ديستوبيا.. الأمريكيون يستقبلون ترامب بكتب نهاية العالم
- قفزة كبيرة فى مبيعات روايات الديستوبيا والكتب السياسية عن الاستبداد
- زيادة فى مبيعات الكتب المؤيدة للرئيس المنتخب بما يؤكد الانقسام الأمريكى العميق
- قلق متصاعد من التهديد الذى يشكله فوز ترامب لجهود مكافحة تغير المناخ خصوصًا فى المدى القصير
عقب إعلان فوز دونالد ترامب بولاية ثانية فى انتخابات الرئاسة الأمريكية، ارتفعت مبيعات الكتب التى تناقش الديمقراطية، والديستوبيا، والاستبداد، والنسوية والسياسات اليمينية بأثر من القلق الذى تولّد لدى معارضيه، وخاصة الليبراليين الأمريكيين. لجأ القراء الأمريكيون إلى الكتب لفهم الوضع الحالى والتأقلم معه، أو للتماهى مع مستقبل قاتم صوّرته روايات ديستوبية شهيرة.
الديستوبيا على قمة المبيعات
أشار تقرير نشرته صحيفة «الجارديان»، إلى الارتفاع الكبير فى مبيعات الكتب الديستوبية منذ إعادة انتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة، فقد تصدرت رواية «حكاية الخادمة» للكاتبة مارجريت آتوود قوائم الكتب الأكثر مبيعًا، محققة قفزة هائلة فى المبيعات، لتصبح الكتاب الثالث الأكثر مبيعًا على أمازون فى الولايات المتحدة. كما حظى الجزء الثانى من الرواية الذى يحمل عنوان «الشهادات» بارتفاع كبير فى المبيعات.
صدرت «حكاية الجارية» عام ١٩٨٥ ورُشحت لجائزة البوكر. ومنذ ذلك الحين اكتسبت شعبية واسعة، لا سيما بعد فوز مسلسل تليفزيونى مقتبس عنها بجائزتى جولدن جلوب وخمس جوائز إيمى. تدور أحداث الرواية فى إنجلترا بالمستقبل القريب، وتعرض تفاصيل المجتمع الأبوى الذى يحد من حقوق النساء تحت ستار الأخلاق المسيحية. من المرجح أن عودة الرواية إلى الواجهة جاءت نتيجة لكون موضوعاتها تضرب على وتر حساس عند منتقدى برنامج ترامب الانتخابى، الذى أعطى الأولوية لتقييد حقوق الإجهاض، بعد إسقاط قضية «رو ضد وايد» عام ٢٠٢٢.
فى تعليق لها على نتائج الانتخابات الأمريكية وارتفاع مبيعات روايتها، شاركت آتوود على موقع «إكس» منشورًا قالت فيه: «اليأس ليس خيارًا. لا يساعد أحدًا».
ليست «حكاية الجارية» هى الرواية الديستوبية الوحيدة التى ارتفعت مبيعاتها، فقد شهدت مبيعات روايات أخرى من نفس النوع زيادة ملحوظة، مثل رواية «١٩٨٤» لجورج أورويل، التى صارت ضمن أفضل ٤٠ كتابًا على أمازون. تصور الرواية بريطانيا تحت نظام ديكتاتورى شمولى يكبل الجمهور من خلال المراقبة الجماعية والدعاية الإعلامية. كما شهدت رواية «فهرنهايت ٤٥١» للكاتب راى برادبرى الصادرة عام ١٩٥٣، التى تدور حول رجل إطفاء فى دولة شمولية يُجبر على حرق الكتب ومصادرة المعلومات الأخرى التى تريد الحكومة إخفاءها، ارتفاعًا فى مبيعاتها أيضًا.
مخاوف من الاستبداد
تجاوز الأمر الاهتمام بالأدب الديستوبى، لترتفع كذلك مبيعات الكتب السياسية التى تتناول الاستبداد، مثل كتاب «عن الاستبداد: عشرون درسًا من القرن العشرين» للمؤرخ تيموثى سنايدر، الذى كان قد أُطلق خلال فترة ولاية ترامب الأولى، وقد لاقى استحسانًا واسعًا بتسليطه الضوء على «اتجاه أمريكا نحو الاستبداد». وكذلك الحال مع كتاب «الحقائق التى نتمسك بها: رحلة أمريكية» لمذكرات نائبة الرئيس الأمريكى السابقة، كامالا هاريس، التى انتقدت فى كتابها سياسات ترامب فى ولايته الأولى.
ومن الكتب الصاعدة بهذا الصدد أيضًا كتاب «الديمقراطية فى تراجع» لسامى ساج وإميلى أميك، الذى يتناول التحولات السياسية السلبية التى شهدتها أمريكا فى ظل سيطرة التيارات اليمينية على الحياة السياسية، بما يعكس المخاوف من تراجع الديمقراطية فى البلاد. وكتاب «الرجال يشرحون لى الأشياء» لريبيكا سولنيت، الذى يضم مجموعة من المقالات النسوية، و«المنشقون» لباولا راموس، الذى يتناول صعود المشاعر اليمينية المتطرفة.
