البروتوكولات السرية.. أسرار صناعة العملاء فى الشرق الأوسط
- كل مشروع يراه الناس لا بد أن يشكوا فى جدواه ونية القائمين عليه ولدينا نماذج مشرفة كبرى مثل عاصمة المصريين الجديدة
- إننا نحلم باليوم الذى يتكرر فيه مشهد خروج المصريين هربًا من القاهرة بعد هزيمة الفرنسيين للمماليك
اصطفت المعاطف السوداء فى الصفوف الأولى من القاعة الأرضية ثم أسدلت الستائر لتفصل بينهم وبين صفوف أخرى شرقية الملامح ويجلس بينهم مزهوًا الخَولانى. لم تعد الصفوف الخلفية ترى سوى الستائر السوداء. اقترب من المنصة كبيرهم ذو القناع الذهبى المخيف وضرب على منصته بمدقته الخشبية ثلاثًا؛ لتغرق القاعة فى ظلام دامس وصمت مطبق.. وبدأ الزعيم المقنع فى تلاوة ما بين يديه من أوراق...
نقر نحن- الموقعين- أدناه أننا نعقد اجتماعنا السرى الأول تحديدًا فى هذا المقر تمجيدًا للدور الجليل لعجوزنا الشمطاء فى تدشين حجر الأساس الأول فى هذه المرحلة المعاصرة من تاريخ صرحنا السرى العظيم الذى بدأه آباؤنا الروحيون الخالدون من عبدالله بن سبأ، وميمون القداح، وحسن الصباح. حتى جاء دور أبناء عجوزنا الشمطاء من «أوليفر كرومويل وأنتونى إشيلى كوبر» إلى «بالمرستون وتشارلز تشرشل وجيمس بلفور».
ثم أخيرًا جاء الدور على الحفيد النابه حسن الساعاتى، والذى لا يقل عن السابقين دهاءً ومكرًا، بل وكاد أن يفوقَهم إنجازًا، لولا ما نُكب به خلفاؤه من تهافت فى الذكاء، وسطحية فى التخطيط حتى قرب كل ما أنجزناه على الانهيار الكامل، لولا هذه المساعدات غير المسبوقة التى منحتها لنا العجوز الشمطاء ووريثتها على العرش، ومعهما نطفة الحرام التى زرعناها حتى ترعرت هنا، وقمنا بسقيها وإطعاهما حتى غدت تفوق أمها فى التلوى والتمدد والالتهام.
استطرد الزعيم قائلًا.. ويأتى اجتماعنا هذا فى نخب هذا الاحتفال الكبير بهدم هذا الثغر، ووضع أيدينا عليه، وتمزيقه وتقطيع أوصاله، ثم أشار بإصبعه فوقف الخَولانى فى خيلاء يتلقى تحية المجتمعين وخرج متقدمًا صوب المنصة فخر راكعًا أمام المنصة وكلله الزعيم بشارة سوداء وهذب بيديه لحيته الكثة، ثم قام الخولانى منحنيًا متقهقرًا للوراء دون أن يرفع بصره حتى عاد إلى مقعده.
استكمل الزعيم مراسم الجلسة متمتمًا إننا نضيف هذا الإنجاز لتلك القائمة الخالدة التى سوف نقدمها- بعد اكتمالها- كاملة لسيدنا الأعظم.. هذا الذى كان أول من اعترضوا فسجل اعتراضه حجر اللبنة الأول فى زعزعة هذا الاستقرار الكونى الذى يجب أن نفعل المستحيل لمنعه، لقد منح سيدنا لقومنا شرف استخلافه على الأرض.
لكننا ننتهز هذه الفرصة بنشوتها الكبرى لكى نسجل قائمة بروتوكولاتنا السرية، ونحفظها لخلفائنا، لكى يستلهموا منها ذلك الوقود الأسود الذى يمنحهم قدرة دفع لازمة لعدم توقفهم ولو للحظة واحدة عن الاستمرار فيما بدأناه منذ لحظة الاعتراض الأولى، حيث لم نترك شبرا فوق الأرض دون أن نبرح فيه بصماتنا الحمراء بالدماء، والسوداء بتلال الخراب، وكم طربت آذاننا لصراخ النساء والأطفال؛ فصغنا من صراخهم هذا تلك الأنشودة الخالدة، التى نضيفها لقائمة هدايانا لسيدنا الأعظم فى انتظار سيطرته وهيمنته وتتويجه سيدًا أبديا فى الأرض.
