قد أجريته معها بمناسبة وصولها الـ٦٥ من عمرها المديد- حدثتها عن هذه التحولات.
قلت لها: سمعت كثيرًا عن تحولاتك الفكرية.. كنت شيوعية متعصبة فتحولت إلى كاتبة إسلامية.
ردت بسرعة، وقبل أن أكمل كلامى: هذا الموضوع بيجننى.
قلت لها: ولكن عبدالرحمن بدوى عندما رأى صورتك بالحجاب، سأل: متى ارتدت صافى ناز كاظم الحجاب وهى طول عمرها شيوعية متعصبة؟
قالت دون أن تبلع ريقها: عبدالرحمن بدوى قال كده.. هو يعرفنى؟ وبعدين هو مش عاجبه حجابى؟
قلت لها: مش حكاية إعجاب.. بدوى قال لم أفهم فقط.
قالت: ما هو لم يفهم فى الأول علشان يفهم فى الآخر، وبعدين بدوى واخد حجم أكبر من حقيقته، أنا عندى ٦٥ سنة النهاردة، وتكوينى الثقافى كله من سنة ١٩٤٢ حتى اليوم، عبدالرحمن بدوى لم يسهم فيه بقشر لبة، فهو فيلسوف كبير مافيلسوفش كبير «طز»، علشان يعنى ترجم نيتشه وشوبنهاور، وإيه العبقرية فى إنه ترجم لكبار الفلاسفة اللى هم لا يساوون عندى خردلة، شوبنهاور ونيتشه طز فيهم، دول ناس ميعرفوش ربنا، دى «أم رأفت» الأمية اللى بتساعدنى فى البيت أفضل من نيتشه اللى قال إن الله قد مات، وأصل يعنى إيه الفلسفة دى؟ إذا كان عبدالرحمن بدوى لم يعرف سر الإله وسر الكون وسر الروح، رجل لم يقدر أن يلتقط هذه اللحظة، يبقى «طز» فيه، عبدالرحمن بدوى لم يسهم فى تشكيل جيلى الثقافى على الإطلاق، أسهم فى تشكيل سامح كريم وأنيس منصور، يبقى كتر خيره قوى.
قلت لها: ابتعدنا عن الموضوع الأساسى يا ست صافى.
أدركت ذلك فقالت: أنا لم يحدث لى تحول، حدث لى تصحيح، أنا مواليد ١٩٣٧، ولفحت جيلى لطشة تغريب قوية، قالت لنا إن غطاء الشعر ليس واجبًا، وطلعنا على هذه القيم، لكننا كنا نصلى ونصوم، وكنا نتصور أننا مسلمون ولا أحد أفضل منا فى الدنيا، أنا فى حياتى لم أرتكب شيئًا من المحرمات الواضحة، وعشت فى أمريكا ست سنوات لم أشرب الخمر ولم أرتكب الموبقات الكبرى، لم آكل حنزيرًا، باستمرار أحافظ على صلاتى وعمرى ٧ سنين، لكن سنة ٧٢ عندما سافرت لأحج مع أمى، كنت رايحة وليس فى ذهنى نهائى أننى يجب أن أرتدى الزى الإسلامى، وكان لأول مرة فى عهد السادات يُفتح الباب أمام كتب سيد قطب.
سيد قطب
لم تكن صافى ناز تعرف سيد قطب، لكن عندما قرأت له- كما تقول- تغيرت عندها أمور كثيرة، قالت لى: إن الذى يقرأ «فى ظلال القرآن» يستحق أن يحصل على دكتوراه، فما بالك بمن كتبه؟
تقول: وأنا فى الحج وعائدة من عرفات إلى مكة جلست إلى جوار شيخ جزائرى، قلت له: ألا ينفع يا مولانا بعد أن أرجع إلى مصر أن ألبس لبسى العادى؟، فقال لى: اللبس اللى أنت لابساه هو العادى، هذه الكلمة فوقتنى، فأنا أصلى بالحجاب وأحج بالحجاب، فرجعت أحاول أن أبتكر لبس لأنه لم يكن هناك وقتها تقاليد للبس، فابتكرت أنا فى اللبس، لأنى كان عندى ٣٣ سنة، وكان عندى غرور أن ألبس حجابًا لكن يكون شكلى كويس فى نفس الوقت.
