نهى داود: «شوربة بصل» ألهمتنى روايتى الأولى فى أدب الجريمة
أطلق عليها القراء لقب «أجاثا كريستى المصرية»، فى ظل تميزها الشديد فى أدب الجريمة، خلال كل الأعمال التى أصدرتها إلى الآن، حتى أصبحت واحدة من أشهر مَن يكتبون هذا اللون، الذى يحتاج إلى تقنيات خاصة فى الكتابة والتخيل.
إنها الكاتبة الروائية نهى داود، التى نشرت أول 3 روايات لها على حسابها الخاص، لشغفها الشديد بالكتابة فى أدب الجريمة، ومع النجاح الكبير لهذه الأعمال استقطبتها «الدار المصرية اللبنانية»، فتواصل النجاح معتمدة على موهبتها الكبيرة، حتى أصبحت فى صدارة قوائم الأعلى مبيعًا. عن هذه الرحلة، وتقنياتها فى الكتابة، وهل سنرى أعمالها على شاشة التليفزيون أو السينما قريبًا، والجديد الذى تجهز له خلال الفترة المقبلة، يدور حوار «حرف» التالى مع نهى داود.
■ كيف بدأتِ كتابتك لأدب الجريمة؟
- منذ طفولتى وأنا شغوفة بأدب الجريمة كقارئة، لكن الشرارة الأولى لى ككاتبة لهذا اللون كانت «شوربة البصل»، ورواية للكاتبة الكبيرة أجاثا كريستى، فى إحدى سفرياتنا كأسرة إلى الغردقة. داخل أحد الفنادق هناك تناولنا «شوربة البصل» على العشاء، قبل أن نُصاب بعسر هضم شديد، ما جعلنا نشك أن هذا الحساء مُسمم، ومن هنا جاءت فكرة روايتى الأولى.
■ كيف أفادتك الهندسة فى أدب الجريمة الذى يُنظَر إليه على أنه بناء هندسى متكامل كل طرف يفضى إلى آخر؟
- دراستى ثم عملى فى الهندسة أفادانى كثيرًا، فالرواية بالنسبة لى مشروع فنى، أبدأ بالتخطيط له، وأعتبر أن التخطيط هذا أهم مراحل العمل، ومن خلاله أضع تصورًا للجريمة، وأصمم المسرح الخاص بها، إلى جانب تحديد المشتبه بهم، وربط عناصر الرواية، والتوصل إلى الحبكة، ثم أبدأ بعدها مرحلة الكتابة وفقًا لخطة زمنية دقيقة، ثم أراجعها عدة مرات، قبل أن أعرضها على مجموعة من القراء لمعرفة ملاحظاتهم ومراعاتها فى النسخة الأخيرة.
■ سبق أن قلتِ إن رواية «جثتان والثالثة عند قدمى» كان اسمها الأول «آنسة على ذمة قرد».. كيف تختارين عناوين أعمالك؟
- فى بداية كتابة أى رواية اختار لها عنوانًا مبدئيًا، ولا أكون متأكدة إن كانت ستصدر به أم لا، وأحيانًا مع نهاية الرواية أجد عنوانًا أفضل أو أكثر تعبيرًا، أو تقترح دار النشر تغيير الاسم لاعتبارات تسويقية، وأنا مقتنعة أن لديها فريقًا محترفًا لديه رؤية أفضل منى فى اختيار الأفضل تسويقيًا. وفى كل الأحوال أحب أن يكون العنوان معبرًا عن اللون الأدبى الذى أقدمه، بالإضافة إلى أهمية ارتباطه بأحداث الرواية.
■ أطلق القراء عليكِ «أجاثا كريستى مصر».. ما الاختلاف الذى طرأ على أدب الجريمة منذ كتابتها وحتى الآن؟
- لم يطرأ على أدب الجريمة الكثير من حيث التقنيات الأدبية والسردية، وإنما زادت التحديات أمام الكاتب، بعد التطور التكنولوجى الذى طرأ على الاستراتيجيات الأمنية، وانتشار كاميرات المراقبة، ووجود الهواتف المحمولة، فكلها عناصر جعلت الإفلات من الجريمة أصعب، وبالتالى جعلت مهمتنا ككتّاب أدب جريمة أصعب وأكثر تحديًا.