ولا يخفى على المجتمعين فى تلك القاعة أن الشرق غنيمتنا وهدفنا المنشود وغايتنا الكبرى الأخيرة. ولقد عملنا فى القرن الأخير بجهد وصبر حتى استطعنا أن نخلق هذا الجيش الجرار من أبناء هذا الشرق كمقاتلين يقاتلون نيابة عنا ويحققون لنا ما نطمح له دون المخاطرة بأبنائنا ذوى الدم الأزرق. ونحن نمنح بعضهم وللمرة الأولى شرف حضور هذا المجمع الأكبر، فما قاموا به مؤخرا يثبت أن استثمارنا فيهم لم يذهب هباءً.
ونحن إذ نضع هذه الوثيقة لأبنائنا وأحفادنا، فنحن أيضًا نسجل لهم الشفرات السرية التى تمكنهم من الاستمرار فى تحريك هذا الجيش، ونصوغ لهم الخطوات لكى يستطيع أن يقوم بمهامه التى أوكلاناها له. وأيضًا لخلق أجيال أخرى من أبنائهم وأحفادهم.
بروتوكولنا الأول لأبنائنا ينص على الآتى.. عليكم العمل دائمًا على التأكد من شرقية مَن تستخدمون من حيث الملامح واللسان والملبس والتظاهر باعتناق أكثر العقائد الدينية الشرقية تشددًا. وإذا ما استبانت فى الأفق بوادر استقرار وتسامح ومحبة فى بقايا أوطان الشرق، فعلى عملائنا من أفراد هذا الجيش أن يستثيروا عواطف العامة الدينية بغوغائية، وتأليب هؤلاء العامة على مجتمعاتهم ودولهم وإداراتهم الحاكمة عن طريق القذف باتهامات الهرطقة والتكفير واستنفار نوازع العنف والقتل تحت رايات مقدسة.. لا يهم الحق أو المنطق، لكن المهم أن تلقى بالتهمة فى أكثر المواقف صخبًا وتشنجًا؛ لأن ذلك سيسلب عقول العامة، وحتى إذا ما اكتشفوا خواء التهمة فسيكون بعد فوات الأوان، وبعد أن نحقق غايتنا.
.. على عملائنا استنفار نوازع العنف المقدس بين الطوائف والملل والنحل حتى يضطرب كل شارع، وكل بيت، وحتى تغدو كل بقعة كمرجل لا يتوقف عن الفوران الدينى.
على عملائنا أن يرتدوا مسوح التقاة والرهبان وأن يلقوا بقذائفهم ووجوههم تفيض بالتقوى والورع، أن يشعلوا الحرائق ويبذلوا قصارى جهدهم لمنع إخمادها، أن ينشروا الكراهية الدينية بين الجميع، ثم يتركوا لها الأمر، فالكراهية الدينية المغلفة بأكثر الكلمات البراقة لم تخذلنا يومًا، وكم قامت بما لم نستطع القيام به. فما أجمل أن تقنع بعض القطيع بأنهم وحدهم من يمتلكون صكوك الإيمان، فنستخدمهم كما نشاء. نستعديهم ضد من نريد، ونمنح لمن نريد من رجالنا مفاتيح الصعود والسيطرة المقدسة على تحركات الكتل الشعبية.
البروتوكول الثانى موجه لأبنائنا النابهين الذين استطعنا زرعهم فى كل بيت على تلك الشاشات الصغيرة. فما يستطيعه هؤلاء تعجز عنه الجيوش التقليدية. عليهم أن يسفهوا كل الذين يعملون لبناء أوطانهم الشرقية.
فيا أيها الأبناء الذين تمثلون ذروة تفوقنا لا تسقطوا فى الفخ وتحاولوا إنكار الإنجازات التى تراها الشعوب على الأرض، لكن عليكم نشر السخرية منها والتسفيه من آثارها.
فكل مشروع يراه الناس لا بد أن يشكوا فى جدواه ونية القائمين عليه. ولدينا نماذج مشرفة كبرى مثل عاصمة المصريين الجديدة التى استطعتم أيها الأبناء إقناع كثير من المصريين بأنها للأغنياء وأنها ستحرم الفقراء من الخدمات.
