السبت 23 نوفمبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

ساحر أرض زيكولا

الروائى عمرو عبدالحميد: بدأت الكتابة بـ«مجلة حائط»

عمرو عبدالحميد
عمرو عبدالحميد

عندما طُرحت الرواية أول مرة فشلت جدًا لدرجة أننى فكرت فى ترك الكتابة للأبد

 هناك أعمال أقوى من كتاباتى 1000 مرة.. و«الأعلى مبيعًا» توفيق من الله

 أتمنى تحويل الرواية إلى فيلم أمريكى أو مصرى بعد التطور الكبير فى السينما المحلية

استغرقت 7 أشهر كاملة لكتابة الرواية والجزء الثانى أخذ منى 16 شهرًا

 

بدأ العالم الروائى للدكتور عمرو عبدالحميد بكتابة روايتين قصيرتين، كانتا بطلب من صديق يُعد «مجلة حائط»، ورغم أن هذا الصديق لم ينشر القصتين، كانتا خير معين لـ«عبدالحميد» على كتابة روايته الأشهر «أرض زيكولا».

لم يحالف الرواية الحظ فى البداية، وظلت طى النسيان من 2011 إلى 2014، حتى أنه فكر فى هذه الفترة أن يترك الكتابة للأبد، لكنه نشرها إلكترونيًا فوجدت رواجًا كبيرًا، قبل أن تلتقطها دار نشر «عصير الكتب» وتطرحها للجمهور فى 2016، لتحقق نجاحًا ساحقًا، وينتشر اسم عمرو عبدالحميد، وتصبح أعماله فى قوائم «الأعلى مبيعًا» بكل معارض الكتب اللاحقة.

ما بين الكتابة لـ«مجلة الحائط»، والوصول إلى قوائم «الأعلى مبيعًا»، مر مشوار مؤلف «أرض زيكولا» بالعديد من المحطات، يستعرض تفاصيلها فى الحوار التالى مع «حرف».

■ كيف بدأت عالمك الروائى؟

- بدأت الكتابة بسبب حاجة أحد أصدقائى لإكمال «مجلة حائط»، كان يحتاج قصتين وطلب منى كتابتهما، فكرت فى قصتين وكتبتهما بالفعل، ثم رجعت إلى صديقى فقال لى إنه وجد قصتين بالفعل، ولم يعد فى حاجة لقصتىّ، فحفظت القصتين فى الدرج لعام أو عامين، حتى قررت نشرهما على «منتديات الإنترنت» لرؤية ردود الأفعال حولهما، والحقيقة أن ردود الفعل أعجبتنى، حتى قررت كتابة قصة مسلسل، فى عام ٢٠٠٨.

■ كيف إذن تمكنت من الإمساك بزمام أحداث «أرض زيكولا» وخلق عالم روائى متكامل؟

- بالنسبة لربط الأحداث فى «أرض زيكولا»، كنت قد تعلمت قبلها ذلك فى روايتين مسلسلتين نشرتهما على «المنتديات»، وكانت ردود الأفعال حولهما جيدة ومبشرة. كنت أكتب الرواية فصلًا فصلًا، على مدار ٧ أشهر، حتى أكملتها فى يوليو من عام ٢٠١٠.

كانت الأحداث فى الرواية مترابطة وقوية، ولا يوجد ضعف فى حبكتها، ووجدت الناشر فى دار «صرح» للنشر والتوزيع يطلب نشرها، وبالفعل نشرتها، وكنت أتوقع أنها ستحقق نجاحًا كبيرًا، لكنها لم تُوفق فى هذا الوقت لعدة عوامل، من بينها وجود قصور من دار النشر فى تسويقها، إضافة إلى بيعها بسعر غالٍ، وكان غلافها ضعيفًا يوحى بالرعب، كما ظهرت الأحداث السياسية فى عام ٢٠١١، ما أثر على كل شىء.

وفى عام ٢٠١٤، انتشرت الرواية كنسخة إلكترونية، وحققت نجاحًا كبيرًا، كأنها خرجت من تحت الرماد، وكلمنى كثيرون عنها، لكن فى الحقيقة فكرت جديًا فى هذه الفترة أن أترك الكتابة بالكامل، وأتجه لممارسة تخصصى فى الطب، قبل أن أتفق مع دار «عصير الكتب» على إصدار الجزء الأول مع الجزء الثانى الذى حمل عنوان «أماريتا»، وذلك فى أواخر ٢٠١٥، لتصدر الرواية فى معرض الكتاب لعام ٢٠١٦.