أكملت صافى ناز حديثها عن تحولاتها، فقالت: أنا لم أتحول، أنا فقط صححت مسارى، أنا مع العدالة الاجتماعية منذ قرأت ما كتبه سيد قطب عنها، وأنا عمرى ما كنت ماركسية والماركسيون يعلمون ذلك، ولما سجنت معهم كانوا يلفظوننى لفظهم للشيطان الرجيم بتاعهم، والكلام عن أننى شيوعية كان مؤامرة بين الأمن والشيوعيين، الأمن قال علىّ شيوعية لأنه لم يستطع أن يقبض إلا على الشيوعيين والماركسيين، ويوسف السباعى قال علىّ شيوعية وهو يعلم أننى لست كذلك، ده أنا سُجنت مع الشيوعيين بعد أن عدت من الحج، وكانوا يروننى أصلى وكنت أرتدى الغطاء الذى تطور إلى الأفضل.
اعترفت لى صافى ناز بأنها لا تكتب فى الفقه، فهى غير متخصصة، لكنها تكتب بروح الإسلام- كما تقول- فخلفيتها دينية لأنها نشأت فى بيت متدين، أبوها رجل مؤمن بيصلى ويصوم، وأمها كانت سيدة ملتزمة جدًا بالدين، تلبس طرحة الأرمل تغطى بها شعرها، وهو غطاء هوانم بتاع زمان.
تقول صافى: أنا حسمت الموضوع مع نفسى، قلت أنا داخلى مسلمة، ولذا وفقت بين مظهرى وجوهرى، وعشت فى أمريكا ست سنوات مسلمة، وعمرى ما لبست المايوه، ويمكن لبسته مرة أو اثنتين وأنا فى مخيم أطفال فى عمل صيفى فى أمريكا، لبست المايوه علشان أعوم مع الأطفال، لكن أنا عندى مشكلة، قابلت سعاد نصر فى المسرح ووجدتها تقول لى: فين أيام المينى جيب والميكروجيب يا صافى، قلت لها: أنا عمرى ما لبست الميكروجيب، قالت لى: إنت جالك زهايمر ولا إيه؟ قلت لها: لا أبدًا مفيش زهايمر، فأنا فى رحلتى الـAUTO STOP لبست البنطلون فقط، بل كنت أول صحفية أرتدى البنطلون.
وتقول صافى عن ارتدائها البنطلون: كل هذا كان غلط وعن جهالة، وبعدين كل شىء فى بلدنا كان محتلًا، وكنت أقول دائمًا إحنا اتنشلنا من إسلامنا، لكننى حررت نفسى وعدت إلى إسلامى، وأعتبر رأسى الآن أرضًا محررة، فحجابى لا يغطى عقلى، وفى كل كتاباتى لا يوجد شىء يقيدنى، فالقرآن يقول لى «يا أيها الإنسان» مالك أنت بقى إذا كان وسطى محزق ولا واسع وهو كلام يهين المرأة، وليه الست تكون فوق الستين وتحط أحمر وأخضر وتضع أشكالًا غريبة، وتكون هى مضبوطة وأنا مش مضبوطة، حاجة غريبة.. لماذا يهاجموننى لأننى أرتدى هذا الزى؟
هذا ما قالته صافى ناز عن نفسها، لكن من قال إن كل ما نقوله عن أنفسنا هو الصحيح أو الحقيقة؟
إننا نحاول أن نتجمل طوال الوقت طمعًا فى حصد إعجاب الآخرين بنا.
