الإلياذة الجديدة.. «نيولوك» للأساطير اليونانية: الآلهة تملك «موبايل».. وأخيليس «امرأة متحولة جنسيًا»
- رواية لور أوليمبوس للكاتبة راشيل سميث هى بمثابة إعادة سرد معاصرة لأسطورة هادس وبرسيفونة
الأساطير لا تموت فى اليونان، شوارع أثينا تحكى عنها، واليونانيون لا يكفون عن الحديث بشأنها، وذكرها يتكرر فى كتب العالم، ويبدو أن كل هذا لا يكفى، فما زال اليونانيون حريصين على التذكر والتذكير، خاصة من خلال إعادة سرد هذه الأساطير.
فالأساطير اليونانية الباقية من آلاف السنين، بدءًا من ملحمة «الإلياذة» لـ«هوميروس» حول حرب طروادة، إلى كتاب «التحولات» لـ«أوفيد»، لا يزال هناك ما يقال عنها، وهو ربما ما يفسر صعود روايات تعتمد على الأساطير اليونانية فى عالم النشر، ذلك النوع الذى تزايدت شعبيته فى السنوات الأخيرة.
ويقصد بهذا النوع الأدبى الجديد إعادة سرد ذات القصة القديمة مرة أخرى، مع إتاحة حرية للكاتب المعاصر لتعديل أو تضخيم أو تهميش ما يريده، وهو ما ظهر فى 12 رواية تعتمد على هذه الفكرة، وجرى خلالها تعزيز دور المرأة بصورة أكبر مما كان فى الأسطورة الأصلية.
سيرس
رواية «سيرس» للكاتبة مادلين ميلر أولى هذه الروايات، وهى تعد من أكثر الروايات مبيعًا، وحصلت على عدة جوائز، ويعد نجاحها الكبير مؤشرًا على الشعبية المفاجئة لهذه النوعية من الكتب المعتمدة على أساطير قديمة.
و«سيرس» هى إعادة سرد لحياة الساحرة الشهيرة من ملحمة هوميروس «الأوديسا»، إذ تعيد تصور شخصيتها، التى لا تظهر بمركز الأحداث فى القصيدة الملحمية الأصلية، والتى كانت فيها مجرد كائن جنسى وشرير يجب على «أوديسيوس» التخلص منه، بينما تقدمها «ميلر» كشخصية ثلاثية الأبعاد يمكن التواصل معها، مليئة بالغضب والرغبات الخاصة بها، مع تقاطع الرواية الغنية بالطبقات مع العديد من الأساطير اليونانية الأخرى.
لور أوليمبوس
رواية «لور أوليمبوس» للكاتبة راشيل سميث هى بمثابة إعادة سرد معاصرة لأسطورة «هادس وبرسيفونة»، لكن الصراع بين عالم الآلهة يدور فى وقتنا المعاصر، بوجود الهواتف المحمولة ورسائل البريد الإلكترونى والشركات والحفلات الفخمة.
وعلى الرغم من أن الرومانسية البطيئة بين «هاديس» و«برسيفونة» هى عامل الجذب الرئيسى فى القصة، إلا أن «لور أوليمبوس» تدمج قصص ما لا يقل عن ١٢ إلهًا وآلهة أخرى، فى تفسيرها الأكبر للحب وحسرة القلب والصداقة والصدمات والأسرار والقوة.
1000 سفينة
كتبت ناتالى هاينز ٦ روايات عن الأساطير اليونانية، لكن تفيد عدة مراجعات أن أفضل أعمالها فى هذا الإطار هى رواية «١٠٠٠ سفينة»، التى تعيد تصور قصة حرب طروادة من منظور الشخصيات النسائية، والتى كانت قد ظهرت فى الملحمة الرئيسية على الهامش.
وتمنح الرواية صوتًا لشخصيات معروفة مثل «هيلين طروادة»، زوجة «أوديسيوس» التى طالت معاناتها، مع التطرق إلى قرابة ٥٠ شخصية فردية، ومحاولة الربط بينها من خلال سرد القصص الخاصة بهم.
آلهة الغضب تغنى
رواية «آلهة الغضب تغنى» للكاتبة مايا دين هى واحدة من أكثر الروايات التى أعادت تجسيد قصة البطل اليونانى «أخيل»، لكن كامرأة متحولة جنسيًا.
