الجمعة 18 أكتوبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

هل قدمت السينما المصرية الدور الحقيقى للمرأة فى حرب أكتوبر؟

من فيلم الرصاصة لا
من فيلم الرصاصة لا تزال في جيبي

حرب السادس من أكتوبر ليست حربًا عادية، بل هى أهم حدث عسكرى فى التاريخ المعاصر، بسببها، حقق المصريون النصر على العدو، واستردوا الأرض، تغير شكل الحرب فى العالم، اختلفت السياسات العالمية، وعادت مصر قوية رائدة مرة أخرى بعد ست سنوات من الحرب والاستنزاف.

مثل هذا الحدث لن يمر مرور الكرام على صناع السينما فى مصر، فتوالت الأفلام التى تناولت المعركة، بعضها جيد المستوى الفنى، والبعض الآخر كان أقل من المتوسط، هذا بخلاف التى تم صنعها قبل العبور على هامش المعركة.

أبطال هذه الأفلام يكونون العسكريين وما يعانون منه قبل المعركة، والاستعداد للمعركة حتى النصر، وحينها ينتهى العمل. فهل تناولت هذه الأفلام الدور الحقيقى للمرأة المصرية فى فترة الاستنزاف؟ وما هو دورها الحقيقى الذى لم يظهر فى تلك الأفلام؟

قدمت السينما المصرية فى أفلام أكتوبر المرأة بصورة مهمشة تمامًا، فهى فى الأغلب تقوم بدور المرأة المنتظرة حبيبها حين يعود من المعركة، أو تتلقفه بعد المعركة مصابًا، وتصر على أن تعيش إلى جواره.

كان للحرب شقان، شق عسكرى تولاه على أكمل وجه رجال الجيش المصرى، وشق مدنى تولته المرأة المصرية على أكمل وجه أيضًا. المرأة المصرية هى من تولت تسيير الجهاز الإدارى للدولة، فالمصالح والمؤسسات الحكومية كانت تقوم عليها النساء، والقلة الموجودة من الرجال، إما من كبار السن أو المعفيين من التجنيد، أو من تم تسريحهم من الجيش لأسباب مختلفة.

العمال فى المصانع أغلبهم من الفتيات والسيدات المصريات، هن من قمن بأيديهن العاملة عبر المصانع المصرية بإمداد الجيش المصرى بما يحتاجه.

المرأة المصرية هى من قامت بالتدبير؛ لكى تظل البيوت «مستورة» فى ظل أزمة اقتصادية كبيرة، فجميع موارد الدولة تذهب للجيش، فكما قال نابليون «الجيوش تزحف على بطونها»، فكانت مهمة المرأة المصرية ألا تجعل بطون أبنائها خاوية، فدبرت المرأة مع جاراتها كيف يستخدمن زجاجة زيت عند واحدة منهن لتكفى الجميع، وكيف تصبح أسطوانة الغاز مشاعًا للجميع، وكيف كن يحكن الملابس فى المنزل، ويقمن «بتقييف» الملابس؛ لتصلح ملابس الكبير للصغير، فتعيش القطعة الواحدة لتربى الجميع.

المرأة المصرية هى من تحملت زوجها الغائب على الجبهة، ولا تعلم إن كان سيعود أم لا، فإن عاد فهى القائمة على راحته وتشجيعه ليرجع محملًا بالثقة فى النصر.

هى من قامت لأولادها بدور الأب الحاسم مع أطفالها، والمدرس عند اللزوم، هى من كانت المسئولة عن رفاهية الجميع.

المرأة المصرية الفلاحة لها دورها فى فلاحة الأرض، وتربية الطيور المنزلية، وإمداد المجتمع بما يحتاجه، كانت تسير على حبل مشدود، تحاول أن تحافظ على اتزان المجتمع فى فترة فقد الجميع توازنه بسبب الهزيمة.

كم من الليالى باتت فى خوف وهلع على أبنائها أن يصبحوا أيتامًا لو استشهد والدهم، أو أن تصبح أمًا مكلومة، كم من الليالى باتت فى حيرة من أمرها بسبب رغبتها فى تدبير شئون حياتها وحياة من حولها؟

لم يلاحظ أحد دورها العظيم، ولم تتكلم هى عن هذا الدور، الذى اعتبرته شيئًا عاديًا لا يستحق الاحتفاء، فهى لها من الأرض الطيبة الصلابة ومن النيل اللين.

المرأة المصرية أمًا وزوجة وحبيبة وابنة وأختًا، كان لها دور مدنى مواز لدور الرجل العسكرى، حتى يستقيم المجتمع ولا ينهار.

وبعد كل هذه السنوات التى تجاوزت الخمسين عامًا، ما زلنا نقدم المرأة المصرية فى صورة الزوجة القلقة على زوجها فقط وتريد الاطمئنان عليه!