الأربعاء 18 ديسمبر 2024
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

الباحث جيفرى إم بيلشر: «البيرة» المشروب الأساسى فى المجتمع المصرى القديم

الباحث جيفرى إم بيلشر
الباحث جيفرى إم بيلشر

- المقاهى فى عهد «محمد على» كانت تقدمها مع الوجبات الخفيفة

-  البيرة الحديثة مختلفة تمامًا عن المشروبات المخمرة الأخرى عبر التاريخ

شخصية بارزة فى المجال العلمى الناشئ لتاريخ الغذاء، ومن خلال التركيز البحثى المبكر على المكسيك وأمريكا اللاتينية، قام بتوسيع نطاقه ليشمل الغذاء فى تاريخ العالم.

يقوم بتدريس تاريخ الغذاء والدراسات الغذائية بجامعة تورنتو بكندا، ويركز بشكل خاص على التاريخ العالمى للمطبخ المكسيكى وتأثيراته العابرة للحدود الوطنية.

حصل على بكالوريوس فى الرياضيات وعلوم الكمبيوتر من جامعة «إلينوى» الأمريكية، وماجستير فى التاريخ المكسيكى من جامعة ولاية «نيو مكسيكو» الأمريكية، ودكتوراه فى التاريخ الثقافى المكسيكى من جامعة «تكساس» الأمريكية. 

ألف وحرر العديد من الكتب، بما فى ذلك «كوكب تاكو: التاريخ العالمى للطعام المكسيكى»، و«دليل أكسفورد لتاريخ الغذاء»، و«الغذاء فى تاريخ العالم»، وهو عضو نشط فى جمعية دراسة الغذاء والمجتمع، والجمعية التاريخية الأمريكية.

عن أحدث كتبه «قفزت: كيف جعل السفر والتجارة والذوق البيرة سلعة عالمية»، الذى يستكشف تاريخ «البيرة» على مدى القرنين الماضيين، كان لـ«حرف» هذا الحوار مع جيفرى إم بيلشر.

■ فى البداية.. هل تعتبر نفسك مؤرخًا أم باحثًا؟ وماذا عن تخصص تاريخ الطعام؟

- لقد تدربت كمؤرخ، الأمر الذى يتضمن البحث كمهارة حيوية، لدى جامعة «تورنتو» تخصص دراسات عليا فى تاريخ الغذاء، وقد قمنا بتدريب عدد من الطلاب على موضوعات عالمية، بدءًا من تاريخ صناعة النكهات فى أمريكا الشمالية، إلى الطعام فى إمبراطورية الهند الشرقية الهولندية الحديثة المبكرة.

■ ما الذى جعلك مهتمًا بفكرة كتاب عن تاريخ صناعة «البيرة» الحديثة؟

- عملى الأصلى يقوم على دراسة الطعام فى المكسيك وتاريخ العالم، وأقوم بتدريس فصل عن الشراب، وأصبحت مهتمًا بالبحث حول هذا الموضوع، وبعد تأليف كتاب عن «التاكو» المكسيكى، بدت «البيرة» وكأنها دراسة حالة منطقية. 

أنا مهتم بشكل خاص بالطرق التى أصبحت بها «البيرة» موحدة أثناء سفرها حول العالم، فكل بلد لديه بيرة محلية، من «بدويايزر» فى الولايات المتحدة، إلى «ستيلا» فى مصر، لكنها جميعها بنفس النمط، الجعة الباهتة. 

وهذا يختلف تمامًا عن المشروبات المخمرة التى شربها الناس عبر التاريخ، مثل «البوظة» المصرية، و«الساكى» اليابانى، و«اللب» المكسيكى «مشروب مخمر محلى من الصبار، الذى يتم تقطيره لصنع التيكيلا».

■ كيف حصلت على الوثائق والمطبوعات الصناعية التى اعتمد عليها الكتاب؟

- لم توثق المجلات التجارية التقدم التقنى الذى مكن من صنع بيرة موحدة فحسب، بل وثقت أيضًا الطرق التى سعى بها مصنعو البيرة لتحقيق مذاق موحد، حيث بدأ علماء التخمير فى نشر هذه المجلات لأول مرة فى ستينيات القرن التاسع عشر، وسرعان ما انتشرت حول العالم.

لقد عمل علماء التخمير فى اليابان والصين، وكذلك علماء التخمير فى ألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة، على التغلب على المشاكل التقنية والصناعية.