كتب مؤيدة لترامب
إلى جانب الكتب المناهضة لترامب، شهدت مبيعات الكتب المؤيدة له أيضًا ارتفاعًا، ما يشير إلى الانقسام العميق فى المشهد السياسى الأمريكى. تصدّرت مذكرات السيدة الأولى السابقة ميلانيا ترامب، «ميلانيا»، قائمة الكتب الأكثر مبيعًا على أمازون، كما شهد كتاب «مرثية هيلبيلى» لجى دى فانس مبيعات مرتفعة، فضلًا عن كتاب ترامب الأحدث «أنقذوا أمريكا»، الذى يروج فيه لرؤيته السياسية فى معالجة قضايا أمريكا، فقد حل الكتاب فى المرتبة الثلاثين فى قائمة الكتب الأكثر مبيعًا.
قالت شانون ديفيتو، مديرة الكتب فى متجر بارنز ونوبل، «ارتفعت الكتب الخيالية وغير الخيالية التى تتناول الفاشية، النسوية، العوالم الديستوبية والسياسات اليمينية واليسارية فى قوائم مبيعاتنا بشكل ملحوظ بعد نتائج الانتخابات»، كما أشارت إلى ارتفاع مبيعات كتابى «ميلانيا»، و«عن الاستبداد»، وكذلك آخر أعمال بوب وودوارد «الحرب»، الذى يتعرض لردود أفعال ترامب والرئيس جو بايدن على النزاعات فى أوكرانيا والشرق الأوسط.
السؤال الصعب
علّق تقرير نُشر بموقع first post على هذه الزيادة فى مبيعات الكتب بالقول: من خلال هذه الزيادة فى مبيعات الكتب المرتبطة بالاستبداد والسياسة، يبدو أن هناك رغبة ملحة لدى القراء فى العودة إلى الكتب التى تتناول الأنظمة السياسية القمعية والتحديات التى تواجه الديمقراطيات المعاصرة. بينما يبقى السؤال قائمًا حول ما إذا كانت هذه المبيعات العالية مجرد رد فعل مؤقت ضد الانتصار السياسى لترامب، أو بداية لاهتمام أعمق طويل الأمد بكيفية حماية القيم الديمقراطية فى مواجهة التصعيد السياسى العالمى.
ترشيحات للقراءة
لم يقتصر الأمر على مبيعات الكتب، التى تحمل مؤشرات كاشفة للمشهد الأمريكى. فقد انبرى عدد من الكتّاب لترشيح كتب يمكن أن تساعد فى فهم السياسات المنتظرة لإدارة ترامب وآثارها السلبية على الديمقراطية والنساء والسياسات البيئية.
فى تقرير نشر بموقع The Revelator، تحدث الكاتب عن ٢٠ كتابًا ينبغى قراءتها للاستعداد للفترة الثانية من حكم ترامب، وهى كتب تتناول الأنظمة الاستبدادية؛ كيف تنهض، وكيف تؤثر على البيئة، وكيفية محاربتها والوقوف فى وجهها. يمهد الكاتب لمقترحاته بقوله: «يجب أن تكون قادرًا على العثور على العديد من هذه الكتب. فقط حاول قراءتها قبل الموجة التالية من حظر الكتب».
تضم الكتب المرشحة كتاب «عن الاستبداد: عشرون درسًا من القرن العشرين» للمؤرخ تيموثى سنايدر، الذى يشهد مبيعات مرتفعة بالفعل. وكتاب «شركة الاستبداد المتحدة، الطغاة الذين يريدون أن يحكموا العالم» لآن أبلباوم، الذى يتيح توضيحًا لأثر المال والصفقات فى تحديد طبيعة التواصل بين الأنظمة الفاسدة.
من الكتب المرشحة أيضًا، «من مكتب المسئول: ٢٠ محادثة مع قادة محليين يحلون مشكلات عالمية» لأنتونى فلينت. الذى يرى الكاتب أهميته فى تعزيز العمل المحلى فى قضايا المناخ، لا سيما مع التقاعس المنتظر فى التعاطى مع الأزمة فى ظل حكم ترامب.
ومن بين الترشيحات أيضًا، كتاب «الرجال الأقوياء: من موسولينى إلى الحاضر» للمؤلف روث بن غيات، الذى يقول الكاتب عنه: ساعد هذا الكتاب، الذى نُشر عام ٢٠٢١، فى تحديد محادثة العصر الحديث حول الاستبداد وسيستمر فى القيام بذلك.
