إسلام خيرى: «جودر» من الأعمال الأكثر صعوبة إخراجيًا على مستوى العالم
قال إسلام خيرى، مخرج مسلسل «جودر»، إن هذا النوع من الكتابة والدراما التاريخية بشكل عام، والفانتازية بشكل خاص، هو النوع الأكثر صعوبة وإخراجًا على مستوى العالم، لأن التفاصيل لو لم تنفذ بشكل سليم ستفصل المشاهد وتأتى بنتائج عكسية.
وأرجع خلال حواره مع «حرف»، اهتمامه بتصوير بعض الكادرات التى أشعرت المشاهد بنوع من النوستاليجا، ومنها «شوتات» الحرفى وبائع الخضار وبائع حرنكش وبائع بطاطا، إلى الرغبة فى تذكير الناس بحياة البساطة، وإدخالهم فى قلب الحكاية.
■ ماذا عن كواليس إنتاج «جودر»؟
- الموضوع بدأ منذ عامين أو أكثر، حين تواصل معى المنتجان تامر مرتضى ومحمد سعدى، على أنهما يريدان تقديم مسلسل «ألف ليلة وليلة»، ولديهما نص جيد كتبه أنور عبدالمغيث، والنص قرأه ياسر جلال قديمًا وأعجبه جدًا.
وبعد نقاشات عن إمكانية تحويل العمل، بحث «ياسر» مرة أخرى عن أنور عبدالمغيث، وأحضر النص وأرسله إلى فقرأته وأعجبنى جدًا، وكان يتمتع بمواصفات ورائحة «ألف ليلة وليلة» وبشكل شيق، ولا ينقص النص شىء سوى تنفيذه بالشكل الحالى والرؤية الحالية، ووجدت أثناء القراءة أن الكاتب أنور عبدالمغيث يملك خيالًا رهيبًا.
■ كيف امتلك العمل كل هذه العناصر البصرية والجرافيكس وغيرها؟
- أرى أن هذا النوع من الكتابة والدراما التاريخية بشكل عام، والفانتازية بشكل خاص هى النوع الأغلى فى العالم والأكثر صعوبة وإخراجًا، وهذا لعدة أسباب، منها أن مكياج الشخصية أو الجرافيكس لو لم يكن سليمًا سيفصلك تمامًا كمشاهد ويأتى بنتائج عكسية.
أنت لديك عناصر كثيرة، وهناك مثل سأذكره لك، الشارب الخاص بقمر الزمان والد شهرزاد لم لو يكن موفقًا لكان أتى بنتائج عكسية، هنا أنت لديك خيال تراهن عليه بنسب معينة بسياق معين، والنتيجة يجب أن تكون مرضية، وهذه هى الصعوبة.
وهناك سبب ثان هو التكلفة الإنتاجية، لأن مثل هذه الأعمال مكلفة ومتعبة، ونتيجتها غير مضمونة، انظر مثلًا إلى «ديزنى وورلد» وكيف يخلقون عالمًا متكاملًا، وهذا شىء صعب ومكلف ومخيف جدًا، ولكن فى الأخير هناك شروط، منها النص الجيد، لأن النص هو الأساس، وأنت تبنى على هذا الأساس، ولو لم يوجد أساس متين وقادر وحدوتة شيقة وتنقل بسلاسة ورسم للشخصيات، فلن ينجح العمل.
■ كيف وفق ياسر جلال بين شخصيتى «جودر» و«شهريار» وكيف أقنعت نور بدور «شواهى»؟
- ياسر جلال أدى الشخصيتين، لأنه فنان قدير ولديه موهبة استثنائية ويجمع ما بين التمثيل والجانب الأكاديمى المحترف، فكان من السهل عليه أن ينفذ ذلك، وكان لديه استيعاب كامل للنص، والنجاح فى كلتا الشخصيتين وهو مجهود يشكر عليه.