كل هذا الكم من الاستثمارات التى استطاع المصريون جلبها لبلادهم لابد أن يقتنعوا أنها خيانة للبلاد وبيع لمقدراتها لصالح دول أخرى، وإجراءات الأمان الاجتماعى لابد وأن يتم تقديمها على أنها إذلال للمصريين.
هكذا تستطيعون عدم إهدار جهدكم فى محاولات النفى والإنكار، وبأقل جهد منكم تستطيعون خلق حالة إحباط بين الملايين منهم. وهكذا يتم ضرب قوة الروح فتخور العزائم، وتصبح الملايين جاهزة للهزيمة عند اللحظات الفاصلة.
البروتوكل الثالث.. نتوجه به للعاملين فى مجالات التسليح، فعليكم أن تركزوا جهدكم فيما تبقى من جيوش المنطقة، وهو جيش مصر. عليكم محاولة حصاره وتخصيص جزء من ميزانيات مجموعتكم الإعلامية لتشويه هذا الجيش، واتهام قاداته بالفساد والاستقواء على شعبهم. فهذا الشعب مثّل دائمًا معضلة كبرى لأجدادنا؛ لأنه كان دائمًا يتخندق مع جيشه، وكنا كلما اقتربنا من إسقاطهم معًا نفاجأ بهذه الحالة من الترابط.
عليكم شق هذا التلاحم. عليكم بغرس نصل حاد من التشكيك فى صدور المصريين تجاه جيشهم. لقد كان خلفاء الساعاتى قاب قوسين أو أدنى من النجاح فى ذلك، لكن غباءهم أفسد كل شىء، ومنح المصريين فرصة أخرى لكشف السر.
لا بأس فما زالت الفرصة سانحة. علينا أن نسكب مزيدًا من البنزين على أى إرهاصات.. هدفنا وغايتنا الأسمى أن يقتتلوا، الجيش ضد الشعب، وجر الشعب للزحف لمهاجمة مؤسساته العسكرية.
لقد حاولنا استدراجهم للخيانة فأبوا، ولقد أفادنا قسم التاريخ بأنه جيش يأنف الخيانة كشعبه، فلا مفر من تفجير ذلك الخط الرابط بينهما، إن اللحظة التى سوف نصل فيها إلى ذلك المشهد من الاقتتال الأهلى هو الحلم الذى فشلنا فيه حتى الآن، فهل من نابغينا من يقدر على ذلك؟
يا أبنائى لا تخذلونى، وحاولوا أن تندسوا بين الشباب، ولا تتركوا فرصة دون أن تلقوا بعبارة واحدة تثير شكوكهم تجاه جيشهم، حتى لو جملة واحدة بين آلاف عبارات المديح، تقمصوا أدوار المحبين ثم ابذروا بذرة شك صغيرة واتركوها لفتوة الشباب، فهى أجدر بإنمائها.
البروتوكل الرابع.. يختص بكبار رجال المال والأعمال منا.. كيف فشلوا هذا الفشل الذريع؟ كيف استطاع المصريون بعد أن نشرنا كل هذا الاضطراب أن يحصلوا على كل تلك الاستثمارات، وكيف استطاعوا إنجاز كل هذه التنمية فى تلك السنوات بينما كنا على وشك إعلان وفاتهم؟!
لا بد أن هناك أخطاء كبرى قد حدثت، لقد جندنا كثيرًا من رجال الأعمال لكى يتركوها خربة بعد أن نشرنا الفوضى، لقد فعلوا ما أُمِروا به، لكن هذا الشعب لديه قوة بأس تثير حنقنا وغيظنا. لا بد من كسر عناده هذا بمزيد من الضغط الاقتصادى، لقد أوفى عملاؤنا بما وعدوا فخنقوا اقتصاد هذا الشعب. لكن كل شىء يفشل فى كل مرة عند اللحظات الأخيرة، ونحن قد طلبنا من قسم الاجتماع السياسى أن يقوموا بدراسة هذا الشعب بطريقة مختلفة، للوقوف على بعض المفاتيح، نريد أن نعرف ما هو الحد من التحمل الذى تتوقف عنده قدرة هذا الشعب وتنكسر إرادته، إجابة هذا التساؤل ستفتح أبواب كنوزه كاملة أمام عملائنا لنهبه والاستيلاء على خيراته.