ومن الكتب التى يراها الكاتب مساعدة فى فهم الجذور التاريخية للحكم الاستبدادى، كتاب «أمريكا أخيرًا: الرومانسية طويلة الأمد لليمين مع المستبدين الأجانب» لجاكوب هيلبرون. وسلسلة «دفاعًا عن الديمقراطية الأمريكية» لريتشارد ل. أبيل والتى تضم ثلاثة كتب، سينضم إليها قريبًا الكتاب الرابع، جميعها تحمل العنوان الفرعى «المقاومة لترامب والترامبية». تقدم السلسلة صورة قوية وفهمًا نقديًا للرجال الأقوياء اليوم بشكل عام وترامب بشكل خاص. وتضم السلسلة كتبًا تحمل عناوين «كيف يسىء الطغاة استخدام السلطة؟»، «كيف يهاجم الطغاة الخبرة؟»، «كيف يسعى الطغاة إلى السلطة؟»، و«كيف يُحاسَب الطغاة؟»، «سينشر فى منتصف ٢٠٢٥».
من الكتب الأخرى المرشحة بالتقرير، كتاب «عن التضليل الإعلامى: كيف نكافح من أجل الحقيقة ونحمى الديمقراطية؟» للكاتب لى مكينتاير، الذى يعتقد كاتب التقرير أنه مهم لفهم الكيفية التى سيستمر بها التضليل الإعلامى. وكذلك كتاب «عن الحرية» لتيموثى سنايدر، الذى يراه مكملًا لكتابه «عن الاستبداد»، ويقدم طريقة جديدة للنظر إلى احتياجات الإنسان والحكومة. وأيضًا كتاب «النجاة من الاستبداد» لماشا جيسن، ويعتبره كاتب التقرير كتابًا قويًا تقدمه واحدة من أفضل الصحفيات، وتربط فيه بين ما شهدته فى وطنها روسيا وما يحدث فى الولايات المتحدة.
كتب عن أزمة المناخ
لم تقتصر الترشيحات على الكتب السياسية فقط، بل شملت أيضًا كتبًا تهتم بقضايا المناخ فى ظل حكم ترامب. تضم القائمة عددًا من الكتب الشارحة لأزمة المناخ وسبل التعاطى معها، والسياسات المحتم اتباعها لإنقاذ الكوكب من الاحترار المناخى وانقراض أنواع مختلفة من الكائنات الحية.
تأتى هذه الترشيحات من كاتب التقرير، وهو ناشط بيئى، فى ظل قلق متصاعد من التهديد الذى يشكله فوز ترامب لجهود مكافحة تغير المناخ، خصوصًا فى المدى القصير. فعودة ترامب إلى البيت الأبيض قد تؤدى إلى تراجع كبير فى التزامات الولايات المتحدة تجاه اتفاقيات المناخ الدولية مثل اتفاقية باريس، لا سيما مع إصراره على تعزيز الاعتماد على الوقود الأحفورى وتوسيع التنقيب عن النفط والغاز بدلًا من دفع عجلة التحول إلى الطاقة المتجددة.
من الكتب التى يرشحها الكاتب بهذا الصدد كتاب «مناخ الرفض: كيفية إنقاذ تحول الطاقة فى الولايات المتحدة من حزبية الناخبين» لديفيد سبنس. يستعرض الكتاب تأثير الاستقطاب والحزبية والدعاية على السياسة المتعلقة بالطاقة، ويتناول كيفية بناء تحالف أوسع للمناخ، مؤكدًا أن التعاون فى هذا المجال لا يزال ممكنًا، وإن كان سيتطلب تفاعلًا مستمرًا بين الأفراد لتعزيز حوار أكثر إنتاجية.
أيضًا، يرشح التقرير كتاب «غرفة طوارئ الأرض: إنقاذ الأنواع من تصاعد حرارة الكوكب والسياسة» للكاتب لويل إ. باير. يتعاطى العمل مع أحد التحديات الرئيسية اليوم المتمثلة فى الانخفاض غير المسبوق فى الأنواع بسبب تغير المناخ. وكذلك كتاب «علاج عميق للقلق المناخى» للكاتبة لين سيدجمور، الذى يقدم خلاصة وافية لوجهات نظر وتجارب مختلفة حول مخاطر تغير المناخ. ومن الكتب التى يرشحها التقرير فى السياق «منع الرد البيئى المعاكس.. كيفية التغلب على المعارضة للسياسات البيئية» للورنزو فورنى، الذى سينشر الشهر المقبل. يعلق كاتب التقرير على هذا الكتاب بقوله: سنواجه الكثير من المقاومة تجاه التنظيمات البيئية فى السنوات المقبلة. قد يقدم هذا الكتاب نموذجًا للتغلب على بعض هذه المعارضة. وكذلك كتاب «انخرطوا، تواصلوا، احموا: تمكين الشباب لقيادة العمل البيئى» لأنجيلو إزييلو؛ منشئ مؤسسة «جرينينغ يوث فاونديشن»، الذى يقدم فى كتابه دليلًا لتمكين الشباب من المجتمعات المختلفة لقيادة العمل البيئى.