GAZA.. الغرب يعترف: إسرائيل تريد إبادة كل الفلسطينيين.. مرة واحدة وإلى الأبد

- المساعدات العسكرية الأمريكية فى عام الحرب بلغت 17.9 مليار دولار
- الإعلام المسيحى الأمريكى تواطأ مع الإبادة الجماعية
فى إطار عملها الصحفى والثقافى، تحرص «حرف» على استكشاف ومطالعة كل ما هو جديد فى ساحة النشر الدولية والإقليمية، فى توجه تنحاز إليه لتعريف القارئ المصرى والعربى بكل ما ينتجه العالم من معارف وثقافات وكتابات. ومن خلال زاوية «ماذا يقرأ العالم الآن؟»، تأخذ «حرف» قراءها فى جولة خاصة داخل أبرز المكتبات ودور النشر العالمية، لتعريفهم على المنتج الإبداعى الغربى، وأبرز الأعمال الجديدة الصادرة مؤخرًا، فى مجالات الرواية والسياسة والثقافة والسينما والمغامرة.
فى هذا العدد، نلقى الضوء على كتابين يرصدان غريزة البقاء لدى الفلسطينيين فى وطنهم، وتكشف تاريخ محاولات تجريدهم وتهجيرهم من أراضيهم، وسط ممارسات الاحتلال الإسرائيلى ودعم غير أخلاقى من الجانب الأمريكين والغربى.
A Genocide Foretold.. صحفى أمريكى: المخطط يستهدف إنشاء «إسرائيل الكبرى» بأجزاء من لبنان وسوريا
يصدر كتاب «A Genocide Foretold: Reporting on Survival and Resistance in Occupied Palestine» أو «إبادة جماعية معلنة: تقارير عن البقاء والمقاومة فى فلسطين المحتلة»، عن دار النشر الأمريكية «سفن ستوريز برس»، فى ٨ أبريل المقبل.

الكتاب الجديد من تأليف كريس هيدجز، الكاتب الصحفى الحائز على جائزة «بوليتزر»، الذى ينقل صورًا مروعة للعواقب الإنسانية للقمع والاحتلال والعنف الذى تعيشه فلسطين اليوم، وذلك من خلال ما شهده فى سفره الشخصى إلى قطاع غزة والأراضى المحتلة.
ويستعرض الكتاب الجهد البطولى الذى يبذله الفلسطينيون العاديون للمقاومة والبقاء، وتاريخ تجريد الفلسطينيين وتهجيرهم من أراضيهم، ويدين شهوة الدم العنصرية التى اجتاحت المجتمع الإسرائيلى، بل التواطؤ الكامل من جانب الحكومة ووسائل الإعلام الأمريكية، والنفاق فى الغرب وأوروبا، مع توجيه نداء للمجتمع الدولى ليكون شاهدًا ويشارك فى إنهاء الأزمة الإنسانية المستمرة.
كتب «هيدجز» القسم الأول من الكتاب المكون من ٢٠٨ صفحات، عندما كان فى رام الله، تحديدًا فى يوليو ٢٠٢٤، مستفيدًا من خبرته فى تقديم تقارير موسعة من الشرق الأوسط، بما فى ذلك غزة، لصحيفة «نيويورك تايمز».
ويواجه كتاب «إبادة جماعية معلنة» الحقائق الصارخة عن غزة، ويرسم صورة واضحة للقمع المنهجى والاحتلال والعنف، ويتضمن فصولًا عن كيف تبدو الحياة فى غزة ورام الله، وتاريخ تجريد الفلسطينيين من أراضيهم، وكيف أن ذلك مرتبط بأفكار الصهيونية.
وخصص الصحفى الأمريكى فصلًا فى كتابه لصبى فلسطينى يدعى «عمرو»، وهو طالب فى مدرسة ثانوية يبلغ ١٧ عامًا، أُجبر على إخلاء قريته مع عائلته، إلى جانب فصل آخر يتضمن التحليل النفسى لحالة الحرب الدائمة، والطُرق التى يستخدم فيها المُحتَل الانتقام الجماعى ضد الأبرياء كتكتيك مألوف، فضلًا عن فصل كامل ثالث عن أطفال غزة.
ويفضح كريس هيدجز، الذى عمل رئيسًا لمكتب صحيفة «نيويورك تايمز» فى الشرق الأوسط، وأمضى ٧ سنوات فى تغطية الصراع الفلسطينى- الإسرائيلى، سرديات وسائل الإعلام الأمريكية والغربية التى تنقل معلومات مزيفة عن حقيقة الصراع، مع التعمق فى تحليل وكشف تحالف الساسة الأمريكيين مع جماعة الضغط المؤيدة لإسرائيل «أيباك».
ويدين الكاتب العنف طويل الأمد للمشروع الصهيونى، وداعميه من الولايات المتحدة وأوروبا، ويعد تحديًا لجميع محاولات التضليل حول غزة، ويساعد عبر التاريخ والجغرافيا والسياسة فى فهم ممارسات الاحتلال الصهيونى بشكل أفضل، متوقعًا أن تكون الإبادة الجماعية وما يحدث فى غزة «الخاتمة المتوقعة» للمشروع الاستعمارى الاستيطانى الإسرائيلى.
ويكشف عن أن إسرائيل ألقت قرابة ٣٠ ألف قنبلة وقذيفة على غزة، أى ٨ أمثال القنابل التى ألقتها الولايات المتحدة على العراق خلال ٦ سنوات من الحرب، إلى جانب استخدامها مئات القنابل التى يبلغ وزن الواحدة منها ٢٠٠٠ رطل لتدمير مناطق مكتظة بالسكان، بما فى ذلك مخيمات اللاجئين، علمًا بأن قدرة هذه القنابل الخارقة للتحصينات على القتل تبلغ ١٠٠٠ قدم.
ويشير إلى إرسال الولايات المتحدة ٢٣٠ طائرة شحن، و٢٠ سفينة مُحمَلة بقذائف المدفعية والمركبات المدرعة ومعدات قتالية إلى إسرائيل، منذ السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، مبينًا أن هذه الأسلحة والمعدات العسكرية الأمريكية كانت تُشحن إلى إسرائيل، من قاعدة «أكروتيرى» الجوية البريطانية فى قبرص.
هذا إلى جانب أكثر من ٤٠ طائرة نقل أمريكية، و٢٠ طائرة بريطانية، و٧ طائرات هليكوبتر ثقيلة، حلقت إلى القاعدة الجوية ذاتها، التى تبعد ٤٠ دقيقة بالطائرة عن تل أبيب، وغيرها من الأسلحة الأخرى، ما يؤكد مشاركة الولايات المتحدة والغرب فى الإبادة الجماعية التى نفذتها إسرائيل فى غزة.

