الثلاثاء 04 فبراير 2025
المحرر العام
محمد الباز
المحرر العام
محمد الباز

كرنفال الملايين.. يوميات معرض الكتاب فى أسبوع

مناقشة كتاب شهادة
مناقشة كتاب "شهادة البابا تواضروس"

تحت شعار: «اقرأ.. فى البدء كان الكلمة»، افتتح الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، الخميس الماضى الموافق 23 يناير الجارى، فعاليات الدورة الـ56 لمعرض القاهرة الدولى للكتاب، والذى اختارت لجنته العليا الدكتور أحمد مستجير كشخصية لهذه الدورة، والكاتبة فاطمة المعدول شخصية معرض كتب الطفل.

وأطلق الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، والدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، خلال الافتتاح، تطبيق «كتاب»، الذى يعمل على تسهيل الوصول إلى الكتب والمحتوى الثقافى، من خلال أحدث الوسائل التكنولوجية.

ويعتبر المشروع بمثابة مكتبة رقمية ضخمة، تحتوى على مجموعة متنوعة من الكتب فى مختلف فروع المعرفة، ويتيح للمواطنين تحميل مكتبة واسعة من إصدارات وزارة الثقافة، من خلال منصة رقمية متطورة كثمرة تعاون مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.

وخلال الأيام الأربعة الأولى من الدورة 56 لمعرض الكتاب، الذى فتح أبوابه أمام الجمهور بشكل رسمى بداية من يوم الجمعة 24 يناير الجارى، استقبل المعرض أكثر من مليون ونصف المليون زائر، بمشاركة أعداد كبيرة من الناشرين المصريين والعرب والأجانب.

وتضمن الأسبوع الأول من معرض القاهرة الدولى للكتاب العديد من الفعاليات المهمة، تستعرضها «حرف» فى السطور التالية.

ندوات ومؤتمرات

شهدت قاعات المعرض المخصصة لاستقبال فعاليات معرض القاهرة الدولى للكتاب، فى أسبوعه الأول، العديد من اللقاءات والنقاشات، ومن بينها قاعة «المؤسسات»، التى تم استحداثها لأول مرة هذا العام، واستضافت فعاليتين للاحتفال بمئويتى مجلتى «المصور» و«روزاليوسف».

حضر فى اليوم الأول لمعرض القاهرة الدولى للكتاب: وزير الأوقاف، الدكتور أسامة الأزهرى، والمفتى الأسبق، الدكتور على جمعة، إلى جانب الدكتور أحمد عمر هاشم، رغم ظروفه الصحية، لمناقشة كتاب «الفرقة الناجية» للدكتور محمد بشارى.

ومن المؤتمرات التى شهدها المعرض، فى الأسبوع الأول: «ترجمة العلوم الإنسانية فى زمن الذكاء الاصطناعى»، و«مصطفى ناصف وأسئلة الثقافة العربية»، و«مستقبل الملكية الفكرية.. التشريعات- التحديات- الفرص».

وعقد العديد من اللقاءات ضمن محور «الدبلوماسية الثقافية»، أبرزها لقاء عن «تاريخ الدبلوماسية الثقافية»، علاوة على لقاء آخر عن «مستقبل الثقافة فى مصر فى ظل الأوضاع الراهنة بمنطقة الشرق الأوسط»، بحضور عدد من الأكاديميين والمفكرين البارزين.

واستضاف المعرض إيفلين بوريه للحديث عن تجربتها الرائدة فى قرية «تونس»، فضلًا عن الاحتفاء بمئوية الدكتور أحمد عبدالرحيم مصطفى، ضمن «محور الشخصيات»، علاوة على استضافة «القاعة الدولية» العديد من اللقاءات، أبرزها «تاريخ الأدب البولندى» و«حركة الترجمة إلى العربية».

