«لا يمكن تصوره».. تجربة استقصائية أمريكية تكشف العالم السرى للتبرع بالحيوانات المنوية على الإنترنت
- كتاب يعرض تفاصيل رحلة صحفية أمريكية لتصبح «سنجل ماذر» باختيارها
- تشابكات قانونية ومالية وطبية وراء اللجوء إلى السوق السرية للتبرع بالحيوانات المنوية
- بومان: البحث عن متبرع فى البنوك كان كما لو كنت أتسوق لشراء طفل «مصمم»
- الكاتبة: أرغب فى صديق مدى الحياة يشاركنى فى حلمى أن أصبح أمًا.. الرجاء مساعدتى فى تحقيق ذلك
فى عالم اليوم، تلجأ العديد من النساء لأن تصبح أمًا عازبة باختيارها أو ما يعرف بـ«السنجل ماذر»، وذلك بشكل متزايد فى مختلف الدول، وبالأخص فى الولايات المتحدة الأمريكية.
وفى سعيها لأن تصبح أمًا منفردة باختيارها، أمضت الصحفية الاستقصائية الأمريكية «فاليرى بومان» السنوات الأربع الماضية فى العالم السرى للتبرع بالحيوانات المنوية على الإنترنت، فى محاولة للحمل وتحقيق حلم الأمومة.
لكن الأمر فى حالة «بومان» لم يكن بهذه السهولة، فمجرد أن تحاول أن تكون أمًا بهذه الطريقة كان قصة إنسانية ضخمة ومرعبة، يمكنك أن تلعنها وتتعاطف معها فى نفس الوقت.
وهو ما دفعها لأن تجمعها وتصدرها فى كتاب بعنوان: «لا يمكن تصوره: المتبرعون الفائقون بالحيوانات المنوية، والتلقيح خارج الشبكة، وتنظيم الأسرة غير التقليدى»، فهذا العالم الخاص جدًا هو صناعة غير منظمة بالمرة.
الكتاب صدر فى منتصف أبريل الماضى، فى 304 صفحات، عن دار نشر «يونيون سكوير وشركاه» الأمريكية، واستخدمت فيه «بومان» قصتها الخاصة كعدسة فى حركة الأشخاص الذين يحاولون تفادى عالم بنوك الحيوانات المنوية المنظم، وعيادات الخصوبة المكلفة، بهدف تحقيق رؤية أوضح للتشابكات القانونية والمالية والطبية التى تجبر العديد للجوء إلى هذه السوق.
رحلة مكلفة
من هؤلاء كانت فاليرى نفسها، البالغة من العمر ٤٢ عامًا، عندما قررت، وهى فى الثامنة والثلاثين من عمرها، أن ترسم تجربتها فى الأمومة، لتنجح فى ولادة ابنها «ديكلان» فى مايو الماضى، عبر اللجوء إلى هذه السوق السرية، بعد أن أنفقت عشرات الآلاف من الدولارات على التلقيح الصناعى.
وتشير المؤلفة، فى كتابها، إلى أن التقديرات تقول إن ما يقرب من ٢.٧ مليون امرأة أمريكية هن أمهات عازبات باختيارهن، وهو بالطبع ما وراءه عديد من الأسباب، على رأسها التكاليف التى لا يمكن التغلب عليها لصناعة الإنجاب، أو نقص التغطية التأمينية، فيما تريد أخريات فقط معرفة الشخص الذى سيساعدها فى إنجاب طفلها.
وحسب الكاتبة، فإن نسبة ٢٤٪ فقط من الأمريكيين الراغبين فى التلقيح الصناعى يحصلون على المساعدة التى يحتاجون إليها، وذلك بسبب تكلفة العلاج المرتفعة.
واستخدمت ما يقرب من ١٧١ ألف امرأة أمريكية الحيوانات المنوية من أحد البنوك للحمل فى عام ١٩٩٥، وبحلول عام ٢٠١٦، ارتفع هذا العدد إلى أكثر من ٤٤٠ ألفًا مع انتظار المزيد من النساء فى الولايات المتحدة وقتًا أطول للزواج وإنجاب طفل.