■ هل هناك نية لتحويل رواياتك لأعمال درامية؟
- هناك نية بالفعل، لكن لم تتحول إلى تعاقد فعلى بعد، والأمر يشمل عدة روايات مطروحة للاختيار بينها. كما لم يتم الاتفاق بعد إن كانت ستتحول إلى فيلم سينمائى أم مسلسل قصير على إحدى المنصات الرقمية. يهمنى أن يكون الإنتاج محترفًا، لأن أدب الجريمة يحتاج إمكانيات جيدة حتى يصدر فى صورة تليق به وبمحبيه.
■ ما الذى تراعينه وأنتِ تكتبين؟
- أشياء كثيرة، وتتغير من رواية إلى أخرى حسب طبيعتها وعناصرها. لكن بشكل عام أراعى أن تكون اللغة سهلة، وأن يكون هناك عدد لا بأس به من المشتبه بهم، ومسرح الجريمة غنى بالتفاصيل، مع زرع بعض الأدلة الزائفة فى طريق القارئ، كى أرفع جرعة الغموض والتشويق، علاوة على الواقعية، فلا أحب أن يشعر القراء باستغفال عقولهم، واللجوء إلى متخصصين فى القانون الجنائى وعلم النفس والطب الشرعى، كى أقدم للقراء معلومات دقيقة تم التحقق منها.
■ هل تعتمدين اعتمادًا كليًا فى أعمالك على دوافع واقعية؟
- هذا صحيح بنسبة كبيرة. فدومًا أفكار رواياتى تبدأ من شرارة واقعية، تثير شغفى وتلهب فضولى، فأتتبعها ثم أكسوها بالخيال اللازم، وأضيف لها الحبكة والشخصيات والصراع المناسب لأحداث الرواية.
رواية «رضا» مثلًا مأخوذة من أحداث حقيقية، حينما تعرضت إحدى صديقاتى لظلم شديد ألهمنى الأحداث، و«جريمة العقار ٤٧» جاءت فكرتها من تجربة شخصية حدثت لى أثناء قيادتى السيارة وسماعى صوتًا غريبًا جعلنى أتخيل فكرة «خاصية الأطياف»، و«جثتان والثالثة عند قدمى» بزغت فكرتها أمامى فجأة حينما سمعت عبارة غريبة من إحدى صديقاتى فى معرض فنى. أما روايتى الأحدث «دماء على السجادة الحمراء» فمستوحاة من أحداث مهرجان الجونة السينمائى.
■ نشرتِ رواياتك الثلاث الأولى على حسابك.. كيف كانت هذه التجربة؟
- لست نادمة على ذلك، فهذه التجربة كانت نافذتى الأولى لقرائى، واكتسبت منها خبرة فى الطباعة والنشر، صقلتنى وسهلت على طريقى فيما بعد، حتى الوصول إلى دار نشر عريقة تدعمنى وتقدم أعمالى بشكل محترف يحترم قارئ أدب الجريمة، كما تفعل «الدار المصرية اللبنانية».
■ كيف تقيّمين وضع أدب الجريمة بين الأجناس الأدبية الأخرى؟
- أدب الجريمة والتشويق على المستوى العالمى يتربع على قوائم الأعلى مبيعًا منذ عقود كثيرة، سواء فى الأعمال الأدبية أو الدراما، وهناك قنوات تليفزيونية مخصصة بالكامل لهذا النوع من الأدب.
أما فى مصر والعالم العربى فقد تأخر هذا النجاح، ربما بسبب اعتماد محبى هذا اللون من القراء على الأدب المترجم، وعزوف دور النشر وعدم حماسها لهذا اللون، مخافة عدم نجاحه عند المنافسة مع الأدب الأجنبى. لكن حاليًا الساحة أصبحت ثرية بكتّاب الجريمة المحترفين من المصريين والعرب، الذين أثبتوا أنفسهم فى هذا اللون، وقدموا تجارب مميزة أرضت ذائقة محبيه.
■ أخيرًا.. ما جديدك فى الفترة المقبلة؟
- بدأت فى كتابة رواية جديدة بالفعل، ستكون روايتى التاسعة، وأول رواية يظهر فيها أبطال من رواية سابقة، وتدور فى مدينة ساحلية مصرية.