الشركة الوحيدة التى سمحت لى بالوصول إلى أرشيفاتها، كانت شركة «جينيس» للبيرة الأيرلندية، ولكن نظرًا لأن مصنعها كان يتمتع بمثل هذا الانتشار العالمى، وكانت مصر سوقًا كبيرة بالفعل لمنتجاتها بحلول عام ١٩٠٠، فقد قدمت رؤى حول استراتيجيات التصدير وثقافات الشرب المحلية، التى لم تكن متاحة فى أى مكان آخر.

■ هل واجهت صعوبات أخرى أثناء إعداد الكتاب وفى مرحلة البحث؟

- كتابة التاريخ العالمى تمثل دائمًا تحديًا، ولأننى أقوم بالتدريس فى جامعة «تورنتو»، فقد تمكنت من توظيف طلاب دراسات عليا كمساعدى باحثين، يتحدثون لغات لا أتحدثها مثل الصينية واليابانية.

لقد استفدت أيضًا من توافر تاريخ الأعمال فى صناعات التخمير الوطنية والأبحاث الإثنوغرافية «وصف الشعوب وملاحظة المجتمع من وجهة نظر الدراسة» حول ثقافات الشرب الأصلية، وكان الهدف من بحثى فى المجلات التجارية، هو ربط هذه التواريخ المنفصلة فى سرد موحد.

■ هل يوجد جزء فى كتابك يتناول كيفية وصول البيرة الأوروبية مصر؟

- ليس لدىّ فصل منفصل عن مصر، لكننى أناقش التطورات المصرية فى أماكن مختلفة، وبالطبع كانت «البيرة» المشروب الأساسى فى المجتمع المصرى القديم، وظلت «البوظة» منتشرة على نطاق واسع فى الريف فى القرن العشرين. 

■ ماذا كانت تمثل البيرة الأوروبية بالنسبة للمجتمع المصرى؟

- خلقت سياسات التحديث التى انتهجها المصلح العثمانى «محمد على» طبقة مهنية حضرية ذات توجهات غربية مع ولع بالمنتجات الأوروبية مثل البيرة، وكانت المقاهى فى القاهرة والإسكندرية تقدم البيرة مع الوجبات الخفيفة، مثل الخبز والجبن واللحوم. 

وكان سكان الريف يشربون البيرة الغربية خلال احتفالات السيد البدوى فى مدينة طنطا، حيث كانوا يطلبون بركته لعلاج الأمراض الجسدية، أو فى حالة النساء، لضمان الخصوبة، وكانوا يشربون فى كثير من الأحيان بيرة «جينيس»، التى كانت معروفة بقدراتها العلاجية.

■ كيف انتقلت صناعة البيرة الأوروبية الحديثة إلى مصر؟

- فى عام ١٨٩٧، أسس رجال الأعمال البلجيكيون أول مصنع بيرة غربى حديث فى الإسكندرية، وبعد مرور عام، تم افتتاح مصنع «الأهرام» للبيرة فى القاهرة المنتج لبيرة «ستيلا»، البيرة المحلية فى مصر، وكانت نتاج مشروع مشترك بين الشركتين، ابتداء من عشرينيات القرن العشرين.

فى ثلاثينيات القرن العشرين، قدمت شركة «هينيكن» الدعم الفنى، وفى عام ١٩٦٣، تم تأميم الصناعة من قبل «عبدالناصر»، وهذه قصة شائعة فى جميع أنحاء العالم عن قيام المستعمرين الأوروبيين بإنشاء مصانع للبيرة الحديثة، التى يتم تأميمها لاحقًا من قبل قادة الاستقلال.

■ هل هناك مفاجآت اكتشفتها أثناء إعداد الكتاب؟

- عرفت حركة البيرة الحرفية الحديثة نفسها على أنها نقيض المنتجين العالميين العملاقين، مثل شركة «إيه بى إنبيف» للمشروبات فى بلجيكا، لقد فوجئت بإيجاد الروابط بين هذين القطاعين من السوق.

اختراع صناعة ما يسمى بـ«البيرة الكبيرة» التكنولوجيا وسلاسل السلع التى تعتمد عليها مصانع الجعة المحلية الصغيرة، فى حين توفر مصانع الجعة الحرفية منتجات مبتكرة وإثارة حول البيرة التى خصصتها الشركات العملاقة لزيادة المبيعات.