و«بومان» كانت واحدة من هؤلاء النساء، ومثل معظم الأشخاص، بدأت تصفح مواقع بنوك الحيوانات المنوية، وتحليل ملفات تعريف المتبرعين والنظر فى صور أطفالهم.
حتى إنها قامت بإنشاء جدول بيانات «مرمز» بالألوان (أخضر للسمات الإيجابية، وأحمر للسمات السلبية، وأصفر للأشياء التى جعلتها تتوقف)، ولكن مثل العديد من النساء، سرعان ما أدركت أن بنوك الحيوانات المنوية لم تكن الحل بالنسبة لها.
حيث أرادت أن تعرف الشخص الذى سيساعدها فى إنجاب طفلها، حتى تتمكن من منحه إجابات حول طريقة ولادته، وذلك لحماية حقوق الطفل الذى لم يطلب أن يولد، ولم يطلب أن يولد دون أب.
وهو ما تصفه المؤلفة بأنه تجربة تتحدى كل المحرمات الثقافية حول الأسرة والخصوبة والإنجاب من أجل جعل الأمومة حقيقة، لتبدأ فى الحكى أكثر.
معلومات سطحية
كانت البداية فى يوليو ٢٠٢٠، بعد وقت قصير من اكتشافها أنها تستطيع أن تصبح أمًا بشروطها الخاصة، ما دفعها لأن تتصفح المواقع الإلكترونية المختلفة لبنوك الحيوانات المنوية.
على مدار عدة أيام، قامت بإنشاء جدول بيانات بعنوان «الأطفال»، حيث أضافت ١٩ عمودًا، أدرجت فيها الخصائص التى يمكنها العثور عليها فى كل جهة مانحة، باستخدام أى تفاصيل قدمتها البنوك مجانًا، وما يمكنها استخلاصه من الصور.
وكانت بعض الخصائص جسدية: الطول والوزن والبنية، ويتم دائمًا إدراج لون العين ولون الشعر، لكن بعض البنوك توفر تفاصيل حول نسيج شعر المتبرع وسمكه، كما يتم تضمين العرق والسلالة.
وتشير الكاتبة إلى أن الفئات الأخرى كانت أكثر عملية، بما فى ذلك حركة الحيوانات المنوية وسعرها، وما إذا كان المتبرع قد أبلغ عن أى حالات حمل أو أطفال، وفى بعض الأحيان يتم إدراج جنس أطفال المتبرعين، وهو ما كان مفيدًا، لأولئك الذين يفضلون جنسًا على آخر.
وتقول بومان: لم تكن هذه بالضرورة هى الأشياء التى اهتمت بها أكثر، فقد كانت لدى أموال فى البنك، وعلى استعداد للإنفاق على الحيوانات المنوية، لكن شعرت بشىء ما بشأن هذه الصفقة، كان الأمر جنونيًا، فالقرار كان مهمًا للغاية، بحيث لا يمكن اتخاذه بناء على المعلومات المحدودة المتاحة.
وتستكمل المؤلفة رواية تجربتها الخاصة فتقول: على مواقع بنوك الحيوانات المنوية، عندما تبحث مجانًا، عادة ما تحصل على سيرة ذاتية قصيرة حول تعليم المتبرع وهواياته وتاريخه الطبى الأساسى.
وتقدم بعض الشركات، دون أى تكلفة إضافية، تسجيلات قصيرة لأصوات المانحين، وعادة ما يشرح الرجال سبب رغبتهم فى التبرع أو يصفون علاقة كانت ذات معنى فى حياتهم.
وتضيف: بالنسبة لى لم أكن أستطع الحصول على معرفة حقيقية لهؤلاء الرجال، بالإضافة إلى ذلك، كانوا يتقاضون أموالًا، فهل التبرع كان يتعلق بالمال فقط؟ وهل يمكن أن يكونوا مستعدين حقًا لمواجهة طفلى عندما يكبر.