أنا أصدق أن صافى ناز كاظم لم تتحول، وربما هذا هو ما يجعلها مربكة ومرتبكة طوال الوقت
ترفض صافى ناز كاظم التعامل معها على أنها ابنة جماعة الإخوان المسلمين أو أى جماعة من الجماعات المتطرفة، فهى لم تنضم إلى أى منها، لكنها وبثبات كبير أعلنت أنها تعتنق أفكار سيد قطب، قالت نصًا: أعتبر نفسى ابنة لسيد قطب فى الحلال، وحذفت واحدًا من أصدقائها الكتاب من على صفحتها بـ«فيس بوك» لأنه قال إن قطب إرهابى.
وهى لا تدعى أنها داعية إسلامية... هذا صحيح.
لكن أداءها يقودها إلى ذلك، فهى تقود هجومًا على كل الكتاب العلمانيين وتتهمهم فى دينهم وتجردهم من أى علاقة يمكن أن تربطهم بالدين، بل كانت وما زالت محامية عن جماعة الإخوان المسلمين، وهو ما عرضها لسخريات عديدة من هؤلاء الكتاب، وتحديدًا حسين أحمد أمين، الذى علق على ثقافتها الإسلامية بأنها لا تتجاوز ثقافة بائع البطاطا.
ورغم الأفضال الكثيرة التى أدين بها لكاتبنا الكبير حسين أحمد أمين، إلا أننى أدين له بفضل كبير فيما يخص كشفه الكامل والكبير لتحولات صافى ناز كاظم التى تنفيها، لكن الآخرين لا يتعاملون معها إلا على هذا الأساس ولديهم ما يبرر ذلك.
كنت أحاور حسين أحمد أمين قبل رحيله بسنوات- الحوار لم ينشر كاملًا حتى الآن- وسألته عن صافى ناز كاظم، فقال لى: معلومات صافى فى الدين سطحية جدًا.. لا تزيد فى الغالب على معلومات بائع بطاطا.. مع احترامى لبائع البطاطا بالطبع.
عندما أخبرت صافى برأى حسين فيها، قالت: شوف يا محمد، حسين أحمد أمين مفيش عنده معلومات، وبعدين ممكن يكون واحد عنده علم، لكن لا يقوده للهداية، وممكن واحدة زى «أم رأفت» على الفطرة تكون عارفة أكتر من حسين، ثم إنه لا يعرف أكثر منى، وبعدين اللى بيبقى عارف وينسى ربنا.. ربنا بينساه، أنا مرة كامل زهيرى قال لى: أنت يعنى مسلمة بتصلى الأربعة فروض، قلت له: لا دول خمسة، هو أكيد كان يعرف، لكنه نسى، ثم إنى لا أكتب فى الإسلاميات، ولا أحب كلمة كاتبة إسلامية، لأننا كلنا مسلمون، فالسائد لا يستثنى، ثم إنى لا أحب أن ينادينى أحد بـ«يا حاجة»، لأن الإنسان لا ينادى بالعبادات فهو حرام.
لم يكن هذا هو الكشف الوحيد الذى وضعه حسين أحمد أمين أمامى عن صافى ناز، ففى كتابه المميز «شخصيات عرفتها» يبدأ حسين حديثه عنها بقصة قصيرة للأديب الفرنسى الكبير» أناتول فرانس».
حسين أحمد أمين
القصة تحكى عن جماعة من الرهبان تنزل من ديرها بالصحراء إلى أقرب بلدة منه، فيشاهدون فى سوقها أحد الحواة وقد احتشد الناس حوله يرقبونه وهو يتجرع الجاز ثم يخرج من فمه ألسنة النار، ويقف على رأسه ثم يلقى فى الهواء بيده اليمنى خنجرًا إثر خنجر يلتقطه باليد اليسرى فى حركه دائرية سريعة خارقة.