ونبه، كذلك، إلى تقديم الولايات المتحدة أكثر من ١٧.٩ مليار دولار كمساعدات عسكرية لإسرائيل حتى الآن، مقارنة بـ٣.٨ مليار دولار من المساعدات العسكرية التى تقدمها الولايات المتحدة لإسرائيل سنويًا، وهذا رقم قياسى لعام واحد، بالإضافة إلى الموافقة على ٨ مليارات دولار أخرى من مشتريات الأسلحة الأمريكية الصنع من قِبل إسرائيل.
ويشدد المؤلف على أن ما يحدث لا يستهدف تدمير «حماس»، أو تحرير الرهائن الإسرائيليين، ولكن للقضاء، مرة واحدة وإلى الأبد، على الفلسطينيين فى غزة والضفة الغربية، من أجل «إنشاء إسرائيل الكبرى»، التى لن تشمل غزة والضفة الغربية فحسب، بل أجزاء من لبنان وسوريا، وهذا تتويج للحلم الصهيونى.
Christ in the Rubble .. وقس فلسطينى لأوروبا: المسيح ليس عندكم بل بين الضحايا تحت الأنقاض
يصدر كتاب «Christ in the Rubble» أو «المسيح وسط الأنقاض»، عن دار النشر الأمريكية المتخصصة «إيردمانز»، فى ٢٧ مارس المقبل، من تأليف القس منذر إسحاق، وبمقدمة ويلى جيمس، الذى يقدم خلاله تحليلًا عميقًا لما يحدث فى غزة الآن، مع التركيز على الشق الدينى والإيمانى فى الصراع.

ويتحدث القس منذر إسحاق فى كتابه، من وجهة نظر فريدة كقس وعالم دين مسيحى فلسطينى بارز، ويكشف عن حقيقة نادرًا ما يتم الاعتراف بها فى الدوائر المسيحية الغربية، وهى أن الحملة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطينى ليست وليدة أحداث ٧ أكتوبر ٢٠٢٣، بل استمرار لمشروع استعمارى يعود بجذوره إلى القرن التاسع عشر، موضحًا أن هذا المشروع الاستعمارى، ومنذ عام ١٩٤٨، أسس أنظمة تمييز وفصل عنصرى راسخة، تفوق فى قسوتها نظام الفصل العنصرى الذى كان سائدًا فى جنوب إفريقيا.
ومن خلال هذا التحليل، ينتقد «إسحاق» بشدة صمت الحكومات الغربية، والمعايير المزدوجة التى تتغاضى عن انتهاكات حقوق الإنسان ضد الفلسطينيين، بينما تدعم سياسات إسرائيل. كما يوجه انتقادات لاذعة لموقف الكنائس الغربية، التى تظل العديد منها صامتة أو متواطئة فى تجاهل معاناة الشعب الفلسطينى، معتبرًا أن هذا الصمت يتناقض مع المبادئ المسيحية الأساسية التى تدعو إلى العدل والرحمة والدفاع عن المظلومين.
ويدعو القس الفلسطينى البارز إلى إعادة تقييم المواقف والأفعال فى ضوء الإيمان المسيحى، مؤكدًا أن دعم المشروع الصهيونى يتعارض مع القيم الإنسانية والدينية التى يجب أن تكون أساسًا لأى موقف أخلاقى.
وفى كتابه الذى يقع فى ٢٥٦ صفحة، يدعو «إسحاق» الغرب المسيحى إلى التوبة عن دوره فى التواطؤ بتدمير الشعب الفلسطينى، وإعادة تنظيم معتقداتهم وأفعالهم وفقًا لتعاليم المسيح، الذى لا يمكن العثور عليه- حسب إسحاق- بين مرتكبى الإبادة الجماعية فى غزة، بل بين الضحايا المدفونين تحت أنقاض الحرب.

