ست البنات.. مناظرة بين كل أطراف قضية «القصة المسروقة» الفائزة بـ«جائزة فتحى غانم»
- لجنة التحكيم تنفى معرفتها بأسماء المتسابقين وقالت إن السرقة أمر وارد
جدل كبير صاحب إعلان المجلس الأعلى للثقافة عن أسماء الفائزين فى مسابقة «فتحى غانم للقصة القصيرة» لعام 2024، التى تنظمها لجنة «السرد القصصى والروائى» بالمجلس، وفازت بمركزها الأول الكاتبة سوسن حمدى، عن مجموعتها القصصية «ست البنات»، بعدما اتهم الكاتبان جلاء عزت الطيرى وعبدالراضى عبدالرحمن نظيم الفائزة بسرقة أحد قصص المجموعة الفائزة.
وقبل أيام، أعلن المجلس الأعلى للثقافة عن فوز سوسن حمدى محمد محفوظ بالمركز الأول فى المسابقة، واستلمت الجائزة بالفعل خلال حفل أُقيم فى قاعة المؤتمرات بالمجلس، بحضور وزير الثقافة، الدكتور أحمد فؤاد هنو، الذى سلمها الجائزة بنفسه.
وتقدم الكاتبان جلاء عزت الطيرى وعبدالراضى عبدالرحمن نظيم، أمس الأول، بشكوى رسمية حملت رقم «3638»، إلى الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، أسامة طلعت، ضد الفائزة بالجائزة، متهميْن إياها بسرقة أحد قصص المجموعة من الكاتبة جلاء الطيرى.
فى السطور التالية، تحاول «حرف» استجلاء الحقيقة، من خلال الحديث مع جميع أطراف الواقعة، لمعرفة تفاصيلها كاملة.
منير عتيبة: سحب الجائزة إذا ثبتت واقعة السرقة
قال الكاتب منير عتيبة، مقرر لجنة «السرد القصصى» بالمجلس الأعلى للثقافة، رئيس لجنة تحكيم «جائزة فتحى غانم»، إنه لم يتقدم أحد بشكوى إلى المجلس عن أى وقائع سرقة، بشكل قانونى حتى الآن.
وأضاف «عتيبة»: «إذا وصلت أى شكوى إلى الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة سيتم التحقيق فيها والتأكد من صدقها وفحواها، ومن ثم إعطاء كل ذى حق حقه، لأن المجلس ليس صاحب مصلحة فى إعطاء أحد ما لا يستحقه».
وعن الإجراء المتبع فى مثل هذه الوقائع، قال مقرر لجنة «السرد القصصى»: «ينص القانون على سحب الجائزة من المتسابقة التى أعلن فوزها بالجائزة، إذا ما ثبت أنها بالفعل قد سرقت، فنحن غير منحازين لأحد».
وانتقل للحديث عن أجواء التحكيم فى المسابقة، قائلًا: ««طوال فترة تحكيم الجائزة وفحص الأعمال، كانت النصوص مجهلة دون أسماء. لجنة التحكيم أعلنت القائمتين الطويلة والقصيرة، ثم الفائزين فى المرحلة النهائية، دون أن نعرف أسماء المشاركين فى المسابقة، حتى إعلانها بشكل رسمى».
وواصل: «أما مسألة أن هناك متسابقًا سرق ما تقدم به فهو أمر وارد. لا يضير اللجنة أن يكون هناك نصوص مسروقة. ومن العسير عليها الإلمام بكل ما يتعلق ويخص ٧٢ متسابقًا. لكن إذا تقدم أحد بشكوى رسمية فله الحق أن يتقدم بها إلى الأمين العام للمجلس، وبالتأكيد عندما يحيل الشكوى إلينا سنفحصها وندقق فيها تدقيقًا شديدًا، حتى يأخذ كل ذى حق حقه».
عبدالراضى نظيم: رئيس لجنة التحكيم علم بالسرقة قبل إعلان النتيجة
قال الكاتب عبدالراضى عبدالرحمن نظيم، أحد مقدمى الشكوى، إنه بعد إعلان القائمتين الطويلة والقصيرة للجائزة، تواصل مع رئيس لجنة التحكيم، الكاتب منير عتيبة، وأخبره بأن إحدى المتسابقات، وهى سوسن حمدى محفوظ، سرقت إحدى قصص المجموعة التى تقدمت بها إلى المسابقة، من الكاتبة جلاء عزت الطيرى.