وإذ ينتهى العرض الرائع ويتهيأ الحاوى للانصراف، يقترب أحد الرهبان منه ويدخل فى حديث معه ليقنعه بتفاهة شأن أعمال الحواة، وبأن الله إنما خلق الإنسان لعبادته لا لقضاء عمره فى الوقوف على رأسه وإخراج النار من فمه وبأنه لا سبيل أمامه للنجاة بروحه إلا إذا سلك طريق الرهبان وانضم إلى جماعتهم فى ديرهم يصلون ويتدارسون ويتعبدون.
ويقتنع الحاوى بحديث الراهب فيبدى أسفه ويذرف دموع الندم، ثم يمضى معه من فوره إلى الدير فيلبس زى الرهبان ويتبنى أسلوب حياتهم ويصلى صلاتهم ويصوم صومهم ويتعهدونه بالرعاية والتوجيه والإرشاد.
ويبدو الرجل لشهرين أو ثلاثة سعيدًا بحياته الجديدة، غير أنه بمضى الأيام يلاحظ الرهبان أنه قد بدأ يفقد شهيته للطعام، وأن ذهنه يشرد أثناء تلاوة الصلوات وأن جسمه قد نحل وبدت على سحنته علامات الحزن والاكتئاب، فما حل الشهر الخامس حتى بدأ يتجنب صحبتهم ويطيل من ساعات انفراده بزنزانته، لا يشاركهم العبادة إلا فى القليل النادر، فإن فعل فقلبه ليس وراء لسانه وذهنه شارد فى ملكوت غير ملكوت السماء، ثم إذا بالرجل يعتكف نهائيا فى حجرته لا يفارقها، فيضطر الرهبان أن يأتوا إليه كل يوم بطعامه يتركونه خارج الباب فلا يفتح بابه ليأخذه إلا حين يأوى رفاقه ليلًا إلى مخادعهم للنوم.
ويستبد حب الاستطلاع بالرهبان، فيقررون التجسس عليه ليروا ما يفعله الرجل فى خلوته، وإذ يقتربون من بابه على أطراف أصابع القدم وينحنى أحدهم عند ثقب المفتاح، لينظر إلى داخل الزنزانة منه، إذا به يرى الرجل وقد وقف على رأسه أمام أيقونة للعذراء والمسيح الطفل يلقى فى الهواء بالخناجر سراعًا ثم يلتقطها بخفة وقد قاده اعتقاده إلى أن خير سبل العبادة هو استخدام مواهبه الفريدة، فأراد أن يدخل السرور على قلب العذراء والمسيح بأعمال الحواة التى مهر فيها.
بعد أن عرض حسين أحمد أمين هذه القصة قال إنها تقفز إلى ذهنه كلما قارن بين كتابات صافى ناز كاظم فى الإسلاميات و كتاباتها فى غير الإسلاميات.
ويتساءل: هذه المرأة كيف تسنى لها مع قوة قريحتها أن تضل الطريق على ذلك النحو الذى لمسناه فى قصّة «أناتول فرانس»، فتحسب أن كتاباتها الضحلة فى الإسلام، ومجادلاتها المتعثرة حوله، وأحاديثها الغثة فيه، هى أهم ما سيبقى لها فى الرصيد الختامى لحسابها، وأنها إنما حققت ذاتها ووجدت نفسها حين ارتدت الحجاب، وأبت أن تصافح الرجال.
يهدم حسين ما أصبحت عليه صافى ناز فى مرحلتها الإسلامية.