وتصف الكاتبة عملية البحث عن متبرع بالحيوانات المنوية فى أحد البنوك بأنها كانت تشبه إلى حد كبير، التسوق على «أمازون» دون التقييمات الواقعية، حيث يمكنك فى كثير من الأحيان اختيار عدة مانحين، ثم مقارنتهم مباشرة على مواقع البنك الإلكترونية، مع إدراج إحصاءاتهم الرئيسية جنبًا إلى جنب.
لقد كان الأمر تمامًا مثل مقارنات المنتجات التى تقدمها «أمازون» للسماح للعملاء بوزن جهاز الترطيب أو المكنسة الكهربائية التى يرغبون فى شرائها، لكن هذا كان أكثر أهمية بكثير من قرار المستهلك العادى، كان ذلك يجعلنى أتفحص الرجال بناء على سماتهم الجسدية، كما لو كنت أتسوق لشراء طفل «مصمم».
تعارف أونلاين
تروى الكاتبة مشاعرها فى هذه اللحظة، فتقول: وقتها كنت مضطربة، ونزلت إلى شوارع واشنطن العاصمة، ومشيت لمدة ساعتين تقريبًا، وحدث لى شىء ما، حيث توقفت قليلًا، وأخرجت هاتفى وبحثت فى «جوجل»: «المتبرع بالحيوانات المنوية الذى تعرفه».
بعدها ظهرت العديد من الأشياء المثيرة للاهتمام أمام عينى، ما يسمى بسجل المتبرعين المعروفين، والذى يسمح للناس بالبحث عن المتبرعين بالحيوانات المنوية، بجانب مجموعات الفيسبوك، حيث يقوم المتبرعون بالحيوانات المنوية بإدراج خدماتهم- مجانًا، وتطبيق يسمى «جاست بيبى»، حيث يمكننى التمرير إلى اليسار أو اليمين على المتبرعين المحتملين!
وبينما كنت أتصفح الروابط المختلفة، اجتاحنى شعور دافئ باليقين، ثم اضطررت إلى كبت ضحكة مرحة، لأننى كنت بالتأكيد سأبحث عن متبرع بالحيوانات المنوية على الإنترنت، وكان ذلك جنونًا، لكننى كنت سأفعل ذلك على أى حال.
وتضيف بومان: كان هذا هو المسار الذى من شأنه أن يسمح لى بالتعرف على المتبرع، وربما السماح للطفل بمقابلته عندما يكبر، يمكننى التأكد من أن الأب البيولوجى لطفلى هو شخص أشعر بالثقة فى تقديمه لطفلى المستقبلى.
والأفضل من ذلك، أننى اكتشفت أن بعض المتبرعين لديهم مجموعات خاصة على «فيسبوك» لآباء الأطفال المتبرعين للتواصل، حتى يتمكن الإخوة غير الأشقاء من مقابلة بعضهم البعض والشعور بالعائلة.
لقد كنت أستخدم تطبيق «جاست بيبى» لمدة أقل من ٤٨ ساعة، قبل أن أعثر على رجل ذى عظام خد حادة وشعر بنى مموج، لقد كان جميلًا جدًا، بحيث لا يمكن أن يكون حقيقيًا.
وتحكى المؤلفة: كان رجل إطفاء فى مدينة نيويورك، والأهم من ذلك أنه كان ذكيًا «حاصل على درجة فى إدارة الأعمال»، وكانت لديه هوايات فنية مثيرة للاهتمام، بما فى ذلك النحت.
استجمعت شجاعتى للتمرير إلى اليمين، وقمنا بمطابقة معلومات الاتصال وتبادلناها، كان لا يزال يرتدى زى العمل، عندما رد على مكالمة الفيديو الخاصة بى.