وأضاف «نظيم»: «أكدت له أن واقعة السرقة قديمة منذ عام، واكتشفتها عندما شاركت المتسابقة فى إحدى المسابقات التى نظمتها دار العين للنشر، عبر إحدى جروبات القراءة على فيسبوك، فى عام ٢٠٢٣».
وواصل: «اكتشفت الواقعة أنا والزميلة الكاتبة جلاء الطيرى، وكانت عبارة عن سرقة إحدى القصص التى كتبتها الأخيرة، وبناءً عليه تقدمنا بشكوى لإدارة المسابقة سالفة الذكر، فتم استبعاد المتسابقة بعد التيقن من الأمر وثبوت واقعة السرقة عليها، وبدورها قدمت المتسابقة اعتذارًا إلى الكاتبة جلاء الطيرى».
وأكمل: «خلال مكالمتى مع منير عتيبة، وبعد أن أخبرته بأمر سرقة المتسابقة الفائزة بالمسابقة لقصة الكاتبة جلاء الطيرى، رد علىّ بأن قوائم الفائزين حُسمت، وأُرسلت إلى وزير الثقافة، ولو هناك شكوى يمكننى التقدم بها، معتبرًا أنه لو حدث واستبعد الفائزة سيحدث تصعيد، وفق قوله».
وقال «نظيم» إن هناك مكالمة هاتفية متداولة على «فيسبوك»، بين سوسن حمدى، والناقد صبرى ممدوح، تعترف فيها بأنها أخذت قصة جلاء الطيرى بالفعل، وفقط غيرت بعض النقاط، وفق ما قالته فى هذه المكالمة.
وأضاف مقدم الشكوى: «لو أى شخص بحث عن مكالمة سوسن حمدى مع صبرى ممدوح، سيجدها موجودة فى كل الأوساط الثقافية. المكالمة ليست لدىّ بشكل حصرى، أنا مثل أى فرد وجدتها على الإنترنت، وبعيدًا عن هذه المكالمة، أنا متيقن من واقعة السرقة».
وأتم بقوله: «بما أننا متقدمان لمسابقة فتحى غانم، أنا والكاتبة جلاء الطيرى، نرجو تقييم الأعمال التى تقدمت إلى المسابقة وفحصها مرة أخرى، لوجود عوار مؤثر فى صميم مسار العدالة، التى نتيقن منها ونفترضها فى الصرح الكبير متمثلًا فى المجلس الأعلى للثقافة».
سوسن حمدى: أخذتها من «فيسبوك».. و«النت» بلا حقوق ملكية فكرية!
تواصلت «حرف» مع الكاتبة سوسن حمدى محفوظ، لكنها ردت بكلمات مقتضبة، قائلة: «الواقعة محل تحقيق قانونى الآن، وأرفض الحديث فيها». ورغم ذلك، دخلت الكاتبة المتهمة بالسرقة فى سجالات ونقاشات حول الواقعة على موقع التواصل الاجتماعى، لم تنفِ فيها أن القصة محل الجدل ملك الكاتبة جلاء الطيرى.
وعلّقت «سوسن» على منشور للناقد صبرى ممدوح على موقع «فيسبوك» يتناول واقعة السرقة، وأدلت خلال تعليقاتها بتصريحات دافعت فيها عن موقفها، مؤكدة أن العمل المسروق كان موجودًا على وسائل التواصل الاجتماعى، وبالتالى «ليس له حقوق ملكية فكرية»، وفق قولها.
وقالت «سوسن»: «أولًا هذه مقالة منشورة على الفيس، وليست رواية أو كتابًا له حقوق نشر محفوظة، ومن يدرى ربما كانت هى الأخرى اقتبستها من أى مصدر آخر، فتفاصيلها من التراث الشعبى».
وأضافت: «اعتبرت مشكلة التنمر التى طرحتها فى القصة مشكلة عامة، وهى أيضًا فعلت ذلك (جلاء الطيرى)، فليست ابنتها الوحيدة التى قد تتعرض لهذه الظاهرة. رأيت أنه من الواجب تسليط الضوء على الظاهرة للمساعدة فى حلها، من خلال قصتى التى تعتبر جرس إنذار لتلك المشكلة، وتوضح آثارها السلبية».
وواصلت: «يعزز قصتى أنها مستمدة من الواقع، من مشكلة حقيقية منشورة على النت، وهو إحدى الوسائل المتاحة التى تعرض مشاكل المجتمع، ويجوز للكاتب أو الأديب إلقاء الضوء عليها وطرحها، حتى يسهم الجميع فى إيجاد حلول لها».