يقول عنها: ما كنا ننعى عليها كتاباتها الإسلامية لو أنها كانت متمكنة من موضوعها تمكنها من النقد والكتابة الأدبية، غير أن قلة حصيلة صافى ناز كاظم من المعارف الدينية، وتكرر وقوعها فى أخطاء تاريخية وفقهية لا يقع فيها غير عوام الناس، واعتمادها فى تلقى الكثير من تلك المعارف على الغث من الكتب الدينية الحديثة، وإذ أُفاجأ عند زيارتى لها فى بيتها بخلو مكتبتها الخاصة من معظم أمهات الكتب الإسلامية، وكأنما أدلف إلى ورشة نجار، فلا أرى فيها من معدات حرفته غير منشار قديم تآكلت أسنانه بفعل الصدأ، كل ذلك يدفعنى دفعًا إلى التحسر، إذ أجدها تخوض فيما لا شأن لها به، بل وتفضله على ما هى فريدة فى بابه.
أفسد اتجاه صافى ناز الدينى ذائقتها الأدبية، فتحولت إلى مسخ ناقدة، فلا هى بالتى تجيد النقد الفنى بأصوله وقواعده.. ولا هى تترك الأعمال الفنية فى حالها، بل تهيل عليها التراب، لأنها أصبحت تنظر إليها من زاويا قيمية فقط، لا مكان فيها لمواطن الإبداع أو الجمال.
يقول حسين: حتى فى الميدان الذى تقدم لنا فيه رائعة إثر رائعة، ودرة تلو درة، تجد مواقفها الدينية تنعكس أحيانًا على نقدها فتحول بينها وبين الرؤية الواضحة، وتحجب عنها مواطن القوة فى العمل الفنى، لا لشىء إلا لما تلمسه من المؤلف من موقف فكرى أو دينى أو أخلاقى يختلف عن موقفها.
ويدلل حسين على ما يذهب إليه بقوله: تصرخ صافى ناز منددة بمسرحية «سعد الله ونوس» العظيمة «طقوس الإشارات والتحولات» بسبب تعاطفه مع شخصية ثانوية لديها شذوذ جنسى، أو تخسف الأرض برواية «سلوى بكر» الرائعة «البشمورى» بسبب تعاطفها مع أقباط مصر إبان محنتهم فى عصر الخليفة المسلم «المأمون»، وترد إلى غاضبة مسرحيتى «الإمام» عن الإمام على بن أبى طالب إذ تلمس فيها انحيازًا إلى جانب «معاوية» الذى تمقته.
ويضع حسين أيدينا على سمة غالبة فى شخصية صافى، يقول: نادرًا ما تصبر صافى ناز على اختلاف معها فى الرأى، وقد انعكس هذا أيضًا على علاقاتها بالكثيرين، حتى بات من المألوف لكل من جلس معها أن يسمعها تلعن هذا وتندد بذاك، وأن يراها تسخر من «عمرو» أو تقلّد «زيدًا» تقليدًا يثير الضحك منه والازدراء له.
شىء مما قاله حسين أحمد أمين وجدته بنفسى فى صافى ناز كاظم.
لن أحدثك مرة ثانية عن حوارى معها، الذى كان كاشفًا عن هذه السمة، فهى لا تطيق صبرًا على مجرد سماع اسم من يختلف معها فى الرأى أو التوجه، ولكننى سأصل بك إلى العام ٢٠٠٣.
كنا قد حصلنا على مستندات وتقارير طبية تؤكد أن مرشد جماعة الإخوان، وكان وقتها مأمون الهضيبى مصابًا بألزهايمر، وقتها لم يرد أحد من الجماعة، التزمت الصمت تمامًا، جاءنا الرد وقتها من صافى ناز التى كانت تكتب معنا بانتظام، دافعت باستماتة عن المرشد، وعابت علينا ما كتبناه واعتبرته جريمة صحفية، رغم أننا كنا نتحدث بالمستندات وكل ما فعلناه أننا طالبنا الجماعة بالرد.
جمال عبدالناصر
كتبت تعليقًا على ما قالته صافى ناز وطالبت بتعيينها مرشدًا عامًا للجماعة، طالما أنها التى دافعت عنها فى ظل صمت قادة الجماعة الكبار، فقد تحلت بشجاعة يفتقدونها، وأقدمت على فعل جبنوا جميعًا فلم يفعلوه، وعليه فهى تستحق أن تقودهم وترشدهم.