وبمشاركة وزير الشباب والرياضة، الدكتور أشرف صبحى، استضافت «القاعة الرئيسية» ندوة بعنوان: «اتجاهات الشرق الأوسط فى ٢٠٢٥»، بمشاركة العديد من الخبراء والمحللين السياسيين، كما حضر وزير الأوقاف السابق، الدكتور محمد مختار جمعة، فى قاعة «فكر وإبداع»، جلسة حوارية تحت عنوان: «مشروع رؤية»، ركزت على استعراض أعمال وأهداف السلسلة الثقافية «رؤية»، التى يشرف عليها «جمعة».

وشهدت فعاليات معرض الكتاب، فى أسبوعه الأول، تنظيم ندوة عن «التراث العمانى فى المخطوط». بينما ناقش المخرج محمد فاضل والسيناريست عبدالرحيم كمال «مستقبل الدراما المصرية»، بالتزامن مع إقامة احتفالية لتكريم كاتبة الأطفال فاطمة المعدول، شخصية معرض كتاب الطفل.

وعُقد لقاء مع مدير المتحف المصرى حول تفاصيل وأسرار «مقبرة بيتوزيريس». بينما ناقش رئيس اتحاد الناشرين العرب اقتراح إنشاء نيابة متخصصة فى حقوق الملكية الفكرية، للفصل فى القضايا محل النزاع، فضلًا عن ندوات أخرى للحديث حول «ريادة الأعمال والاستثمار فى المحتوى»، خلصت إلى دعوة الشباب للاستثمار فى الذكاء الاصطناعى، وبمشاركة الدكتور هشام عزمى، رئيس الجهاز المصرى للملكية الفكرية، عُقد لقاء لمناقشة «إطار السياسات فى الملكية الفكرية».

ومن اللقاءات الفكرية، شهد المعرض أمسيات: «الإعلام والتغير الاجتماعى: التحديات والفرص فى عصر التحولات الرقمية»، ولقاء مع الكاتب البرتغالى جوا رايس، حول روايته «مأساة المترجم»، إلى جانب مناقشة «تأثير العنف السيبرانى الممارس على حياة النساء والفتيات»، و«اتجاهات الشرق الأوسط فى عام ٢٠٢٥».

وبحضور جماهيرى حاشد، شهدت قاعة «فكر وإبداع» لقاءً مع الإعلامى الدكتور محمد الباز، لمناقشة كتابه: «شهادة البابا تواضروس: الدولة.. الكنيسة.. الإرهاب»، الذى يعد بمثابة شهادة تاريخية للأجيال المقبلة، من قبل بابا الإسكندرية، عن الفترة التى شهدتها مصر من ٢٠١١ إلى ٢٠١٣.

احتفاء بضيف الشرف

استضافت «القاعة الدولية»، ضمن محور «ضيف الشرف»، ندوة بعنوان: «عباقرة عمانيون من الفراهيدى إلى ابن ماجد»، بحضور الشيخ أحمد بن سعود السيابى، أمين عام مكتب الإفتاء فى سلطنة عمان، إلى جانب الدكتور حبيب بن الهادى وفهد السعدى، والذين استعرضوا مسيرة نجاح لعدد من الشخصيات العمانية التى برعت فى العلوم مثل النحو واللغة والأدب والطب، بالإضافة إلى أشهر الملاحين العمانيين والعرب.

وفى إطار محور «ضيف الشرف» أيضًا، شهدت «القاعة الدولية» ندوة حوارية مميزة بعنوان: «جامعة السلطان قابوس فى عيون الأكاديميين المصريين»، بحضور عدد من الأساتذة المصريين الذين ساهموا فى الحياة الأكاديمية بالجامعة العمانية، اُختتمت بإهداء الجامعة درعها للأساتذة المصريين.

وناقش السفير إيهاب عوض، والدكتور السيد فليفل: «دور مصر فى إفريقيا» و«مرتكزات سياسة مصر الخارجية فى إفريقيا». أما الدكتور سعد الدين الهلالى، فناقش كتاب «فقه المواريث المقارن من هدى القرآن والسنة»، مع حرصه على توزيع العشرات من نسخ الكتاب مجانًا على الحضور.