وأقرت «سوسن» بملكية الكاتبة جلاء الطيرى للقصة، وأنها أعادت تأليفها بنفس التفاصيل تقريبًا، قائلة: «الكاتبة المذكورة عرضتها على أنها مشكلة عامة وليست قصة أدبية لها، علقت هذه المشكلة فى ذهنى، وأردت أن أطرحها بأسلوب أدبى. اعتبرتها مثل المشاكل التى تطرح أمامى. بعين الأديب رأيت أنها تصلح لقصة أدبية».
وضربت مثالًا على فعلتها بالقول: «نجيب محفوظ اقتبس شخصية السيد أحمد عبدالجواد من صديق شخصى له كان يمتلك تلك الصفات، وصارت تلك الشخصية أيقونة لأعمال نجيب محفوظ، بل وساهمت فى فوزه بجائزة نوبل، لتصويره المجتمع وشخصياته ومشاكله، دون أن يُعتبر ذلك سرقة أدبية».
وأكدت استعانتها بمحامين قالوا لها إن ما فعلته «ليس سرقة»، مضيفة: «أخبرونى بأن ما فعلته ليس سرقة أدبية، لأن المقال ليس محفوظًا أو له حقوق ملكية فكرية، بل من المشاكل العامة. كما أن الكاتبة لم تنوه إلى حظر النشر أو الاقتباس من هذا المقال. وهو ليس منشورًا فى جريدة أو كتاب، بل يحكيها أحد الأشخاص فى وسائل الإعلام».
وواصلت: «قصتى تختلف فى طرحها الموضوع وصياغتها له كليًا وجذريًا عن المقال. لن أتنازل عن حقى الأدبى فى تلك القصة، لأن الكاتب من حقه أن يطرح مشاكل المجتمع المقروءة والمسموعة والمرئية. كما أن النت مصدر غير موثوق وليست له حقوق محفوظة أو رقم إيداع، ويتسنى للكاتب الأخذ منه طالما أنها مشاكل عامة، ومن الضرورى البحث لها عن حل».
وأكدت أن ٤ دور نشر طلبت منها نشر هذه المجموعة القصصية التى تتصدرها هذه القصة، وأنها ما زالت تفاضل فى اختيار واحدة منها، مع مستشارها الأدبى.
جلاء الطيرى: أحداث «القصة المسروقة» عشتها بشكل شخصى
أكدت القاصة جلاء الطيرى أنها تقدمت لمسابقة القصة القصيرة التى نظمها المجلس الأعلى للثقافة، وراعت شروط التقدم، وبناءً عليه تم قبول المجموعة القصصية الخاصة بها.
وأضافت: «فوجئنا عند إعلان القائمة الطويلة للمسابقة بأن من ضمن الأسماء سوسن حمدى، وتذكرنا أن هذه المتسابقة لها واقعة سرقة فى إحدى المسابقات التى نظمتها دار العين للنشر، وتحديدًا سرقة إحدى قصصى، وبناء عليه، تقدمت حينها بشكوى لإدارة المسابقة، فتم استبعاد سوسن، بعد التيقن من الأمر وثبوت واقعة السرقة عليها».
وواصلت: «عند اكتشاف اسمها فى القائمة الطويلة لجائزة فتحى غانم، تواصل الزميل عبدالراضى عبدالرحمن مع الكاتب منير عتيبة، رئيس لجنة تحكيم المسابقة، ونبهه إلى أن سوسن حمدى لها سابقة سرقة مؤسفة من قبل، وأن المجموعة القصصية التى تقدمت بها فى مسابقة المجلس الأعلى للثقافة تضمنت إحدى القصص المسروقة منى».
وأكملت: «منير عتيبة رد قائلًا إن اللجنة بتت فى الأسماء النهائية للمسابقة، وأرسلتها إلى وزير الثقافة بالفعل، وإن اللجنة لا تعرف أسماء المتسابقين من الأساس، لنفاجأ بتتويج المتسابقة سوسن حمدى محفوظ بالمركز الأول، عن المجموعة القصصية (ست البنات)، وعند الاطلاع عليها فوجئنا بأن أول قصة فى المجموعة هى نفس قصتى المتقدمة للمسابقة مع بعض التغييرات البسيطة». واختتمت: «سوسن حمدى سرقت منى قصة كاملة ضمنتها فى المجموعة، وهى قصة تتضمن تفاصيل عشتها بشكل شخصى مع ابنتى الصغيرة، عن واقعة تنمر».