غضبت صافى ناز مما كتبت وقررت أن تتوقف عن الكتابة معنا فى «صوت الأمة» ولم نبذل جهدًا فى استعادتها مرة أخرى، فقد كان قرارها بالنسبة لنا مريحًا جدًا.
ابتعدنا قليلًا عن سبب اتهامنا صافى ناز كاظم، وهل هى بالفعل شاهدة زور؟
لكن ما رأيكم أن نستعيد مرة أخرى مقالها العذب الحنون عن جمال عبدالناصر، قبل أن نقرأ ما عادته لتكتبه عن جمال عبدالناصر نفسه فى كتابها «الخديعة الناصرية... من أوراق شعب مصر السرية... شهادة مواطنة مصرية على سنوات عاشتها»، الذى صدر فى العام ١٩٩١ عن دار القارئ العربى.
سأتركك دقائق لتقرأ مقالها فى رثاء عبدالناصر، ثم يمكننا أن نواصل معًا ما بدأناه.
أراك عدت الآن.
فى تقديمها للكتاب قالت صافى: لا شك أن السنوات التى تولى جمال عبدالناصر فيها مسئولية الانفراد الكامل بحكم مصر منذ «١٩٥٤ – ١٩٧٠» لا شك أنها سنوات ستظل تخضع لكثير من البحث، والتأمل فى محاولات ستظل إيجابياتها وسلبياتها، ومع هذا فإن المواطن الذى عاش وعايش هذه الفترة تحت ظل حكم عبدالناصر، وما زال يعايش حتى الآن الطقس السياسى الذى يخضع تيارات الساحة المصرية لأحكامه، يستطيع أن يلقى الضوء ولو من وجهة نظره على ما دار ويدور فى وعلى الساحة المصرية.
وقد تسأل لماذا عادت صافى ناز لتهاجم عبدالناصر بعد أن مدحته؟
قبل أن أجيبك عن هذا السؤال ما رأيك أن تقرأ معى ما قالته فى موضعين من كتابها؟
تقول صافى ناز فى الموضع الأول: «كانت أعوام الستينيات حتى ٥ يونيو ١٩٦٧ هى الأعوام التى بدأ الشعب المصرى يتهامس فيما بينه عن مرض مصاب به عبدالناصر يسبب الجنون، وبالذات جنون العظمة، وتزايد الهمس عندما توفى الدكتور أنور المفتى فجأة، وكان هو الطبيب الخاص لعبدالناصر الذى قيل إنه مكتشف هذا المرض، مما دفع عبدالناصر إلى قتله بالسم».
« ولكن المراقب لم يكن يحتاج إلى تقرير من طبيب، فلقد أعلن عبدالناصر جنونه بنفسه، عندما أصدر عام ١٩٦٥ قرارًا باعتقال ١٨ ألف مواطن فى يوم واحد وفى ساعة واحدة هى ساعة السحر إرهابًا للشعب، وكانت اعتقالات ١٩٦٥ قد سلمت كل تيارات الحركة الإسلامية، وعلى رأسها الإخوان المسلمون وشملت معهم كل من تاخم ولامس أو جاء ذكره مصادفًا أى فرد من الحركة الإسلامية ولو كان نصرانيًا، كانت الحملة قاسية ولا إنسانية، غاشمة وباغية، وأصيبت مصر بالذعر حتى إن البعض أوشك على حرق سجادة صلاته وإخفاء مصحفه حتى لا يتهم ويزج به معتقلًا مع الإخوان المسلمين».
