إسلام خيرى.. صاحب مفتاح الخيال فى «جودر»
فليسمح لنا حسن الصباح باستعارة لقبه «صاحب مفتاح الجنة» الذى «ضحك به» على عقول الكثيرين من أتباعه، وبتصرف بسيط يصبح «صاحب مفاتيح الخيال» لصاحبه المخرج الموهوب إسلام خيرى، الذى لم «يضحك علينا»، بل أعاد للمسلسل الأيقونى «ألف ليلة وليلة» بريقه وعظمته وجعل الجميع ينتظرون شهرزاد يوميًا لتكمل حكايتها.
فى رمضان الماضى راهن الجميع أننا سنشاهد «ألف ليلة وليلة» فى عامنا هذا، والسبب كان دنيا سمير غانم بمسلسها «جت سليمة»، فبعد طول انتظار وجدنا من يستطيع إعادة أمجاد دراما رمضان الخالدة، وتحديدًا الفوازير وألف ليلة وليلة، وبدأ الجميع يكيل المدح للنجمة الشابة وهى تستحق ذلك بكل تأكيد، لكن المفارقة أن العودة لليالى كانت لصاحب الفضل الأكبر فى نجاح المسلسل العام الماضى.. المخرج الموهوب إسلام خيرى.
قدم إسلام وقتها صورة رائعة وكادرات فنية أقرب إلى اللوحات، وأدخلنا إلى ممالك الخيال بأعلى درجات الإبهار والإتقان وخفة الدم، وها هو هذا العام يعيد الكرة ولكن بمستوى أعلى ونضج أكبر.
دخول إسلام هذه المنطقة كان مغامرة كبيرة منه، خاصة أنه يتصدى لموروث رمضانى شديد الأهمية والجاذبية، وكان يحظى بنسبة مشاهدة قد تكون الأعلى لعقود طويلة، وقد يكون ذلك هو السبب الذى جعل الجميع يفرون خوفًا من تقديم الليالى منذ توقفها فعليًا عام ١٩٩٦، تلك النسخة التى قدمتها الراحلة دلال عبدالعزيز مع النجم أحمد عبدالعزيز فى حكايات فضل الله ووردانة.
وما زاد الطين بلة، وزاد الخوف داخل قلوب المخرجين أنه خلال تلك السنوات التى تقترب من الثلاثين عامًا ظهرت الليالى مرة واحدة عام ٢٠١٥ فى نسختها الأسوأ على الإطلاق. لم يحقق المسلسل النجاح رغم وجود الكثير من النجوم الشباب وقتها، آسر ياسين وعائشة بن أحمد ونسرين طافش وأمير كرارة ونيكول سابا مع النجم شريف منير، ورغم التقدم الكبير فى تكنولوجيا الإنتاج عن جميع النسخ السابقة.
وسط هذا كله قرر إسلام المجازفة، واستلهم روح ألف ليلة وليلة وتبنى مقولة «ويفوز باللذات كل مغامر»، والحق أن إسلام خاض المغامرة وفزنا نحن باللذة والمتعة. فقد قدم المخرج صاحب الـ ٤٦ عامًا واحدة من أنجح مسلسلات ألف ليلة وليلة، ولن نبالغ إن قلنا إنها الأنجح، وفتح الباب لاستمرارها فى قادم الأعمال.
قدم إسلام خيرى مسلسلًا متقنًا فى كل تفاصيله، ديكورات، ملابس، استعراضات، مما جعل الأمور تبدو مذهلة رغم أن القصة نفسها متوقعة، كيف حدث ذلك؟ هنا تكمن عبقرية إسلام.
استطاع المخرج الكبير أن يسيطر على نجوم لهم شأن ويوظف كلًا منهم فى مكانه، والحقيقة أن الجميع In cast جدًا وعلى رأسهم النجم الكبير ياسر جلال، ثم نور وياسمين رئيس ووفاء عامر وآيتن عامر ومحمود البزاوى وعبدالعزيز مخيون ووليد فواز وأحمد فتحى والنجمة الشابة جيهان الشماشرجى وغيرهم. استطاع إسلام السيطرة على كل هؤلاء لينجحوا جميعًا وتنجح الملحمة، ويكفى أنه للمرة الأولى تقريبًا لا تكون شهرزاد هى بطلة الحكاية، واكتفت ياسمين رئيس بالحكى فقط عن شروق التى تقدمها جيهان الشماشرجى.
تظهر براعة المخرج أيضًا فى أماكن التصوير، تلك المصنوعة بالجرافيكس وظهرت شديدة الإتقان والإبهار وكأنها حقيقية بالفعل، فى مستوى ينافس ما نراه فى الإنتاج العلمى الضخم. ثم هناك الأماكن الطبيعية التى بجانب كونها خلابة وساحرة فهى أيضًا بكر تناسب أجواء الحكى فى العصور الغابرة.
ولم ينس إسلام أن يضفى روح الكوميديا على مسلسل ملحمى قائم بالأساس على الخيال العلمى، ووظف الضحك فى الأحداث بنعومة شديدة، سواء فى عالم شهريار ومواقفه مع مسرور السياف أو مع شهرزاد، أو داخل الحكاية نفسها. وهو هنا يعيد خلطته التى قدمها سابقًا فى «جت سليمة» والتى تأثرت بأعمال الكوميديا التى شارك فيها منذ بداية مشواره، من مخرج مساعد فى أفلام كده رضا وألف مبروك وآسف على الإزعاج حتى أول أعماله كمخرج فى الكبير الجزء الأول.
لقد فتح إسلام باب الخيال، ولن يغلق بعد اليوم.