شارك رجل الإطفاء صورًا من طفولته ولشجرة عائلته بأكملها، لقد أعطانى إحساسًا بالارتباط الذى أردت أن يشعر به طفلى، كان على استعداد للقاء الطفل وإقامة علاقة من نوع ما، لكنه لم يكن يريد أى حقوق أو التزامات قانونية أو مالية.
وتصف الكاتبة ما حدث بأنه كان ترتيبًا مثاليًا، حين قال رجل الإطفاء إنه يقدر الفكرة التى وضعتها فى ملفى الشخصى، حيث نشرت ما يلى على موقع «جاست بيبى»، ولاحقًا على مجموعات المتبرعين بالحيوانات المنوية على موقع «فيسبوك»:
«أبحث عن مانح فى منطقة مترو واشنطن العاصمة أو بالقرب منها. التلقيح الصناعى فقط. أبحث عن شخص يرغب فى أن يكون فى حياة الطفل منذ ولادته، ليس كل يوم أو حتى كل أسبوع أو شهر. شخص يمكنه الإجابة عن أسئلة الطفل، وتقديم تفسير صحى حول سبب اختيارك لمساعدة أمه على جلبه إلى العالم.
«أرغب فى تكوين صديق جديد مدى الحياة يشاركنى قيمى ويريد البقاء على اتصال والحصول على تحديثات حول الطفل وحضور حفلة عيد ميلاده من حين لآخر. آمل أن أجد شخصًا موثوقًا ولطيفًا.
القليل عنى: أنا أم عزباء طموحة باختيارى. لقد نشأت أكبر من أربعة، وكنت الفتاة الوحيدة. لقد أحببت رعاية إخوتى الصغار، وأردت دائمًا أن أكون أمًا. لقد حققت نجاحًا فى مسيرتى المهنية كصحفية لم يسبق لى مثيله فى حياتى الشخصية. حلمى أن أصبح والدة، الرجاء مساعدتى فى تحقيق ذلك».
فى النهاية، فشلت الخطط مع رجل الإطفاء، حيث كانت بومان مترددة فى السفر أثناء وباء كورونا، وأرادت العثور على شخص يعيش بالقرب منها، وافترقا، وعادت إلى «جاست بيبى» لتبدأ البحث مرة أخرى.
تاريخ الظهور
ظهر عالم التبرع بالحيوانات المنوية غير المنظم وغير الطبيعى بأكمله لأول مرة على موقع «كريجزليست» وهو شبكة إعلانية عبر الإنترنت، وأيضًا على لوحات رسائل «ياهو» فى أوائل العقد الأول من القرن الحادى والعشرين، قبل الانتقال إلى مواقع الويب والتطبيقات الأحدث اليوم.
وتعلق بومان: فى ذلك الوقت، كان المانحون يدرجون مدى توافرهم للتبرع بالحيوانات المنوية، وفى بعض الأحيان كان لديهم متلقى، وفى كثير من الأحيان، تجد امرأة هذه المناقشات عبر الإنترنت وتنشر أنها تبحث عن متبرع.
غالبًا ما كانت هذه الترتيبات عبارة عن لقاءات مجهولة المصدر مع عدم وجود وسيلة لأى من الطرفين للبقاء على اتصال، فى بعض الأحيان كانت التبادلات تنطوى على ممارسة الجنس، وفى أحيان أخرى كان الأمر مجرد كوب معقم مملوء بالحيوانات المنوية فى كيس ورقى بنى.
وتقول المؤلفة: الآن، بعد مرور عقدين من الزمن، انتشر التبرع بالحيوانات المنوية فى السوق غير المنظمة، بشكل كبير عبر الإنترنت، وهو ما أشعل حس المراسل الخاص بى.
كانت هذه ستكون قصة ضخمة، وكنت أعيشها، حيث بدأت فى التقاط لقطات شاشة للمشاركات المثيرة للاهتمام على الصفحات، ولاحظت مختلف المتبرعين والمتلقين الذين يبدو أنهم نشطون بشكل خاص فى مجموعات الفيسبوك.