وتقول فى الموضع الثانى: « تعجب للناصريين الذين يتبجحون اليوم، فإدانة إجراءات ٢ سبتمبر ١٩٨١ السوداء، دون إدانة اجراءات مذبحة الاعتقالات صيف ١٩٦٥ الأسود، ويتبجحون برفض اتفاقية كامب ديفيد راكبين موجة الرفض الإسلامى، وتسألهم: أليس قرار ٢٤٢ هو القرار الذى قبله معبودكم عبدالناصر؟ وما هى كامب ديفيد إلا تكملة المشوار الذى بدأه وقنكم ذى الخوار، ويبكون متمسحين حبًَا فى الشهيد الوضىء خالد الإسلامبولى والشهداء إخوته، وتربد وجوههم التمساحية، عندما تشير إلى أكفهم المضرجة بدماء الشهيد الوضىء سيد قطب والشهداء إخوته الآباء الشرعيين للبطولة الفذة، التى تجلت فى فدائية خالد الإسلامبولى وإخوته».
سأكتفى بهذين الموضوعين من هذا الكتاب، لن أصدعكم بالغثاء الذى قالته عن عبدالناصر، والذى قرأه المصريون منذ وفاته، فهى لم تقل شيئا جديدًا على الإطلاق.
وإذا سألتنى عن سر هذين الفقرتين؟
سأقول لك إن ما قالته صافى ناز فيهما يكشف لنا عن دافعها للهجوم على عبد الناصر، فهى تنتقم منه لأنه سجن سيد قطب الذى تعترف ببنوته ضمن قضية العام ١٩٦٥، وكأنى بهذا الكتاب كان انتقامًا من عبدالناصر بعد أن أصبحت أسيرة لسيد قطب، ومن ناحية ثانية كان دفعة تحت الحساب قدمتها صافى ناز لتكسب ود الجماعات الدينية التى كانت تعتبرها واحدة من كاتباتها، ودعمتها كثيرًا.
ما قالته صافى ناز يكشف لنا أيضًا الأزمة الوجودية والفكرية التى تعيشها، فهى معجبة بالقتلة الذين لا تعتبرهم كذلك، فهى تثنى على سيد قطب وعلى خالد الإسلامبولى قاتل السادات الذى تعتبره شهيدًا خاصًا بها، فهى حتى تعيب على من يعتبرونه كذلك؛ لأنها لا تتفق معهم سياسيًا وفكريًا.
لا يمكننى بعد هذا الكتاب الذى كشف عن حقيقة صافى ناز كاظم بشكل كامل، إلا أن أعتبرها شاهدة زور وبشكل كامل.
فلو أنها كانت تعرف ما نشرته فى كتابها عن عبدالناصر عندما كتبت رثائها العذب له، فهى شاهدة زور، لأنها أخفت ما تعرفه، ولو أنها كانت تجهله واستفاقت وعاد لها وعيها فكتبت عنه ما كتبت فى ١٩٩١، فهى أسيرة لروايات نقلها غيره عنها بهدف تشويهه، وهى بذلك أيضا شاهدة زور.
لكن الأهم عندى فى الحقيقة هو ما كشفه هذا الكتاب عن صافى ناز.
فهى تركيبة معقدة فكريًا.
لم تتحول، هذا صحيح.
ما حدث أن كل الأفكار المتناقضة تراكمت على عقلها، فتجاور ما هو يسارى مع ما هو إسلامى، وتداخل إحساسها بذاتها واعتقادها بأنها صاحبة الحق المطلق بنظرتها المتدينة للآخرين، إنها ككل الإسلاميين الذين يعتقدون أنهم وكلاء الله على الأرض، ولذلك تمنح نفسها الحق فى الحكم على الآخرين، وتصادر هذا الحق، فلا تمنحه لأحد.
إننى أشفق عليها، فعقلها مثل طبق «اليخنى»، الذى يضم كل أنواع الطعام بلا تناسق ولا تنسيق، ثم تعيب علينا أننا لا نستطيع أن نستطعم ما تردده من أفكار.