الخميس 21 نوفمبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

محمود عبدالرازق جمعة الشهير بـ«الرخم»

محمود عبدالرازق جمعة
محمود عبدالرازق جمعة

ما أعرفش إذا كان محمود عبدالرازق جمعة لسه بـ يستخدم اسم محمود الرخم ولا لأ، بس أنا أعرفه من ساعتها، وهو ما كانش لسه معروف زى دلوقتى، وكان الاسم دا يبدو كـ إيفيه أو ألشة، إنما ملحوظتى الأولى كانت إنه هذا الاسم له دلالة، بل دلالات.

محمود مشهور بـ إنه مدقق لغوى من الصف الأول حتى على مستوى يتجاوز مصر، وله منجزات مهمة فى دا، أفتكر لما عمل صفحة نحو وصرف تجاوز المليون متابع، غير كتبه اللى حققت طبعات ورا طبعات ورا طبعات، وأصبح لا غنى عنها عند ناس كتير، لكن أتصور الأمر يتجاوز التدقيق اللغوى، وممكن نتكلم هنا عن «التدقيق» عمومًا.

الحكاية مش إنه شاطر فى النحو، لـ إن النحو العربى عكس ما يظن الكثيرون، موضوع بسيط وسهل ومفيهوش تعقيد كبير، هو بس النحو له منطق خاص، وعلى بساطة هذا المنطق فـ كونه قديم بـ يخلى ناس كتير ما عندهاش قدرة على التقاط الفكرة الأساسية فى الموضوع فـ يبان لوغاريتمات، إنما لو مسكت طرف الخيط فى قواعد اللغة العربية، ممكن فى أسبوع بـ الكتير يبقى عندك إلمام كافى بيها، الموضوع مش فى النحو.

محمود شخص دقيق عمومًا، دقيق فى كل حاجة، بداية من الأفكار اللى يقرر يقتنعها لـ حد هدومه، ولو طال إنه يمشى فى الشارع يظبط بلاط الرصيف بلاطة بلاطة مش هـ يتأخر، وهو لا يستطيع، حتى لو أراد ذلك، إنه يفوّت حاجة يشوفها مش مظبوطة، أى حاجة مش بس فى اللغة، بـ التالى هو عنده ولع بـ الاتساق، وإعلاء مطلق لـ شأن المنطق، وخد بالك إنه مظبوط/ مش مظبوط، يختلف تمامًا عن صح وغلط، والفارق دا بـ يشكل أهم ملمح فى تجربة هذا الشخص الفريد.

هو مش متطرف معنى بـ فرض ما يراه «صحيحًا»، بـ العكس هو عنده مرونة كبيرة جدًا، ما شفتهاش عند عتاة الليبراليين، فى تقبل إنك يكون منطقك مختلف عن منطقه كلية، إنما كل ما يعنيه هو إنك تبقى مظبوط، يعنى المقدمات اللى بـ تنطلق منها تؤدى إلى نتائج محكمة بـ طريقة استدلال سليمة، يعنى هو مش معنى إنت وصلت لـ إيه؟ لكن وصلت له إزاى؟ هو متفهم جدًا لـ إيه؟ لكن فى إزاى ما عندوش يا امه ارحمينى.

من هنا تجربته ما كانتش تجربة حد حافظ كم من القواعد يسعى فى الأرض لـ تطبيقها، بـ العكس، هو أرهق نفسه كتير فى محاولة استيعاب منطق الآخرين، ودا بـ يخلى كل موضوع عادة يبقى فيه احتمالات عديدة، هو بـ يلزم نفسه بـ قبولها، شرطه الوحيد إنه ما يكونش الاحتمال فيه خلل بنيوى، من هنا يبان متصلب جدًا، رغم إنك لا تشعر مطلقًا بـ أى أثر لـ هذا التصلب.

المهم، هو ليه سمى نفسه الرخم، أو إذا ما كانش هو اللى سمى نفسه كدا، ليه قبل بـ اسم شهرة زى دا، لـ درجة إنه هو كان مسجل نفسه كدا على مواقع التواصل الاجتماعى؟

دا لـ إنه ما عندوش استعداد لـ التنازل أو التفويت، فـ خلينا نتفق من الأول إنى ما عنديش مشكلة فى توصيفى بـ أى صفة سلبية نتيجة دا، فـ لنتجاوز النقطة دى إذن، لكن فى الوقت نفسه دا ثقة فى إنه هذه «الرخامة» مش حقيقية ومالهاش أثر، لـ إنك هـ تحتاجه دايمًا، على الأقل فيما يخص اللغة، زى بـ الظبط ما بـ تحتاج الضمير.