البروتوكول الخامس.. يجب أن ننبه أبناءنا إلى أهمية السيطرة الدائمة على عملائنا من الصف الأول فى المنطقة من بعض الدويلات التى أصبحت بالفعل من ممتلكاتنا، لقد قدم هؤلاء خدمات جليلة لتلميع عملائنا المقاتلين وتقديمهم للشعوب فى الصورة التى تعشقها تلك الشعوب. فهذا الصف الأول يجب أن يبقى دائمًا تحت الهيمنة، سيطروا عليهم بكل الوسائل، بالجوارى والغلمان، وإشعارهم دائما بالعجز حتى عن حماية قصورهم ومخادع جواريهم. اجعلوهم دائمًا فى حالة هلع واحتياج لحمايتنا أو حتى التمتع بتلك الحماية على طريقة نساء الشرق واحتياجهن لقوة فحولهن.
البروتوكول السادس.. إننا نحتاج إلى مفكرين جدد يبتكرون لنا نسخًا جديدة عصرية من فكر دينى أكثر تعصبًا. لكنه أكثر عصرية ونعومة وبريقًا.. نحن بحاجة لمبدعين جدد.. مثل الذى ابتكر يومًا فكرة الثأر المقدس التى ظلت ملتهبة لقرون طويلة، وحصدت رءوس مئات الآلاف. أين مبدعونا الجدد؟ نحن ما زلنا نقتات على ما تركه لنا أسلافنا.
البروتوكول السابع.. هو خطة أعدها أحد أبنائنا لتحديث شعارات مدنية حقوقية جديدة وإعداد قيادات جديدة؛ لأن ما حدث فى مصر منذ أشهر قد أحبط واحدة من أهم مخططاتنا. كيف استطاعت مصر أن تقر ذلك القانون الذى قضى على فرص استفادتنا من مئات الآلاف من عملائنا الذين أدخلناهم إلى هناك وكنا نعدهم ليوم محدد. كيف فاجأنا المصريون وأجهضوا كل ذلك.. هكذا بتلك السهولة وكل منظماتنا وعملائنا هناك لم يستطيعوا منع مصر من إقرار هذا القانون؟!
يجب إعادة تحديث وإعداد مجموعة القيادات المسئولة عن المنظمات المدنية الأممية والمحلية فى مصر، ونقترح أن نعمل على شعبة البكائيات كثيرًا، وتسليط الضوء على معاناة المتضررين من هذا القانون، هدفنا أن نُبقى على أكبر قدر ممن أدخلناهم، لقد قاموا بأدوار عظيمة فى خطة الخنق الاقتصادى ونجحوا نجاحًا كبيرًا فى اختيار الأغطية المناسبة لأنشطتهم.
البروتوكول الثامن.. هو كيفية عمل غسيل مخ للشعوب التى يتم السيطرة على دولها وإسقاطها. علينا اغتنام الأيام الأولى بعد السقوط، لأنها الأهم. فى تلك الأيام تكون نشوة تلك الشعوب طاغية، علينا أن نبدع فى رسم صور مخملية للمستقبل، علينا أن نجعل من أى شعب هو الظهير الأقوى لنا فى تلك الأيام، حيث نقوم بتثبيت وجودنا عبر السيطرة العسكرية المباشرة على بعض المناطق، وعلينا مكافأة كل من ساعدنا.
علينا إبداع إخراج آلاف القصص عن الجوانب الإنسانية وأن نأمر دويلات القنوات التليفزيونية الشرقية الموالية لنا بتطبيق ما علمناه للعاملين بتلك القوانين من عناصر الإلحاح الإعلامى بالصورة على ما خلقناه من قصص، عليهم تنحية كل خبر عن احتلالنا الأرض جانبًا أو التقليل من قوته، وتقديمه كحدثٍ عارض قابل للتغيير، وأن المهم هو رفاهية الشعب.
ومن تمام عملية غسيل المخ هذه أن يتم تناسى ما حدث سابقا وفض الاشتباك بين المواقف المتشابهة. فالإلحاح على قصة ممر فلادلفيا لم تؤتِ ثمارها، فعلينا محاولة إغراق الشعوب فى نسيانها؛ لأننا إن لم نمحها من ذاكرتهم، فسوف يقارنونها قطعًا بما نفعله من احتلال، على تلك القنوات أن تطبق نظريتنا الجديدة فى التنويم المغناطيسى الإعلامى على الشعوب الساقطة حديثا قبل أن تستفيق، وعلى الشعوب المجاورة التى لم تسقط بعد، حتى تنسى أنها ما زالت حرة بعيدة عن سيطرتنا وأن ندفعها دفعًا- عبر ذلك التنويم- أن تتمنى لو أن أوطانها قد سقطت.
