الجمعة 18 أكتوبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

للرجال فقط

للرجال فقط
للرجال فقط

من اللافت تزايد نسبة النساء الحاصلات على جوائز الدولة فى كافة المجالات، والحقول المعرفية المختلفة، وهذا أمر يدعو إلى التفاؤل والاطمئنان، حيث يسير المجتمع باتجاه تحقيق العدالة المكفولة بالدستور، الذى لا يفرق بين المواطنين بسبب النوع أو الجنس، فنسبة الحاصلات على جوائز الدولة التشجيعية، وجائزة التفوق، وكذلك جائزة الدولة التقديرية، تتزايد عامًا بعد آخر، وهذه إيجابية طيبة وموضوعية، إذ إنها تعكس واقعًا مجتمعيًا راهنًا، باتت المرأة فيه تسهم بإنجازات مهمة وجذرية فى كافة المجالات، يجعلها مستحقة التقدير والتكريم، سواء بالجوائز أو غيرها.

ولكن ماذا عن أكبر جائزة تمنحها الدولة للمبرزين من مواطنيها، سواء أكانوا رجالًا أم نساء؟

وفقًا لمعلوماتى، فإن امرأة مصرية واحدة لم تحصل على هذه الجائزة الكبرى، وهى جائزة النيل، وقد أقيم احتفال كبير مؤخرًا، لتكريم الحاصلين والحاصلات على جوائز الدولة المصرية منذ العام ٢٠١٩ وحتى العام ٢٠٢٤، ولم تصعد امرأة واحدة إلى منصة التكريم لتحصل على هذه الجائزة الرفيعة، وتتلقى التكريم- مثلما هو الأمر مع العديد من الرجال- من السيد الوزير أحمد هنو، الذى بدا، خلال ذلك الحفل، رجلًا نبيلًا راقيًا وبسيطًا فى آن معًا فى ترحيبه بكل المكرمين والمحتفى بهم.

لا امرأة واحدة من سنة ٢٠١٩ وحتى سنة ٢٠٢٤ حصلت على جائزة النيل، وظهرت على منصة المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية، حيث أقيم الاحتفال، لتكريمها بسبب حصولها على جائزة النيل، فكل الذين صعدوا- ولهم التقدير والتهنئة الصادقة- كانوا رجالاً.. رجالًا حصلوا على هذه الجائزة بسبب مجمل عطائهم فى مجالاتهم المتخصصة، أليس هذا أمرًا مستغربًا، ويستحق التوقف والتأمل والتساؤل؟

هل يعقل أن مصر بطولها وعرضها، وبتاريخها المعرفى والثقافى الطويل الممتد، لا توجد امرأة واحدة فيها تستحق جائزة النيل منذ إنشائها حتى الآن؟

أستطيع أن أسمى عشر نساء على الأقل الآن، ومن عفو الذاكرة، قدمن إسهامات جادة، فى العلوم وغير العلوم، يحق لهن الحصول على هذه الجائزة وعن جدارة، مع ملاحظة أن عدد الرجال فى مصر مُقارب لعدد النساء، والمرأة موجودة بقوة فى كل مجال من المجالات المجتمعية.

هل غياب الجائزة عن النساء لا يشكل خللًا دستوريًا لا يليق ببلد كمصر، نالت النساء فيه حق التمثيل النيابى قبل سويسرا بسنوات طويلة؟

الإجابة البديهية نعم، إنه لخلل دستورى عجيب، فهو يتناقض مع حقوق المواطنة المكفولة بالدستور.

ولو كانت القيم الذكورية فى المجتمع وتسيدها هى التى تدفع الجهات المرشحة لهذه الجائز إلى تجاهل النساء، فهذا يعنى أن المجتمع يتراجع إلى الخلف، فمعظم هذه الجهات هى مؤسسات راسخة مرموقة لها قيمتها وثقلها، وأنها تراجعت عن منجز طويل عريض بدأ منذ نهايات القرن التاسع عشر لتكريس ثقافة المواطنة والمساواة بين الناس دون تمييز.

أسئلة كثيرة تتبادر إلى الذهن ولا أجد إجابات لها.