قدس الأقداس.. عبدالرحيم ريحان يكشف ما يجرى فى مشروع التجلى الأعظم بسيناء
- مصر تدخل عصر «السياحة الروحية» بعد تنفيذ المشروع وإحياء مسار خروج بنى إسرائيل
- د.عبدالرحيم ريحان يقترح إعداد «شهادة حج» من ورد البردى لمن يزور مسار نبى الله موسى
تتجهز مدينة سانت كاترين لأن تصبح وجهة سياحية عالمية مع تنفيذ مشروع التجلى الأعظم فوق أرض سيناء، الذى تعمل فيه أجهزة الدولة المختصة على استغلال المكانة الروحية لهذه المنطقة فى تحقيق جذب سياحى كبير، مع اتباع معايير علمية فى التنفيذ، بالنظر لوجود المدينة على لائحة التراث العالمى. لكن، وكعادة كل مشروع كبير فى مصر، لا تتوقف حركة الشائعات، وكان آخرها مرتبطًا بمشروع التجلى الأعظم، مع انتشار شائعة حول إخلاء الدير وطرد رهبانه، وهو ما نفته الحكومة، مؤكدة أنه ليس هناك أى تهديد للدير.
ولكى نعرف عن قرب ماذا يجرى فى هذا المشروع، كان هذا الحديث مع الدكتور عبدالرحيم ريحان، عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية.
■ هل يمكن أن تضعنا فى صورة عامة حول مشروع التجلى الأعظم؟
- المشروع يهدف إلى إنشاء مزار روحانى على جبل موسى وجبل التجلى، وإحياء مسار نبى الله موسى، واستثمار كل المقومات السياحية بمدينة سانت كاترين خاصة وسيناء عامة. ويقام المشروع على مساحة ٢ مليون متر مربع ما بين جبل موسى وجبل سانت كاترين، ويوفر ٥ آلاف فرصة عمل ما بين مهندسين وعمال، ومن المنتظر عند افتتاحه أن يصبح سفير مصر للسياحة ونقطة الانطلاق لسياحة المسارات الروحية، أغلى أنواع السياحة فى العالم، والتى ستصل بنا إلى ٣٠ مليون سائح بشرط وجود طاقة فندقية تستوعبها.
■ متى وكيف بدأ المشروع؟
- انطلق مشروع التجلى الأعظم فى ٢١ يوليو ٢٠٢٠، بزيارة الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، والوزراء المعنيين لسانت كاترين، والاستماع لرؤى كل الجهات المسئولة، من رهبان دير سانت كاترين ومفتشى الآثار ومسئولى البيئة وأهالى سانت كاترين، ومن ثم تم وضع خطة المشروع بما يتوافق مع معايير اليونسكو، باعتبار مدينة سانت كاترين مسجلة تراثًا عالميًا منذ عام ٢٠٠٢، وبدأ التنفيذ الفعلى لـ١٤ مشروعًا عام ٢٠٢١ بتكلفة نحو ١٠ مليارات جنيه.
■ ماذا عن مشروعات الـمشروع فما هى وما أهميتها؟
- المشروع يتضمن إنشاء مركز الزوار الجديد بميدان الوادى المقدس، كواجهة حضارية لاستقبال الضيوف على مساحة ٣١٧٠ م٢ باعتباره نقطة استقبال وتوجيه محورية للسائح، ويضم الخدمات الأساسية من استعلامات ومكاتب حجز رحلات وطيران ومطعم وكافيتريا وبازارات ومعارض للمنتجات البدوية وطب الأعشاب وقبة سماوية، لمشاهدة أفلام ثلاثية الأبعاد عن تاريخ وروحانيات الموقع، فضلًا عن مناطق انتظار للسيارات والأتوبيسات والعربات الكهربائية، ومنطقة للاستجمام تضم مقاعد للجلوس فى الطبيعة وبحيرة صغيرة.
هذا إلى جانب إنشاء ساحة السلام، وبها قاعة مؤتمرات تسع ٦٠٠ فرد، وساحة احتفالات، وتطوير استراحة الرئيس السادات، التى كان يأتى إليها فى العشر الأواخر من رمضان، مع إنشاء فندق جبلى عالمى يستغل مفردات البيئة السيناوية، مكون من ٤ أدوار يضم ١٥٠غرفة، تتمتع بإطلالات على دير سانت كاترين وهضبة التجلى ووادى الراحة، مع حديقة جبلية خلفية ذات تكوينات صخرية نادرة.
أيضًا يتضمن المشروع تطوير منطقة وادى الدير إحدى أهم مناطق سانت كاترين لكونه الوادى المقدس وتبليطه بأحجار من البيئة السيناوية وإضاءته بإضاءة سفلية هادئة تناسب طبيعة هدوء وجلال وجمال الموقع، وتطوير مَبرك الجمال القديم وإنشاء مَبرك جديد، لخدمة رحلة جبل موسى ودير سانت كاترين، وينتهى مسار وادى الدير بمركز الزوار والطريقين الرئيسيين.