■ كيف جاءت لك فكرة «أرض زيكولا»؟

- نشرت قبل «أرض زيكولا» روايتين قصيرتين، إلى جانب بعض القصص القصيرة، لكننى كنت أحتاج إلى فكرة جديدة غير مطروقة، خاصة أن ما كتبته فى الروايتين كان عاديًا جدًا، وكانت إحداها رومانسية والأخرى بوليسية، لذا تمنيت التوصل لفكرة جديدة كى أكتبها.

كنت فى هذا الوقت فى الفرقة الخامسة بكلية الطب، والحقيقة أنها سنة مرهقة جدًا، كانت سنة ثقيلة بكل ما فى الكلمة من معنى، وكنت مشاركًا فيما يسمى بـ«مشروع الأفكار»، بل وأرأس اللجنة الخاصة به، لكننى خرجت من الامتحانات مجهدًا جدًا، حتى أنهم حين سألونى عن الأفكار قلت لهم: «لو استطعت شراء الأفكار لاشتريتها».

رُحت أُفكر فى الجملة التى ذكرتها، «شراء الأفكار»، وهنا علقت الفكرة فى ذهنى، وحولتها إلى «شراء الذكاء» عن طريق وحدات خاصة تسمى «وحدات الذكاء»، لكن الفكرة لم تكتمل بعد أيضًا، فرُحت أفكر فى تطويرها، حتى جاءتنى فكرة السرداب من بلدتنا، فقد ولدت فى بلدة بها سرداب غريب، وكان الجميع يتحدثون حوله، ويروون العديد من الحكايات عنه، فرحت أربط ما بين السرداب و«وحدات الذكاء»، وكبرت الفكرة فى ذهنى، ودمجت هذين العنصرين سويًا وبدأت فى كتابة الرواية، لانتهى منها بعد ٧ أشهر بالتمام والكمال.

■ وماذا عن الجزء الثانى «أماريتا»؟

- فكرة تقديم جزأين ثان وثالث كانت فى ذهنى بالفعل، خاصة أن لدى رصيدًا كبيرًا من التفكير فى الجزء الأول، فوضعت فى «أماريتا» نهاية لرواية «أرض زيكولا»، بالشكل المناسب الذى ارتضيته، لكنها كانت رواية مختلفة تمامًا عما كتبته بعد ذلك.

وكما قلت، لم تحقق «أرض زيكولا» النجاح فى البداية، فابتعدت واهتممت بالطب، لكن حين نشرتها مرة أخرى وحققت هذا الصدى الكبير، تحمست بقوة لتقديم جزء ثانٍ، خاصة أننى جاءتنى فكرة جديدة للعمل عليها، لأبدأ فعلًا فى كتابة الجزء الجديد، الذى أكملته فى فترة كبيرة نسبيًا، فقد استغرق ١٦ شهرًا بالتمام والكمال.

أما الجزء الثالث فلم يكن فى بالى، والقراء كانوا يسألوننى فأقول لهم إنها «ثنائية» فقط، حتى استهوانى تقديم جزء ثالث وقررت كتابته، وكنت أخشى أن يؤثر على الجزأين الأول والثانى، لكننى استشرت محمد شوقى، مدير دار «عصير الكتب»، الذى تحمس لها بشدة، فكتبتها وأصدرناها لتحقق نجاحًا أكثر مما كنت أتخيل.

■ هل ترى أن ثبات أعمالك فى قوائم «الأعلى مبيعًا» يعبر عن تشوق جمهور القراء لنوعية «الروايات الفانتازية» أم لأسباب أخرى؟

- أرى أن ثبات الأعمال فى «الأعلى مبيعًا» هو أولًا وأخيرًا توفيق من الله، هناك أعمال أقوى من كتاباتى ١٠٠٠ مرة، هناك عدة عوامل أخرى أسهمت فى نجاحها، مثل سهولة اللغة التى أكتب بها، ومناسبتها لكل قارئ.

كما أنها من نوعية الكتابة المشوقة، التى تجعل القارئ يجرى خلف الرواية محاولًا الوصول لنهاية الأحداث بسرعة، إلى جانب عامل مهم جدًا، وهو التسويق الذى تقوم به دار «عصير الكتب» للرواية، وكلها عوامل أسهمت فى بقاء أعمالى ضمن قائمة «الأعلى مبيعًا» منذ سنوات، ولم تخرج منها حتى الآن.