الرواية تبدأ عند نقطة فى «الإلياذة»، عندما كان «أخيل» مختبئًا فى سكيروس، مرتديًا زى امرأة، فى محاولة لتجنب إجباره على الانضمام إلى جيوش «أجاممنون». وتتساءل هنا المؤلفة مايا دين: ماذا لو لم يكن هذا التنكر زيًا على الإطلاق، لكنه تعبير عن الشخصية الحقيقية لـ«أخيل»؟
وعلى الرغم من أن الشخصيات وعناصر السرد المركزية من «الإلياذة» تظهر طوال القصة، إلا أن الحبكة تصبح فى النهاية شيئًا أكثر تعقيدًا، مع وجود مؤامرات إلهية، ومؤامرات مضادة، ومخططات انتقامية تعمل فى أى لحظة.
وتعتبر هذه الرواية من الروايات الجريئة، التى تلقى الضوء على وجهات نظر المتحولين جنسيًا المختلفة، وتطرح أسئلة جريئة حول ما يعنيه أن تكون امرأة ورجلًا فى عالم الحرب.
أريادن
رواية «أريادن» للكاتبة جينيفر سانت هى عبارة عن إعادة صياغة لقصة «ثيسيوس والمينوتور»، والتى تحكى عن أمير أثينا «ثيسيوس»، الذى يتحدى الملك «مينوس»، ويقتل حيوانه الضخم «مينوتور»، بعد أن قدم نفسه كضحية ليأكله هذا الحيوان. أما «أريادن» فتدور حول خيانة هذا البطل لـ«أريادن»، وزواجه من «فيدرا».
صمت الفتيات
إعادة تقديم لـ«الإلياذة» بقلم الكاتبة بات باركر، لكنها تعمل على تعزيز دور المرأة بصورة أكبر مما كان فى الأسطورة الأصلية التى كتبها «هوميروس».
«والإلياذة» ملحمة حرب تتمحور بالكامل تقريبًا حول الذكور، وعلى الرغم من ظهور العديد من النساء المشهورات فيها، مثل «هيلين» و«كاساندرا» و«أندروماش»، حصلن على القليل من التركيز نسبيًا، ولم يكن لديهن أى قوة تقريبًا فى الملحمة الأصلية.
وينطبق هذا بشكل خاص على «بريسيس»، الأميرة السابقة التى تحولت إلى عبدة مسجونة، والموجودة كمجرد شىء يتقاتل عليه «أجاممنون» و«أخيل». لكنها فى رواية «صمت الفتيات» تستعيد صوتها، ويُسمح لها بالشهادة على العنف الذى يمارسه الرجال والعالم ككل تجاه النساء.
كليتمسترا
تدور حول شخصية «كليتمنسترا»، وهى من أكثر الشخصيات التى تظهر فى الأساطير اليونانية، من «هوميروس» إلى «إسخيلوس» إلى «سوفوكليس»، ولا تزال امرأة يحاول الأدب تفكيك دوافعها وتحليلها فى الأعمال المعاصرة.
فى الرواية الأصلية كان التركيز على تضحية ابنتها «إيفيجينيا» لجنود اليونان، والمؤامرة العنيفة للانتقام من زوجها المتورط فى قتل طفلها، وحكمها الطويل لمملكة «ميسينا» بينما كان «أجاممنون» فى حالة حرب بطروادة.
لكن رواية «كليتمنسترا» للكاتبة كوستانزا كوساتى تقدم دراسة جديدة لدوافع هذه الشخصية، بشكل يجعل الحبكة الأساسية للقصة منطقية وجديدة، ويمنح النهاية القاتمة لحياتها إحساسًا شخصيًا كاسحًا ومأساويًا ومؤلمًا، من خلال جعله جزءًا من نمط أكبر من المعاناة والرغبة فى البقاء على قيد الحياة، مع تقديم رغبة «كليتمنسترا» فى الانتقام والسيطرة على مصيرها كشىء يتم بناؤه طوال قصتها.