البروتوكول التاسع.. ألا ننسى دائمًا أن استغلال رجال الدين لصالحنا هو بندٌ ثابت فى كل العصور. فرجال الدين فى القرون السابقة كم أسقطوا أوطانًا عن عمد أو عدم وعى، أو حتى ساعدونا لكى نقوم بالمهمة عبر إغراق شعوبهم فى غيابات الغيبيات وتخدير قواهم وتحييد قوتهم الفاعلة ساعات المواجهة.
علينا الدفاع عن قوتهم ووضعهم دائمًا فى مراتب أسمى وأعلى من مراتب القيادات المدنية الفاعلة حتى يستطيعوا بتلك المرتبة أن يسيروا الشعوب حيثما أردنا، هم من أهم أدواتنا، علينا دائمًا أن نمرر لهم ما نريد، وأن نهيج الشعوب بما يقولون.
كثيرٌ منهم مخلصون لما يعتقدون. وهؤلاء هم أثمن أسلحتنا. لا تقترب من رجل دين وتصارحه، بل كن دائمًا خلف الستار، فى صفحة شاردة من كتاب عتيق. ألق الضوء على سطر أو صفحة، وألق بها فى طريق رجل الدين ودع الباقى له. المخلصون منهم مهمون جدًا. وحين يكتشف هؤلاء المخلصون أنه قد تم استخدامهم فسوف يصيبهم الجنون، بينما يضرب شعوبهم مزيدٌ من فقد الثقة فيهم وفى غيرهم، فتسود صراعات جديدة لن يستفيد منها غيرنا.
البروتوكول العاشر والأخير.. هو العبث بكل ما يتعلق بفكرة الأرض، فحين يتعلق الأمر بأرضهم التى نريد سرقتها، فالأرض أرض الله، واجعلوهم يؤمنون بأننا قد نكون حكامًا عادلين أفضل من حكامهم، وحين يتعلق الأمر بأرضنا فهى أرض كفر لا تصلح للمؤمنين منهم، وحين يتعلق الأمر بعبثنا بحدودهم لصالح عملائنا منهم، فأرضهم أرض المؤمنين جميعًا ولا حدود ولا وطن فى الدين، فالدين أسمى من حبسه فى وطن أو أرض، قبل أن أنسى يا أبنائى لا تنسوا مكافأة المخلصين لنا، سواء الذين دفعناهم لعبادة النار أو الذين دفعنا بعض أبنائنا لاعتناق عقائدهم وجمعنا فلولهم من صحارى القوقاز ومن صفاف البحار واندمجنا بهم فصاروا منا وأخلصوا لنا الطاعة.
يا أبنائى هدفنا القادم والأخير هو أرض الميعاد الحقيقية.. مصر. فعلينا العمل على القضاء على فكرة تقديس المصريين أرضهم وإقناعهم بأنها فكرة قديمة وثنية شيطانية.
إننا نحلم باليوم الذى يتكرر فيه مشهد خروج المصريين هربًا من القاهرة بعد هزيمة الفرنسيين للمماليك، على أبنائنا قراءة ما كتبه مؤرخهم الجبرتى فى وصف هذا المشهد، حين نصل إليه نكون قد أنهينا المعركة فى الشرق الأوسط للأبد، وسنجعل من القاهرة عاصمة ومقرًا لحكمنا بعد أن يصبح سكانها وكل سكان مصر مثل باقى الشعوب ملايين شاردة بلا مأوى ينتظرون إحساننا بلقمة خبز أو قطعة قماش.
هذه خطتنا للأعوام المقبلة. لقد نجحنا فى هدم قلاع هذا الشرق واستولينا على ثغوره ولم تبق غير القاهرة. ابعثوا بهذه الوثيقة لكل عملائنا فى كل الثغور وكل العواصم. فالزحف التالى على القاهرة. على كل شعبة ومجموعة أن تعد خطة عملية على الأرض لتنفيذ ما يخصها من هذه البروتوكلات.. اختتم الزعيم المقنع حديثه بثلاث ضربات قوية على منصته معلنا انتهاء الاجتماع فانصرفت المعاطف السوداء فى مواكبها بينما تم فتح ممر جانبى ضيق خرج منه العملاء مطأطئى الرءوس.