وتضمنت فعاليات معرض الكتاب، فى الأسبوع الأول، لقاءً حول كتب الأطفال، سلط الضوء على الاتجاهات الحديثة والتحديات فى هذا المجال، ضمن محور «تجارب فى الصناعات الثقافية»، وبمشاركة نخبة من المتخصصين فى الكتابة للطفل.

وزير الثقافة مع أطفال المعرض

وضمن محور «تأثيرات مصرية»، عُقدت ندوة حول المستعرب الإسبانى، بيدرو مارتينث مونتابيث، الذى توفى فى عام ٢٠٢٣، وذلك بحضور أنطونيو بيدرو، أستاذ التاريخ المعاصر فى مدريد، الذى وجه الشكر لإدارة المعرض للاحتفاء بوالده، مضيفًا: «رغم أننى ولدت فى القاهرة، لا أتحدث العربية، لكننى أعشق مصر عشقًا كبيرًا، وفى المقابل، تأثرت شخصية والدى جدًا بوجوده فى العاصمة المصرية، ما ساهم فى تعميق شعوره الإنسانى».

ومن الموضوعات الأخرى التى نوقشت خلال فعاليات المعرض، فى أسبوعه الأول، موضوع: «اقتصاد المنصات الرقمية»، فى إطار اهتمام معرض الكتاب بتسليط الضوء على التحول الرقمى وأثره فى مختلف القطاعات.

كما تم الاحتفاء بالفنان التشكيلى الكبير، عبدالهادى الجزار، فضلًا عن إقامة فعاليات البرنامج المهنى «القاهرة تنادى»، خلال ٣ أيام، شهدت اجتماعات بين الناشرين المصريين والعرب والأجانب، وتم خلالها تبادل الرؤى حول أوجه التعاون المشترك، وتوقيع اتفاقيات ترجمة من لغات شتى إلى العربية والعكس.

ويبقى الشعر

استقبلت قاعة «ديوان الشعر» الشاعر الروسى فاديم تريخون، الذى يشغل منصب منسق عام اتحاد كتاب «البريكس»، ومنسق عام حركة الشعراء العالمية فى روسيا، وأدار الحوار معه الدكتور محمد نصر الجبالى، أستاذ ورئيس قسم اللغة الروسية بكلية الألسن جامعة عين شمس، المشرف على قسمى اللغة الروسية فى جامعتى الأقصر وجنوب الوادى، بالإضافة إلى كونه المستشار القانونى المصرى ومدير البعثة التعليمية المصرية فى روسيا الاتحادية سابقًا.

وشهدت قاعة «ديوان الشعر» أيضًا  لقاءً وأمسية شعرية للشاعر التشيلى ثيودورو السقا، تحدث فيها عن التأثير العميق للثقافة العربية فى الأدب اللاتينى، مشيرًا إلى وجود الكثير من المفردات والأنماط الأدبية التى تعكس هذا التأثير، ليس فقط فى الشعر، ولكن أيضًا فى السرد الروائى، مستشهدًا بأعمال الروائى الشهير جابرييل جارسيا ماركيز، التى تحمل بصمات واضحة من الثقافة العربية.

وعقد العديد من الأمسيات الشعرية، بواقع ٣ أمسيات فى اليوم، داخل قاعة «ديوان الشعر»، بحضور العشرات من الشعراء المصريين، على رأسهم الشاعر الكبير أحمد عبدالمعطى حجازى، إلى جانب أحمد المريخى، وفتحى عبدالسميع، وأحمد الجعفرى، ومحمد الدمينى، وعلى الحازمى، وماجد يوسف، وعمر شهريار، فضلًا عن شعراء عرب، مثل الشاعر السورى فواز القادرى، والشاعرة المغربية فدوى الزيانى.

حضور عربى بارز

تضمنت الدورة الـ٥٦ إقامة جناح مخصص لكُتب الطفل، بالتزامن مع إقامة العديد من الورش، وعلى رأسها الورش الفنية، بما تضمنته من عروض فنية فى الغناء والموسيقى وخيال الظل والأراجوز، فضلًا عن ورش تفاعلية، يساهم خلالها زوار المعرض من الأطفال فى الرسم والتلوين، بجانب ورش الحكى والكتابة التى تشرف عليها الكاتبة الكبيرة صفاء عبدالمنعم.

