الأربعاء 18 ديسمبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

لصوص التاريخ.. جولة فى مزادات الآثار المصرية المسروقة

حرف

- 77 قطعة أثرية استردتها مصر الشهر الماضى

لا تزال سرقة الآثار والحفر خِلسة مستمرة حتى اليوم؛ حيث يقوم العديد من المصريين والأجانب، فى الكثير من الأحيان، بالتنقيب عن الآثار فى المحافظات المختلفة، وغالبًا ما يتم تهريب هذه الآثار للخارج، وعقب ذلك يتم استخراج شهادات بيع مزورة تعود لما قبل عام 1983، لعرض هذه القطع فى صالات المزادات العالمية.

وقبل هذا التاريخ كانت الآثار المصرية مصرحًا ببيعها بشكل رسمى، وكان يمكن لأى سائح شرء قطعة أثرية أو حتى مومياء من أماكن البيع المعروفة، كما كان يسمح القانون المصرى بما يسمى «القسمة»، وتعنى اقتسام الآثار المكتشفة حديثًا بين مصر وبين البعثة الأجنبية التى قامت بالتنقيب عن هذه الآثار، وهذا القانون تحديدًا كان السبب فى خروج «رأس نفرتيتى» القطعة الأثرية المصرية الأشهر فى العالم، والمعروضة فى متحف برلين بألمانيا.

وتحاول مصر التصدى لهذه التجارة غير المشروعة بشكل منظم بالتنسيق بين عدة جهات، ونجحت الدولة بالفعل فى استراداد آلاف القطع خلال السنوات الماضية، لكن الموقف القانونى لبعض القطع يحول دون استردادها فى الكثير من الأحيان، خاصة إذا كانت هذه القطع لديها أوراق بيع قانونية صادرة من مصر قبل عام 1983.

«حرف» تجرى جولة فى عدد من صالات ومواقع بيع القطع الأثرية المصرية، وتستعرض جانبًا من القطع المعروضة للبيع.

صالة كريستيز

صالة كريستيز «Christie’s» هى واحدة من أشهر دور المزادات العالمية التى تأسست عام ١٧٦٦ فى لندن على يد جيمس كريستى، وتُعتبر من أبرز المؤسسات التى تنظم مزادات لبيع القطع الأثرية. ولدى كريستيز مكاتب وصالات مزادات فى العديد من المدن الكبرى حول العالم، بما فى ذلك نيويورك، هونج كونج، باريس، دبى، وجنيف. وتعرض كريستيز العديد من القطع المصرية على مدار العام باختلاف أسعارها، بداية من القطع الصغيرة أو التالفة جزئيًا، إلى القطع النادرة والثمينة، وخلال شهر ديسمبر تعرض الصالة عدة قطع مصرية، أبرزها:

عقد ذهبى مصرى بنقش رأس ميدوسا

يعود إلى العصر البطلمى فى مصر ٣٣٢-٣٠ قبل الميلاد، وهى فترة شهدت تداخلًا بين الثقافة المصرية واليونانية، والميدالية التى تتوسط العقد مزخرفة برأس ميدوسا، الشخصية الأسطورية المعروفة فى الميثولوجيا اليونانية، ما يجعل العقد كتميمة حماية من الشر، ويشير إلى المكانة الاجتماعية الرفيعة لمالكها.

تم عرض العقد فى معارض عالمية فى فترات زمنية مختلفة، ما يعكس أهميتها كتحفة فنية وتاريخية تسلط الضوء على مهارة الحرفيين فى تلك الحقبة.

تمثال برونزى مذهّب للألهة سخمت

التمثال مصنوع من البرونز المطعّم بالذهب، ويعود إلى العصر المتأخر ٦٦٤-٣٣٢ قبل الميلاد، يُصور الإلهة سخمت، إلهة الحرب بجسد أنثى ورأس أسد، ومن خلفها يتجسد النسر الذى يمثل الحماية الإلهية.

التمثال يتميز بدقة تفاصيله الفنية، ما يجعله مثالًا على مهارة المصريين القدماء فى التعامل مع المعادن الصلبة، واستخدامه كان مرتبطًا بالطقوس الدينية والحماية، حيث يجمع بين الجمال والرمزية.

جزء من نقش جدارى 

هذه النقوش الموجودة على الحجر الجيرى تعود إلى الفترة المتأخرة أو البطلمية حوالى ٦٦٤-٣٠ قبل الميلاد، ويصور النقش مشهدًا دينيًا نموذجيًا من الفن المصرى القديم، وتُبرز القطعة أهمية الفن فى توثيق المعتقدات المصرية القديم.

صالة بونهامز

واحدة من أقدم وأشهر دور المزادات فى العالم، مقرها الرئيسى فى لندن ولها فروع فى نيويورك، هونج كونج، لوس أنجلوس، وسيدنى، تأسست فى القرن الـ١٨، وأصبحت فى شكلها الحالى عام ٢٠٠١ بعد الإندماج مع دار مزادات أخرى، وتشتهر بتنظيم مزادات للقطع الفنية النادرة، المجوهرات، التحف، السيارات الكلاسيكية، والقطع الأثرية.

بورتريه مومياء مصرية

بورتريه مومياء مصرى، ملون، مصنوع من الخشب ينتمى لمجموعة «بورتريهات الفيوم» الشهيرة، يعود إلى الفترة الرومانية فى مصر، ويحمل رسم لوجه امرأة شابة بتفاصيل دقيقة، ويُعتبر من أشهر الأنماط الفنية التى استخدمها المصريون خلال الحقبة الرومانية. البورتريه كان جزءًا من التقاليد الجنائزية المصرية، حيث كانت تُستخدم هذه اللوحات لتزيين المومياوات، وكانت هذه القطع تُعتبر وسيلة للحفاظ على الروح بعد الموت.