ومن أهم المشروعات أيضًا إنشاء النزل البيئى الجديد «امتداد» بمنطقة وادى الراحة - الذى ارتاحت فيه زوجة نبى الله موسى صافوراء حين رأى نارًا وذهب إليها وكانت المناجاة عند العليقة المقدسة - ويتكون من ٧ مبانٍ بإجمالى ١٩٢ غرفة فندقية بيئية، مع إنشاء حديقة صحراوية بمحازاة سفح الجبل تربط النُزل البيئى الجديد بالفندق الجبلى، بالإضافة إلى تطوير ٧٠ «شاليه» بالنزل البيئى القائم.
والمشروعات الباقية تشمل إنشاء ممشى «درب موسى» ليحاكى المسار التاريخى لسيدنا موسى عبر وادى الراحة وصولًا إلى جبل التجلى، وتطوير وادى الأربعين ومركز المدينة التراثى لجذب السياحة البيئية فى مسار مشاة ودراجات بوادى الأربعين بداية من مركز الزوار وصولًا إلى مركز المدينة كمتنزه طبيعى بين أشجار الزيتون والمزارع، وبالطبع إنشاء مجموعة من الفنادق الإيكولوجية، وهى منشآت سياحية تستخدم خامات طبيعية من البيئة من أحجار وأخشاب وغيرها ولا تزيد الارتفاعات حتى تحافظ على بانوراما الموقع، وتكون بنفس شكل الجبل والبيئة حولها، للمحافظة على الرؤية البصرية وجلال وجمال ورهبة المنطقة.
ومن المهم الإشارة إلى أن أهم جوانب المشروع تطوير منطقة إسكان أهل سانت كاترين بتحسين واجهات المبانى وشبكة المرافق، وإنشاء مجمع سكنى جديد بحى الزيتونة، ومجمع إدارى جديد، وإنشاء المنتجع السياحى الجبلى، ويضم ٤ فيلات، و١٧ شاليه، ومبنى استقبال، ومنطقة تجارية (بازارات) تضم ١٦ بازار، فضلًا عن مشروعات مواجهة أخطار السيول وإنشاء شبكة الطرق والمرافق والبنية الأساسية وتطوير وادى حبران الذى عبره نبى الله موسى، ومشروع حماية دير سانت كاترين بنظام إنذار مبكر وإطفاء تلقائى للحريق وكاميرات مراقبة بكل المنطقة.
وأخيرًا تطوير مطار سانت كاترين الدولى، بإنشاء مبنى الركاب ويضم صالة السفر والوصول وبرج مراقبة بارتفاع ٣٢ مترًا، وإنشاء ممر رئيسى بطول ٣ آلاف متر ورفع كفاءة الممر القائم بطول ٢١١٥ مترًا، وسيكون إجمالى سعة المطار ١١ طائرة مع إنارة الممرات ليعمل المطار ليلًا، وإنشاء سور حول المطار بطول ٥٧٥٠ مترًا، مع منظومة لصرف الأمطار.
■ رئيس الوزراء كلف بالعمل على إحياء مسار خروج بنى إسرائيل، ليتم تنظيم رحلات سياحية لهذا المسار.. هل هناك مسار معروف لرحلة الخروج بسيناء؟.. وما محطاته؟
- قمنا فى حملة الدفاع عن الحضارة المصرية، التى أشرُف برئاستها، بتحقيق وتوثيق هذا المسار وسجلته فى كتاب «التجليات الربانية فى الوادى المقدس طوى» ووضعت محطات لرحلة سياحية داخل هذا المسار، بالتعاون مع المرشد السياحى (لغة روسية) عبدالعاطى صلاح - تتضمن ١١ محطة، وننتظر اعتماد هذا المسار رسميًا من الحكومة، على غرار مسار العائلة المقدسة، لبدء الدعاية للرحلات لتنطلق مع افتتاح المشروع.
