الثلاثاء 03 ديسمبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

زاهى حواس يكتب: لا يوجد فى المومياوات الملكية بالدولة الحديثة آثار لغرق

زاهى حواس- عالم المصريات
زاهى حواس- عالم المصريات ووزير الآثار الأسبق

بالنسبة لهوليوود وكل صناع الفن الأجانب ليس هناك من هو فى شهرة رمسيس الثانى لكى يمثلوا شخصيته باعتباره فرعون الخروج، لذا فإن الزج باسمه فى مسألة الخروج نتيجة لشهرته ولمعرفة اسمه بين الناس فى العالم كله.. وهذه قاعدة عامة سار عليها مسلسل النبى موسى، على الرغم من أنه لا توجد أى أدلة أثرية أو تاريخية تشير إلى أن رمسيس الثانى هو فرعون الخروج، بل إن المصادر المصرية القديمة تتجاهل الحدث بأكمله؛ فلا يعرف اسم الفرعون ولا الزمان، ولكن المكان هو مصر، واسم موسى اسم مصرى قديم أطلقته عليه زوجة الفرعون عندما عثرت عليه فى النيل وأخذته لتربيه وأطلقت عليه اسمه بمعنى «الوليد»، وهناك من الباحثين من يرى أن الاسم يعنى «ابن الماء» نظرًا لأن كلمة «مو» تعنى مياه، و«سا» تعنى ابن. إلا أن الترجمة الأقرب إلى الصواب هى كما ذكرنا «الوليد، أو وليد» وهو اسم منتشر أيضًا فى كل اللغات المنتمية إلى السامية. والأهم أن فرعون هو لقب التصق بملوك مصر منذ الدولة الحديثة ولا يمكن أن يكون اسمًا لفرعون موسى.

حروب رمسيس الثاني - ويكيبيديا
رمسيس الثانى

فرعون الخروج 

هناك من يقول بأن فرعون الخروج هو الملكة حتشبسوت، وأنا شخصيًا لا أميل لهذا الرأى لعدة أسباب، منها إجماع الكتب السماوية على أن فرعون الخروج كان ذكرًا، وكان محاربًا، خرج وراء قوم موسى بعربته الحربية وجيشه. وبالتالى فمن المستبعد أن تكون الملكة حتشبسوت هى فرعون الخروج، خاصة بعد أن كشف عن موميائها واتضح لنا تقدمها فى السن ومعاناتها من أمراض السكر والسمنة. ويرى فريق آخر أن الملك سيتى الثانى هو فرعون الخروج، إضافة إلى ملوك مثل مرنبتاح، ابن الملك رمسيس الثانى. وقيل أيضًا إن فرعون الاضطهاد الذى تربى موسى فى قصره يختلف عن الفرعون الذى خرج وراء موسى وقومه مطاردًا؛ فلا يزال العلماء يتباحثون فيما بينهم ما إذا كان هذا الفرعون شخصية واحدة أم شخصيتين؟ أحدهما تربى موسى فى قصره ووسط أبنائه، والآخر ناصب موسى العداءَ بعدما أبلغه الأخير برسالة ربِّهِ إليه وحارب بنى إسرائيل حتى كان الخروج من مصر. وفى ظنى أن فرعون موسى هو فرعون واحد، ولعل فى قوله تعالى «قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ» الشعراء ١٨؛ ما قد يشير إلى كونه فرعونًا واحدًا هو الذى شهد قصة موسى وبنى إسرائيل كلها حتى كان الخروج.

التاريخ الفرعونى

نحن إذًا نتحدث عن فرعون عاش وحكم لفترة كبيرة. ومثل هؤلاء فى التاريخ الفرعونى القديم قليل مثل الملك بيبى الثانى الذى عاش أكثر من ثمانين عامًا. ولا يمكن أن تكون قصة موسى قد حدثت فى الدولة القديمة، حيث يتفق علماء المصريات والتاريخ أن موسى وبنى إسرائيل عاصروا الدولة الحديثة بعد تاريخ ١٥٥٠ ق.م، خاصة بعد أن أجمع هؤلاء العلماء على أن العبرانيين جاءوا إلى مصر مع الهكسوس بعد الدولة الوسطى، وعاشوا خلال ما نطلق عليه عصر الاضطراب الثانى، وبالتالى لا بد أن يكون فرعون الخروج أحدَ ملوكِ الدولة الحديثة. والملك الوحيد الذى عاش عمرًا مديدًا وحكم حوالى ٦٦ عامًا هو الملك رمسيس الثانى، الذى يميل إلى اعتباره فرعونَ الخروجِ معظمُ الباحثين بل اليهود أنفسهم وصانعو أفلام هوليود، وأنا شخصيًا لا أجد دليلًا لغويًا أو أدلة أثرية تثبت ذلك.

إننى دائمًا ما أقول إننا عثرنا فقط على ٣٠٪ من آثارنا، ولايزال هناك أسفل رمال الصحراء وطمى الدلتا ومياه الأحمر والمتوسط أسرار لم تكتشف بعد.. وقد تكشف لنا الرمال يومًا عن أسرار فرعون الخروج.