تمثال برونزى للإله حورس

تمثال للإله حورس على هيئة صقر، يعود إلى العصر المتأخر وتحديدًا الأسرة السادسة والعشرين ٦٦٣-٥٢٥ قبل الميلاد، ويتميز بدقة الصنع والتفاصيل التى تعكس الحرفية المصرية القديمة، التمثال مصنوع من البرونز المصقول، مع استخدام تقنيات قديمة لإظهار القوة والرمزية الدينية.

هيليس جاليرى

موقع Helios Gallery من المواقع المتخصصة فى بيع الآثار الأصلية من عصور مختلفة، بما فى ذلك الآثار المصرية، اليونانية، الرومانية، ويشتهر الموقع بعرض قطع أثرية ذات توثيق قانونى، بالإضافة لأسعار القطع البسيط مقارنة بباقى المواقع والمزادات، ويعود ذلك لبساطة القطع وحجمها الصغير.

تمثال أوشابتى من الفيانس الأزرق

التمثال عبارة عن أوشابتى تم العثور عليه فى خبيئة دير البحرى الثانية، ويعود إلى الفترة الانتقالية الثالثة، وكانت تستخدم تماثيل الأوشابتى فى مصر القديمة لتؤدى المهام نيابة عن المتوفى فى الحياة الآخرة.

إناء فخار من عصر ما قبل الأسرات

هذه القطعة الفريدة تعود إلى عصر ما قبل الأسرات وتحديدًا حضارة «نقادة» الفريدة، الإناء مصنوع من الفخار الأسود، ويُعتبر من القطع المهمة التى تمثل التطور الفنى والحرفى فى بداية الحضارة المصرية وفترات ما قبل التاريخ المصرى.

جهود الأجهزة المصرية لاسترداد القطع الأثرية

لا تدخر الحكومة المصرية جهدًا فى ملف استرداد الآثار المصرية، وتتعاون فى هذا الملف عدة جهات رسمية بدءًا من وزارتى الخارجية والسياحة والآثار، بالإضافة لمكتب النائب العام والعديد من الجهات الأخرى ذات الصلة.

وقد تواصلت «حرف» مع الدكتور شعبان عبدالجواد، مدير عام الإدارة العامة لاسترداد الآثار بالمجلس الأعلى للآثار، حيث قال إن الإدارة تقوم بمتابعة كل قطعة مصرية تظهر فى أى مكان بالعالم، ومن ثم يبدأ البحث عنها للوقوف على موقفها القانونى، وإذا كانت من مفقودات الآثار المسجلة أو الآثار التى تم العثور عليها عن طريق الحفر خلسة وتهريبها للخارج، فهذا يعنى أنها تخضع لقانون حماية الآثار المصرى، وهنا يتم التواصل مباشرة مع وزارة الخارجية المصرية، لتقوم بدورها بالتواصل من خلال السفارات الموجودة فى الخارج مع السلطات الموجودة فى هذه الدولة.

وفى حالة ثبوت خروج القطع بطريقة غير شرعية من مصر، تبدأ السفارة فى مخاطبة صالة المزادات لوقف بيع القطع، كما يتم التواصل مع إدارة التعاون الدولى فى مكتب النائب العام واتخاذ الإجراءات اللازمة بالتنسيق مع كافة الجهات الأمنية والرقابية الموجودة داخل جمهورية مصر العربية.

ونجحت مصر فى استرداد العديد من القطع التى تم عرضها فى هذه المزادات، حيث تم استرداد ٦ قطع أثرية مصرية ترجع لعصر الدولة الحديثة من صالة كريستيز عام ٢٠١٥، كما تم استرداد بعض القطع التى تنتمى للعصر الإسلامى من صالة بونهامز.

وبشكل عام نجحت الإدارة بالتنسيق مع الجهات المعنية فى استرداد ٥٠٠٠ قطعة أثرية من الولايات المتحدة الأمريكية عام ٢٠٢١، كما نجحت مصر فى استرداد ٧٧ قطعة من ألمانيا خلال الشهر الماضى.

وأضاف «شعبان»: «فى الآونة الأخيرة استطعنا أن نسترد غطاءين لتابوتين من العصر الفرعونى من إسرائيل، تمت سرقتهما من مصر بعد ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، وخرجا بطريقة غير شرعية عن طريق تاجر آثار إسرائيلى، وتعد هذه المرة الثانية التى يتم فيها استعادة قطع أثرية من إسرائيل، فقد نجحت مصر فى التسعينيات، من استعادة القطع الأثرية التى تم التنقيب عنها فى سيناء عن طريق بعثات أثرية إسرائيلية وقت الاحتلال.

وبشكل عام، تم استرداد ما يقرب من ٣٠ ألف قطعة أثرية فى السنوات الأخيرة، وتحديدًا عام ٢٠١٦ تم استرداد ٢٦٣ قطعة أثرية، وفى عام ٢٠١٧ تم استرداد ٥٥٣ قطعة أثرية، وفى عام ٢٠١٨ تم استرداد ٢٢٢ قطعة أثرية، بالإضافة إلى ٢١٦٦٠ عملة أثرية، وفى عام ٢٠١٩، تم استرداد التابوت المذهب للكاهن عنخ آمون، بعد نجاح العديد الاتفاقيات الدولية التى تم توقيعها مع عدد من الدول المختلفة، والتى أسهمت كثيرًا فى عملية استرداد القطع الأثرية المهربة، ومن أهمها الاتفاقيات الموقعة مع الخارجية الأمريكية، وبين الحكومة المصرية والمجلس الفيدرالى السويسرى، وكذلك الموقعة مع الحكومة الأردنية الهاشمية.