محطات المسار، كما قلت ١١ محطة، وتبدأ بمدينة أون عند المطرية حيث مقر نبى الله يوسف، ثم آثار مصر القديمة إلى تل بسطة بالشرقية، حيث بداية أرض جوشن، التى عاش بها بنو إسرائيل، ثم وادى الطميلات من الزقازيق إلى الإسماعيلية إلى نقطة الشط، حيث عبر عندها نبى الله موسى وشعبه وغرق فرعون، إلى عيون موسى ثم معبد سرابيط الخادم، حيث طلبوا من نبى الله موسى أن يجعل لهم إلهًا من تماثيل المعبد، إلى منطقة حمام موسى بطور سيناء، حيث وادى الراحة الثانى، الذى انتظر فيه بنو إسرائيل نبى الله موسى حين ذهابه لتلقى ألواح الشريعة وعبدوا العجل الذهبى، إلى وادى حبران، الذى عبره نبى الله موسى من طور سيناء إلى سانت كاترين، ثم الوادى المقدس (منطقة سانت كاترين حاليًا، حيث تلقى ألواح الشريعة وناجى ربه، إلى هضبة حجاج، وبها نقوش الحجاج المسيحيين الذين تبركوا بهذا الطريق وأنشأوا فيه أديرتهم، إلى وادى فيران، حيث عبر نبى الله موسى وشعبه فى فترة التيه المقدرة بـ٤٠ عامًا.
■ وما الأهمية السياحية لهذه المحطات بسيناء؟
- تضم هذه المحطات كل مقومات السياحة بسيناء مثل: السياحة الروحية بالوادى المقدس بسانت كاترين والتاريخية، حيث تضم آثارًا مصرية قديمة مثل معبد سرابيط الخادم، ومسيحية مثل دير سانت كاترين ووادى فيران، وإسلامية حيث الجامع الفاطمى داخل دير سانت كاترين، وثانيًا: السياحة العلاجية من طب الأعشاب بسانت كاترين، والمياه الكبريتية فى عيون موسى وحمام موسى، وسياحة السفارى والمغامرات فى الأودية بين سانت كاترين وسرابيط الخادم، وصعود وتسلق الجبال مثل جبل موسى وجبل التجلى وجبل عباس وجبل سانت كاترين، والسياحة البيئية بوادى الأربعين ووادى فيران، والسياحة الشاطئية بطور سيناء، وسياحة المؤتمرات بإنشاء قاعة مجهزة ضمن المشروع.
■ كيف يخدم مشروع التجلى الأعظم السياحة الروحية فى مصر؟
- هذا المشروع هو مستقبل مصر فى الدخول بقوة والمنافسة فى مجال السياحة الروحية، أغلى أنواع السياحة فى العالم، فقد تم إعداده على غرار المسارات الروحية الشهيرة فى العالم خاصة مسار حج مسيحى فى إسبانيا مسجل تراثًا عالميًا فى اليونسكو عام ١٩٨٥، وهو طريق القديس (يعقوب بن زبدى) من تلاميذ السيد المسيح المدفون فى كاتدرائية سانتياجو دى كومبوستيلا، وكل حاج يجتاز ١٠٠ كيلومتر سيرًا على قدميه أو ٢٠٠ كيلومتر على دراجة هوائية يحصل على شهادة حج، ويزوره سنويًا على الأقل مع كنيسة العائلة المقدسة ببرشلونة «ساجرادا فاميليا» ٣٠ مليون سائح نصف عدد زوار إسبانيا كلها.
ومن هنا أقترح عمل شهادة حج من ورق البردى عليها رموز ورسومات معبّرة مرتبطة بمسار نبى الله موسى بسيناء لكل من يعبره حتى سانت كاترين، وتعتمد هذه الشهادة من وزير السياحة والآثار، وهذه الشهادة سيكون لها وقع وتأثير كبير على زوار هذه المسارات بما يسهم فى زيادة أعداد القادمين.
والدولة تعمل الآن على ٣ مشروعات قومية للمسارات الروحية المتفردة فى مصر: مشروع التجلى الأعظم وإحياء مسار نبى الله موسى، وإحياء مسار العائلة المقدسة، ومسار آل البيت، وأنا أطالب بوضع المسارات الثلاثة على خارطة السياحة الدولية وتعريف منظمى السياحة العالمية Tour Operator بهذه المسارات. الآن تأتى رحلات حج تنظمها بعض الشركات بشكل خاص، لذا من المهم ربطها بمنظومة سياحية متكاملة، ومن أجل هذا أطالب بتعيين مستشار سياحى فى البلاد السياحية الشهيرة، ويختلف دوره عن المستشار الثقافى المختص بالبعثات التعليمية، على أن يكون دور المستشار السياحى تفعيل عمل المكاتب السياحية بالخارج، وتشكيل فريق لديه دراية ومعرفة جيدة باللغات الأجنبية ومعالم الحضارة المصرية للانتشار بين منظمى الرحلات وتعريفهم بالمسارات الروحية الجديدة التى قامت الدولة بتطويرها وتنميتها وتهيئتها لاستقبال السائحين، وما هى الخدمات الفندقية والسياحية بها، وخط السير المحدد لها، وكيفية الاستمتاع بكل المقومات السياحية ما بين آثار متنوعة وسياحات متعددة علاجية وبيئية وسفارى وشواطئ وغيرها.