إيثاك
رواية «إيثاك» بواسطة كلير نورث، تركز على شخصية لم تلق اهتمامًا كبيرًا فى ملحمة «هوميروس»، وهى «بينيلوب»، زوجة «أوديسيوس»، التى جرى تقديمها فى الملحمة القديمة فى إطار جنسى نوعًا ما، من خلال التركيز على مراوغتها مجموعة من الخاطبين الذين يطاردونها، بينما زوجها يقاتل فى حرب طروادة.
أما «إيثاك» فتقدم هذه الشخصية بشكل جديد، من دون وضعها فى قالب جنسى، بل تركز على شجاعتها الكبيرة، فى محاولة لإلقاء الضوء على النساء اللاتى يعملن فى الظل، ويجرى تجاهلهن، لنراها بطلة تتمتع بقدرة وذكاء، مثل الزوج الذى تطغى أسطورته فى كثير من الأحيان على أسطورتها.
لافينيا
رواية «لافينيا» بقلم أورسولا. ك. لو جوين، الكاتبة الشهيرة فى عالم الخيال العلمى، اختارت بطلة غير متوقعة، ولم تلق سوى ذكر قصير فى «الإلياذة» للشاعر الرومانى فيرجيل، الذى كان يتبع خطى «هوميروس» فى كثير من الأحيان.
«لافينيا» هى ابنة الملك «لاتينوس»، الزوجة المقدرة لـ«إينيس» بطل «طروادة»، والتى لا تتكلم كلمة واحدة فى قصيدة «فيرجيل» الأصلية. لكن فى رواية لو جوين تظهر كبطلة عملية، ويشكل مظهرها الخارجى اللطيف مؤشرًا لقوتها الفولاذية الداخلية.
وتطرح الرواية الفهم البديهى لـ«لافينيا» لاختيارات والدها وطموحات زوجها والتزاماتها الخاصة، والتى تنسج معًا حبكة معقدة، ما يسمح لها بأخذ مكانها فى القصة كشىء أكثر بكثير من مجرد جائزة تتم مقايضتها.
أغنية أخيل
رواية تدور أحداثها عن رواية «الإلياذة» بطريقة رومانسية مؤلمة، وتمنح «باتروكلوس» و«أخيل» قصة الحب التى يستحقانها، وتُظهِر «أخيل» على أنه أكثر من مجرد آلة قتل، وتضيف المودة الحقيقية بين الزوجين لبعضهما البعض، وكذلك بعض التوتر فى أكثر لحظاتهما دفئًا، مع التطرق إلى النهاية المأساوية لموت الحبيبة، وهى من تأليف مادلين ميلر.
ميديا
تقدم إيليش كوين تصورًا جديدًا مدروسًا لقصة «ميديا»، السيدة الأكثر إثارة للجدل والمكروهة إلى حد كبير فى الأساطير اليونانية، والتى كانت فى الرواية الأصلية ساحرة رماها أبوها فى السجن بعد أن خاف من سحرها، واستخدمت سحرها فى الهرب من السجن، وذهبت إلى معبد «هيليوس» إله الشمس.
أما هذه الرواية الجديدة فتوفر سياقًا لسلوك «ميديا» هذا، وتكشف ببطء قصة ابنة مهجورة ومُساء معاملتها، تعلم نفسها السحر سرًا على أمل النجاة فى عالم لا يمنحها سوى خيارات قليلة وتحكم أقل فى الخيارات المتاحة لها.
وبينما قد تتغلب «كوين» على بعض اللكمات، عندما يتعلق الأمر بالأصل الحقيقى لبعض أفعال «ميديا» الأكثر فظاعة، فإن روايتها بالتأكيد لا تبخل بعواقب تلك الفعال أو الخسائر التى تلحقها فى النهاية بروحها.
الكتب المفقودة فى الأوديسا
رواية بقلم زاكارى ماسون، يعيد فيها تصوير كل فصل من الفصول الأربعة والأربعين للقصيدة الملحمية الأصلية «الأوديسا»، ويقدم فى كل مقتطف وجهات نظر وتفسيرات مختلفة لهذه الحكاية الشهيرة، مع تضمنها أجزاء من قصيدة «هوميروس» الملحمية الأخرى: «الإلياذة»، بالإضافة إلى أعمال لفنانين يونانيين آخرين مثل «إسخيلوس».