لقد تحدثت إلى الأشخاص الذين سيطروا على هذا العالم، وطرحت عليهم الأسئلة، بينما كنت أحاول فهم الفروق الدقيقة فى هذا التفاعل الاجتماعى الغريب.
طفرة المواليد
تشير الكاتبة إلى أن القصة كانت أكبر من أى لاعب واحد، حيث يتعلق الأمر بالتقاء العرض والطلب- خاصة فى الوقت الذى كان فيه ملايين الأمريكيين جالسين فى منازلهم، فى الحجر الصحى أثناء الوباء، وقد حفزت هذه العوامل طفرة المواليد عبر الإنترنت.
وفى عام ٢٠٢١، تم تسجيل ما يقرب من ٣.٧ مليون ولادة فى الولايات المتحدة، بزيادة قدرها ١٪ مقارنة بعام ٢٠٢٠، وفقًا لبيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.
قد يبدو هذا ضئيلًا، ولكن ضع فى اعتبارك أنه فى السنوات الخمس السابقة لهذا الارتفاع، كانت معدلات المواليد تنخفض بشكل مطرد بنسبة ١٪ سنويًا تقريبًا، وعلى الرغم من هذا التحول، فشل عدد المواليد فى عام ٢٠٢١ فى اللحاق بإجمالى عام ٢٠١٩، بسبب انخفاض الولادات بين عامى ٢٠١٩ و٢٠٢٠.
وتوضح بومان العوامل التى أدت إلى هذه الطفرة فى السوق غير المنظمة هى أن العديد من عيادات الخصوبة أغلقت أبوابها بسبب تأجيل الإجراءات الطبية «غير الضرورية» أثناء الوباء، ومع اضطرار بنوك الحيوانات المنوية إلى التوقف مؤقتًا عن قبول تبرعات جديدة، مما أدى إلى حدوث نقص.
أزمة وجودية
تلفت المؤلفة إلى أن الجانب الإيجابى الآخر للمتبرع المستقل بالحيوانات المنوية هو أنك تحصل على حيوانات منوية طازجة «تعيش لمدة تصل إلى خمسة أيام فى جسم المرأة»، وأحيانًا تتلقى تبرعات متعددة فى كل دورة.
وبالمقارنة، فى البنوك المنظمة، يتم إعطاء الحيوانات المنوية المجمدة بشكل حصرى تقريبًا مرة واحدة فى كل دورة، وتعيش فقط فى جسم المرأة لمدة تصل إلى ٢٤ ساعة، مما يجعل توقيت الإباضة أمرًا بالغ الأهمية.
وتشير الكاتبة إلى أن هناك بيانات تدعم هذه الأزمة الوجودية: ففى عام ٢٠٢١، انخفضت الولادات الجديدة بين النساء اللاتى تتراوح أعمارهن بين ٢٠ و٢٤ عامًا بنسبة ٣٪، لكنها ارتفعت بنسبة تصل إلى ٥٪ للنساء اللاتى تتراوح أعمارهن بين ٢٥ إلى ٤٤ عامًا.
ويتمكن العديد من الأشخاص من الوصول إلى التبرع غير المنظم بالحيوانات المنوية من خلال «سجل المتبرعين المعروفين»، وهو موقع على شبكة الإنترنت، حيث يمكن للمانحين والمتلقين، صياغة الملفات الشخصية والبحث عن بعضهم البعض.
ويحتوى موقع «كيه دى آر» على «شروط استخدام» طويلة وتتطلب قواعد السلوك الخاصة بالموقع من المستخدمين الاحترام والامتناع عن استخدام المخدرات ونقل الأمراض المنقولة جنسيًا.
كما توصى بالعقود القانونية وتحظر أى طلبات للدفع مقابل الأمشاج «الخلايا المسئولة عن العمليّة التناسلية لدى الكائنات الحية»، ولا يجوز للأعضاء «التصريح أو الإشارة ضمنًا» إلى أن الجنس وسيلة أكثر فعالية للحمل من طرق التلقيح الصناعى.