■ استفدت كثيرًا من دراستك الطب، وهو ما ظهر فى شخصية الطبيبة «أسيل».. كيف وظفت هذا؟

- هذا حقيقى، لكن قبل الاستفادة على مستوى الشخصيات، أنا استفدت من الطب فى التوصل إلى الفكرة الأولى لـ«أرض زيكولا»، من «مشروع الأفكار» الخاص بالسنة الخامسة فى الكلية، كما سبق أن ذكرت، ثم استفدت منه فى رسم الشخصيات، ومن بينها «الدكتورة أسيل» فى «أرض زيكولا»، كما أوردت العديد من المواقف الطبية التى درستها، فى الجزأين الثانى والثالث.

كما أن هناك شخصية طبيب فى رواية «قواعد جارتين»، وحتى روايتى المنفصلة «فتاة الياقة الزرقاء» تقوم على فكرة طبية فى الأساس، لذلك أنا أقول إننى استفدت كثيرًا من دراستى الطب فى كتابة الأعمال الأدبية، وأعتقد أن الاستفادة لم تتوقف إلى الآن.

■ تمنيت سابقًا أن تتحول الرواية إلى فيلم أمريكى.. هل هذه الأمنية ما زالت قائمة؟

- هذا حقيقى، كنت قد تمنيت أن تتحول الرواية إلى فيلم أمريكى وليس مصريًا، خاصة أن هذه الأعمال «الفانتازية» تناسب السينما الأمريكية أكثر، كما أن الأفلام الأمريكية هى الأكثر انتشارًا فى العالم.

لكن صدقنى بعد كل ما عاصرناه فى السينما والدراما من تطور، انتهت هذه الفكرة تمامًا، والآن أتمنى تحويلها إلى فيلم مصرى أو أمريكى، الأمران سيان، خاصة بعد القفزة التى شهدتها الدراما والسينما المصرية خلال الفترة الأخيرة.

■ رأى البعض أن نجاح «أرض زيكولا» يعود إلى أفكارها الغريبة، من بينها الحرص على عدم الكسل أو الغباء، وإلا فسيكون المقابل هو الموت.. كيف ترى هذا؟

- نجاح «أرض زيكولا» توفيق من الله وحب من الناس، ولو سنتحدث عن أحداث الرواية، فكما قلت بالفعل، على الرغم من حرص سكان «زيكولا» على «وحدات الذكاء» الخاصة بهم، جعلهم هذا يعملون خوفًا على حياتهم، وبالتالى كان هناك الكثير من الإنتاج، وأصبح لـ«زيكولا» اكتفاء ذاتى من كل شىء، فلم تكن فى حاجة إلى بلد أخرى، استمدت قوتها من اكتفائها الذاتى، سوى أن هذا التعامل جعلهم بخلاء فيما بينهم، لأنهم كانوا يكنزون هذه «الوحدات».

القصد من وراء هذا أن أى بلد لا يحقق اكتفاءه الذاتى عرضة للاعتماد على موارد أخرى، وبالتالى هذا لن يؤدى إلا لضعفه، أما تحقيق أى دولة لاكتفاء ذاتى فيضمن لها القوة وعدم الاحتياج للآخرين، فقوتك تكمن فى اعتمادك على نفسك، وليس فى اعتمادك على الآخرين.

■ أصدرت «ثلاثية روائية» جديدة بدأت بـ«قواعد جارتين» و«دقات الشامو» ثم «أمواج أكما».. هل التفكير فى «الثلاثيات الروائية» نابع من نجاح التجربة فى «أرض زيكولا»؟

- صدقنى لو قلت لك إن هذا لم يكن مقصودا أبدًا، كل ما فى الأمر أننى كتبت الجزء الأول «قواعد جارتين»، وكنت أفكر فيها كرواية واحدة، لكن الأحداث كانت كثيرة جدًا ومتتالية، ومن هنا فكرت فى جزء آخر، لأن حجم الرواية كان سيكبر جدًا، وبالفعل كتبت الجزء الثانى، فوجدت الأحداث ما زالت كبيرة، وتستحق أن توضع فى رواية منفصلة، فكتبت الثالث، وكل هذا لم يكن مقصودًا، لكن الرواية كانت تحرك وتكتب نفسها بالكامل.

■ بعد ثلاثيتين.. ما خطة عمرو عبدالحميد المقبلة؟

- أحب أن أكتب رواية منفصلة، لأن «الثلاثيات» والروايات تعتمد على أجزاء مرهقة جدًا، وهى حمل كبير على الكاتب، لذلك سيكون العمل المقبل رواية واحدة، وستكون «فانتازيا» أيضًا، سأعمل عليها خلال الفترة المقبلة، لتصدر إن شاء الله فى معرض الكتاب المقبل.