الجمعة 18 أكتوبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

مستقبل الكتابة الإبداعية باستخدام الذكاء الاصطناعى

الكتابة الإبداعية
الكتابة الإبداعية باستخدام الذكاء الاصطناعى

فى عالم اليوم الرقمى سريع الخطى، شهد مجال الكتابة الإبداعية تحولًا كبيرًا مع ظهور الذكاء الاصطناعى، أصبح بإمكان الكتّاب الآن الوصول إلى الأدوات والتقنيات المتقدمة التى يمكنها تعزيز إبداعهم، وتحسين كفاءتهم فى الكتابة، وحتى إنشاء المحتوى. 

على مدى العقد الماضى، حقق الذكاء الاصطناعى خطوات ملحوظة فى مختلف الصناعات، ومجال الكتابة الإبداعية ليس استثناءً. من مساعدة الكتّاب فى القواعد النحوية والإملائية إلى إنشاء مقالات كاملة، أصبح الذكاء الاصطناعى أداة لا غنى عنها للكتاب فى جميع أنحاء العالم. بفضل القدرة على تحليل كميات هائلة من البيانات والتعلم من الأنماط، تعمل خوارزميات الذكاء الاصطناعى على تغيير الطريقة التى يتعامل بها الكتّاب مع مهنتهم، مثل المدقق الإملائى والنحوى، واقتراحات الأنماط، وكاشفات الانتحال، وحتى إمكانات إنشاء المحتوى. ومع تبنى الكتّاب هذه الأدوات أصبح الذكاء الاصطناعى تدريجيًا جزءًا لا يتجزأ من عملية الكتابة الإبداعى، ما أثار جدلًا حيويًا بين الكتّاب، حيث رحب البعض بالمساعدة بينما أعرب آخرون عن قلقهم بشأن تأثيرها على الإبداع والتفاعل البشرى؛ حد الوصول إلى مناقشة وجود برامج تعنى بالمولدات للأفكار مدعومة بالذكاء الاصطناعى، الذى وجد شعبية بين الكتاب الباحثين عن الإلهام. تقوم هذه المولدات بتحليل كميات هائلة من البيانات من مصادر مختلفة، مثل الكتب والمقالات ووسائل التواصل الاجتماعى، لتزويد الكتّاب بمجموعة واسعة من الأفكار والمطالبات. ومن خلال الاستفادة من الذكاء الاصطناعى، يمكن للكتاب استكشاف مفاهيم ووجهات نظر جديدة، وإثارة إبداعهم وتوسيع آفاق كتابتهم.

ومن ناحية أخرى، هناك برامج تقوم بتحليل وتلخيص كميات كبيرة من المعلومات بسرعة، ما يوفر للكتّاب الوقت والجهد الثمين من أدوات البحث المدعومة بالذكاء الاصطناعى، بمساعدة خوارزميات الذكاء الاصطناعى من تقديم التدقيق فى كميات هائلة من المحتوى لتحديد الموضوعات والاتجاهات ذات الصلة بما يحتاجونه فى وقت قليل جدًا لا يتعدى ثوانى من الزمن. يتيح ذلك للكتّاب البقاء على اطلاع وإنشاء محتوى يلقى صدى لدى جمهورهم المستهدف. كما يمكن للكتّاب تنظيم محتوى مخصص يجسد أحدث الاتجاهات والاهتمامات.

الجدير بالذكر أن الذكاء الاصطناعى يمكنه أن يلبى تمارين الكتابة مصممة خصيصًا لتناسب أسلوب الكاتب وتفضيلاته الفردية. يمكن أن تساعد هذه المطالبات الكتّاب فى التغلب على حصارهم وتحفيز خيالهم. باستخدام المطالبات التى يولدها الذكاء الاصطناعى، يمكن للكتّاب استكشاف أنواع جديدة، وتجربة أساليب كتابة مختلفة، ودفع حدود إبداعهم.

ويبقى السؤال الحائر هنا:

هل الذكاء الاصطناعى صديق أم عدو؟

لقد أثار ظهور أدوات إنشاء محتوى الذكاء الاصطناعى مخاوف بين الكتّاب بشأن مستقبل الإبداع. يمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعى إنشاء مقالات ومنشورات مدونات وحتى قصص، ومحاكاة أساليب ونبرة الكتابة البشرية. هذا المحتوى، الذى يشار إليه غالبًا باسم «الكتابة الآلية»، يطمس الخط الفاصل بين الإبداع البشرى والآلة. ما يفتح مجالًا واسعًا لمجادلة النقاد بأن المحتوى الناتج عن الذكاء الاصطناعى يفتقر إلى العمق والاتصال العاطفى والصوت الفريد الذى يجلبه الكتّاب البشريون إلى عملهم. فى حين أن الذكاء الاصطناعى يمكنه إنشاء نص بسرعة وكفاءة، فإنه قد يواجه صعوبة فى نقل المشاعر المعقدة، أو القيام بقفزات بديهية، أو التقاط وجهات نظر دقيقة. وفى نهاية المطاف تعتمد جودة المحتوى الناتج عن الذكاء الاصطناعى على مدى تعقيد الخوارزميات الأساسية ومستوى المدخلات البشرية فى العملية.

النماذج الحية لاستخدام الذكاء الاصطناعى فى صناعة الرواية: 

١- تصميم أغلفة الكتب.

٢- برامج لضمان حقوق التأليف الإلكترونى.

٣- مولدات للأفكار من خلال برامج مدفوعة الأجر تقضى على قفلة الكتابة.

٤- الذكاء الاصطناعى يمكن أن يكون شريكًا مساعدًا للكتّاب.

صحيح أن الذكاء الاصطناعى يعمل ويفكر بسرعة وعزم البرق. لكنه لا يستطيع أن يحب، لا يستطيع أن يشعر بالألم، هو ليس سوى آلة لا تحمل قلبًا. جمال الحياة وغموضها يكمن فى داخلنا وليس فى هذه الآلة. إنه يفتقر إلى المشاعر التى تقود أحلامنا، والشغف الذى يغذى مشاعرنا.

ولكن الخوف العام فى عالم الكتابة اليوم، هو أن تصبح هذه الخاصيات نفسها غير مهمة بالنسبة للأجيال القادمة، الباحثة عن المعلومة لا عن مضامينها. وهذه واحدة من معارك اللغة والكتابة والأدب الجديدة، التى تشبه بالنسبة للأدباء حرب الناشطين البيئيين ضد الاحتباس الحرارى ومسبباته.

على سبيل المثال لا الحصر نذكر حكاية الكاتبة اليابانية رييه كودان حين قالت فى خطاب استلامها جائزة الكتّاب الجدد الواعدين: «لقد استخدمت بشكل نشط برامج الذكاء الاصطناعى التوليدى مثل ChatGPT فى تأليف هذا الرواية».

وأضافت: «حوالى ٥ فى المائة من الجمل والكلمات جرى اقتباسها بشكل حرفى من الجمل التى أنشأها الذكاء الاصطناعى»، ما تسبب فى صدمة عالم النشر فى اليابان.

وأعلنت لجنة التحكيم عن أن «الرواية كانت على درجة من الكمال بحيث يصعب العثور على خطأ فيها». 

ردًا على ذلك، أوضحت رييه كودان، ٣٣ عامًا، أنها تثق فى برنامج الذكاء الاصطناعى لاستلهام أفكار «لا يمكننى التحدث عنها أبدًا مع أى شخص آخر»، وأن بعض الردود ساعدتها فى تأليف الكتاب.

وعلى الرغم من نجاح الكاتبة اليابانية رييه كودان فى استخدام تطبيق «تشات جى بى تى» لكتابة جزء من روايتها الفائزة، فإن هذا الاستخدام لا يزال محل جدل لبعض الروائيين الذين يرون أن الذكاء الاصطناعى يمكن أن يكون مفيدًا فى الكتابة التقنية والقوالب الجاهزة، لكنه لا يمكنه الابتكار بنفس القدر الذى يفعله الأديب طوال الوقت فى المستقبل، قد يكون للذكاء الاصطناعى دور مهم فى تحليل الأعمال الأدبية، لكنه لن يحل محل الإبداع البشرى.