صفحات الفيس بوك
تذكر بومان أن إحدى صفحات الفيسبوك الأكثر شعبية للتبرع بالحيوانات المنوية شهدت نموًا فى عضويتها بالآلاف شهريًا، حيث تضاعفت ثلاث مرات بين يونيو ٢٠٢٠ ويونيو ٢٠٢٢، ووصلت فى النهاية إلى حوالى ٢٤٠٠٠ عضو، وبحلول أغسطس ٢٠٢٣، زادت العضوية بنسبة ١٧٥٪، ومع توافد المزيد من المتلقين على الصفحة، زاد عدد المانحين أيضًا.
وتستطرد: لقد وجدت أن مجموعات الفيسبوك هى شريان الحياة الحقيقى لهذا العالم، حيث سمحت مجموعات الفيسبوك للمتلقين والمانحين بتبادل المعلومات فى منتدى شبه عام، لذلك كان هناك قدر أكبر من المساءلة.
وتتراوح المنشورات من نصائح التلقيح إلى إعلانات الحمل، والتفاصيل المطلوبة فى المتبرعين وصور للمانحين، وأيضًا تمتلئ المجموعات بصور أطفال لطيفة واختبارات حمل إيجابية، كل هذا كان محاولة لجذب متلقين جدد.
تعد المجموعات أيضًا مكانًا يتم فيه تشجيع الجميع على الدردشة المرئية أولًا، قبل الاجتماع فى مكان عام يفضله لأول مرة، وكان المشرفون هم فى الغالب من المانحين، ولكن هناك عددًا قليلًا من المتلقين أيضًا.
سلوك مفترس
ليس من المستغرب أن هذه السوق تعانى من السلوك المفترس، حيث تشير المؤلفة إلى أن بعض المتبرعين يحاولون إجبار النساء على ممارسة الجنس، من أجل الحصول على الحيوانات المنوية.
وتضيف: «يحتوى عالم التبرع بالحيوانات المنوية المستقل على العديد من الزواحف الذين يحاولون فقط ممارسة الجنس، كما أنه يحتوى على رجال يريدون رؤية حمضهم النووى منتشرًا على نطاق واسع- بغض النظر عن الأطفال الذين يتعين عليهم بعد ذلك التعامل مع العشرات من الأشقاء».
وتضرب الكاتبة مثالًا بقصة امرأة التقتها، وهى تم حملها باستخدام حيوانات منوية مجهولة المصدر من أحد البنوك، ونشأت السيدة معتقدة أنها فرنسية، وبنت جزءًا كبيرًا من هويتها حول تلك المعلومة الصغيرة التى كانت تعرفها عن والدها البيولوجى، لكن فى الواقع، كان هو مدمنًا للجنس إيرانيًا تبرع بالحيوانات المنوية كوسيلة لتحقيق ربح سريع أثناء دراسته الجامعية، وكان يكذب بشأن تراثه وتاريخه الصحى العائلى، ونجحت السيدة فى اكتشاف ذلك، والعديد من الإخوة غير الأشقاء، بعد تحميل معلوماتها على موقع علم الأنساب.
الحقوق الإنجابية
تعلق بومان على تجربتها: كل هذا كان مجالًا جديدًا تمامًا بالنسبة لى، ولكن كان هناك شعور واضح بالتمكين بين المتلقين الناجحين، لقد أثار ذلك اهتمامى، خاصة فى السياق الاجتماعى الأوسع للإنسانية وكيفية تعريفنا للعائلات، هذه هى اللحظة التى تكون فيها الحقوق الإنجابية فى طليعة السياسة والثقافة.
لكن تبقى الأسئلة مفتوحة: هل يمكن أن تكون هذه لحظة حاسمة لتمكين أنواع جديدة من الأسر؟ أو احتمالًا محفوفًا بالمخاطر مع عدد لا يحصى من المضاعفات للنظر فيها؟ ماذا يعنى إذا كان الجواب كلاهما؟
اقرأ أيضًا: