الخميس 21 نوفمبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

لقاء غريب

وزير الثقافة وشيخ
وزير الثقافة وشيخ الأزهر

لقاء لافت بين وزير الثقافة د. أحمد فؤاد هنو وشيخ الأزهر، ومثير للأسئلة المتعلقة بدور وزارة الثقافة ودور الأزهر، فى الحياة المجتمعية العامة، فجميل أن يلتقى الوزير بالشيخ، ولكن الغريب هو ما دار بينهما من نقاش وأفكار تم نشر جانب منها فى الصحافة، فوفقًا لجريدة الأهرام طالب شيخ الأزهر من وزير الثقافة بـ«ضرورة التصدى للأنماط الفنية والثقافية الغربية التى اجتاحت مجتمعاتنا واستهدفت إقصاء الثقافة وتهميش دورها فى بناء الإنسان وتشكيل وعيه، وجعلت الشباب العربى معزولًا عن كل ما يغرس فيه الاعتزاز بهويته الدينية والأخلاقية».

هل المشكلة مع الثقافة الغربية؟ هل مشاكل الثقافة فى مصر مع بيتهوفن وبلزاك وجوته وبيكاسو ومودليانى وعشرات، بل مئات من المبدعين الغربيين الذين أثروا الروح الإنسانية وارتقوا بوجدان الناس عبر الفن والأدب والعمارة وكل صنوف الإبداع البشرى؟

إن مشاكل الثقافة فى مصر كثيرة ومتشعبة، وهى مشاكل تقف عائقًا أمام النهوض بالمواطن المصرى، ودفعه لمزيد من التنمية المأمولة عبر دعم هويته وإثراء ملامحها والارتقاء بها من خلال الفن والأدب والإبداع.

دور الأزهر بث القيم الدينية النبيلة التى تسهم فى رفعة الأخلاق والسلوك، ولكن هل هذا دور وزارة الثقافة؟

لا مانع أن يلتقى وزير الثقافة شيخ الأزهر وبابا الكنيسة ولكن هل هناك مانع من أن يلتقى وزير الثقافة المبدعين والمتخصصين لمناقشة أسباب تراجع قوة مصر الناعمة فى المسرح والسينما والموسيقى والغناء والنشر؟

ما هو دور وزارة الثقافة؟ وما هى أولوياتها الآن؟ هل التصدى للأنماط الفنية الغربية والثقافية الغربية؟ أم التصدى لكل الأفكار الظلامية والمتخلفة وكل ذلك الدجل وتلك الشعوذة الماضوية التى تجتاح المجتمع.

لقاء غريب ربما سعى إليه شيخ الأزهر وفقًا لدوره كرجل يقف على رأس المؤسسة الدينية، ووفقًا لأولوياته وفهمه للثقافة، ولكن أن يتمخض اللقاء عن كلام من نوع «حلق حوش» من الثقافة الغربية وعمايلها، فهذا نوع من البؤس الثقافى الحقيقى الذى نعيشه الآن.

بح صوت المثقفين ليل نهار مطالبين بعودة مؤتمر الرواية، مطالبين بعودة المسرح الحقيقى الفاعل فى حياة الناس بدءًا من المسرح المدرسى، وطالبوا مرارًا وتكرارًا بالعدالة الثقافية، وضرورة وصول الفن والإبداع للقرى وآخر نقطة على الخريطة المصرية، وأن ذلك هو الضمانة الأولى لمواجهة العنف والإرهاب، ولكن لا حياة لمن تنادى.

طالب المثقفون ببحث مشكلات السينما المصرية وتفعيل دور هيئة قصور الثقافة وإدارة الوزارة بالمثقفين والمبدعين الخلاقين وليس بالموظفين البيروقراطيين، ولكن لا حياة لمن تنادى.

الغريب فى كلام وزير الثقافة قوله: «لدينا طموح كبير لمد جسور التعاون بين مؤسسة الأزهر لتثقيف الشباب والاستفادة بمولد المؤسسة، وأن الوزارة تشترك مع الأزهر فى الحرص على الوصول إلى الجماهير العريضة فى مختلف المحافظات من خلال قصور الثقافة وفرق الموسيقى العربية وفرق الإنشاد الدينى».

وماذا عن الفن التشكيلى؟ وماذا عن الكتب الفكرية الحضارية المستندة إلى العقل والمنطق؟ وماذا عن الحوار الثقافى الواجب بين جماعة المثقفين؟ هل سنلجأ إلى الأزهر والإنشاد الدينى؟

أفدنا أيها الوزير علنا نفهم.