أما الفنانة نور، فكانت تحب شخصية «شواهى» جدًا وتدرك أهميتها، فكانت تحب عمل أى شىء يخدم الشخصية، وهى شخصية تعتمد على إتقان التعاويذ السحرية، ونور حفظت الشخصية وأبدعت فيها، وهى نجمة جميلة ومنضبطة إلى أقصى حد، تضبط عليها ساعتك، وكانت رائعة جدىا.
■ الجمهور أشاد ببعض الكادرات التى أشعرته بنوع من النوستاليجا.. كيف فعلت ذلك؟
- أردت أن أذكر الناس بحياة البساطة، فنفذت «شوتات» على الحرفى وبائع الخضار، وبائع حرنكش، وبائع بطاطا، لتوصيل هذا الإحساس للناس وإدخالهم فى الحكاية.
■ ماذا عن الموشح الأندلسى الذى غنته كارمن سليمان؟
- كنت حريصًا على أن يكون هناك موشح مصرى مكتوب بشكل معاصر، كان يمكن أن أستحضر من التراث، لكنى استعنت بطارق الجناينى وهو شاعر متمكن، وكان ترشيحًا من شادى مؤنس، وليس معنى أننا ننفذ «ألف ليلة وليلة» بشكل حداثى ألا نشعر بتيمة الأجواء الشعبية، وألا نجذب المشاهدين من خارج مصر.
■ أعدت إنتاج بعض الشخصيات النمطية مثل مسرور السياف.. كيف ذلك؟
- كانت هذه من ضمن المخاطرات، ولكن أحمد فتحى أجاد الدور بشكل كبير، واستطاع أن يكون مقنعًا وفى الوقت نفسه مسليًا، و«ألف ليلة وليلة» بالأساس تسلية وتستهدف أخذ العبرة، وتعاملنا مع مسرور من هذا المنطلق.
■ ما تأثير والدك الروائى الكبير خيرى شلبى على وعيك فى التعامل مع «ألف ليلة وليلة»؟
- فى بلدتنا، حيث نشأ والدى، كانت هناك مجموعة من محبى الأدب يلتقون فى مندرة بيتنا، وكل منهم يقرأ شيئًا من الحكايات، فنشأ والدى فى تلك البيئة وأحب الحكايات جدًا، وجزء كبير من هذه الجلسات كانت «ألف ليلة وليلة»، وأنا وعيت على هذا الخيال، ولم أنس هذه الحكايات، فتشعر أنها تمنحك الحرية فى الخيال المقرون بالعبرة، أنت تأخذ العبرة من الحدوتة.
ولم أكن قد قابلت أنور عبدالمغيث من قبل، وحين قرأت النص سألت عن «أنور»، هو شخص يعرف سر «ألف ليلة وليلة»، لذلك أقول إن الكتب جعلتنى أشعر مثلًا متى تقول شهرزاد حوارًا مسجوعًا، ومتى تقول عبرة، وكيف تظهر بشكل مناسب، وكل هذا بسبب المكتبة والقراءات التى أدمنتها، وعرفت مثلًا أن هذه الجملة تركيبتها غير مناسبة، فى النهاية فإن المكتبة هى التى كونت شخصيتى بشكل غير مباشر.
■ هل شربت حب «ألف ليلة وليلة» من والدك؟
- هذا حقيقى، أبى كانت لديه أجزاء فى أعماله الروائية، يزيد فيها الخيال لمناطق أحببتها، مثل «الكلب الراوى» فى روايته «الشطار» و«بغلة العرش» التى أتمنى تحويلها لسيناريو.
■ ألم تتخذ خطوات لتحويل بعض أعمال والدك إلى الدراما؟
- هناك الكثير مما يصلح من أعمال خيرى شلبى لتقديمها على الشاشة، ولكنى قطعت على نفسى عهدًا ألا أفعل هذا، إلا حينما تكون لدى معالجة درامية تستحق، وحين تتوفر شروط بعينها سأخرج العمل، هنا أنا أشعر بمسئولية مضاعفة، إذ لا بد من عمل شىء يليق باسم خيرى شلبى.