كما يوجه اتهامات صريحة إلى قادة العالم والزعماء الدينيين، لفشلهم فى الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطينى، وحمايته من الظلم والاضطهاد، مؤكدًا أن هذا الفشل ليس فقط سياسيًا، بل أخلاقيًا أيضًا، لتناقضه مع المبادئ الإنسانية والدينية التى تدعو إلى العدل والرحمة.
ويدعو القس الفلسطينى العالم إلى أن يكون متسقًا أخلاقيًا، معتبرًا أن الصمت أو التواطؤ فى وجه الظلم هو خيانة للقيم الإنسانية التى يجب أن تجمع البشرية، مشددًا على أن المسيح، الذى يمثل المحبة والعدل، يقف مع الضحايا وليس مع الظالمين، وأن على المسيحيين والغرب بشكل عام أن يعيدوا تقييم مواقفهم وأفعالهم فى ضوء هذه الحقيقة. ويدعو القراء إلى إدراك أن دعم المشروع الإبادى الصهيونى يتعارض مع القيم المسيحية، مقدمًا وصفًا تفصيليًا لتاريخ وتأثيرات الاستعمار الاستيطانى الإسرائيلى، ونظام الفصل العنصرى الذى يمارسونه، وراسمًا صورة مؤثرة للألم والإهانة المتواصلة التى يعانى منها الفلسطينيون تحت هذا النظام، مع تناول قضية معاناة الفلسطينيين فى غزة، والإشارة إلى تضامن الله مع آلام البشر، فى مقابل تجاهل الغرب لحقوقهم، خاصة الولايات المتحدة.
ويؤكد أن هذا التناقض الأخلاقى هو جوهر الاستعمار، ومفتاح لفهم استمرار الاستعمار الاستيطانى الإسرائيلى، مُسلطًا الضوء على نضال الفلسطينيين من أجل الحرية والكرامة، ومعتبرًا أن تصحيح هذا العنف يستلزم تفكيك الأجندات التى تغذيه، وفضح استخدام معاداة السامية كأداة لقمع أى انتقاد لإسرائيل، وكشف المفاهيم والدعوات المضللة المستخدمة لتبرير تقليل عدد السكان فى غزة، وكاشفًا عن الانتهاكات الإنسانية التى تجلت فى تصعيد النكبة المستمرة إلى هجوم إبادة جماعية يهدف إلى تدمير مستقبل الفلسطينيين.
ويستعرض القس الفلسطينى الأحداث التى كانت الدافع وراء تأليف الكتاب، من بينها تأثره بالوضع المأساوى فى غزة، فى قداس عيد الميلاد بالكنيسة الإنجيلية اللوثرية فى بيت لحم، يوم ٢٣ ديسمبر ٢٠٢٣، مضيفًا: «لو كان المسيح سيولد اليوم، لكان ميلاده تحت الأنقاض فى غزة»، فى إشارة إلى الدمار والخراب الذى لحق بالقطاع.

وينتقد بشدة صمت قادة الكنائس فى أمريكا والغرب، وعدم استخدامهم مصطلحات «إبادة جماعية» و«تطهير عرقى» لوصف ما يحدث فى فلسطين، مشيرًا إلى أن التاريخ سيسجل هذا الصمت، وسيُخلد هؤلاء القادة كمنكرين للإبادة الجماعية.
ويتساءل عن مدى تأثير إصدار قادة الكنائس، مثل رئيس أساقفة كانتربرى والفاتيكان، بيانات تدعو إلى محاكمة بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلى، أو فرض عقوبات على إسرائيل، معتقدًا أن ذلك قد يحدث فرقًا حقيقيًا فى مسار الصراع.
وخصص القس الفلسطينى فصلًا كاملًا فى الكتاب تحت عنوان: «لاهوت الإبادة الجماعية»، تناول فيه عشرات الأسماء لقادة مسيحيين يدعمون الإبادة الجماعية والتطهير العرقى فى غزة.