وشهد جناح الطفل، أمس الأول الإثنين، حضورًا بارزًا للكاتبة الكبيرة فاطمة المعدول، شخصية معرض الأطفال فى معرض الكتاب هذا العام، حيث أحاط بها الأطفال، خلال حفل توزيع الجائزة التى تحمل اسمها، وهى «جائزة فاطمة المعدول فى القصة والرسم والتأليف المسرحى».

ومن أبرز ملامح معرض الكتاب هذا العام، الحضور الحاشد للكُتّاب العرب، بإصداراتهم المتنوعة بين الرواية والمجموعات القصصية والشعر وغيرها، الصادرة عن دور نشر مصرية، فى ظاهرة لافتة تشهدها الدورة الـ٥٦.

ندوة ترجمة العلوم الإنسانية فى زمن الذكاء الاصطناعى

على سبيل المثال، طرحت الدار المصرية اللبنانية، رواية الكاتبة العراقية الكبيرة إنعام كجه جى: «صيف سويسرى». وحرصت إنعام كجه جى على الحضور اليومى، والتواصل مع القراء المصريين، من داخل جناح الدار فى المعرض، حيث تبادلت الأحاديث مع القراء من زوار المعرض حول أعمالها، ومناقشتهم فيها بتركيز وجدية، مع تدوين ملاحظات.

وطرحت الدار أيضًا رواية الكاتبة السعودية نور عبدالمجيد: «أنت منى»، ورواية الكاتب النمساوى من أصل سودانى طارق الطيب: «رأيت ما لا يجوز لك»، إلى جانب رواية «زعفرانة» للكاتبة العمانية هدى النعيمى، ورواية «جنازة واحدة لموت كثير» للكاتبة اليمنية سهير السمان.

وطرحت دار «الشروق» روايات: «سنة القطط السمان» للكاتب الكويتى عبدالوهاب الحمادى، و«معزوفة اليوم السابع» للكاتب الأردنى جلال برجس، و«الذى لا يحب جمال عبدالناصر» للكاتب العمانى سليمان المعمرى، و«الحب عربة مهترئة» للكاتب الجزائرى أحمد طيباوى، و«الشيخ الأحمر» للروائى اللبنانى عباس بيضون، و«فرصة لغرام أخير» للكاتب اللبنانى أيضا حسن داود.

 بينما طرحت دار «ديوان» للنشر رواية «مع النساء ضد الحب» الكاتب الجزائرى محمد جعفر، فضلًا عن كتاب «فى أدب الرحلات» للكاتب السورى خليل النعيمى.

ومما يستحق الرصد أيضًا، فى الأسبوع الأول من معرض القاهرة للكتاب، تصافح ألوانًا شتى ومتباينة مصغرة للمصريين، وأنت تتجول داخل أروقة المعرض، سواء فى ساحته الخارجية، أو داخل أجنحة العرض البالغ عددها ٦ صالات عرض.

تجد الصغار والشباب والكبار، وحتى الرضع على أيادى أمهاتهن أو بداخل عرباتهم. تجد المنقبات والمحجبات وغير المحجبات وأصحاب اللحى. هنا كل الأعمار، بمن فيهم كبار السن، الذين لم يمنعهم المرض أو صعوبة الحركة من الحج السنوى لمعرض القاهرة للكتاب، فوق كراسيهم المتحركة، أو مستندين إلى عصيانهم.

يجمع كل الزوار فى معرض الكتاب شىء واحد، هو حب الكتاب وشغف القراءة، مرورًا حتى بتعامل بعض الأسر مع المعرض باعتباره رحلة أسرية ترفيهية، دون أن تمنعهم ظروف اقتصادية أو بُعد مسافة، عن زيارة المعرض، الذى قدم إليه المصريون من كل مكان تقريبًا، من الإسكندرية حتى حلايب وشلاتين، عبر رحلات جماعية قادمة من الأقاليم والمحافظات.